تابعنا على

جور نار

ورقات يتيم … الورقة 59

نشرت

في

عبد الكريم قطاطة:

يعتقد العديدون انّ الحياة فُرص يجب على الواحد منّا ان ينقضّ عليها حتى لا تضيع منه … والانقضاض عندي اراه دوما فعلا وحشيا مهما غلا وعظم حجم تلك الفرص والتي يطلق عليها البعض صفات من نوع (فرصة ذهبية ..فرصة العمر ..فرصة لا تُعوّض).. الى غير ذلك من التوصيفات والتي هي في جُلّها مقترنة برؤية مادّية بحتة للحياة …

عبد الكريم قطاطة

لكأنّ سعادة الفرد مرتبطة اساسا بالثّراء المادّي ولا شيء سواه، حيث وبالتدرّج في تلك المنظومة يصبح الفرد عندي عبدا لثروته لا سيّدا لها او عليها… وانا رافض تماما ان اكون عبدا للمال بمفهوم الانقضاض وعدم تفويت الفرص والدخول في مسالكه بكل نهم، لاصبح من طابور ذلك الفيلق الذي يصبح عسّاسا على ثروته، يعيش دوما القلق من خسارة الدينار الواحد ..فالمليون الواحد … فالمليار الواحد … وهل من مزيد … عشت واعيش وساموت في ضيق مادّي ومن فصيلة (صبّوشي؟) …ولكن لن يجرؤ ايّ كان يوما على حصري في مثلّث الرعب البرمودي والمتمثّل في: (من اين لك هذا ؟؟؟) … وهذا فصيّل لو فًتح في تونس لاستوردنا من البلدان الصديقة والشقيقة عددا مهولا من القضاة في بدء العمليّة، وعددا اكبر من السجون في نهايتها …طبعا لو طُبّق القانون على جميع لصوص تونس قبل 14 جانفي وخاصة بعده…

لكن صدقا ما تحلموش ..ما سيقع لن يكون الا عمليات بهلوانية فيها تصفيات حسابات… بل حتى هذه لن تُجدي نفعا لأن قاعدة تعرّي نعرّي ستُلجم الجميع عن نبش الملفّات ..وسنعود الى السماء صافية والشمس ساطعة و في هذه الحالة والبوم يغرّد (على روسهم ان شاء الله)… هكذا كانت قناعاتي من المال وهكذا ساغادر يوما الحياة …

عندما عرض عليّ ذلك اليوم صاحب الشركة الخاصّة العمل معه وانا على ابواب العودة الى بلدي، كانت عيناه متسمّرتين على عينيّ وكانت عينا استاذتي الوسيطة في العرض على عكسه مسدلتين الى الارض وكأنها تريد ان تقول بتلك الحركة (خاطيني دبّر راسك انت تعرف اش يصلح بيك)… طبعا هي تعرفني ..تفهم من انا .. تُحسّ ربّما ما سيكون موقفي ..الم اقل لكم انّ علاقة الطالب باستاذه في المعهد تتجاوز تلك العلاقة الاكاديمية الكلاسيكية الجافّة؟ ..كنّا داخل الفصل وخارجه نتحاور في كلّ شيء …في المُباح وفي غير المُباح ونعيش معا ونسهر معا و … معا … معا وايضا في المُباح وغير المُباح لذلك كانت تتحاشى النّظر اليّ (عيني في عينك) لا خوفا من كشف المستور عن غير المباح… ولكن خوفا من الشعور بأنها ورّطتني في موقف قد تُلام عليه منّي وانا الذي تعوّدت بل تمرّست على الاجهار بمواقفي معها ومع غيرها دون وجل او احترام تقليدي لعلاقتي بها كاستاذة ..خاصّة وهي تعرفني من رأسي الى قدميّ …

انتهى صاحب الشركة من تقديم عرضه الذي هو بمثابة ثروة طائلة في تلك السنين ولم يطُل صمتي …ابتسمت وقلت بهدوء وصدق ووقار… سيّدي الكريم … بقدر ما اُثمّن عرضكم وثقتكم في شخصي والذي يُقاس عند آخرين بميزان الكنز، بقدر ما عليك ان تعرف انّ هناك في بلدي كنوزا لا تُقدّر بكُل كنوز الدنيا …لذلك اعتذر جدّا واشكر لك مرّة اخرى هذه الحركة …اندهش صاحب العرض وقال: هل ترى انّ العرض غير مناسب في حجمه المادّي ..؟؟ الا يمكن ان نتحاور ؟؟… وقتها تدخّلت استاذتي بعين لامعة سعادة وفخرا وقالت ساختصر لك الامر ..كريم هو طالبي نعم ولكنّه صديقي ايضا ..كريم من قماش آخر .. كريم مجنون وهو رائع لأنه مجنون … اذهب في سبيل حالك لن ينفعك الجدال معه …

