تابعنا على

ثقافيا

حوار مع أحمد مطر (2): غايتي الكبرى هي أن أهزكم بعنف لا أن أطربكم !

نشرت

في

حوار: علي المسعودي*

……….كدت تشكل مدرسة شعر خاصة بك، ولكنك أنهيت نفسك بالتكرار .. ومن ثم الغياب التام.”لافتات” تدور حول المعنى ذاته .. ولو اكتفيت بأول إصدارين، لكان ذلك كافياً بالنسبة إلى القارىء. إنك تقدم “حقنـاً” متماثلة ومتطابقة .. حتى أصبحت لدينا مناعة مما تكتب وعما تكتب .. متى تغير أو تتغير ؟

– على رسلك.. أنتم لستم فايروسات زكام لكي تكتسبوا مناعة من “الحقن”.

إسمع .. إنني عندما شرعت في الكتابة، لم أضع في ذهني أية خطة لإنشاء مدرسة في الشعر.. ولا حتى “حضانة”. كانت عندي صرخة أردت أن أطلقها، وكلمة حق أردت أن أغرزها في خاصرة الباطل .. وقد فعلت.

قال النقاد والباحثون الجامعيون إن شعري “قد” شكل مدرسة، وأنت تقول إنه “كاد” يشكل، وأنا في كل الأحوال لا يسعدني حرف التحقيق، ولا يحزنني فعل المقاربة. ثلاثة أشياء، فقط، كانت تلح علي في هذا السبيل : هي أن ألتزم قضية الإنسان .. أي إنسان، بعيداً عن مكاسب القبيلة، وبمنأى عن حول الإيديولوجيا. وأن يكون التزامي الفني موازياً تماماً لالتزامي الإنساني. وأن أسعى من خلال هذا إلى تأكيد سماتي الخاصة، بحيث تكون لحبري رائحة دمي، ولكلماتي بصمات أصابعي.

وأعتقد أنني قد حققت هذه الأشياء. وباستطاعتي القول، مطمئناً، إنك إذا عرضت قصيدتي على قارئي، فلن تحتاج إلى وضع اسمي عليها، لكي يعرف أنها قصيدتي.

لا تقل لي “أنهيت نفسك” . إنني حاضر، حتى في أقصى حالات غيابي، وإلا فما الذي دعاك إلى محاورتي؟ .. ثم إنني لا أعرف عن أي تكرار تتحدث؟ هل هو تكرار الدوران حول القضية الأساسية التي آمنت بها، أم هو تكرار المعاني الجزئية فيها والصياغات، وزوايا النظر، وأشكال الصور؟

الأرض تكرر دورتها حول الشمس كل يوم، لكنها لا تكرر نفسها حتى في لحظتيين متتاليتين. هناك في كل لحظة مسقط ضوء على صورة.

الشعر العربي يكرر موضوع الحب منذ الجاهلية .. والقضية برمتها هي عبارة عن رجل يعشق امرأة، وامرأة تحب رجلاً .. هل تستطيع القول إن الموضوع قد اختلف عن هذا يوماً ما؟

لكن هذا الموضوع لم ينته بالتكرار، لأن هناك دائماً زاوية جديدة للنظر، ونبرة جديدة للبوح، وثوباً جديداً للمعنى. ولو كان الأمر كما تقول، فما حاجتي إلى الإكتفاء بأول إصدارين ليكتفي القارىء؟ لماذا لم أكتف بأول إصدار فقط؟ أو لماذا لم أكتف بأول قصيدة؟

أصدرت ست مجموعات، والسابعة في الطريق، وبرغم ذلك فإن القارىء لا يبدو مكتفياً.

