تابعنا على

جلـ ... منار

مجموعة السبع… مفردة الدم ورطانة الخشب

نشرت

في

image 21

صبحي حديدي:

ليس أيسر من إسباغ طابع الوحدة على قرارات قادة “مجموعة السبع” حين تنعقد قممهم ويكون على جدول أعمالها شؤون الشرق الأوسط وشجونه، عموماً؛ والتأييد العلني أو المضمر لهذه أو تلك من الملفات ذات الصلة بدولة الاحتلال الإسرائيلي، وما كان منها عالقاً صانع تأزّم على وجه التحديد، خصوصاً.

صبحي حديدي

وهكذا، لم يُفاجأ (إلا السذّج عن سابق قصد وتصميم) باتحاد قادة كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، المجتمعين في باري الإيطالية، حول تأييد خطة الرئيس الأمريكي جو بايدن بصدد حرب الإبادة الإسرائيلية ضدّ قطاع غزّة؛ ثمّ التوافق، من دون تحفظ كما يتوجب التشديد، على… السماح لوكالات أممية مثل غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بالعمل في القطاع من دون عائق. ورغم أنّ اللغة التي اعتُمدت في صياغة البيان كانت من الطراز الخشبي المفتضَح، جرياً على عادة عريقة طبعت بيانات قمم الـG-7  منذ نواة التأسيس في ربيع 1973 حين كان السبعة 4 فقط (أمريكا والمملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا)؛ فإنّ الافتقار إلى قوّة فعل مقترنة بإطناب العبارة لاح هذه المرّة أشدّ إفصاحاً عن سلسلة العوائق التي حالت، على الدوام أيضاً، دون رفد مفردات الخشب بنبض الحياة.

على مرأى منهم ومسمع، ظلّ رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو يتعنت ويستهتر ويسخر ويزمجر؛ ومثل أحجار ثقيلة على طاولة اجتماعاتهم، ظلت تجثم قرارات محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية ومجلس الأمن الدولي؛ وعلى مبعدة بحار أو محيطات كان وزير خارجية الولايات المتحدة يلفق الأكذوبة تلو الأخرى لصالح الاحتلال وحول خطة رئيسه نفسها، بينما تابع رئيس وكالة المخابرات المركزية سباقه مع الزمن لإنقاذ ولاية بايدن الرئاسية الثانية، من عواقب انعدام اتفاق حول وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى وانسحاب الاحتلال…

القادة الآخرون، الآتون من برلين أو باريس أو لندن أو طوكيو أو روما أو أوتاوا، تابعوا السير خلف القطب الأكبر الذي تمثله واشنطن: رفض وقف إطلاق النار حين حرّم البيت الأبيض تمريره في مجلس الأمن الدولي، ثمّ الانفكاك في كثير أو قليل عن التحريم حين بات الاضطرار بوّابة لإنقاذ دولة الاحتلال من ذاتها اللاهثة إلى انتحار، ثمّ تحويل التحريم إلى توافق مطلق عندما أدرك بايدن أنّ قواعد اللعبة لا تتغير جذرياً فقط بل تهدد بنسف طرائق اللعب جمعاء.

والحال أنّ اللغات الخشبية، التي تطمر الملفات الفعلية الحارقة، أكثر من أن تُعدّ وتُحصى؛ على امتداد اجتماعات قمم الـ 20، أو الـ G-7 (حتى حين أُضيف إليها الاتحاد الروسي)، أو منتديات دافوس، أو مؤتمرات صندوق النقد الدولي، أو اجتماعات البنك الدولي. المعطيات الموسوعية تقول إنّ مجموعة السبع هذه تحتكر 60% من إجمالي الثروة العالمية (317 تريليون دولار، في سنة 2018 مثلاً)، ونسبة 32% إلى 42% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، عند 10% من مجموع سكان العالم.

الـ90% من شعوب الأرض هي التي تدفع أبهظ أثمان ذلك التقاسم غير العادل، ومواردها تلعب دور صنبور الطاقة ومنجم المواد الخام وسوق الاستهلاك في آن، ولا غنى عنها كي تدور آلة الاقتصاد الدولي، وكي يعرف الكبار أفضل طرائق استثمار خيرات الأرض، ثمّ أفضل أَوجُه التنعّم بها. الأخطر، ربما، أن الحيلة قد تنطلي على العديد من قادة الـ90%، فيتابع بعضهم المكوث في صفّ الضحية، تحت وهم ذاتيّ التوليد مفاده أنهم شركاء في صناعة نظام العلاقات الدولية، أو حتى في صناعة التاريخ ليس أقلّ!

ولعلّ الجديد الوحيد في اللغة الخشبية العتيقة المزمنة أنها، هذه المرّة، ملطخة بدماء عشرات آلاف المدنيين الفلسطينيين من أطفال ونساء وشيوخ قطاع غزّة؛ والتاريخ، استطراداً، يقرأ مفردات الدم وليس رطانة الخشب.