استاذن صاحبنا ليغادر والف سؤال يلفّ رقبته لعلّ ابرزها ..كيف يُفكّر هذا الكريم المجنون ..؟؟؟ … الاثرياء عموما يندهشون وهم يعرضون عليك الدّخول معهم في ايّ مشروع وانت تعتذر بكلّ ادب ..هم ربّما يذهبون الى حدّ تصوّر رفضك لهم قلّة ادب …لأنهم يعتبرون عروضهم “مزيّة عليك” فكيف ترفض جميلهم؟ …هم ومن خلال ثروتهم يرون الآخرين عبيدا لمقترحاتهم المُغرية .وعليك ان تُهلّل وتُكبّر وتبوس اليد التي امتدّت اليك اي اياديهم ..في حين انّي اجد احيانا نفسي قريبا جدّا (لو تخلّيت عن جُبة الاحترام الذي تربيّت عليه) قريبا جدا من ان اوافيهم بافضل ردّ فعل على مقترحات البعض منهم… وهو ان اتبوّ… على اياديهم نظرا إلى ما في تلك العروض من قذارة وحقارة … هم يعتبرون انفسهم في سوق نخاسة وباستطاعتهم ان يشتروك مهما غلا ثمنك ..ولم ينتظروا يوما ان يأتي الواحد منّا ليقول لهم طززززززززز فيك وفي فلوسك انا لا اُشترى .. وللامانة هم معذورون نسبيا في ذلك لأنّهم ومن خلال حقل تجاربهم اكتشفوا انّ العديدين منّا ونظرا لخسّة انفسهم وذُلّهم …يصُحّ فيهم ما قاله المتنبّي في بيت من اقذع بيوت الهجاء في الشعر العربي وهو يشتم كافور (واذنه بيد النخّاس دامية .. وقدره وهو بالفلسيْن مردود)…

ماكاد الرجل يغادر المقهى حتى تركت استاذتي العنان لاناملها تداعب بعض الشّعيرات التي تدلّت على جبيني وتهمس: “هيّا قل كريم ما لم تقله لذلك السيّد… كنت واثقة من رفضك ولكن اريد ان تحكي المزيد …انا اعرفك واعرف من تكون ..فقط اريد ان اسمعك اذا لا ترى ازعاجا في ذلك” …قبّلت يدها بكل حنّية وقلت …اعتذر ولكن هذه القبلة ليست لك ..انّها لعيّادة … وجمت لا كأنثى تغار من انثى اخرى …بل كالاطرش في الزفّة الذي لم يفهم شيئا وسالت: “عيّادة هذه خطيبتك في تونس؟”.. قلت لها … خطيبتي هي ايضا عيّادة .. ايضا ؟؟؟ .اذن من هي عيادة الاخرى ..؟؟ هيّا احكي لي عن هذه المحظوظة جدا بك …وهنا وضعت اصابعي على فمها وقلت لها اصمتي ارجوك …عليك ان تفهمي انّ الحظّ ليس دائما كما يتوهّمه الواحد منّا ..انا هو المحظوظ بعيّادة وليست هي ..انّها والدتي …

في هذه الحالة بالذات يصعُب على الاوروبي ان يُحسّ بمعنى ما اقول ..فالحب والاهتمام عنده مكفول امّأ للزوجة او الحبيبة او العشيقة ..امّا ان يصُبّ في مدار الأم فتلك من العجائب عنده… وهذا يعود بالاساس الى انهيار مفهوم الاسرة اذ كيف لرجل في مقتبل العمر مثلي ان يتحدث بهذا الشغف الهستيري عن حبّه وتعلّقه بوالدته … خاصّة انّ اوديبهم حاضر في تفسير تلك العلاقة … قلت لها وانا المح رعب الدهشة في عينيها: “يا سيدة ماري في بلدي معايير العشق عندنا تختلف جذريّا عنكم ..انا اعشق جدا حومتي لحد الهوس ..حومتي على تواضعها (ساقية الدائر ) والتي كم عاثت فيها الفيضانات كلّما نزلت بها امطار قليلة …حومتي التي لا تجد بها قاعة سينما فتُعرض افلام كتابة الدولة للاعلام والثقافة على جدران معاصر زيتونها … حومتي التي لا توجد في كل قاعات السينما بباريس من الحي اللاتيني الى الشانزيليزيه افلاما امتع من افلام حياتها اليومية البسيطة الرائعة …من ذلك الدلاّل الذي ينبري يوميا وهو في الثمانين من عمره يشتغل بالمناداة على منتجات الفصول من الدلاع الى كبش العيد دون كلل او ملل… ودون ان يُغلق طريقا او يّعطّل حركة لود لمجرد أن ولده امسكه البوليس متلبّسا بسرقة ما ..