قل رأيك كيفما كان. هو حقك الذي قامت الشرائع كلها من أجل صيانته. لكن أرجوك .. لا تتكلم باسم قارئي. خذ حقك، ودع لقارئي حقه.. قارئي هو حبيبي وسندي وقرة عيني .. هو خط دفاعي الأول والأخير، والسد العالي الذي يعصمني من الطوفان. وإنني إلى هذا السد المنيع أُسند ظهري باطمئنان .. لأتساءل: كم ألفاً يطبع أكثر الشعراء مبيعاً؟ ثلاثة .. خمسة .. سبعة .. عشرة؟ وكم عدد البلدان التي يوزع فيها؟ وكم المدة التي يستغرقها التوزيع؟

حسناً .. تقول إنني انعزلت، وتكررت، وانتهيت .. لكن هل تقول إنني جننت لأطبع كتبي على حسابي، ولأدفع تكاليفها الهائلة على رغم شدة حاجتي، فيما أنا أعرف أنها لن توزع إلا في شارع واحد من كل هذه الكرة الأرضية، وفيما أنا أدرك أنها لن تعرض لا في خبر ولا في إعلان؟

وإذا كنت قد جننت فعلاً، فهل يبلغ بي الجنون حد المغامرة بإصدار عشرات آلاف النسخ من كل طبعة؟ أنا أفعل هذا .. لكنني لست مجنوناً، ولكي لا يغلبك الجري وراء الإحتمالات أقول إننا لا نطبخ “مكبوس اللافتات” وحتى لو كانت تلك هي وجبتنا الأثيرة فإن تخزين مثل هذه الكمية -لمدة عام واحد – من شأنه أن يجعلها غير صالحة للإستهلاك.

بماذا تفسر الأمر إذن؟ وبماذا تفسر سعي الناشرين ورائي دون جدوى؟ وبماذا تفسر وقوع “اللافتات” ضحية لأوسع عملية تزوير .. في مصر ، ولبنان، وفلسطين، واليمن، وفي ما لا أعرف من البلدان؟

نحن نعلم أن المزورين مجرمون ولصوص، وانهم يتاجرون بدم المبدعين ويهضمون حقوقهم، لكن هل يبلغ الأمر بهم حد سرقة أنفسهم؟

والسؤال الأهم من هذا كله هو : من الذي يشتري هذه الآلاف من النسخ؟ هل تشتريها الجمعيات الخيرية البريطانية لتوزعها على مدارس العميان؟ أم تشتريها الحكومات العربية مكافأة لي على جهودي في نشر “عرضها”؟.. وهذه الآلاف المؤلفة من الخطابات التي تندلع منها أوراق الأفئدة .. من أين وممن تصل إلي؟ وهذه الرسائل والأطروحات الجامعية العديدة .. من يكتبها؟ ولماذا؟ وهذه الترجمات التي تظهر في إيطاليا، وفي فرنسا، وفي إيران، وفي تركيا. هل قيل لك إنني أعرف أحداً من القائمين عليها؟ .. إذا كان للتكرار والإنتهاء والغياب أن يفعل كل هذا، فإن من الواجب عليك أن تقوم وتتوضأ، وتبتهل إلى الله أن يحشر الشعراء جميعاً في بكرة عملاقة، وأن يرسل العواصف من بين أيديهم ومن خلفهم، لكي يصطرعوا متكررين حتى الإنتهاء والغياب .. فبذلك وحده يمكننا أن نطمئن إلى أن شعرنا سيظل حياً، وأن القارىء لن يفصم علاقته بالشعر.

تسألني متى أغير أو أتغير؟ وأجيبك: إنني أغير يومياً، فكل قارىء جديد يعني أنني تقدمت خطوة في طريق التغيير .. أما أن أتغير، فهذا ما أعاهدك على أنه لن يتحقق إلا بموتي.

* فضلت العزلة التامة، لم نشاهدك في مهرجان أو ندوة أو محاضرة .. وتجاهلك الإعلام ربما لأنك تجاهلته .. ربما لأنك متذمر أكثر مما يجب، وربما لأن لا جديد لديك .. فما رأيك؟

– عزلتي لم تكن تامة .. فأنا متواصل مع الناس من خلال دواويني، ومن خلال “القبس”، ومن خلال كثير من المطبوعات التي “تقتبس” قصائدي .. ومن خلال آلاف الرسائل التي أتلقاها من قرائي. وعدم مشاركتي في المهرجانات الرسمية ليس اسمه “عزلـة” .. بل اسمه “عفـة”.