ـ عن “القدس العربي” ـ

أكمل القراءة
انقر للتعليق

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جلـ ... منار

موجات

نشرت

في

وفاء سلطان:

مضى على وجودي في أمريكا 36 سنة.

لم أدخل يوما مطعما إلا وتركت للنادلة بخشيشا يفرح قلبها وفوق تصورها.

وفاء سلطان

معظم الذين يخدمون بالمطاعم في أمريكا هم طلاب جامعات ليسدوا مصروفهم، فلقد اشتغل أولادي في المطاعم أثناء جامعاتهم وأعرف كم كان البخشيش هاما بالنسبة لهم.

إلا البارحة قررت أن لا أترك لها سنتا، لكن زوجي رفض القرار وقال كعادته: حرام!

(نعم هو ألطف مني في هكذا مواقف)

أوقح نادلة رأيتها في حياتي، تخبط الصحون على الطاولة وكأنها خرجت لتوها من معركة مع زوجة أبيها.

ضبطت أعصابي بشق الأنفس

لقد اعتدنا ان نفتح حديثا مع من يخدمنا في المطاعم حتى نعرف حياته من ألفها إلى يائها،

ولكن هذه النادلة لم تترك لنا مجالا لنقول: شكرا!

نحن نذهب إلى المطعم ليس من أجل الأكل فقط، بل لتغير الجو وتحسين النفسية، وعندما تقارب الفاتورة المائة دولار وتلقى هكذا معاملة تصاب بالإحباط

حسب رأيي خدمة الزبائن في أمريكا أفضل من أي بلد في العالم زرته، ولنفس السبب لم أحب دول أوروبا!

القاعدة العامة في أمريكا تقول: يجب أن تتعامل مع الزبون كما لو كان دوما على حق!

لو كانت ابنتي محلي لقالت: ماما ارجوكِ سامحيها، لا أحد يعرف كيف كان يومها

هذا صحيح، ولكن على من يشتغل في المرافق العامة وخصوصا المطاعم أن يكون لطيفا تحت أي ظرف!

الحياة لا تعاش إلا ببعض التنازلات، وعندما يتعلق الأمر بعملك يجب ان تتمتع ببعض القدرة على إخفاء آلامك الشخصية ولا تنقل طاقتك السلبية لغيرك!

طاقة كل إنسان تشدّ أو تحجب عنه رزقه، وذلك حسب طبيعتها

كنا ندفع على الأقل 20٪؜ من قيمة الفاتورة، لكن بعد تراشق بالنيران وشد شعر ترك لها زوجي مبلغا، وأنا أتمتم: يا خسارة

فالسلوك الذي يُكافأ يتكرر!

أكمل القراءة

جلـ ... منار

أناقة ما بعد السبعين

نشرت

في

وفاء سلطان:

في الثمانينات من عمرها.

أحنى الزمن ظهرها قليلا، لكن روحها مازالت تعانق السماء.

وفاء سلطان

التقينا في المكان المخصص لعربات التسويق على باب أحد المحلات.

وبينما هي تسحب عربتها التقت عيوننا فصبّحت علي.

رددت التحية، وتابعت: تبدين جميلة جدا، إذ من النادر أن ألتقي بامرأة بهذه الأناقة والترتيب!

فعلا الحياة الأمريكية العملية أنستنا الكثير من أصول الأناقة والتزين.

إلى حد ما، تعجبني هذه العفوية في أمريكا،

فلقد خففت عنا نحن النساء مهمة التبرج كل صباح، وزادت ثقتنا بأنفسنا.

لكن من ناحية أخرى، من الجميل أن نحافظ على أناقتنا ومظهرنا طالما لا نبالغ

نعم لا نبالغ، فلقد أصبحت الكثيرات من النساء اليوم نسخا متكررة من لعبة باربي:

قشرة من الخارج وفراغ من الداخل

المهم، أشرقت ابتسامتها حتى أضاءت وجهها المهندس بطريقة فنية غير مبتذلة، وقالت بعد أن وضعت يدها على كتفي:

حبيبتي كل سلوك تتقنينه عادة، فمتى تعلمتِ عادة تصبح طريقة حياة

ثم تابعت:

منذ سنوات مراهقتي لا أخرج من البيت حتى أتأكد من أنني أسر الناظر إليّ، فمظهرنا الخارجي يعطي الانطباع الأول

أكدت لها أنها فلسفتي كذلك، وتمنيت لها يوما جميلا

أكمل القراءة

جلـ ... منار

من عياش إلى السنوار… “دوري” الإرهاب الصهيوني

نشرت

في

صبحي حديدي:

اللجوء إلى منهجيات المقارنة يقتضي، بادئ ذي بدء ربما، اعتماد درجة الحدّ الأدنى من التكافؤ أو التناظر تارة، والتفاوت والتنافر تارة أخرى، بين مقارَن وآخر؛ الأمر الذي تتضاعف اشتراطاته، ومشاقّه استطراداً،

