تابعنا على

جور نار

ورقات يتيم … الورقة 29

نشرت

في

Cinéma : 8 910 626 photos libres de droits et images de stock | Shutterstock

يوم دخلت القسم اوّل مرة كمعلّم …انتابني شعور رهيب ..الشعور بجسامة مسؤوليتي ..كنت امام مجموعة من الصبية بوجوه آية في البراءة… وكانوا ينظرون باعجاب مشوب بدهشة الى معلّم شاب جدا من جهة ..وانيق جدا من جهة ثانية ..

عبد الكريم قطاطة
<strong>عبد الكريم قطاطة<strong>

كان هندامي متناسقا وكان حذائي لمّاعا وكانت ميدعتي ناصعة البياض لا كالتي يرتديها جل المعلمين في مدارسهم، حيث هي اشبه شيء بلوحة زيتية عديمة الذوق تختلط الالوان فيها … فهذه بقعة من بقية طعام ..وهذه آثار اقلام الحبر والطباشير تعلو زوايا اخرى منها… وهذا حذاء اسود اصبح رماديا اغبر … حاصيلو هندام في منتهى الاهمال او لنقل نوعا هي نوع من “الحُڨرة” لتلاميذ المدارس الريفية ..انا لا انكر ان جل التلاميذ في تلك المدرسة لم يكونوا على درجة كافية من النظافة ..ولكن انّى لهم بذلك ومعلمهم لا يعطي المثال والقدوة؟؟؟ اليست هي فرصة لهم ليعشقوا النظافة ويقتبسوا شيئا منها يوما ما ..؟؟ ثم ماذنب اولئك الاطفال في عمر الملائكة اذا كان حتّى ترسيمهم في منارة العلم لم يكن اقتناعا من عديد الاولياء في تلك الحقبة، لولا اجبارية التعليم التي فرضها الزعيم بورقيبة فما بالكم بنظافتهم ..؟؟؟

كانت الساعة تشير الى الثامنة صباحا عندما اصطفّ تلاميذ السنة الثانية امام القسم ..وباشارة منّي دخل الجميع وبهدوء الى قاعة القسم ..اخذ كل تلميذ مكانه دون هرج ودون خصام على الطاولات الاولى …ولم افهم مصدر ذلك الانضباط ..فانا لم اتكلّم بعد وهم لا يعرفون عنّي شيئا … جلست على حافة الطاولة وهي عادتي في التدريس حتى مع طلبتي بالجامعة في فترة لاحقة ..ربّما تأثرا ببعض الاساتذة الذين درست عندهم ..او ربّما لأنه لا الكراسي ولا الجلوس عليها كانت يوما همّي ..تناولت دفتر المناداة وبدأت في التعرّف على صغاري …وما شدّ انتباهي يومها ان اغلبية التلاميذ في قسمي يحملون لقبي “المحمّدي” و”العامري” ..كان قبالتي وجه صبوح دافئ ولطيف… محمد كمال المحمدي وبجانبه طاولة جلست عليها اختان فطوم وزهرة المحمّدي ..هما ليستا توأمين ..كل ما في الامر ان هنالك العديد من التلاميذ التحقوا في سن متقدمة بالمدارس فيحدث أن يدرس الاخوة في نفس السنة بنفس القسم …

فطوم كانت الكبرى وكانت ابتسامتها دوما حاضرة اما زهرة الصغرى فكانت ترتجف خوفا بسبب او دون سبب حتى انها كانت احيانا تكمل اجابتها عن اسئلتي بعين دامعة … دعوني اعترف لكم بأمر هام لازمني طيلة حياتي مع من وقفت امامهم كمعلّم او كاستاذ او كمؤطر … انا من زمرة اولئك الذين يغلب على اسلوبهم القساوة والشدّة ..اي الحرص الدائم …ولكن واقسم لكم بكل المقدذسات ان غايتي القصوى كانت دائما ان اكون مربّيا قبل اي شيء آخر …فانا اقول دائما لطلبتي: لا يهمّني ان تنالوا ديبلوماتكم بملاحظة حسن جدا .. بل الاهم عندي الاستفادة من كل ما تدرسونه لتعيشوا حياتكم بملاحظة ممتاز جدّا …

لهذه الاسباب حاولت ان اغرس في تلاميذي بمدرسة السبّالة عادات جديدة …علّمتهم فيما علّمت ان يقفوا جميعا عند قدوم ايّ ضيف للقسم ليسلّموا عليه وبصفة جماعية وبنغمة واحدة (“صباح الخيريا سيّدي”، صباحا …و “مساء الخير يا سيّدي” مساء) ..اما اذا قدم هذا الضيف مرّة ثانية فتكون التحيّة “مرحبا بك يا سيّدي”… وعندما اقبل المتفقد (سي الديماسي) اوّل مرة وسمع التلاميذ يقفون في لحظة واحدة وبصوت واحد صباح الخير يا سيّدي ..انبهر بهذه اللقطة البسيطة ايّما انبهار وحفظها في ذاكرته وردّ اليّ الجميل باحسن منها .. اليوم وللتعبير عن حرّية الكلمة بعد 14 جانفي يستحي مقدّم الاخبار ان يقول السيّد فلان رئيس الجمهورية او رئيس الجكومة او الوزير الفلاني …ملاّ قلّة حياء .. وملاّ جهل وملّة تخلّف …

