الشيوخ يتهامسون..
يرددون…
يتساءلون ..
من هؤلاء..
أين كانوا…
من أين جاؤوا…
لِمَ يأتي الليل باكرا إلى مدينة الصلاة…
الأطفال يبكون تحت ظلال غرفتها و عند أزهار شرفتها ينشجون …
يطلبون حليب الإبكار و دندنات الصباحات الأولى…
تعصف بمدينة الياسمين الأشباح القادمة من كهوف الأمس القريب…
عصفا لا يرحم…
وَحدَها تونس تفهم أحزاني…
أخرجُ مِن معطفها ملوّنا باصفرارِ المروجِ و رعشة أغصانها..
و يخرج منها خريفا تكسرِ فيه كل الأخرفة الساكنة في كلِّ الفصولِ…
و في كل الألوانِ…
ألفّ زحامِ شوارعِها كما تلفّ برأسي ألف فِـكرةٍ …
أمشي متعبا …
أحتضن الفراغ في أرصفة الأمس..
لاشيء من ورد أيامها قد تبقى سوى شوكة في يدي…
إيقاعُ الطريق الممتد إلى نبضي أعياني…
أعيتني زاويةِ ذاك المقهى الصغير وقد ٱلتحف قهقهة الشباب الذي لا يلوي على شيء…
ألوذ بمعطفي في نهايةِ المطَافِ…
عنوانا للعودة…
مدينة عاصفة…
لافائدة من حنين قلبها…
وحدهـا تونس…
تكسرني أكسِرها…
في لحظة الحنين فتأكل قلبي و تفتح النار على جروحي…
تنثرها آثاما مريبة…
لكنها تفهم روحي البعيدة شهقة للعنفوان و قبضة من شعاع قلب عاشق…
رتقت جروحي بخط رديء و خرجت إليها عاري الصدر لأخوض معارك قلبي بلا جهة للخلاص و كل الخيبات المحتملة تلوذ بصمتي..
من أقصى ٱنكساري ألتقط دمع الوجع…
أمشي قليلا لأخرج مني ضلالا…
مريبا أقفل شبابيك الإنتظار..
أنوء بسطوة العمر الضيق حبيبا يلوذ بقلبي ليلا نهارا…
من أقصى ٱنكسار هذا البلد يأتي صباح ليس ككل البدايات ..
يخبو كالحلم بين قبضة نور و إطلاقها تنبت ألف زفرة على وطن تركناه وحيدا كالقلب العاشق حين يموت…
وحدها تونس تفهم ما يجري لأبنائها…