إنني لم أتجاهل وسائل الإعلام .. بل تجاهلت وسائل الإعدام. تلك التي تكتب بالممحاة، وتقدم للناس فراغاً خالياً محشواً بكمية هائلة من الخواء.

وأنا في هذا إنما أعطي لكل مبدع درساً مجانياً يقول له : إنك يمكن أن تكون شريفاً دون أن تجوع، ويمكن أن تظل مؤثراً دون الحاجة لأن تكون “برغيـاً” في ماكينة أي عصابة، رسمية أو غير رسمية. ويمكن أن تبقى في ضمير القارىء حتى لو لم تذكرك أية مطبوعة … أما تذمري، فهو أقل مما يجب، لكن “المتألهين” لا يغفرون حتى الحسنات. بل أظنهم يتحرقون من الغيرة كلما سمعوا شخصاً يردد : ” قل هو الله احـد”.

الفاروق عمر، رضي الله عنه، قال: ” من رأى فيّ اعوجاجاً فليقومني” .. وهزّ أعرابي سيفه قائلاً : “نقومك بهذا” ..

لا عمر غضب، ولا الأعرابي خاف. وربما تعشيا معاً تلك الليلة.

أما الآن، فإن مندوب عزرائيل ينتصب مستقيماً كالدائرة، فإذا لوحت له بالمسطرة، صرخ كالملدوغ : “قوموني .. لأذبحـه” .. وهو سيظل يصرخ، لأنني أحمل له، كل يوم، حزمة جديدة من مساطر الخيزران.

* لم تنضم إلى قطاعات المعارضة العراقية التي ملأت العالم .. ألا تملك رأياً .. أم أن لك رأياً في ما يسمى بالمعارضة؟

– إذا كنت لا أُعد معارضاً إلا إذا انضممت إلى هذه القطاعات، فهذا يعني أنني لا أكون عربياً إلا إذا أقمت في نجـد، ولا أكون مسلماً إلا إذا التحقت بالأزهر.

هب أن قطاعات المعارضة هي شركات مقفلة .. هل معنى هذا أنني كنت طول حياتي أشتغل بوظيفة عاطل عن العمل؟ لماذا لا تعتبرني قطاعاً قائماً بذاته؟ هل هذا كثير علي؟

إن بعض المعارضين يموت ،كل يوم، ألف مرة في سبيل قضيته. وبعضهم لم ينشف حليب السلطة عن شفاهه بعد. وبعضهم يذهب إلى المخابرات المركزية ليجلب الذئب من ذيله، لكنه يعود قائلاً إنه وجده بلا ذيل. وتفتش عن الحقيقة فتكتشف أنه عندما وقف بمواجهة المرآة، لم يرفع عينيه عن الصك الذي قبضه .. وإلا لوجد الذيل أمامه مباشرة!

قل إنها مجاهل أفريقيا في ليل بلا قمر .. ولأنني أدرك أن الدخول في اختباراتها لا يقل خطورة عن لعبة الروليت الروسي، فقد آثرت أن أركن إلى ضوء قطاعي .. قطاعي الأصيل، الذي أنشأته منذ ربع قرن، والذي لا تزال مواصفات إنتاجه أنظف من البرسيل وأصفى من البلور.