في السبّالة علمتهم فيما علمتهم ان يجتمعوا يوم احد ليبنوا بايديهم هرما من الحجارة والاسمنت ويلونوا عليه علم تونس من جهة وخريطة تونس من الجهة الاخرى ..اعتزازا ببلدهم وبعلمه …علمتهم فيما علمتهم (وهذا خاص بتلاميذ السنة السادسة) ان يكسّروا صنم المعلّم وهو يلعبون معه طرح كورة… وان يتعاملوا معه كلاعب لا كمعلّم ..كنت بعض ايام الاحد اكوّر معهم ..وكانو في جلّهم “عضارط” جسديا والبعض منهم في سنّي او اكبر …وكنت كلّما حاولت التخلّص من اي مدافع منهم لاختلي بالحارس واسجّل، فتحوا لي “اوتوروت” حتى امرّ بسلام ..فكيف لتلميذ ان يعرقل معلّمه او يمسكه من قميصه؟! ..وكنت اغضب جدا من ذلك ..كنت اريد ان اغرس فيهم حبّ الدفاع عن اللون عن المريول عن الذات ..مهما كان اسم المنافس …

نفس تلاميذ السنة السادسة طلبوا من المدير ان اقوم بتدريسهم ساعات اضافية …ربّما لانهم احبّوا فيّ هذه العلاقة الودّية معهم ..وقبلت ذلك عن طواعية وبكل حب وايمان ..ولم اعتصم امام باب وزارة لا جلّول ولا المسعدي انذاك للمطالبة بحقّي في منحة الساعات الإضافية … فكيف للمربّي ان ياخذ اموالا وهو يدرّس ابناءه .؟؟.. تقولون عني طوبائي ؟؟ افلاطوني ..؟؟؟ غير واقعي ..؟؟ فليكن ..ولكن فخري واعتزازي اني هكذا تعلمت وهكذا سابقى ….ويوم سالني السيّد رضوان هنيّة مدير المدرسة عن كيفيّة الخلاص ابتسمت وقلت له: وهل طالبتك بخلاص …؟؟؟ انها هديّة لابنائي …

مرور الايام والاشهر الاولى في مدرسة سبّالة اولاد عسكر جعل منّي معلّما يحترمه الجميع … وفي مقدّمتهم المتفقد انذاك السيّد الديماسي ..كنت انيقا في اعداد مذكرات الدروس وفي دفتر الدروس اليومية …وللامانة كنت استعرت من احد زملائي في الدراسة الذين تخرّجوا من شعبة الترشيح بعض مذكراتهم ودفاتر دروسهم حتى اسير على منوالهم (شكرا صديقي محمد الحشيشة، وهو المعني بالامر) ..السيد الدّيماسي هذا كان لغزا في تعامله معي ..زارني ثلاث مرات للتفقّد …وكان في الاوليين يحضر الدرس ويغادر دون ان ينبس لا ببنت شفة ولا بعمّتها و ولا باحدى قريباتها … لم اكن خائفا ابدا من ايّ عدد سيعطيني ايّاه ..فانا مبتدئ وفي افضل الحالات كما تعود المبتدئون لا يمكن ان يتجاوز عدد التفقّد لهم عشرة من عشرين ..

ثم سي الديماسي هذا كان يصعب عليّ معرفة ملامح وجهه ..هو صندوق مُغلق … كنت استرق النظر احيانا له وهو يدوّن ملاحظاته ..وكنت عاجزا تماما عن فكّ شفرات ما بداخله ..يصافحني ويكتفي بـ “ربّي يعينك ولدي” …. ماذا تخبّئ لي الايام مع سي الديماسي هذا …؟؟؟ وللامانة واتصوّر ان ذلك يحدث مع اي معلّم، كنت انتقي في اغلب الحالات افضل التلاميذ للاجابة عن اسئلتي يوم التفقّد… وطبعا في مقدّمتهم كمال المحمدي وهو الذي لم يغادر المرتبة الاولى في كل امتحان ..وكم كانت سعادتي وانا التقي به يوما في عالم الفيسبوك ليصبح تلميذي النجيب الهادئ الوديع، صديقا لي رغم انّه وكغيره لم يستطع في اغلب تعاليقه او مراسيله التخلّص من “سيّدي”… وللجميع اقول انتم تسعدونني اكثر و جدا بكلمة صديقي ـ والله ـ جدا …

