جور نار
أسعار تنخفض ومواد تعود إلى السوق… ولكن أين الإعلام؟
نشرت
قبل يومينفي
محمد الزمزاري:
لماذا يتردد الإعلام الوطني في الإشارة إلى تراجع الغلاء الذي شهدته الأسواق ومنها خاصة الأسبوعية؟ بالإضافة إلى كل ذلك نلاحظ صمتا مطبقا عن بداية توفير المواد المعروضة بنسبة كبيرة (مثل الكسكسي وخاصة الفارينة والسميد وبقية أصناف العجين الغذائي) فيما مواد اخرى في طريقها إلى العودة مجددا مثل القهوة والسكر بصفة تدريجية كما ان بعض المساحات التجارية والدكاكين تعرض القهوة والسكر رغم بعض التهافت …
إن النقص في مادة القهوة قد شجع بارونات هذه المادة والمساحات التجارية على عرض النوعيات الباهظة الثمن فوق طاقة المواطن لتحرير بيعها في غياب عرض القهوة المعتادة المطلوبة… كما تم تسجيل انخفاض نسبي في أسعار جل الخضروات وشهدت الأسواق أيضا أسعارا معقولة في البرتقال بأنواعه والتمور بصورة اقل كما لاحظ المستهلكون عرض كميات وافرة من الموز بصنفين بين اسعار تصل إلى 7 دنانير للكيلو للصنف الكبير و 5 دنانير للصنف الاقل…
وعلى مستوى بيع زيت الزيتون يبدو أن الأسعار شهدت انخفاضا بسيطا لا يشجع المستهلك على اقتناء كميات هامة للعولة التقليدية… ذلك ان القوارير سعة لتر واحد من المعروضة بالمغازات الكبرى، حافظت على سعرها (15د) ولم تعرف اقبالا كبيرا من المستهلكين أملا في تنزيل مفترض لسعر اللتر… خاصة أن رئيس الجمهورية قد أكد اول امس على ضرورة تمكين المواطنين من اقتناء الزيت بأسعار معقولة، تتماشى مع الطاقة الشرائية… فهل سينزل السعر إلى 10 او 12 د؟ هذا ما سنراه قريبا لانه سيكون في النهاية لمصلحة الفلاح والمستهلك معا…
من ناحية أخرى هناك مؤشرات على اعتزام شركة الكهرباء والغاز إجراء تخفيض مشروط على الفواتير الاقل استهلاكا للطاقة (اقل من 300 كيلوواط في الشهر) مما يعطي سعرا إجماليا منخفضا نسبيا نهاية الشهرين لمن استهلاكهم اقل من 600 ك.و… ويعد ذلك طريقة ذكية قد تأتي بنتائج محفزة وجهود عامة للتحكم في استهلاك الكهرباء والغاز…
ونتمنى أن يقع تطبيق هذا القرار دون أية تعطيلات محلية او جهوية او مركزية باعتبار بناء على تركيز منظومة متطابقة مع هذا الهدف.