* نجد لفظك في “العمودي” أقوى وقعاً .. وموسيقاه أكثر تطريباً من ” الحر”. ولكنك تركز على “الثماني” .. هل من سبب لذلك؟

– تقول “نجِـدُ” .. هل أنتم كثيرون، أم أنتم واحـد؟ هل بنيتم هذا الرأي على أساس علمي، أم على مزاج شخصي عابر؟

أتمنى ألا تتسرعوا في إبداء مثل هذه الأحكام. إن ألفاظي ليست خاضعة للتقسيم الطبقي، وليس لقاموسي اللغوي فرع آخر. وأستطيع أن أحلف لك أن لهجتي وأنا جالس على أرفع كرسي، هي لهجتي نفسها وأنا جالس على الأرض.. ربما كان ما تعتقده ناشئاً عن طبيعة البناء العمودي، الذي يجعل النغمة مستقرة على منوال واحد.

لقد ركز أغلب النقاد على وحدة الهوية التي تطبع ألفاظي. وأذكر مثلاً أن الباحث كمال غنيم، في رسالة الماجستير التي قدمها عن شعري، قرر أن أهم ما يحسب لي كشاعر هو هذه اللغة الخاصة المترادفة على صعيد قصائدي المختلفة. ولعل هذا هو المدخل الذي أغرى الباحث “ميلود رقيق” بأن يجعل أطروحته للدكتوراه حول “اللافتات” أطروحة لسانية صرفاً.

أما من الناحية الموسيقية فأنا في غاية الدهشة مما تقول .. لأنني من القلائل الذين صالحوا بين هيكل القصيدة الحرة، وثوب القصيدة العمودية .

إن الزخم الموسيقي في “لافتاتي” هو أبرز سماتها إذ إنني عندما سافرت إلى مدينة “التفعيلة” حملت معي زوادة هائلة من غلال مدينة “الشطرين”.

لا يمكن لمثلي أن يفرط في أمر كهذا، لأن الأوزان والقوافي هي لعبتي منذ الصبا. لقد درت حول “دوائر الخليل” حتى دار رأسي، وعكفت، وأنا في المتوسطة، على إعطاء دروس في العروض لطلاب الجامعة .. إن هوسي بالأوزان جعلني أبتكر بحراً شعرياً جديداً، وهو البحر الذي كتبت به قصيدة “ميلاد الموت” عام 1980، الأمر الذي احتفى به الأستاذ الدكتور عبده بدوي، في مجلة “الشعر”، وهو نفسه الذي رأى في اللافتات دقة الصور وحدة الإيقاعات .. وفي الإتجاه ذاته ذهب الناقد رجاء النقاش. تلك مجرد أمثلة .. ولعل الأمر الذي له دلالة في هذا الشأن أن الجواهري – وهو العمودي الصارم الذي لا يتعاطى الشعر الحر – قد أعلن، في مقابلة اجريت معه عام 1993، إعجابه باللافتات موقفاً وفنـاً.

بعد هذا، وبرغم هذا، أفيدك بأن غايتي الكبرى هي أن أهزكم بعنف لا أن أطربكم .. أما لماذا أركز على البحور الصافية، فلأنها ذات تفعيلة واحدة يمكن تكرارها بيسر، أما البحور المركبة فهي ذات وحدات يقتضي تكرارها كسر ظهر الشاعر والقارىء معاً.. وعلى أية حال، فإن تفاعيلها كلها موجودة في البحور الصافية.

* في لقاء أجرته “الحدث” مع “سعد البزاز” .. قال: ” أن تكون ضد صدام حسين .. لايعني أنك مع الكويت”..ماذا تقول أنت؟

– لم أطلع على هذا اللقاء ، وعليه فإنني لا أعرف السياق الذي وردت فيه هذه العبارة، لكنها، بمعزل عن السياق، تبدو لي صادقة في بعض الحالات. ما قولك مثلاً في رجل عراقي هرب إلى الكويت من بطش صدام، في زمن القادسية السوداء، ففوجىء بمباحثها تعتقله وتعذبه بتهمة الخيانة؟ هل تعاتبه إذا لم يكن مع الكويت؟

ضع نفسك في موقفه، ثم حاول الإجابة.