الى ذلك الفطايري الذي لا يقلّ تقدما في السنّ عن الدلاّل، وهو لا يفتأ يطلب من ابنه ان لا يتوقف عن مد النار بمزيد من الحطب بقولته الشهيرة (احمش احمش) ثم وبكُمّ يده يمسح عرق جبينه … الى ذلك التاجر الذي يبيع الحليب وهو حافي القدمين بعد ان كان قد ملأ قارورة حريف آخر بالڨاز…ولكم ان تتصوروا ذلك الخليط الكيميائي بين الحليب والنفط…الى ذلك الحمّاص (سي مبروك) وهو يقلي يوميا حميصاتو وڨليباتو السوداء بعيدا عن التبعية العثمانية في قلوب بيضاء (هاكة اش ناقصنا في تونس كلّو تمام اشنوّة المانع انّو نستوردو من عند سي اردوغان شويّة قلوب فيها الخير والبركة من عند الخليفة السادس ..الله لا تحرمنا من بركاتو ويحرم ازلامو من كل خير وبركة) … يا سيدة ماري انا في بلدكم لا آكل… انا اقتات …ماذا يُساوي طبقكم الاشهر امام (مريقة بالخبز الشعير وصبارص الزروب زادة وعزيّز الشيتة “حوّات حومتي” يتغنّى به وكأنّ طارة الحوت، الوعاء الخشبي لوضع السمك، تتحوّل الى عشيقة فكيف يبيع دون ان يغنّي لعشيقته ..يدلّلها يغازلها…او الزروب الغربي ..يرتع في الحماضة؟.. ماذا سيكون موقف ايديت بياف او شارل ازنفور وهما يستمعان الى تلك المعزوفة …

هذا عن حومتي امّا عن مدينتي فكيف يمكن لي ان اعيش دون ان اتجوّل في ازقتها الضيّقة ..هل سمعت يا ماري يوما بزنقة اسمها زنقة عنّقني؟… في لعبة البازڨة هنالك قاعدة تقول (ع الكلمة تروح) اي ايّة كلمة تصدر منك في اللعبة تلزمك تماما ولا مجال للتراجع عنها …وماري وهي تستمع الى كلمة عنّقني اشتغلت بتلك القاعدة …عانقتني وقالت اتمم ارجوك …حدثتها عن صفاقس ومدينتها العتيقة (اللي كبّ ربّي سعدها في السنوات الاخيرة واصبحت مرتعا للمجرمين والسكارى وملاذا للمزطّلة والباندية) … حدثتها عن المنازل انذاك وعن هرع العائلات الموسرة اليها شتاء… والتي تحوّلت الان في جلّها الى مصانع للاحذية تفوح منها رائحة الفئران وهي تتسلل ليلا لتعيش زطلتها برائحة الكولّة …حدثتها عن باب الجبلي ومحطّة الحافلات حيث يلتقي سكّان كل مدينة صفاقس من سيدي منصور الى خنافس وعقارب (المطار حاليا) في تلك المحطّة ذهابا وايابا ..حدثتها عن صفاقس على عجلتين وهي انذاك المدينة الثانية عالميا في استعمال الدراجة الهوائية بعد امستردام والتي تأخرت بعدها بسنوات قليلة الى المرتبة الثالثة بعد ان ازاحت شنغاي الصينية الجميع واحتلّت المكانة الاولى …وهذا امر طبيعي اذ كيف لا تتأخر صفاقس مدينة الخبز ومرقة والموبيلات الزرقة وعن عن عن، الى الوراء وهي التي كتب لها كارهوها ان تتأخر في كل شيء الاّ في العلم والعمل… وصدقا هناك من يموت يغيظه وقهرته من كارهيها لهذا التفوق التاريخي …

لن نقول لهم موتوا يغيظكم كما قالها ذلك المعتوه (غنيم) بل نقول لهم قلّدونا في العلم والعمل من اجل انقاذ تونس من براثن غنيم ومن لفّ لفّه _..حدثتها عن السي اس اس وعن عشقي المجنون لهذا الفريق وقلت لها في سخرية ماذا يساوي بلاتيني متاعكم امام العقربي ..حدثتها عن تونس بلدي الذي رغم كل مشاكله السياسية انذاك وعن نقص الديمقراطية والحريات فيها، هي من اجمل بلدان الدنيا بسيدي بوسعيدها … بحنايا زغوانها …بقربصها الدافئة …بشط جريدها … بسواعد ابنائها في المناجم … وبدماثة وذكاء ابنائها في ڨبلّي ودوز الشرقي ودوز الغربي… بحنّاء ڨابسها …بسحر جربتها … باصالة قيروانها …بالنخيل الشامخ في توزرها … بساحلها المتعدد الالوان… ببنزرتها مدينتها المناضلة … بشمالها وجنوبها … ببحارها وجبالها ..يزياتينها المباركة هنا وهناك …بكلّ شبر من ترابها …يعبق تاريخ مجيد وعامر بالحضارات … فكيف لي ان ابيع هذا الجمال بفرنكاتكم …؟؟؟ كيف لي ان انسى خطيبة لم تعرف في الدنيا سواي وانا العبيط الذي زرع هنا وهنالك وانت ادرى الناس يا ماري وحتى خطيبتي تدري…