تصفح أيضا
عبد الكريم قطاطة:
توضيح: العمر يجري .. وها انا احاول السباق مع الزمن حتى اختم هذه السلسلة والتي في تقديري ستكون قفلتها سنة 2022* … أرجو من الله ان يمدّ لي في العمر حتى اختتمها …
الورقة 96 ستكون خاصة بما عشته وعاصرته في اذاعة صفاقس في اواخر سنة 1996 … تلك السنة عشت فيها حدثين اولهما تعيين السيد عبدالقادر عقير مديرا لاذاعة صفاقس خلفا للسيد النوري العفاس رحمهما الله… والحدث الثاني هو الاحتفال بعيد ميلاد اذاعة صفاقس الخامس والثلاثين وذلك نظرا الى خصوصيات ذلك الحدث… دعوني اوضّح فيما تعلّق وسيتعلّق بايّ زميل غادرنا، لن اسمح لنفسي بذكر بعض التفاصيل عنهم احتراما لـ(اذكروا موتاكم بخير)… لكن وللتوثيق وهي القاعدة الاساسية في الورقات هنالك احداث لابدّ من ذكرها ولو بشيء من الاقتضاب…
عندما عُين الزميل عبدالقادر عقير مديرا لاذاعة صفاقس كان الامر غير منتظر بالمرّة… اذ انّ تعيين مدير لاذاعة صفاقس غير منتسب للجهة أمر يحدث لاوّل مرّة… وفهمت بعدها انّ ماكينة عبدالوهاب عبد الله اصيل المنستير وامبراطور الاعلام انذاك بدات تشتغل… فعيّنت العديد من اصيلي اما المنستير او الساحل في عديد المراكز الاعلامية الحساسة… والزميل عبدالقادر عقير مسيرته الاعلامية كانت متواضعة جدا ..اذ هو عمل باذاعة المنستير كمنتج ومنشط لمدّة قصيرة للغاية ..وبعدها دخل سلك المعتمدين حيث اشتغل كمعتمد بقرقنة ثم بعقارب… دون ذلك وقبل ذلك اشتغل كمعلّم في المدارس الابتدائية في تونس وفي ليبيا كواحد من المتعاونين انذاك…
يوم تعيينه وبعد انتهاء المراسم الرسمية فوجئت بحاجب الادارة يبحث عنّي ليقول لي (سي عبدالقادر يحب عليك) فاستجبت لدعوته … وكلّ ما اتذكره عن سي عبدالقادر انه يوما ما كان هنالك برنامج مشترك بين اذاعتي صفاقس والمنستير كنت انا امام مصدح اذاعة صفاقس وكان هو امام مصدح اذاعة المنستير… وقبل بداية البرنامج بنصف ساعة هاتفني ليقول لي انّ تجربته متواضعة في التنشيط ورجاني ان امدّ له اليد ووعدته بذلك… وتعدّى البرنامج لاباس… دون ذلك لم يكن لديّ عنه ايّة فكرة لا سلبا ولا ايجابا … وتلبية لدعوته وجدتني بمكتبه كمدير .. كان استقباله لي على غاية من الحرارة والصدق… هنأته بمنصبه وتمنيت له النجاح … ودون مقدمات قال لي: (انا لا اعرف ايّ احد في اذاعة صفاقس باستثنائك… اريدك ان تقف معي فهل اعوّل عليك ؟)… اجبته دون تردّد وبكلّ شفافية وصدق: (يشرّفني ذلك متى عملت من اجل مصلحة اذاعة صفاقس… ولكن سأكون اوّل من يقف ضدّك ان عملت من اجل مصلحتك وعلى حساب مصلحة اذاعتي)… واضفت (هذا هو انا ولك الاختيار)… فاجاب دون تردّد او حتى لحظة تفكير: (وانا اخترتك انت بالذات لاني عرفتك من خلال مسيرتك وكلّي ثقة في آرائك ومواقفك ولن تجد منّي الّا ما يرضيك ويرضي المجموعة…
ولم تدم جلستنا طويلا حيث دعاني للخروج معه في نزهة على سيارته وليته ما فعل… مدير جديد يهزّ عبدالكريم معاه في كرهبتو نصف ساعة بعد مراسم التعيين ؟؟؟ والف لسان يتساءل: (تي من اوّل نهار عبدالكريم كلالو عقلو ؟؟)… وهذا كالعادة لا يعجب الملأ … ساعود في ورقات قادمة لما فعله هذا الملأ والذي انتصر في معارك عديدة ولكنه خسر الحرب… هذا الملأ حوّل علاقتي بالزميل عبدالقادر عقير من علاقة ودّ وانسجام لما فيه خير للدار واهل الدار (والله شاهد على ما اقول)… الى علاقة حرب بدأت خفية واصبحت مع مرور الوقت معلنة بيني وبينه وانتهت باقالته من منصبه وبتعويضه بالسيد رمضان العليمي… وستأتي اهم التفاصيل كما اسلفت في ورقة قادمة. ..