* وسعد البزاز لا ينتمي أيضاً إلى معارضة، وهو الآن يصدر جريدة يومية دولية .. ألا تود أن تسأله من أين لك هذا؟

– أظن أن سؤالاً كهذا كان يجب أن يوجه إليه مباشرة، مادمتم قد أجريتم لقاء معه. هل أفهم أنكم قد نسيتم ذلك؟

ـ يتبع ـ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* مجلة (الحدث) – الكويت، العدد 24- يوليو (جويلية) 1998

أكمل القراءة
انقر للتعليق

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثقافيا

افتتاح الملتقى الدولي حول العلامة ابن عاشور

نشرت

في


متابعة وتصوير: جورج ماهر

انطلقت صباح اليوم الثلاثاء 28 اكتوبر 2025 فعاليات الملتقى العلمي الدولي حول العلامة الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور الذي يتواصل على مدى ثلاثة أيام في الفترة من 28 إلى 30 أكتوبر 2025.

وكان برنامج اليوم الاول كالتالي: تلاوة أيات بينات من الذكر الحكيم، ثم تحية العلم، فكلمات افتتاحية لكل من ا. د. فتحى القاسمي المنسق العام للملتقى، ومدير المعهد العالي للحضارة الإسلامية ا. د. هشام قريسة، ومدير المعهد العالي لاصول الدين ا. د. عبد القادر النفاتي، ورئيس جامعة الزيتونة ا. د. عبد اللطيف بوعزيزي، ثم فضيلة مفتي الجمهورية التونسية ،فوزير التعليم العالي والبحث العلمي. وتلت الكلمات الافنتاحية جلستان حواريتان حول “ابن عاشور رسول العلم والمعرفة”.

جاء هذا الملتقى بمشاركة ضيوف متداخلين من عديد الدول العربية والإسلامية منها تونس، سلطنة عمان، المغرب، باكستان، ليبيا، الجزائر بالإضافة الي طلبة كلية اصول الدين والمعهد العالي للحضارة الإسلامية وثلة من ممثلي هيئات التدريس واطارات من جامعة الزيتونة والمعهد العالي لاصول الدين، والمعهد العالي للحضارة الإسلامية، إضافة إلى وسائل الاعلام.

أكمل القراءة

ثقافيا

ندوة حول ترجمة كتاب “الفكر التنويري التونسي”

نشرت

في

متابعة وتصوير: جورج ماهر

في مستهل الموسم الثقافي الجديد، استأنف معهد تونس للترجمة نشاطه إذ عقد صباح اليوم الأربعاء 22 أكتوبر 2025 بفضاء مكتبة بستان الألسن بمقرّ معهد تونس للترجمة بمدينة الثقافة، برنامج لقاءات “أربعاء التراجيم” الذي قدم خلاله ندوة فكرية لتقديم احدث الترجمات التي اصدرها المعهد حديثا وهي كتاب “الفكر التنويري التونسي” وهي مختارات لابرز اعلام تونس مثل الزعماء الحبيب بورقيبة وعبد العزيز الثعالبي ومنجي سليم وفرحات حشاد بالإضافة إلى باقة منتقاة من اعلام الفكر والأدب،

وافتتح الحصة واشرف عليها مدير عام المعهد د. توفيق قريرة، بحضور الأستاذين: محمد الطاهر السعيدي ومنوبية المسكي، باعتبارهما من المساهمين في ترجمة هذا العمل.

يذكر أن معهد الترجمة يقدم أسبوعيا ترجمات لأعمال فكرية علمية وأدبية ومن ذلك هذه الندوة واللقاء الفكري بحضور فاعلين في هذا المجال بالإضافة إلى وسائل الاعلام

أكمل القراءة

ثقافيا

قريبا بتوزر والعاصمة… المهرجان الوطني للمسرح التونسي “مواسم الإبداع”

نشرت

في

متابعة وتصوير: جورج ماهر

عقدت الهيئة المديرة لمهرجان المسرح الوطني التونسي الذي تنطلق فعالياته خلال أيام ويأتي تحت إشراف وزارة الشؤون الثقافية وبالشراكة مع جمعية عبد الوهاب بن عياد. ندوة صحفية امس الثلاثاء بقاعة الفن الرابع، كشفت خلالها برنامج هذه الدورة وخصوصياتها والأعمال المسرحية التي ستتسابق على جوائز جمعية عبد الوهاب بن عياد للإبداع المسرحي.