هكذا انا لم اخف عنها شيئا …كيف لي ان انسى عيّادة امّي التي بقيت ثلاث سنوات ترسل الآهة تلو الاخرى كلّما استمعت الى الجموسي في (تمشي بالسلامة وترجع بالسلامة( وتردد معه (الله يكون معاك .. يصونك ويرعاك ..تمشي تمشي تمشي …وترجع بالسلامة)… او وهي تسمع وردة في (يا مروّح لبلاد سلملي عليهم .. قتلني البعاد متوحش ليهم( .. ولكن خاصّة لنورا الجزائرية وهي تنعى المهاجر في اغنيتها ..(يا ربّي سيدي اش عملت انا ووليدي … ربيتو بيدي وخذاتو بنت الرومية( … تحكي عنكنّ يا ماري…. عيّادة كانت على امتداد وجودي في فرنسا لم تستطع يوما نسيان ما قاله لها احد الاقرباء رحمه الله وغفر له فعلته (امسح مات ..عبدالكريم اعتبروا اوفا … هاكة توة ياخذلك ڨاورية وما يرجعلكش … تذكرون جيّدا اني طمانتها وهي تروي لي الوشاية ..الا انّ داخلها كأم كان يقول لها ويردّد: (وقتاش يجي نهار وما تتشمتش فيك الاعداء يا عيادة ويرفعلك ولدك راسك في العلالي ؟؟؟) … هل فهمت ماري لماذا رفضت عرض صاحب الشركة ..؟؟ هل فهمت حجم وقيمة الكنوز التي في بلادي ..في مدينتي… في حومتي… في عائلتي …؟؟

وقتها فقط استدرت لأرى عينيها اللامعتين دمعا ..ووقتها فقط ايضا نهضت ماري واستاذنت في المغادرة وهي تقول …كم انا فخورة بك كريم كطالب درس عندي وكصديق عرفته عن قرب ..انا آسفة للمغادرة ولكن لم اعد استطع البقاء لحظة اخرى لأني لا استحقّك …غادرت ماري وكان آخر عهدي بالمعهد وباحدى مكوّناته …ودعوني اصارحكم ببعض احلامي التي لم تتحقق …انا احلم بالعودة يوما ما الى باريس … باريس التي لها فضل عليّ لا يمكن لي ان اقدّره ايضا بثمن …كما اشتهي ان اعود ايضا لشوارعها لأزقّتها لساحاتها للمعهد الذي درست فيه للمبيتات الاربعة التي سكنت فيها …باريس هي مدينتي الثانية بعد صفاقس التي احسّ تجاهها بفيض لا يوصف من الشوق الى كل شبر فيها ..

انا من جيل النوستالجيا ..وافتخر ..انا غير قادر على نسيان تلك الشؤون الصغيرة ما عشت ..تلك التي اما اسعدتني او ارهقتني او عذبتني او شيّختني ..فبها وحدها اظنّ انّي تعلمت بعض الاشياء في الحياة … لعلّني منها تعلّمت الانتباه للتفاصيل الصغيرة عند الآخر… لأنّة البعض حتى وان لم تخرج .. لفرحة البعض حتى وان لم تبزغ …لحبّ البعض (وهنا للامانة العديد) حتى وهو مُحاصر ولاسباب متعددة المشارب ..من هذه التفاصيل الصغيرة تعلّمت ان اُمشي دوما في دروب الحب واروع حب هو من يتمشّى فوق حدود السماء …و كذلك ان ازرع بذور الحب … لنكون كعبّاد الشمس نتطلّع دوما الى نور الشمس لا الى ديجور الظلام …بكلّ حب زهرة عبّاد الشمس احبّكم …

ـ يتبع ـ

أكمل القراءة
انقر للتعليق

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جور نار

ورقات يتيم… الورقة 99

نشرت

في

عبد الكريم قطاطة:

هذه الورقة تروي ما حدث لي مع حلول سنة 1998… وهي سنة هامة جدا في حياتي المهنية وفي اذاعة صفاقس… سنة 98 تكون اذاعة صفاقس قد عاشت سنتين تحت عهدة المرحوم عبد القادر عقير كمدير لها…

عبد الكريم قطاطة

وللامانة وكما اسلفت الحديث في هذا الامر كان الرجل حركيا جدا وحاول استقطاب عديد الكفاءات الثقافية في الجهة ونجح ايما نجاح في ذلك… وللامانة ايضا كان يعتبرني عضده الاوّل كمستشار له في تسيير شؤون الاذاعة، ومثل هذه الاوضاع تسعد بعض الزملاء وتشقي آخرين… مع حلول سنة 98، ارتأت مؤسسة الاذاعة والتلفزة تحديث تشريعاتها ومن بين ما قامت به سن قوانين جديدة في اسناد الخطط لموظفيها… والتي كان من ضمنها احداث خطة مدير عام للقنوات الاذاعية.. وكان اوّل من ترأسها زميل سابق عرفته عندما كان يشغل خطة رئيس تحرير شريط الانباء التلفزي باللغة العربية… السيد عبد الله عمامي…