الحدث الثاني الذي عشته سنة 96 كان عيد ميلاد اذاعة صفاقس الخامس والثلاثين… مما عودت عليه المستمع اني طيلة السنوات التي انتجت فيها حصصا خاصة بعيد ميلاد اذاعتي كنت دائما ابحث عن بصمة خاصة لكلّ عيد ميلاد… وعندما بدات في التفكير في عيد الميلاد الخامس والثلاثين ومنذ بداية شهر سبتمبر 96 كان هاجسي ان يكون البرنامج مختلفا تماما شكلا ومضمونا عن كلّ ما سبق محليا ووطنيا وعربيا ولم لا عالميا… ولم تطل مدّة التفكير والبحث طويلا… نعم قلت في نفسي لم لا يكون البرنامج على امتداد 24 ساعة تنشيطا دون انقطاع… وامتلأت بهذه الفكرة صدقا بكثير من النرجسية ايضا ..اذ انّي سانجز ما لم يقع انجازه على الاطلاق ..شكلا وحجما … ثمّ اعتكفت لمدة اسبوع ابحث عن محتوى لهذا البرنامج اذ لا يكفي ان يكون الشكل مبهرا فذلك يذهب مع او نسمة رياح… المحتوى يجب ان يكون مقنعا ومدروسا بعناية وبفريق كامل يؤمن معك بالمشروع… واخترت مكوّنات هذا الفريق وكنت واضحا مع الجميع ..من يقبل بالمشاركة عليه ان يقبل بالعمل تطوّعا كاهداء لاذاعتنا في عيد ميلادها الخامس والثلاثين… وللامانة قبل الجميع بالفكرة وبكلّ سعادة…
وبدات اعقد اجتماعات دورية مع الفريق بعضها في صفاقس واخرى في تونس مع البعض الذي كان يزاول دراسته الجامعية هنالك… ومع نهاية شهر اكتوبر اصبح كل شيء جاهزا وحتى دليل البرنامج جاهزا بالدقيقة والثانية… وانا المعروف عني اني لا اترك للحظ او للصدفة او لايّ عائق ان يقف ضدّ اعدادي لتفاصيل التفاصيل… وعندما عرضت المشروع جاهزا للسيد عبدالقادر عقير كان في قمة السعادة والرضاء ..كيف لا واذاعة صفاقس وفي عهد ولايته عليها ستحقق رقما قياسيا عالميا ..وكيف لا والمشروع لن يكلّف حزينة الاذاعة ايّ مليم باعتبار تطوّع كامل الفريق… وعندها اغتنمت الفرصة لاقترح عليه ان تخصص اذاعة صفاقس جائزة في حجم الحدث… ودون ايّ تردد اجابني: (الغالي طلب على الرخيص؟)… قلت له جهاز تلفزة من حجم صغير … ضحك بقهقهة سي عبدالقادر وقال لي: (جهاز تلفزة ضربة وحدة يا خويا عبدالكريم ؟؟) قلت له نعم ..وتأتي على قدر الكرام المكارم… مدّ يده لي بحرارة وقال: اطمان ستكون الجائزة كما اردت… وللامانة لم يطلب منّي السيّد عبدالقادر عقير ايّ شيء عن تفاصيل البرنامج بل اضاف: (عندي فيك ثقة عمياء، هو انا نعرف خير منّك ؟) حييته واجبت: لن اخذلك…
وجاء يوم 7 ديسمبر 1996 وجاءت الساعة التاسعة صباحا وانطلق قطار البرنامج الذي لم يتوقف الا على الساعة التاسعة صباحا ليوم 8 ديسمبر 1996 … يااااااااااه وعلى طريقة سعيد صالح، المسافة طوييييلة قوي … ولكنها ممتعة للغاية عشتها وعاشها الفريق بكل سعادة وجدية وعاشها معنا المستمع من بنزرت لبن قردان كذلك بكثير من الذكريات… اذن دعوني استرح لاعود اليكم في الورقة 97 بعديد تفاصيلها اعذادا وتنفيذا…
ـ يتبع ـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*ونحن الآن في نهاية 2024 وما زال النيل يجري والورقات تتوالى وتتوالد… حفظك الله مبدعنا الدائم (التحرير)
جور نار
مهرجاننا السينمائي في دورته 35… أيّام، بأية حال عدت يا أيّام؟
نشرت
قبل 3 أيامفي
14 ديسمبر 2024محمد الزمزاري:
انطلقت الليلة ابتداء من السادسة مساء ايام قرطاج السينمائية في جو يلفه شيء من الحزن على فقد بعض الوجوه السينمائية و المسرحية والثقافية.