وقال مدير المهرجان الدكتور معز المرابط في كلمته إن دورة هذا العام تحمل إضافات نوعية مقارنة بالدورات السابقة سواء على مستوى التنظيم أو البرنامج أو الامتداد الجغرافي، مضيفا أن فعاليات المهرجان تتوزع على مرحلتين: الأولى بمدينة توزر من 24 إلى 30 أكتوبر 2025، وتشمل العروض المسرحية والملتقيات الفكرية، فيما تُقام المرحلة الثانية في تونس العاصمة من 31 أكتوبر إلى 8 نوفمبر وتتضمن عروض المسابقة الرسمية التي تشمل 14 عرضا مسرحيا. وذكر أن العروض المشاركة في المسابقة هي من إنتاج شركات مسرحية خاصّة، إلى جانب عمل لمركز الفنون الدرامية والركحية بنابل وإنتاجات المسرح الوطني التونسي.

وعن فعاليات المهرجان في ولاية توزر، أفاد أن المهرجان ينطلق من هذه الجهة في ما يُشبه إعلان ميلاد دورة جديدة تعيد المسرح إلى فضائه الطبيعي وسط الجمهور وفي قلب المناطق الداخلية. كما تحتضن توزر هذه السنة لأول مرة الملتقى التأسيسي لمسرح الجنوب بالشراكة مع مركز الفنون الدرامية والركحية بتوزر. وتعيش ولاية توزر على مدى أسبوع كامل من 24 إلى 30 أكتوبر على وقع برمجة مكثّفة ومتنوعة من العروض والأنشطة الفكرية والتكوينية، وذلك ضمن الدورة التأسيسية لملتقى الجنوب للمسرح وتحت عنوان “المسرح والمدينة”. تتوزع على فضاءات مختلفة في 6 معتمديات هي توزر المدينة ونفطة ودقاش وحزوة وتمغزة وحامة الجريد. وتقام هذه العروض في فضاءات متعددة من بينها دار شريّط والمقهى الثقافي المنيار ومنتزه البركة ودار الثقافة بحامة الجريد، بالإضافة إلى الساحات العامة في نفطة ودقاش وحزوة، وهي خطوة تهدف إلى تدعيم لامركزية اللامركزية.

ويتابع عشاق الفن الرابع في هذه الجهة مجموعة من العروض المسرحية من إنتاجات مختلفة، من أبرزها “قرط” من إنتاج المسرح الوطني التونسي وإخراج محمد بوسعيدي و”الأمير الصغير” للمخرج مقداد صالحي و”تسعة” للمخرج معز القديري و”شَعلة للمخرجة أمينة الدشراوي وإنتاج مركز الفنون الدرامية والركحية بتطاوين و”قصر الثرى” للمخرج حافظ خليفة، بالإضافة إلى عروض جوالة مثل ” Parade Théâtre” في قلب مدينة توزر بمشاركة المركز الوطني لفن العرائس. الندوة الفكرية: “المسرح بين الهوية والغيرية”

وعلى المستوى الفكري، تقام يومي 25 و26 أكتوبر ندوة علمية بالشراكة بين المسرح الوطني والمجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون “بيت الحكمة” تحت عنوان: “المسرح التونسي: أسئلة الهوية، الغيرية وتمثلات الذات -نحو مدرسة تونسية في المسرح؟”. ويؤثث هذه الندوة نخبة من الأكاديميين والمخرجين والنقاد على غرار عبد الحليم المسعودي ومحمد المديوني وحسام المسعدي ونزار السعيدي وعبد الجليل بوقرة ومحمد مومن وكريم الثليبي وفوزية المزي. وتهتم الجلسات بعدة محاور تتعلق بمسألة الهوية في المسرح التونسي والعلاقة بين الذات والآخر وجدلية المحلية والعالمية، إلى جانب التساؤل حول إمكانية الحديث عن مدرسة تونسية في المسرح.