في التفقّد الثالث غادر الجميع القسم ولم يغادر سي الديماسي ..طلب منّي اغلاق الباب ونظر لي مليّا وقال، “شوف يا ولدي انا السنة مانيش باش نعطيك عدد ..لانو المفروض معلّم مبتدئ كيفك عادة ما يلزمش العدد يفوق 10 وفي افضل الحالات عشرة ونصف ..لكن وبكل امانة انت تستاهل 12 على الاقل ..لذا، عام الجاي نجيك ونعطيك حقّك ..ربّي يعينك وواصل في هذا الطريق” ..وخرج ولم يعد …صدقا كانت مشاعري في غاية السعادة …طز في العدد ..الذي هو في نظر جلّ الزملاء تأخير في مشواري للتدرّج في ثناياه ..الاهم عندي ان يقول عنك متفقّدك كلاما مثل ذلك الكلام …انه وسام تربوي وممّن ؟؟؟ من سي الديماسي … في تلك السنة كان قفّة المنفي (هكذا تقول عني عيادة وانا بعيد عنها) كانت قفّتي تاتيني كل اسبوع …وقفّتي هي تماما كقفّة السجين ..بما لذّ وطاب من مأكولات ايدي عيادة رحمها الله ..خاصّة انني كنت الجهلوت الاكبر في طهي طعامي ..فلا محاولاتي مع الشكشوكة ولا مع المحمّص والمقرونة، وجدت صدى طيّبا مع امعائي ..كنت (نبلبز ونحط) وهنيئا في ما بعد للكلاب السائبة بها …لا طعم ولا رائحة ولا شيء فيها من نكهة الطعام العادية ..فما بالك وانا اقارنها بنكهة ايدي عيّادة التي يشهد لها الجميع بجودة صويبعاتها في الطهي ….

كان صديقي (لطيّف المعزون، “لوريمار” ) هو من يتكفّل بمأمورية ايصال القفة لحافلة النقل العمومي الرابطة بين صفاقس والقصرين ..والتي استقبلها انا امام محطة سبالة اولاد عسكر …هذه القفة التي هي بمثابة كنز من كنوز سليمان ..كانت احيانا تحمل كنزا من كنوز بلقيس ملكة سبا ..انها رسالة من ملكة صفاقس ..من “ما ابلدك” لا يتجاوز محتواها بعض الاسطر للتعبير عن شوقها لرؤيتي واعتزازها بي وطمأنتي على انها سنتظرني وانها لي انا وليست لغيري ….طيلة تلك السنة رايتها مرة واحدة … كان ذلك عندما بلّغتها اني ادعوها ثاني عيد الفطر لكي ندخل معا الى السينما ..بلّغتها عن طريق اختي الصغرى وطمأنتها ان ساعية البريد اي اختي ستكون معنا ..حتى لا يذهب ظنّها الى تأويلات لا تليق بي وبعلاقتي معها .. كان ذلك منذ حلول شهر رمضان … طبيعي انّو الواحد يبدا يتكتك من وقتها ..باش يعيّد عيدين … وجاني الرد ..جاني الرد جاني ولقيتها بتسناني …

نعم وافقت حبيبتي على مشروع العمر ..ووجدتني يوم الثاني عيد بجانب المسرح انتظرها مع اختي… وكانت الاغنية انذاك التي تصدح بها مكبرات صوت بائعي الالعاب امام باب الديوان، “.هذه ليلتي” ..وكان المقطع انذاك (يا حبيبي طاب الهوى ما علينا ..لو حملنا الايام في راحتينا … صدفة اهدت الوجود الينا …واتاحت لقاءنا فالتقينا) ….يومها احسست بان جورج جرداق كتب الاغنية لي وبأن عبد الوهاب علم بحكايتي مع “ما ابلدك” فتفنن في العزف على اوتار قلبي واخرج من حشاشته لحنا من اروع ما لحّن لام كلثوم ..اما الست فكانت تؤدي لي انا ..لي وحدي من دون كل العالم …وهذه من الاشياء التي جعلتني يوما ما ادرك وافهم واتفهّم ما معنى ان يعتبر مستمعك انك تحكي له وحده من دون الناس وحده …وحده ..وحده …بل ويرفض رفضا قاطعا ان يقاسمه فيه ايّ احد آخر ..

يومها كانت اول مرة.نسلّم على بعضنا بالـ… بالايادي …اشنوة تحسابو الامور بالبوس وحدة في ها الخد ووحدة في ها الخد …؟؟؟ .. رغم انو توة معظم البوس وحدة في هالهواء والاخرى في الهواء الاخر …اما بوس واما تخريف ؟؟..وقتها تسلّم على وحدة بالبوس ..؟؟؟ تحب تشنع الدنيا ..؟؟… تحب تبيلك الامور على راس الطفلة .؟؟؟ تي باليد ويجعلك تسلم ….يومها كانت قاعة الهلال هي التي احتوتنا …وكانت اختي تتوسّطنا …ينعم ..واحمد ربي زادة الي حبيبتك جات وقبلت تدخل معاك للسينما …كنا في القاعة غريبين ..ولي يقين اننا لم نشاهد وقتها الفيلم ولم نعرف عنه اي شيء ولكن كان كل واحد منّا “كيف ريح الشّيلي يطيّب وما ياكلش”… وكانت اللقطات الغرامية في الفيلم تجعلنا في مواقف لا نحسد عليها فنحن في علاقتنا مع الللقطات الغرامية (اللي نراها بعينينا ونموتو بقلبنا ) اشبه بـبهايم الفندق وحيد تاكل في الشعير ووحيد تتشلهق …وما ان بدا اللحن المميّز ايذانا بنهاية الفيلم حتى رايتني اغادر خلسة مكاني قبل ان تشتعل اضواء القاعة حتى لا يراني احد ويكون شاهدا على جريمتي مع بنت الناس وكذا فعلت عند دخولي للقاعة … تسرسبت تحت مس وزعمة زعمة انا بحذا اختي …انه اللقاء الوحيد الاوحد الاحد الذي جمعني بحبيبتي طيلة تلك السنة …