صبحي حديدي

إذا كانت المقارنات تخصّ البشر عموماً، وفي ميادين مثل الأخلاق والنفس والسياسة والعقيدة خاصة. فليس من اليسير، في يقين هذه السطور، وضع قياديي “حماس”، ممّن استهدفتهم آلة الإرهاب الإسرائيلية في مواقع شتى وسياقات زمنية وسياسية مختلفة، على محكّ تقييمٍ مقارَن واحد أو متماثل؛ حتى إذا كان تسويغ هذا الخيار ينطلق من مبدأ المساواة، ضمن معايير سياسية أو عسكرية أو إيديولوجية، إيجابية أو سلبية، متَّفق عليها أو محلّ اختلاف. وحتى، أيضاً وربما قبلئذ، إذا ارتكزت المقارنات على مسلّمة ابتدائية وناظمة تضعهم، أجمعين، في خانة مقاومي كيان استعماري عنصري استيطاني فاشي المكوّنات وأبارتيديّ المسارات.

ثمة، بذلك، مقادير متقاطعة عليا من التكافؤ في مصائر الاستهداف الإسرائيلي لأمثال يحيى عياش (المهندس) والشيخ أحمد ياسين وصلاح شحادة وعبد العزيز الرنتيسي وسعيد صيام وصالح العاروري وجميلة الشنطي وإسماعيل هنية ويحيى السنوار؛ وثمة أيضاً، وفي المقابل الموضوعي أو الضروري، مقادير متقاطعة دنيا من التباينات الناجمة أصلاً عن الوظائف والدلالات والمصائر. طرائق النَيْل من المهندس أو السنوار، ليست مثل اغتيال الشيخ ياسين (قعيد الشيخوخة) أو هنية (النائم في فراشه)، والفارق لا يخفى بصدد الآخرين.

غير منتفاة بالتالي، بل هي ضرورة سياسية ومبدئية، مسألة التشديد على قاسم مشترك أوّل هو إرهاب الدولة الإسرائيلي بوصفه شكل تنفيذ هذه الاغتيالات، وإرهاب الدولة الصهيوني بوصفه المضمون العقائدي الذي يحرّك الدوافع من قلب “فلسفة” عتيقة ترى في الفلسطينيّ تهديداً وجودياً في ذاته وبذاته. وأياً كانت تفاعلات الشكل مع المضمون فإنّ توحّش إرهاب الدولة يلجأ، دون إبطاء، إلى إخراج الجغرافيا من المعادلة: “المهندس” ابن سلفيت في الضفة الغربية، متساوٍ مع السنوار سليل مجدل عسقلان المحتلة سنة 1948، وكلا الفلسطينييَن في خانة واحدة مع محمد الزواري… التونسي!

وليس عجباً أنّ الليكودي أرييل شارون كان مهندس اغتيال الشيخ ياسين؛ و”حكيم” حزب العمل، شمعون بيريس، كان الآمر باغتيال عياش؛ والليكودي الثاني نتنياهو كان على رأس حكومة الاحتلال يوم استشهاد السنوار. وليس من باب العجائب أنّ الثلاثة كانوا مجرمي حرب بامتياز، كلٌّ على طريقته وأفانين إجرامه، وأنّ تكوين دولة الاحتلال ظلّ ينحطّ من هاوية عنصرية إلى أخرى فاشية.

والحال أنّ منهجيات المقارنة الكلاسيكية ذاتها قد تعيد إنتاج مواضعاتها المألوفة، بين ماضي 1996 وحاضر 2024، على أصعدة حاسمة تخصّ ما هو عميق ومحوري في معمار “حماس” السياسي والعسكري والعقائدي. ذلك لأنّ أغراض الاحتلال من وراء اغتيال “المهندس” انقلبت ضدّها حين أفقدت قيادات “حماس” بعض ذرائع الاعتدال، وانتظار استكمال الانتخابات بوصفها الاستحقاق السياسي الفلسطيني الأبرز في ذلك الطور، وأفسحت المجال أمام انعتاق الحرج الآخر الذي كان يكبّل فصائل عز الدين القسام ويشلّ عملياتها.
وليس استشهاد السنوار ببعيدٍ، اليوم، عن منطق تطوّر مماثل تُضاف إليه اعتبارات عديدة فرضتها سيرورات “طوفان الأقصى” وحرب الإبادة الإسرائيلية ضدّ قطاع غزّة؛ إذْ قد يقبل امرؤ أنّ غياب السنوار عن المشهد الميداني في قلب المعركة المفتوحة يمكن أن يوجع المقاومة، وقد يساجل امرؤ آخر بأنّ الغياب ذاته قد يكون عتبة الوثوب إلى مراحل انتقال ليست أقلّ استكمالاً لتلك التي دأب عليها القائد الغائب.

“دَوْري” إرهاب الدولة الصهيوني تتعاقب فصوله، إذن، ولكن ليس من دون تبدّلات تقلب السحر على الساحر الإسرائيلي؛ كأنْ يفوّت السنوار على الكيان فرصة “اقتناص” على شاكلة شيخ في كرسيّ متحرّك، أو قيادي نائم في فراش.

ـ عن “القدس العربي” ـ

أكمل القراءة

صن نار