علاقتي به كانت مهنية بحتة… كنت كسائر تقنيي قسم المونتاج اقوم مرّة واحدة في الاسبوع ودوريا، بتركيب فيلم شريط الانباء لنشاط رئيس الدولة واعضاده… وهي مهمة تتطلب انتباها جيد لكلّ ما يمدنا به زملاؤنا في قسم التصوير… وخاصة اعطاء الحجم والقيمة لنشاط رئيس الدولة والوزراء… لذلك يحرص كل مركّب منّا على التمحيص وبانتباه شديد للصور واختيار افضلها جودة… نوعية اختصاصنا تجعل كل رئيس تحرير يحرص على مدّنا بتوجيهاته التي يتلقاها بدوره من الرئيس المدير العام… اذ نحذف احيانا وبامر من رئيس التحرير بعض المشاهد او نضيف في مدة مشاهد اخرى… تلك كانت نوعية علاقتي بالسيد عبدالله عمامي وهي علاقة ولّدت بمرور الزمن ثقته فيّ وفي جودة عملي…

عندما كُلّف السيّد عمامي بخطّة مدير عام للقنوات الاذاعية، تنقّل نحو كلّ الاذاعات الجهوية ليطّلع على واقعها ومشاغلها… وجاء دور اذاعة صفاقس ليحلّ ضيفا عليها… وكان استقباله لي حارّا اذ اننا لم نلتق منذ سنة 1976 عندما غادرت المؤسسة لاتمام دراستي بفرنسا… يوم مقدمه لصفاقس اجتمع السيد عبدالله عمامي بالمسؤولين في اذاعتها ليتطارح معهم ومع السيد عبدالقادر عقير احوال اذاعة صفاقس… وكنت من ضمن المدعويين لحضور ذلك الاجتماع… واخذت الكلمة كسائر زملائي وطرحت نقطة اعتبرتها انذاك في منتهى الاهمية و الغرابة… اذ كيف يُعقل لاذاعة عمرها 37 سنة وليس فيها من الخطط الوظيفية الا ثلاثا… فيما بقية المسؤولين على المصالح والاقسام لم يدرجوا يوما ضمن خطة وظيفية …اي انهم لم يعيّنوا يوما بشكل رسمي ضمن خططهم…

وكانت دهشة السيد عبدالله عمامي كبيرة… ووعد بانّ اوّل عملية اصلاح سيقوم بها هي تدارك هذه الوضعية غير العادلة والتي استمرّت أربعة عقود… وانتهى الاجتماع وطلب منّي السيّد عبدالله عمامي ان ارافقه لاجتماع ثلاثي يجمع بيننا وبين السيد عبدالقادر عقير مدير الاذاعة… وكان لنا ذلك وهو اجتماع تاريخي بكلّ المقاييس وهاكم التفاصيل…

بدأ السيد عبدالله عمامي بالاشادة بالنقطة التي اثرتها والمتعلقة بالخطط الوظيفية وهو ما يحتم منذ اليوم على انجاز الـ”اورغانيغرام” (التنظيم الهيكلي) لاذاعة صفاقس… وهذا يعني اقتراح مجموعة من الخطط الوظيفية وفي كل درجاته اي من مدير فرعي الى رئيس قسم مرورا برؤساء المصالح… واضاف متوجها بكلامه الى السيد عبدالقادر عقير: (مهمة انجاز التنظيم الهيكلي ساكلّف بها سي عبدالكريم واريدها اسمية لانه يعرف جيّدا زملاءه الذين عاصرهم منذ نهاية السبعينات ومؤكّد اكثر من ايّ كان، وانا كلّي ثقة فيه ولا اتصورك اقلّ ثقة منّي)… وللامانة رحّب المدير وعن طواعية بالمقترح…

وانتهى الاجتماع الثلاثي وعكفت على انجاز الاورغانيغرام واخترت اسماء زملاء يشهد الله اني وضعت كفاءتهم فقط كفيصل في الاختيار… واطلعت عليها السيد عبدالقادر عقير ودون ايّ جدال وافق عليها واضاف بعض الخطط التي نسيتها… وارسل الاورغانيغرام عن طريق الفاكس للسيد عبدالله عمامي… وماهي دقائق حتى وجدت السيد عبدالله يطلبني على هاتفي… بادرني اوّلا بالشكر على الانجاز السريع واضاف: (فقط لي ملاحظتان، الاولى تتعلق بتسمية الزميل زهير بن احمد كمدير فرعي للبرامج… حيث ابدى لي احترازه من هذا الاسم… وعندما طلبت منه السبب قال لي بكل ايجاز ووضوح: زميلك زهير محسوب على اليسار هل تدري ذلك ؟ قلت له لا ..قال لي: رسالة ختم دروسه بمعهد الصحافة، كانت حول صحف المعارضة في تونس!