في تلك السنة ايضا طرأ تحوّل كبير في علاقتي بمحيطي… اصبحت في نظر سكان الحوش جميعا مُهابا …اشبيك راني مُعلّم ..وكذلك في نظر اصدقائي بالساقية ..سي المبروك رحمه الله يستقبل ابنه بكل حماسة وفخر واعتزاز… اصدقائي اصبحت سخيّا معهم في مصاريفنا المعتادة (القهوة والسجائر وزيارة الباب الشرقي)… وحتى اللجنة الثقافيّة انذاك دعتني لتقديم محاضرة وعلى هوايا ..حتى اساهم في انشطتها الثقافية في العطل ..واستجبت بكل نرجسيّة ..وكانت اولى كتاباتي الرسمية ..كانت محاضرتي انذاك بعنوان واحد مع واحد يساوي ثلاثة …؟؟؟؟ العنوان كان غريبا للعديد ..مما جعل القاعة يومها تغص بالحضور ..جل المستويات التعليمية والثقافية كانت حاضرة ..وكالعادة صنف منها كان ومازال مفتخرا بي وواثقا من ان هذه الطلعة لن تكون مجانية ..وصنف ثان كان ومازال ساخرا هازئا بهاللي يقولو عبدالكريم .. واش عامل في روحو …

وللامانة انا اعذر دوما هذا الصنف الثاني لانه اما يكون مريضا معتلا في موقفه لأنه عليه ان يستمع ثم يحكم ..او هو حاسد حاقد اصمّ اعمى ..يستحيل ان يخرج من كهف الحماقة والبغضاء …ربي يشفيهم …الفكرة كانت يومها بسيطة ..ويمكن حوصلتها في ان الارادة والبحث والمثابرة هي الكفيلة بتحقيق ما نصبو اليه… وعندما نفترض جدلا ان واحدا مع واحد يساويان ثلاثة ونحاول البحث عن حلولها سنكتشف في طريق البحث اشياء لم نكن نعرفها …اي المعرفة …..وهذا يعني بل ويقتضي التزود بالارادة حتى ولو كان الحل مستحيلا لنصل الى الممكن والذي كان مجهولا وهو الذي لولا بحثنا . لبقي مجهولا … المحاضرة كانت مدعّمة باقوال مشاهير من العلماء والفلاسفة حتى لا تكون فقط مواقف شخصيّة …وصفّق الجميع للشّاطر عبدالكريم ..كان كل همّي في اخر السنة تلك: كيف احسّن وضعيّتي المهنيّة من مدرب صنفا ثانيا الى مدرّب صنفا اول ..وهذا عمليّا لا يمكن الا بفرضيتين ..اما التدرّج في اعدادي التفقدية وهو ما يستلزم ثلاث سنوات على الاقل… او بالحصول على الجزء الاول من البالكالوريا …وكيف لي ذلك وانا الذي تحوّلت الى موظف له راتبه الشهري وله مكانته الاجتماعية وله نسق مادي جديد وله حبيبة تنتظره في منعطف الطريق …..؟؟؟؟

اختلطت بداخلي كل هذه الاشياء ووجدتني فكريا وعاطفيا واقفا بمفترق طرق يُدعى اهم شارع فيه: شارع الضباب …. يا شارع الضباب مشيتك انا، مرة بالعذاب ومرة بالهناء… في ضيّ القناديل الباهتة …ولانه كما في الحياة غشاوة قناديل باهتة فانها ايضا تهبنا انوار قناديل قد لا ننتظرها ….واشتعلت القناديل عندي ….

ـ يتبع ـ

أكمل القراءة
انقر للتعليق

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جور نار

سوريا: تعددت الأهداف والجبهات… والمؤامرة واحدة

نشرت

في

محمد الزمزاري:

بعد هدوء نسبي دام بضع سنوات، تحركت مؤخرا طوابير الإرهابيين بمختلف انواعهم ومشاربهم… وليس من الصدف ان يتحرك معهم في وقت واحد مسلحو ما يسمى بالمعارضة السورية…

محمد الزمزاري Mohamed Zemzari

لعل المحلل اليوم لا يفرق بين جبهة النصرة الإرهابية وبين معارضة تقودها جهات لا تقل خطورة عن الإرهابيين… فبعض فصائل الإرهابيين يقودها النظام التركي لا سيما في أطراف مدينة حماه…وهناك فصائل مدعومة ومسلحة ومدربة على يد الجيش الأمريكي الذي يقبع على جزء من خارطة سوريا تحت ذريعة كرة لهب هو من أججها ودفع بها إلى اتون الحرب بسوريا… للروس والإيرانيين أيضا موضع أقدام على الجسم السوري…