ازدان شارع بورقيبة بخيمة مزدانة بمثلثين و تحيط بهما دائرة جميلة واضواء وأعداد كثيفة من المارة وبعض الصحفيين المنتظرين الساعة السادسة لرصد وقائع الافتتاح. ويبدو أن هذه الدورة 35 من المهرجان قد تطرح عددا من الأفلام الطويلة خاصة منها ثلاثة اشرطة تونسية تأمل الفوز بالجائزة الأولى.. الملاحظ ان عديد المواطنين يتساءلون عن ساعة الافتتاح و يذهب البعض منهم إلى الاعتقاد بأن افتتاح ايام قرطاج السينمائية قد لا يتم او ينتظم ولكن بمدينة الثقافة لا في محيط خيمة شارع بورقيبة.. فالواجهة الأمامية للدخول كانت مغلقا لحدود الخامسة و النصف مساء دون أن توجد أية يافطة ترشد على توقيت الافتتاح وامكنة العروض، وربما تم الإعلام عن ذلك عبر الصحف او الفضائيات ..
إن المطلوب من هذه التظاهرة السينمائية الكبرى في دورتها الراهنة ان تحقق نقلة نوعية في السينما التونسية و الإفريقية خاصة وان يتم على هامش المهرجان تنظيم محاضرات وحوارات بناءة تهدف إلى النهوض بالسينما الوطنية من حيث كل جوانبها واركانها مثل السيناريو (الذي تشكو السينما التونسية نقصا فيه) تبعا لقلة كتاب السيناريو او لعدم إيجاد آليات وتشجيعات لدفع الكتاب في هذا المجال ..
كذلك على القنوات التلفزية ان تقلع عن الاجترار والدوران في حلقة مفرغة ببث مسلسلات او افلام مستهلكة تعرض وجوها كم مل المشاهد منها… السينما الوطنية في حاجة لتحقيق قفزة و تجاوز القديم المعتاد و السهولة وان تشرك الوجوه الجديدة التي تزخر بها البلاد…
يبقى ان نلاحظ أيضا ضرورة مزيد دعم المبدعين من روائيين ومخرجين و سيناريست من لدن وزارة الشؤون الثقافية و تطوير لجان الاختيار المتعلقة بإسناد الدعم العمومي، كما يستوجب الترفيع في ميزانية وزارة الثقافة ولطالما طالبنا بذلك سابقا قبل عرض ميزانية 2023 و 2024… ويبدو أن الأمر لم يتغير كثيرا بعد المصادقة على ميزانية 2025 اخيرا في البرلمان …
إن الشكوك في مسيرة تشجيع الأعمال و الإبداعات المتعلقة بالسينما ببلادنا تبقى ملقية بظلالها وتتطلب اصلاحات في كل الاتجاهات حتى نضمن تقدما لهذا القسم الهام جدا من القطاع الثقافي.