ولانّي عرفت زميلي زهير بن احمد بما فيه الكفاية اسرعت بالردّ: واين الاشكال ؟؟ فأسرع هو ايضا بالرد: (خويا عبدالكريم، مدير فرعي للبرامج موش شوية راهي)… ولم اتركه يتمّ حديثه اذ قلت: (انت عندك ثقة فيّ، سي عبدالله ؟) اجاب طبعا ..فقلت له: (زهير هو الاجدر بهذا المنصب وانا اتحمل مسؤولية ما اقول)… اكتفى سي عبدالله بالقول: (دبّر راسك اما اتحمّل مسؤوليتك)… ثم جاءني للملاحظة الثانية وقال: ( إي انت وينك سي عبدالكريم في الاورغانيغرام ؟)… وكنت فعلا لم اسند ايّة خطة وظيفية لشخصي… قلت له: (انت تعرف جيدا ماذا يعني المصدح بالنسبة لي… هو أهم عندي من ايّة خطة وظيفية)… قفز السيد عبدالله على العبارة وقال: (يخخي انا قلتلك ابعد عن المصدح ؟ اما في نفس الوقت ولاني اعرفك واعرف حكايتك بكل تفاصيلها مع المصدح ومع اذاعة صفاقس، لا ارى احدا غيرك يستحقّ مصلحة البرمجة في اذاعتكم… واضيف بكل رجاء اقبلها من اجلي ومن اجل الاذاعة مع مواصلة علاقتك بالمصدح)… قلت له ساناقش الموضوع مع سي عبدالقادر… ردّ عليّ: انه في انتظارك وسيكون سعيدا بقبولك لتلك الخطة…

وما ان انهيت المكالمة حتى هاتفني سي عبدالقادر للحضور بمكتبه… دخلت عليه فوجدته في قمة الانشراح وبدأ بالقول: (شنوة الكيلو يطيّح الرطل ؟؟)… وقتها عرفت انّ خطة رئيس مصلحة البرمجة وهي المصلحة الاهم في كل اذاعة تحادث فيها السيد عبدالله عمامي والسيد عبدالقادر عقير واتفقا على ان اكون انا من يشغلها… وبدأت مسيرتي المهنية تاخذ ابعادا اخرى… عبدالكريم لم يعد كما كان مستشارا للمدير بل اصبح رسميا عضوا في (حكومة) اذاعة صفاقس… وكما اسلفت القول، بقدر ما استبشر العديد بهذه التسمية بقدر ما اغاظت البعض… اي نعم هؤلاء..كانوا دوما وفي كل معركة ينتظرون هزيمتي بالضربة القاضية فاذا بهم يجدونني في وضعية ارقى…

هي ليست حالة خاصة بي بل هي حالة منتشرة في كل الادارات دون استثناء… حرب ضروس كلما خفّت حرائقها فترة، اشتعلت من جديد وربما باكثر ضراوة… انها طبيعة البشر منذ أول الخلق… فاذا كان الانبياء اولى ضحايا اقوامهم فمن نكون نحن حتى لا نعيش نفس الاوضاع؟… وحده الله يعلم من منّا قابيل ومن منّا هابيل وعند الله تجتمع الخصوم…

ـ يتبع ـ

أكمل القراءة

جور نار

إنه الشتاء يا حبيبتي

نشرت

في

محمد الزمزاري:

يبدو أن ” الأيام والليالي البيض” ستشرّف بداية من اليوم 25 ديسمبر هذا الذي يتميز باصطحاب عاملين اثنين هامين:

محمد الزمزاري Mohamed Zemzari

اولا نزول الأمطار بكميات معتبرة ومطلوبة لإخراج البلاد من مأزق الجفاف، خاصة ان كل التكهنات توحي وتؤكد احيانا ان الأمطار متواصلة ومن شأن هذا الهطول المخالف للسنة الماضية الجافة، ان يغذي بالأمطار عددا وافرا من السدود وسقي الأراضي الفلاحية، والتبشير بسنة ممتازة في الإنتاج الزراعي عسى أن يقع تقليص حاجتنا وارتباطنا بواردات قمح اوكرانيا او روسيا… والتأكيد مجددا على غرس عقلية الاعتماد على انتاجنا الوطني لتحقيق الأمن الغذائي وهو ليس أمرا ممكنا فقط بل ضروري…

لقد تم القضاء على الارهاب وتمت مقاومة الفساد وتحريك رافعات التنمية… وكذلك تحسين مخزون العملة الأجنبية بالبنك المركزي التي وصلت إلى حوالي 120 يوم توريد بعد سقوطها فترات حكم الاخوان إلى اقل من 60 يوما… كما يستوجب لفت النظر الى ان الدينار التونسي اخذ طريقه للتعافي وحقق زيادة اكثر من 1.6 % مقابل اليورو… والأمر يستوجب مواصلة دعم الدينار أمام العملات الأجنبية خاصة اليورو و الدولار ..وهذه أيضا مستجدات لا تقل أهمية..