كذلك عدد من العصابات ترتع تحت إمرة الموساد الصهيوني الذي يضرب على ثلاث جبهات متماسكة ومتوازية: الإرهابيين عن طريق دعمهم بالتعاون مع الامريكان من جهة، والأكراد الذين يحاولون الوقوف في وجه الإرهابيين وكسب انفصال لاقليم قادم تقوده الجهات الصهيونية والأمريكية بالاسلحة والدعم اللوجستي و الاعلامي… أما الجزء الأهم في مخطط الكيان الصهيوني فهو مواصلة تركيع الدولة السورية وضرب مسالك تحالفها مع إيران لقطع طريق إمداد الأسلحة (التي تتوجس منها اسرائيل) نحو حزب الله وبعض فصائل المقاومة الفلسطينية الكامنة أيضا بلبنان…

ليس غريبا ان تشتعل نار المواجهات ضد الشعب السوري في هذه الفترة التي قد تحقق هدوءا محتملا في إطار اتفاق مخترق يوميا من الكيان الصهيوني …وراء كل فصيل جهته الداعمة ولكل جهة أهدافها الإرهابية التي لاتقل عن فظائع الإرهاب الذي عرفته افغانستان… فتركيا بذريعة مقاومة الأكراد تنهش في التراب السوري، واسرائيل تمارس نازيتها واحلام توسعها مستغلة مشاكل سوريا الداخلية… والامريكان رابضون على الأرض بقواعدهم واسلحتهمم لحماية ارهاب صنعوه… والروس و الايرانيون يبغون افتكاك موطىء قدم لحماية مصالحهم الاستراتيجية ودعم النظام السوري مقابل ذلك.

وليس صدفة أيضا أن تتصاعد الأحداث فجأة بهذه الكثافة بعد ضرب ذراعين من أذرعة “محور الممانعة” والمتمثلين في المقاومة الفلسطينية أولا عبر تدمير شيه شامل لغزة في اتجاه إعادة استيطانها … وثانيا المقاومة اللبنانية في اتجاه احتلال الجنوب وفرض وشيك للتطبيع على الحكومة اللبنانية… وها أن المرحلة الثالثة من المخطط تتجه نحو دمشق كآخر القلاع العربية الرسمية المتمنّعة على برنامج الشرق الأوسط الجديد… وكآخر خيمة يتظلل بها المقاومون المطلوبة رؤوسهم من التحالف الإمبريالي الصهيوني…

ولكن هذه المرة لم يكن ذلك بوسائل جيش الكيان المباشرة، بل بخلايا الإرهابيين النائمة منذ 2011 والملتحفة باطلا بلحاف الدين أو الحرية أو الديمقراطية وغير ذلك من الشعارات… ولو أن طيران العدوّ ما انفك يعتدي على المدن السورية طيلة هذه السنوات، وخاصة في الأشهر الأخيرة… كما أن أدلة عديدة أثبتت تواطؤ الجماعات المتأسلمة مع الكيان الغاصب، ليس أقلها التكفل بعلاج جرحاها داخل المستشفيات الإسرائيلية طوال عملياتها الإجرامية هذه السنوات، في كل من سوريا والعراق الشقيقين…

إن انفجار بؤر الإرهاب مجددا وتحقيق بعض المكتسبات الميدانية بمدينة حلب التي تعد ثاني اهم مدينة سورية واول مدينة اقتصادية تتصارع لاحتلالها كل القوى… من معارضة عميلة لتركيا او فصائل إرهابية ستدور فيها او حولها اهم المواجهات… ولن تكون الا بسحق فلول العملاء والإرهابيين المستثمرين في أوجاع الشعب السوري الذي أصبح مستهدفا من الأشقاء والأعداء مجتمعين او مفترقين…

أكمل القراءة

جور نار

ورقات يتيم … الورقة 93

نشرت

في

عبد الكريم قطاطة:

علاقتي زمنيا بالتلفزة كمخرج لم تمنعني من حضوري اذاعيا امام المصدح العشق … وللعشق احكام لا تخضع لمنطق العقل… هذا يعني اني واصلت علاقتي بالمصدح العشق… وهو ما احدث اشكالا اداريا في كيفية التعامل ماديا في هذه الحالة…

عبد الكريم قطاطة

دعوني افسّر لكم كيف تتم معاملة الموظف في الاذاعة والتلفزيون… ايّ موظف وكسائر الموظفين وفي ايّ قطاع… له راتب شهري يتناسب وشهائده العلمية ..مع اضافة بعض المنح كمنحة الانتاج لكل الموظفين ومنحة المسؤولية لكلّ من تقلّد مسؤولية ما… لكن وفي صورة قيام الموظف بمهام اخرى خارج اختصاصه تتعامل المؤسسة بمنظومة عقود انتاج… مثلا عندما يكون الموظف مخرجا كحالتي او مهندس او او او ويقوم بانتاج برنامج ما، يصبح من حقه الحصول على عقد انتاج مكافأة على انتاجه… بالنسبة لي وعندما كنت اقوم بعملي الوظيفي كمخرج كنت وبشكل مواز اقوم بانتاج وتنشيط بعض البرامج الاذاعية كمواعيد ومساء السبت واصدقاء الليل…