14 عرضا مسرحيا في المسابقة الرسمية بالعاصمة

وبعد أسبوع من الفعل الثقافي في توزر، تنتقل فعاليات المهرجان إلى تونس العاصمة بداية من 31 أكتوبر إلى 8 نوفمبر 2025، حيث تحتضن قاعة الفن الرابع وقاعة الأوديتوريوم بقصر المسرح في الحلفاوين.

العروض المشاركة في المسابقة الرسمية تضم أربعة عشر 14 عملا مسرحيا تم اختيارها من قبل لجنة مختصة برئاسة لطفي العربي السنوسي وعضوية سيف الفرشيشي وجميلة التليلي. وتحتكم عروض المسابقة الرسمية إلى لجنة تحكيم يرأسها محمد المديوني وتضم فائزة المسعودي وصالح الفالح ورمزي عزيز، حيث ستسند الجوائز الرسمية لأفضل عرض متكامل وأفضل إخراج وأفضل نص وأفضل أداء رجالي وأفضل أداء نسائي.

هذه الأعمال هي “وراك” من إخراج أوس إبراهيم و”تمثال حجر” لكريم عاشور و”كيما اليوم” للمخرجة ليلى طوبال و”رار” لعز الدين بشير و”الوحش فيّ” لمحمد البركاتي و”العفرتة” من إخراج يوسف مارس و”9أو أرمدجون” لمعز القديري و”الزنوس” لصالح حمودة و”الهاربات” لوفاء الطبوبي و”جاكاراندا” لنزار السعيدي و”سقوط حر” لنعمان حمدة و”سوڨرا” لحاتم دربال و”على وجه الخطأ” من إخراج عبد القادر بن سعيد و”سيدة كركوان” للثنائي وجدي القايدي وحسام الساحلي.

كما رصد المهرجان ثلاث جوائز تشجيعية لدعم المواهب الشابة في المجالات الموازية للمسرح وهي “جائزة أفضل مقال نقدي” وتشرف عليها لجنة برئاسة فوزية المزي وعضوية ليلى بورقعة. و”جائزة أفضل فيديو” برئاسة مراد بن الشيخ وعضوية نضال قيقة وكذلك جائزة “أفضل صورة فوتوغرافية” برئاسة قيس بن فرحات وعضوية أميرة زيلي.

وضمن البرنامج الموازي، يحتضن فضاء “أغورا المواسم” حلقات نقاش مفتوحة بين الفنانين والباحثين وصنّاع القرار حول السياسات الثقافية والتشريعات ودور المسرح في الحياة العامة. كما ينظّم المهرجان بالتعاون مع المتحف الوطني للفن الحديث والمعاصر معرضا تشكيليا بعنوان “مشهديات” تكريما للفنان الراحل عادل مقديش أحد أبرز رموز الفن التشكيلي التونسي الذي أسهم في ربط التشكيل بالمشهد المسرحي من خلال أبحاثه حول الصورة والفضاء.

الختام بعرض “عربون 3″

تحية لروح الفاضل الجزيري يُختتم المهرجان يوم السبت 8 نوفمبر 2025 بعرض خاص بعنوان “عربون 3”، تكريمًا للفنان الراحل، أحد رواد المسرح التونسي ومؤسسي التجربة الحداثية على الركح. ويأتي هذا العرض كعربون وفاء لرمز ترك بصمة لا تُمحى في تاريخ المسرح الوطني وعلامة خالدة في مسيرة الإبداع التونسي. وتكريما للجزيري يقدّم المهرجان فضاء “شاشات المواسم” لعرض أفلام ووثائقيات حول عدد من الأعمال المسرحية والسينمائية لهذا الفنان.

أكمل القراءة

صن نار