عدنا لحالة هذه المدة الفصلية الأولى من شتاء يبدو باردا هذه السنة زيادة عن الأمطار المباركة… و مقابل ذلك يرتعش المواطنون و قد يصطلون من البرد القارس والرياح المرافقة… وقد يشتد وقع البرد على شريحة كبرى من التونسيين الذين يلتجئون بنسب متفاوتة إلى سخانات الغاز او الفحم او الكهرباء… وهي طرق تتطلب قواعد ثابتة لتحقيق الدفء النسبي مع التوقي من اخطارها… فالفحم له أضرار كبيرة متمثلة في ثاني أوكسيد الكربون القاتل… والغاز له اخطار لا تقل عن الفحم… وحتى جهاز الكهرباء المحمول يتطلب “تنفيس” البيت…

تبقى اخطار اضافية خلال هذه الفترة وهي ما اعلنته وزارة الصحة العمومية مشكورة من ضرورة التحلي السريع قصد مواجهة منتظرة للكورونا خاصة لدى كبار السن و المصابين بالامراض المزمنة والأطفال… وربما نضطر إلى العودة لاستعمال الكمامات خلال الازدحام الذي نراه في وسائل النقل المتعددة… لذا قد يتحتم على الدولة استشراف تغيرات واردة للمناخ ببلادنا… والاحتياط اكثر من العوامل التي نراها بالغرب القريب لتوفير الغاز الطبيعى لأكبر جزء من المواطنين في كل مكان لا لمواجهة البرد العائد مع كل شتاء بأكثر قوة، لكن أيضا لرفاه التونسيين شمالا ووسطا وجنوبا… وعدم حصر هذا الرفاه الشرعي عند شريحة واحدة، نسبة منها من الجشعين والسراق… اقول نسبة قليلة لأن متطلبات الرفاه لم تعد مفخرة او من علامات الأرستقراطية.

أكمل القراءة

جور نار

ورقات يتيم … الورقة 98

نشرت

في

ملاحظة مبدئية … هذه الورقة ساخصصها لفترة هامة جدا في مسيرة اذاعة صفاقس… فترة تولّى فيها المرحوم عبدالقادر عقير ادارة اذاعة صفاقس، وامتدت من سنة 1996 حتى 2004 …

عبد الكريم قطاطة

واحتراما لروحه سامرّ على بعض الاحداث دون ذكر تفاصيلها السيئة… نعم احتراما لروحه دعوني في البداية اقسّم فترة ادارته لاذاعة صفاقس على ثلاث مراحل… الاولى من 96 الى 98 والثانية من 98 الى 2002 والثالثة من 2002 الى 2004… هذا التقسيم مأتاه ما عايشته في المراحل الثلاث من احداث مختلفة جدا… كما اسلفت سابقا ومنذ قدوم الرجل سنة 96 وبطلب منه نشأت بيننا علاقة متينة للغاية… كنت بالنسبة له مستشاره الاول في كلّ ما ينوي القيام به وكان كثير النشاط متعدّد الرؤى لتطوير العمل الاذاعي… وحتّى في علاقاته مع زملائي في الاذاعة كان يستشيرني كلما حدث حادث وكان شديد الثقة بي…

ودعوني هنا اقسم لكم بالله الواحد الاحد اني لم اغتنم طيلة وجودي معه تصفية ايّ حساب مع ايّ كان لكن في المقابل كنت لا اخفي تماما قناعاتي تجاه ايّ زميل ايجابيا او سلبيا… وكانت مواقفي تنبع دائما من حبّي لاذاعتي وحرصي ومن خلال تجربتي ان اقول له الحقيقة عارية… هنا ساذكر بعض الامثلة…

في احدى المرات دعاني على عجل وعبّر لي عن غضبه الشديد لعدم كفاءة احد منظوريه مهنيا… كان في قمة الغضب واخبرني انه يريد ان يضع حدّا لوجود ذلك الشخص في الاذاعة… وكان موقفي ان تريّث يا سي عبدالقادر وسنجد الحلّ ونزلت من مكتبه بحثا عن ذلك الزميل لاعرف لبّ الاشكال ..وجدته في حالة مزرية ..كان يبكي كطفل صغير بعد ان توعّده سي عبدالقادر بالطرد ..هدّأت من روعه ووعدته بالتدخل ايجابيا لفائدته لانّ قناعتي لم تقبل بطرده والقضاء على مورد رزقه ..وللتوّ عدت الى مكتب المدير عارضا عليه الحلّ الامثل ..قلت له مساعد ذلك الذي تريد طرده على غاية من الكفاءة… اذن دع ذلك السيد وشأنه وليكن من الان مخاطبك هو مساعده …وللامانة قال لي اللي تحكم انت مبروك وفعلا كان الامر كذلك …

المثال الثاني حدث مع ثنائي من الزملاء لاحظت انهما اصبحا كثيري التردّد على مكتبه ثم اكتشفت انّ احدهما اصبح ملازما اسبوعيا لهداياه لمنزله (اشي لحوم ..اشي سمك ..اشي غلال ..) فما كان منّي الا ان فاتحته في الامر وحذرته منهما لاني اعرف جيّدا معدنهما… وقلت له بالحرف الواحد ان حدثت لك يوما مشاكل في اذاعة صفاقس، وقتها ستدرك انهما وراء ذلك… وفعلا كانا وراء العديد من مشاكله مع الزملاء …