عبد الكريم قطاطة:
بعض المدن نزورها ونسكنها مرّة واحدة في العمر … ولكنّها تسكننا العمر كلّه … كما وعدتكم ساخصص هذه الورقة لدمشق لانها تستحق وعن جدارة …
زيارتي لدمشق الفيحاء او مدينة الياسمين كانت سنة 1996 … كان ذلك اثر اختياري من مؤسسة التلفزة التونسية لامثّل بلدي في دورة تكوينية حول اخراج البرامج والمباريات الرياضية، يشرف عليها الاتحاد العربي للاذاعة والتليفزيون بفرعه في دمشق… كنت سعيدا جدا بهذا التعيين ومشتاقا لدمشق بالذات كواحدة من اقدم العواصم في التاريخ وخاصة كحضن لتاريخ عربي يضجّ بالاحداث… لعلّ ابرزها حين كانت عاصمة للامويين …
عندما نزلت في مطار دمشق اوّل ما لفت انتباهي طريقة حوار السوريين بين بعضهم البعض … كنت مستغربا جدا من علوّ أصواتهم وكان يُخيّل لي انهم في خصام دائم… ثمّ اكتشفت فيما بعد انهم هكذا… ولتقريب الصورة لكم هل تذكرون مسلسل باب الحارة ؟؟ انهم تماما كما في باب الحارة… المشهد الثاني الذي اثار اهتمامي شكل البناءات في دمشق… دمشق حافظت على طابعها المعماري القديم… قليلة هي البناءات من طراز ناطحات السحاب بل لا اذكر انّي رايت واحدة منها… هي كتونس العاصمة او سوسة او صفاقس داخل الاسوار… لكن دمشق هي كما هي داخل الاسوار او خارجها … المنازل الدمشقية تشبه كثيرا منازلنا وابراجنا القديمة… هي غير مغطاة ومزدانة بغراسات الازهار المتسلقة للحيطان داخلها ومن بينها الياسمين …
في المطار استقبلتني السيارة التابعة للاتحاد العربي للاذاعة والتليفزيون واوصلتني الى نزل في قلب دمشق… وقال لي الاخ السوري هذا هو النزل الذي بتعامل معه الاتحاد العربي ولكنك لست مجبرا على السكنى فيه ..وغدا سآتيك صباحا لاخذك لمكان التدرب … النزل كان من نوع النزل القديمة عندنا في المدينة العتيقة ..متواضع للغاية ولكنّه مريح … دمشق تتوسطها ساحة اسمها ساحة المرجة… وفيها عديد المتاجر وعديد المطاعم… وما يكاد الواحد يخطو بعض الخطوات حتى تملأ انفه رائحة لم اعرفها في البداية… ولكن لاني متعود ان اسال عن كل ما اراه او اسمعه او ما اشمّه اكتشفت انّ السوريين لا يستعملون الا السمن في اطعمتهم عوضا عن الزيت… واكتشفت ايضا انّ الزبون في ايّ مطعم يطلب ما لذّ وطاب وباثمان زهيدة للغاية…
ثمّ اكتشفت فيما بعد بالنسبة لنا كزوار ان كل شيء زهيد الثمن بما في ذلك الذهب والجواهر، وكم هو الفستق السوري مثلا مدهش اولا من حيث الحجم، تقولشي كعبة فول… ومن حيث الثمن… وحتى اقرّب لكم الامر يثمن مائة غرام فستق في تونس يمكن لك شراء كيلوغرام … لكن بالنسبة للسوري عموما فانّه لا يقدر على التمتّع بعديد الاشياء في حياته نظرا لدخله الشهري المتواضع جدا… لكن مقابل ذلك كان النظام السوري يقوم بدعم كل المواطنين دون استثناء في ثلاثة مرافق… الكهرباء والهاتف والماء… هذه المرافق كانت مجانية بالنسبة للمواطن السوري (زيدو قولو آل بشّار مشومين)… خاصة اذا اخذنا بعين الاعتبار موقع سوريا كبلد مجاور لاسرائيل، والميزانية المخصصة لوزارة الدفاع السورية ..