عندما طالبت ادارة اذاعة صفاقس بتفعيل قانون عقود الانتاج… انذاك كان مدير اذاعة صفاقس المرحوم النوري العفاس وكان وللامانة مقتنعا بحقوقي وبحقوق بعض الزملاء امثالي… خاصة انّ الزملاء في الاذاعة الوطنية كنجيب الخطاب وصالح جغام رحمهما الله كانا يتمتعان بعقود انتاج… ووعدني السيد النوري العفاس بمراسلة الادارة العامة لتمكيننا من حقوقنا… فقط طلب منّي (شوية وقت) حتى يُنهي الامر… وفعلا كان الامر كذلك ..لكنّ (هالشوية بطا) … وبرشة زادة… وقتها عاد عبدالكريم المشوم خرج من القمقم متاعو… اعلنت التمرّد وهمست لاخرين للتمرّد معي (عبدالجليل بن عبد الله وكمال بوخضير)… وقرر ثلاثتنا الانسحاب من برامجنا الاذاعية…

وطبعا الصحف وكعادتها تهتم جدا بمثل هذه الاخبار… بعضهم بتعاطف صادق معنا واغلبهم تلك الاخبار وحسب تعبيرهم (تبيع) اي تجد قراء لشراء صحفهم .. حيث كتبت “الصدى” انذاك والبنط العريض (لهذه الاسباب توقف برنامج اصدقاء الليل) في 19 ـ 2 ـ 91 … وفي نفس الجريدة وبتاريخ 5 ـ 3 ـ 91 مقال بعنوان (ويتواصل الانسحاب)… وفي “الصباح” مقال بعنوان (متى يعود منشطو اذاعة صفاقس؟) 16 _ 3 _ 91 … وفي جريدة الصدى مقال بعنوان (انسحاب بسبب العقود) 30 ـ 7 ـ 91 … لكنني في المقابل تطوعت مع زميلي عبدالجليل وثلة من براعم مجموعة شمس لاعداد وتنشيط عيد ميلاد اذاعة صفاقس في الذكرى الثلاثين لتاسيسها 8 ديسمبر 1991 وعلى امتداد 14 ساعة ..نعم … على خاطر عين تتذارى ميات عين ..

ومما زاد الطين بلّة انه ورغم توقفي عن الانتاج وكما جرت العادة في جريدة البيان في استفتائها السنوى عن دنيا الاعلام، يحوز هاكة المشاغب اللي هو انا على جائزة افضل منشط …البيان 30 _ 12 _ 91… ونفس النتائج بجريدة الصحافة 31 ، 12 ـ 91 … ونفس النتائج بجريدة الصباح 15 ـ 1 ـ 92… وتواصل الامر على حاله دون حلحلة لمشكلة عقود الانتاج حتى شهر جوان 92… حيث كتبت الصدى مقالا بشكل استفهامي و بعنوان (عبدالكريم قطاطة يغتزل العمل الاذاعي؟) الصدى 20 ـ 6 ـ 92 … وكما عادة المسؤولين الاوائل على راس مؤسسة الاذاعة والتلفزة، يقلقون جدا من الاخبار السيئة التي تتناول المؤسسة، فكان التدخل من رئيسها انذاك السيد عبدالحفيظ الهرقام ..دعاني للحضور بمكتبه في المؤسسة الام ..وفعلا كان اللقاء معه ..

استقبلني بكثير من الجدية واللوم ايضا ..وكان مختصرا جدا في بداية لقائه معي ويمكن اختزال ما قال: (اما كان من الاجدر ان تكلمني في الاشكال عوض اللجوء الى الصحف والجرائد؟)… استاذنته في طرح المشكل بكلّ حيثياته واذن لي بالحديث ..كان مستمعا جيّدا للغاية ..حدثته عن كل مشاكل الاذاعة الجهوية وعن مشاكل عقود الانتاج طبعا ..اندهش جدا من الامر ووعدني بحلّ الاشكال وبالسرعة القصوى… ورجاني في خاتمة اللقاء بان يكون ما حدث في حواري معه داخلا في خانة الكتمان… ووعدني بزيارة في اقرب الاجال للاطلاع عن كثب عما تعيشه اذاعتنا الجهوية من مشاكل ومشاغل ..ووفى الحرّ بما وعد ..سبتمبر 93 …

وان انسى شيئا فلن انسى اني فوجئت صباح ذات يوم بالزميل المكلف بالاستقبال، يعلمني انّ الرئيس المدير العام حلّ باذاعة صفاقس هذا الصباح وانّه مجتمع بالموظفين والاطارات باستوديو التلفزة ..وماكدت الج باب الاستوديو حتى لمحني السيد عبدالحفيظ الهرقام وجاء لاستقبالي ..اخجلني فعلا بتلك الحركة والتي كانت مقصودة منه للتعبير عن تقديره لي والتعاطف معي ..وكان العديد من الاطارات تحت صدمة… وبّهت الذي كفر _ والبعض منهم كان يتساءل في داخله (تي اشنوة هالمخلوق ؟ يخخي عندو سبعة ارواح ؟؟ كل مرة يخرج مظفّرا من مشاكله التي لا تنتهي) ..