المثال الثالث حدث مع منشطتين كانتا شاركتا في كاستينغ لتطعيم اذاعة صفاقس باسماء شابة لضخّ دماء جديدة واخذ المشعل عنّا يوما .. وحرصت في هذا الكاستينغ على تكوين لجان حتى لا يكون القرار فرديا… نعم كنت رئيس تلك اللجان ولكنّ القرار كان جماعيا والله .. احداهما نجحت باجماع الجميع على اهليّتها لتكون ضمن من ساتكفّل بتكوينهم وتاطيرهم ..والثانية لم تحظ بايّ صوت في الكاستينغ ..سي عبدالقادر انذاك (جا راسو) على التي نجحت وحاول بكل الوسائل اقناعي بالتخلّي عنها ولكنه فشل تماما ..ونجحت في اصراري ونجحت هي في دورتها وبامتياز ..اليس كذلك حنان التريشيلي .. ؟؟ الثانية والتي لم تنجح في الكاسنينغ وبالاجماع وساتحاشى ذكر اسمها حتى لا احرجها، حكايتها تتلخّص في الآتي:

دعاني يوما سي عبدالقادر الى مكتبه ورجاني اخذا بخاطره ان اقبل بها كمنشطة اقوم بتاطيرها لانّ والدها وهو صديق له احرجه وطلب منه ذلك … موقفي كان الرفض التام لانّه وهذا يعرفه كلّ من تتلمذ عنّي، ليس لي قلب في الامور المهنية .. ابنتي كرامة مثلا ارادت ان تشارك في احدى دورات الكاستينغ .. لم ار مانعا في تمكينها من ذلك الحق لكن كان شرطي ان اقوم انا فقط بالكاسيتينغ… لاني كنت مدركا انّ من سيحضر معي لتقييمها سيراها كابنة لعبدالكريم ولن يكون موضوعيا مائة بالمائة ..وفعلا وكغيرها اجريت لها التجربة الصوتية واكتفيت بذلك… وعندما خرجت كرامة من الاستوديو لاستطلاع رأيي فيها قلت لها في جملة واحدة ..انت لست للميكرو .. ولانها تعرفني وتعرف قناعاتي، ودّعتني وذهبت وكأنّ شيئا لم يكن…

وهذا ما اعنيه وانا اقول دائما المصدح يُفتكّ ولا يُعطى، وسي عبدالقادر يعرف قسوتي وصلابتي وعنادي وكسوحية راسي في مثل هذه الحالات… فقال لي زايد انلحّ عليك وسآخذها على عاتقي وعلى مسؤوليّتي… قلت له ذلك شأنك ..نعم وأخذها على مسؤوليته ولم امكّنها من حضور الدورة التكوينية لانها بالنسبة لي لا تصلح للعمل الاذاعي بتاتا… وهي على فكرة الان مرسمة وتشتغل … ليس ذلك فقط بل تعتبر نفسها وخاصة بعد 14 جانفي نجمة النجوم …رغم انّ نوعيّة ما تقدّمه لا يختلف كثيرا عن احاديث النسوة في حمّام او احاديث بعض الرجال في لعبة البازقة… كلّ ذلك لن يمنعني من القول انّ الفترات الذهبية التي عاصرتها كانت ثلاثا…

اذ انّي لم اعاصر فترتي المؤسس الباعث عبدالعزيز عشيش رحمه الله ولا التوفيق الحشيشة اطال الله عمره… لذلك كانت الاولى التي عاصرتها مع المرحوم قاسم المسدّي، والثانية مع المرحوم محمد عبدالكافي، والثالثة مع المرحوم عبدالقادر عقير .. القاسم المشترك بينهم، نشاط حثيث لا يكلّ ..كانوا ما شاء الله قادرين على العمل طيلة 16 ساعة دون انقطاع… ثم كانت لهم رغبة جامحة في تطوير العمل الاذاعي كل من زاوية رؤيته الخاصة به ..لذلك وهذا عايشته معهم، كانوا لا يتوانون لحظة واحدة في تجميع الكفاءات الثقافية بالجهة لدعمها وللارتفاع بمستوى المنتوج .. وكذلك للاخذ بيد الطاقات الشابة وتشجيعه. . وللامانة نجحوا في ذلك ايما نجاح … اليس كذلك احمد الشايب ؟؟ اتفهّم عرفانك له بالجميل… ولكن هنالك اشياء لا تقلّ اهميّة تطبع مسيرة ايّ مسؤول بايجابياتها نعم، ولكن بسلبياتها ايضا ..

وهذه في تفاصيلها يعرفها فقط من عاشر السيد عقير وعاضده عن قرب .. وسادوّن العديد منها في الورقتين 99 و100 ..كموثّق لما عشته معه ..اذ انّ مبدأ هذه الورقات منذ عددها الاوّل: التوثيق لكلّ ما عشته وعاشه معي جيلي والله وحده يعلم صدقي وامانتي …

ـ يتبع ـ

أكمل القراءة

صن نار