لكن وللامانة العلمية نظام بشار كان نظام مخابرات بامتياز … حيث بين البوليس السرّي والبوليس السرّي نجد بوليسا سرّيا… هذا الواقع عشته عندما كان معنا في التدورة التدريبية احد السوريين… نشأت بيني وبينه علاقة ود حميمة وكان يجيب عن اسئلتي دون خوف او وجل… ولكن ومنذ الايام الاولى حذّرني من امر هام… اسرّ لي بانه يمكن ان اعيش بامن وامان اذا الجمت لساني عن الحديث في السياسة… هذا اولا وثانيا طلب منّي بكلّ ودّ ان لا اتجاذب معه في حضور سوري اخر اطراف الحديث عن السياسة … مما اثار دهشتي ايضا في دمشق ميزة ما وجدتها الا في المدينة المنورة… السوري تاجر جميل وذكي جدا… يستقبلك اينما كنت في سوق الحميدية مثلا (وهو اشهر اسواق دمشق) بالمرحبا وعالسلامة ويودعك بنفس الحرارة حتى ولو انزلت كلّ بضاعة دكانه ولم تشتر شيئا …
لم تتجاوز اقامتي بالنزل اكثر من يومين حيث اقترح عليّ بعض الاشقاء العرب مشاركتهم السكنى في المنزل الذي اكتروه للغرض … وقبلت وبكل ترحاب لانّ ثمن ليلة واحدة في النزل يساوي ثمن اسبوع كامل مع الاشقاء .. لكنّ الامر لم يدم طويلا ..لسببين… اولهما هو انني واثناء درس تطبيقي في الدورة عبرت عن اعجابي بما قدمه شقيق كويتي ..وهو ما اثار حفيظة وقلق بعض الاشقاء خاصة من الاردن واليمن… اي نعم كيف لي ان امدح عمل كويتي ؟؟ ارتأوا في الامر غرابة… الكويتي بالنسبة لهم “نذل من انذال العرب” اذن من العيب ان نمتدح ما يقدّم من اعمال .. نعم وانا كنت ومازلت ارفض مثل هذه المواقف ..وللامانة لي ولحدّ الان من الاصدقاء من يقلقون اذا تحدثت عن شخص لا يرون فيه الا الجانب الاسود … ربي يشفيهم ..
السبب الثاني الذي جعلني اغيّر موقع اقامتي، اتّصال احد مستمعيّ بي وهو مقيم كطالب في دمشق ليعرض عليّ السكنى بمنزله الذي يتسوغه مع تونسي اخر… هذا الصديق هو زميلي الان فيصل القاسمي… ورفض هذا الزميل وصديقه ان اقاسمهما ثمن إيجار المنزل… اي اتممت مشوار اقامتي ضيفا بينهما… شكرا فيصل وشكرا لصديقه الذي ابى الا ان يتحوّل معي الى المطار يوم عودتي من دمشق… يومها الديوانة السورية وكضريبة عن وزن المحمولات التي عندي، طالبتني بدفع مائة دولار… ولم يكن وقتها بمقدوري ذلك… تقدّم هذا الصديق وسدّد المبلغ وقبلت الامر شريطة ان اعيده الى احد افراد عائلته في تونس وكان ذلك…
دمشق هي مدينة تفوح بتاريخها وبمعالم تاريخها… ففيها ضريح صلاح الدين الايوبي بطل تحرير القدس وكيف لا ازوره والثم ضريحه… خاصة في زمننا هذا الذي قلّ فيها الرجال الابطال… وفيها الجامع الاموي الذي بناه عبد الملك بن مروان… هذا الجامع اكتشفته واكتشفت عظمته ليلا عندما دعاني صديقي السوري لقضاء سهرة باحد ملاهي دمشق … مكان ذلك الملهى كان بضاحية من ضواحي دمشق (هضبة