اختم بالقول شكرا سي عبدالحفيظ على الدعم وعلى الفعل خاصة لانه فعّل قانون عقود الانتاج… ولانه خاصة قام بتحويرات في المسؤوليات والمسؤولين والله شاهد انه ليس من اجل سواد عينيّ بل من اجل مصلحة المؤسسة .. وحتى مجلّة الاذاعة التي تتبع في خط تحريرها للمؤسسة، بادرت بنشر مقال عن عودتي للتنشيط الاذاعي 24 ـ 6 ـ 93… وكان بعنوان (بعد سنة من التأمل سيعود عبدالكريم قطاطة لجمهور المستمعين) ..سنة تامّلا يا كاتب المقال ؟؟ اتفهّم جدا العنوان… الم اقل لكم انّ المجلّة تخضع لخط تحرير المؤسسة ..؟؟

للتاريخ بدات افكّر في مشروع برنامج يحمل اسم اذاعة بالالوان حت ىكُتب له ان يخرج للنور ويكون اخر برنامج انتجته ونشطته في اذاعة صفافس …

ـ يتبع ـ

أكمل القراءة

جور نار

ورقات يتيم… الورقة 92

نشرت

في

عبد الكريم قطاطة:

الميدان التليفزيوني عشت فيه تجارب اخرى احداها مع الزميلة جميلة بالي كمخرج لبرنامجها البيت السعيد …والسيدة جميلة بالي هي بالنسبة لي من افضل من قدم هذه النوعية من البرامج والتي تهتم بالاسرة وبالبيت …

عبد الكريم قطاطة

حضورها تلفزيا كان دافئا وثقافتها بكل ما يهم الاسرة والبيت شاسعة… لذلك حرصت كمخرج ان اوظّف الديكور والاضواء وزوايا التصوير لابرازها بمواصفاتها… تجربة اخرى اعتز بها بل واعتبرها من افضل تجاربي كمخرج تلفزي… انها منوعة قناديل … هي منوعة ثقافية بالاساس اجتمعت فيها عناصر عديدة لتؤسس لنجاحها لدى المشاهدين… تلك العناصر تمثلت اوّلا في حذق منشطتها الزميلة ابتسام المكوّر وجديتها وعمق خزانها الثقافي… ابتسام بالنسبة لي وفي ذلك الزمن كانت تمثل واحدة من افضل المنشطات اذاعيا وتلفزيا، هي وهالة الركبي… حضور متميز… ثقافة واسعة… وقدرة فائقة على التحاور…

العنصر الثاني تمثّل في مشاركة الاستاذ رضا بسباس في الانتاج اوّلا وفي تناول الموضوع المقترح لكلّ حلقة… وما ميّز الزميل رضا بسباس البحث في جوانب طريفة عبر العديد مما كُتب في الموضوع وعبر الامثال الشعبية لنفس الغرض… العنصر الثالث وهو من العناصر التي اعطت رونقا خاصا لبرنامج قناديل والمتمثل في تكفّل الزميل والصديق محمد العود رحمه الله بالجانب الموسيقي للبرنامج… محمد رحمه الله كان شديد الحرص على الانتقاء الجيد لنوعية الاغاني الخالدة واعادة توزيعها، و على اختيار الاصوات المؤدية لتلك الاغاني… محمد رحمه الله كان من الفنانين القلائل الذين لا عاطفة لهم في اختياراته وهو كسمّيع جيّد للعزف والتنفيذ صعب المراس… لذلك جاءت نتيجة تفانيه في عمله موسيقيا جيّدة للغاية…

وحرصت من جانبي على ان اتماهى مع هذه المجموعة لاخرج برنامج قناديل في حلّة جميلة… وهنا لابدّ من تحية الفنان الاستاد لمجد جبير الذي تكفل بصنع الديكور كاوّل تجربه له في الميدان التلفزي… والزميل نورالدين بوصباح كمدير للاضاءة وكافة الفريق التقني الذي عمل معي بكل حبّ وجهد … البرنامج لقي صدى ممتازا لدى السادة المشاهدين مما جعل بعض التلفزات العربية (كالـ”ام بي سي”) تفكّر في شرائه… هكذا قيل لنا والله اعلم….