قاسيون) والتي يقال عنها انها كانت مهبط ادم على الارض… طريقها جبلي تشبه لحد كبير الطريق الجبلية الرابطة بين اميلكار وسيدي بوسعيد… وهذه الطريق تُسمى شارع العشاق… وهو اسم على مسمّى… نعم هنالك “يتكوبل” السويرون لكي يهضموا ما اكلوه في عشائهم… او لكي ينعموا باطباق لذيذة من اطعمة العشق… وكل كوبل لاهي في نوّارو… وعلى عينك يا بنّاني… لو راتهم احدى جداتنا او امهاتنا لقلن عنهم (وفات الحشمة والجعرة اللطف)… الحشمة افهمها اما (الجعرة) فتبقى عندي كلمة مبهمة …
الملهى الدمشقي وكسائر الملاهي غربّية كانت ام عربيّة بما في ذلك الموجودة في مكة هذه الأيام… فيها ايضا ما لذّ وطاب من الاطعمة والمشروبات البريئة وغير البريئة وفيه ايضا العديد من المؤنسات… على شاكلة اخت سعيد صالح في العيال كبرت واللي تفتح للزبائن… لكن ما لفت انتباهي عند وصولي مع الصديق السوري ان حرّاس الملهى قاموا بالتحيّة العسكرية لهذا الصديق السوري ثمّ وبعد انقضاء السهرة لم ندفع لو ليرة واحدة سورية … وعندما نظرت اليه فهم انني عرفت من هو وابتسم كلانا لصاحبه دون كلمة واحدة… اي نعم هو كان احد اعوان المخابرات الذي رافقنا على امتداد الـ 21 يوما التي قضيتها في دمشق …
دمشق عشتها بكلّ عشق ..لانّها مدينة تتعلّق بك ربما اكثر مما تتعلّق بها… عانت الكثير عبر تاريخها ويبدو انّ قدرها المعاناة الدائمة… تذكّروا فقط ما فعله الدواعش فيها وبها ايّام كذبة الربيع العربي… قد نتفق مع آل الأسد او نختلف ولكن وتلك هي قناعتي… لو كان من يحكمها اثناء كذبة الربيع العربي عمر بن عبد العزيز لحدث لها ما حدث مع بشار…
23 اوت 2024
ـ يتبع ـ
تونس تحتضن منتدى التغيرات المناخية الدولي الأول
علي الخميري في”وادي الباي”
بن يحيى يعود لتدريب مولدية الجزائر
الحدث: بعد انفتاحها على السجون… لاول مرّة أيام قرطاج السينمائية، في ثكنات الجيش
وانكشف سبب حملتهم على سوريا… الأتراك والغربيون يستعجلون مشروع أنبوب الغاز القطري
استطلاع
صن نار
- ثقافياقبل 9 ساعات
تونس تحتضن منتدى التغيرات المناخية الدولي الأول
- غير مصنفقبل 11 ساعة
علي الخميري في”وادي الباي”
- رياضياقبل 11 ساعة
بن يحيى يعود لتدريب مولدية الجزائر
- ثقافياقبل 16 ساعة
الحدث: بعد انفتاحها على السجون… لاول مرّة أيام قرطاج السينمائية، في ثكنات الجيش
- صن نارقبل 20 ساعة
وانكشف سبب حملتهم على سوريا… الأتراك والغربيون يستعجلون مشروع أنبوب الغاز القطري
- صن نارقبل 20 ساعة
بعد سقوط النظام… ما مصير القواعد العسكرية الروسية في سوريا؟
- صن نارقبل 20 ساعة
بشار الأسد يتكلم أخيرا: لم أخطط للمغادرة… وسوريا الآن في يد إرهابيين
- صن نارقبل 20 ساعة
الجولاني… لن نسمح باستخدام الأراضي السورية منطلقا للهجوم على إسرائيل