نهاية برنامج قناديل لم تكن سارّة بالمرّة … نعم … وهاكم الاسباب… انا وابتسام كنا ومازلنا صديقين علاوة على الزمالة …ربما لاننا نشترك في خاصيات عديدة في شخصيتينا ..ومن ضمنها النرجسية …اي نعم .. اليس كذلك يا ابتسام ؟؟… من هذه الزاوية ابتسام كانت حريصة جدا على انتاج حلقات قناديل في موعدها وهي مُحقّة في ذلك …لكن وبقدر حرصي كذلك وعلى امتداد حلقات عديدة كي انجز تلك الحلقات اخراجا ومونتاجا وميكساجا، بقدر ايماني بانّ عملي يدخل في خانة الفنّ وليس في خانة الوظيفة .. والفنان بالنسبة لي قد تعتريه اوقات يجد فيها نفسه غير مؤهل للعمل …فيؤجل القيام بعمله لايام افضل …حدث هذا الامر مرة واحدة لم استطع فيها القيام بواجبي لاحضار الحلقة في موعدها ..هنا ثارت ثائرة ابتسام ولم تقبل بالامر …وكعادتها عندما تكون غاضبة زمجرت في وجهي وبكلّ حدّة …

ولانّ نرجسيتي لا تقلّ عن نرجسيتها ..رفضت زمجرتها وبكلّ حدّة ايضا وقلت لها (مانيش صوينع نخدم عندك) وانسحبت من اخراج البرنامج …وطبعا كان موقفها (محسوب كان انسحبت توة نعيّط لسي بوبكر) وهي تعني الزميل بوبكر العش رحمه الله… و(طززز فيك) .. هي لم تقلها للامانة طززز فيك ولكن ذاك كان موقفها ضمنيا …وفعلا اخذ زميلي العش على عاتقه مهمة اخراج قناديل بتصور اخر وديكور اخر …لكنّ التجربة لم تعمّر كثيرا ..ليس قدحا في امكانيات المرحوم ابو بكر بل ولانّي اعرفهما بعمق كنت واثقا انّ التناغم بينهما لن يكون في اوجه ….

تجربتي الثالثة في الميدان التلفزي كانت في خانة اخراج المباريات الرياضية (كرة قدم)… هذه التجربة سبقها تدريب تكويني في الغرض بدمشق ولمدة 21 يوما بمركز تابع للاتحاد العربي للاذاعة والتلفزيون سنة 1996… بعد اتمام التدريب الذي كان على درجة متميزة نظرا لكفاءة المؤطرين، كلّفتني ادارة التلفزة باخراج بعض مباريات النادي الصفاقسي سواء في البطولة الوطنية او في المسابقات الافريقية … وكنت فيها فاشلا بكلّ المقاييس … نعم … نقل واخراج المباريات الكروية يتطلب عنصرين هامين… اوّلهما التركيز الكلّي على مجريات اللعب مع الحرص على اختيار زوايا مختلفة لتنويع المشهد… والحرص خصوصا على عدم التفويت في ايّة لقطة هامة في المباراة ..وهنا ياتي دور العنصر الثاني وهو سرعة رد الفعل للمخرج في اختيار الكاميرا المناسبة التي تصوّر اللقطة الهامة… هدف او ضربة جزاء او اعتداء لاعب على اخر كامثلة …

قلت اني فشلت فشلا ذريعا في اخراج هذه المقابلات اوّلا خوفي من تفويت اللقطات الهامة اجبرني على اختيار الكاميرا التي ينحصر دورها في تصوير المشهد العام Plan général ///ككاميرا رئيسية طوال فترات اللعب ..وهو ما يجعل اللاعبين اشبه بالذباب فوق الشاشة .. ثم انتمائي وعشقي للسي اس اس جعلني في احيان كثيرة اتماهى مع لاعبي النادي بشكل ذاتي وانسى دوري كمخرج …اي نعم لم استطع في عديد اللقطات التخلص من ذاتيتي… بل احيانا كنت اصفق وارقص عندما يسجل فريقي هدفا ما وكاني واحد من قوم الفيراج … ولانّي كنت وخاصة في ما يتعلق بالامور المهنية قاسيا جدا في الحكم على نتائج الاعمال، ..اعتذرت لادارة التلفزة عن مثل هذه الاعمال التي كانت رديئة فعلا بمنظار علمي ..وادارة التلفزة كان موقفها من قراري (الحمد لله جات منك يا ميضة انت ناشفة وانا تارك صلاة) …

التجربة الاخيرة في الميدان التلفزي كمحرج خضتها مع زميلي زهير بن احمد ..كان البرنامج يحمل عنوان (دروب وآفاق) ..وهو ايضا من النوع الوثائقي …تنقلنا فيه الى عديد المناطق في صفاقس وخارجها لتصوير دروبها وآفاقها … كان فيها الزميل زهير ذلك الصحفي الهادئ الرصين والمتمكن وبحرفية من عمله ..وكنت فيه المخرج الذي حاول قدر الامكان ان يجتهد في حدود ما يتطلبه الشريط .. ولعلّ ابرز الحلقات التي بقيت راسخة في ذاكرتي حلقة تناولت صفاقس الجديدة كمشروع… حيث وقع هدم القناطر الثلاث التي كانت موجودة انذاك بطريق تونس وقرمدة والعين ..وحيث وقع ايضا تصوير اوّل قطار يدخل لصفاقس بعد تحويل مساره من صفاقس الى قابس …

تلك كانت تجاربي في ميدان التلفزيون كمخرج وكمنتج احيانا والتي لا يمكن في باب تقييمها الا بوصفها بالمتواضعة جدا ..ودون ما كنت اطمح اليه …

ـ يتبع ـ

أكمل القراءة

صن نار