جور نار
أليس بينكم عمر يا قوم…؟؟؟
نشرت
قبل سنتينفي
من قبل
محمد الأطرش Mohamed Alatrashبالأمس كان عيد الفطر…عيد يجمع الجميع ويجتمع فيه الجميع حول طاولة واحدة…في بيت واحد…على رأي واحد ولو كان الأمر ليوم واحد…ولو اختلفوا…فهل اجتمع بالأمس الشعب حول طاولة واحدة…وفي بيت واحد…؟ لا…وهل كان شعب تونس بالأمس سعيدا كما يجب أن يكون في الأعياد؟ لا…قد يكون بعضه سعيدا…وقد يكون بعضه الآخر قابلا لما يعيشه رغم عدم سعادته…
هل نحن حقّا الشعب السعيد الذي يروّج له البعض؟ لا أظنّ ابدا فنحن اليوم أبعد ما يكون عن سعادة تجمعنا في وطن واحد نحو هدف واحد وإن اختلفنا…تعالوا لنعرف سرّ سعادة بعضنا وهم أقلية وليس كما يزعم البعض أغلبية…بلغ بنا السوء على ان تكون سعادة بعضنا بوجع ومأساة البعض الآخر منّا، أي نعم أصبحنا نسعد لآلام بعضنا وهم الأغلبية فقط لأنهم خصومنا…أو لأنهم فقط لا يتفقون مع برامجنا وسياساتنا…أو لأنهم يعارضوننا وقد ينافسونا في قادم المحطّات الانتخابية…هكذا نحن اليوم…والواضح أننا سنتوارث هذا الأمر لأجيال واجيال قادمة…فسنة 2011 عشنا وضعا شبيها بما نعيشه اليوم، سنتها صفّق بعضهم وغنى وخرج ليهتف في الشوارع بوجع ومأساة بعضنا الآخر…وها نحن اليوم في نفس الوضع، فقط، انقلبت الصورة وأصبح من كان سعيدا سنة 2011 هو من يعيش اليوم الوجع والمأساة والسجون والحصار والمنع والملاحقات القضائية…
هكذا إذن تعطينا الدنيا درسا وجب أن لا ننساه لنعتبر منه…فسنة 2011 غنى من كانوا يعارضون الرئيس الراحل بن علي رحمه الله ومنظومته وسعدوا وسهروا الليالي الطوال يتغنون بما حققوه…سعدوا بمن سحلوه…فرحوا بمن أطردوه…رقصوا على من ظلموه…وشربوا على نخب كل عرض هتكوه…نعم جميعهم فعلوا ذلك…جميعهم نكّلوا بتاريخ كامل…جميعهم من قوميين وهم أكثر المكونات حقدا ورغبة في الانتقام والابادة باستحضارهم لما وقع بينهم في التاريخ… ويسار وفروعهم …وإسلاميين بمختلف تفرعاتهم وتياراتهم…كيف لا وهم أطردوا أغلب من كانوا يجلسون على كراسي الحكم والسلطة والتسيير…كيف لا وهم ابادوا جميع المؤسسات وأفرغوها من كفاءاتها…كيف لا ولم تسلم منهم مؤسسة وطنية لم يعبثوا بمحتوياتها البشرية والإدارية…ثم شربوا على نخب حلّ الحزب الذي حكم البلاد لأكثر من نصف قرن ولم يحرّك أنصاره ساكنا دفاعا عن تاريخهم وما انجزوه…
اليوم يعاد المشهد مقلوبا وكأننا أعدنا الشريط بشكل عكسي…مع اختلاف من سعدوا اليوم بما يحصل، فمن خرجوا أخيرا وهم أقليّة يعبّرون عن سعادتهم بوجع غيرهم، خليط غريب عجيب ممن كانوا يختبئون في منازلهم أيام حكم الترويكا…هم خليط من جماعة “الصفر فاصل” في كل المحطات الانتخابية التي مرّت بها البلاد منذ 2011…وكما وقع سنة 2011 لم يحرّك انصار من يعانون وجع اليوم ساكنا دفاعا عن حاضنتهم السياسية او حتى تضامنا معها وهم يدركون ان الأمر قد يصل كما وصل سابقا مع التجمّع الدستوري الديمقراطي إلى الحلّ…فالمشهد يعاد في أبسط وأصغر جزئياته إذن…سيقول البعض “هذا أحد المدافعين عن النهضة ومن معها”…وسأضحك وأقول التاريخ يعرف من سخّر ليله نهاره لمقارعة و”مقاومة” النهضة ومعارضتها ومن معها أيام عزّها وسطوتها…والتاريخ يعرف أول من نطق دفاعا عن المؤسسة الأمنية حين وصلتها معاول الهدم والتخريب…لكن كان ذلك حين كانت النهضة ومن معها في الحكم وليسوا خارجه…فاين كانوا من خرجوا اليوم “يسكرون” على نخب سقوط النهضة و”صويحباتها” كما كنت اسميهم حين كانوا في الحكم؟ كانوا يبحثون عن ودّ الترويكا ضمانا لمصالحهم…وتقرّبا من السلطان…نعم عارضت النهضة ومن معها كما لم يعارضها أحد…وبشهادة الجميع…لكن كان ذلك وهي في الحكم…واليوم لست ولن أكون من ومع الشامتين…هكذا هي أخلاقي…أخلاق محارب تعلّم على والده أخلاق الفرسان …
نحن اليوم في تونس نخشى من تسمية الأشياء بأسمائها الحقيقية…نحن اليوم نعيش مرضا قد يصعب علاجه ما لم نتنازل جميعنا عن تعنتنا وعنادنا الغريب في قراءة الأوضاع بمنطق آخر وعقل مختلف عن العقل الذي اوصلنا إلى ما نحن فيه…فنحن اليوم لا نخرج من مشكلة إلا ونجد أخرى لم نقرأ لها حسابا تنتظر بالباب الخلفي …فنحن اليوم نتاج خطأ ارتكبناه منذ سنة 2011 في حقّ أجيال الغد…خطأ قد يكلفنا غاليا لو نواصل في تجاهله وعدم ايلائه ما يجب من عناية وجهود …فالتاريخ عندنا يعيد نفسه في أسوأ اشكاله وصوره ونتائجه…فنحن صنعنا بتشخيصنا غير السليم لما تعيشه البلاد جيلا من الحاقدين…فأجيال الحقد ستفرّخ أجيالا تطالب بالانتقام والثأر غدا…وسيعيد التاريخ نفسه مستقبلا في شكل مأساة وفتنة… ولن تسلم البلاد من إعادة مشاهد وجعها ومأساتها مع كل عهدة سياسية…ألم يحن الوقت لندفن أحقادنا بقرار بسيط لن يكلفنا غاليا…ألم يحن الوقت لندفن رغبتنا في الانتقام من خصومنا في بئر عميقة؟
لقد ظلّ جميع ساستنا ومن حكموا ومن كانوا معهم ومن يحومون حولهم من باعة الذمم والانتهازيين يكابرون ويفاخرون بما حققوه وهم في الواقع لم يحققوا شيئا، بل خربوا وهدموا ما بناه السابقون، فلم يعيروا المشاكل الحقيقية التي تعيشها البلاد الأهمية التي وجب ان تكون…ولم يدركوا أنهم أخطؤوا في تقييم الأوضاع وأنهم اكتفوا بالانتقام ممن سبقهم ظنّا منهم ان الحلّ يكمن فقط في التخلّص من القديم ومحاسبة التاريخ وإعادة كتابته… كما انهم اغلقوا اذانهم عن سماع المشاكل الحقيقية التي وجب معالجتها والتخلّص من تبعاتها…ووصل بهم الأمر في كثير من الحالات إلى اتهام كل من يتحدث عن مشكلة ما، ومن أي نوع كان بالخيانة والعمالة وبانه يخدم اجندات أجنبية، إلى أن وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم من تراكمات وقف الجميع عاجزا عن ايجاد الحلول الممكنة لها…
عدم اعترافنا بأن البلاد تعيش الازمة الخانقة وأنه لا يمكن حلّها دون الجلوس معّا لإيجاد مخرج لها ومنها بشكل عقلاني وواقعي وسليم، هو من أغرقنا في وحل البحث عن إلهاءات من هنا وهناك حتى وإن كان فيها ظلم ووجع للبعض من هذا الشعب للتغطية عن فشلنا، فالمنطق يقول ان أول خطوة لإيجاد حل لأية مشكلة هي ان تقر بوجودها… وثانية الخطوات هي تشريك الجميع في إيجاد الحلول لها … وثالثة الخطوات هي العمل على أن يكون القرار جماعيا وطنيا استراتيجيا يعتمد على بديهية التعايش السلمي ووحدة البلاد مهما اختلفنا ومهما بلغ بنا الانقسام السياسي…لذلك فالمنطق والعقل يفرضان اليوم الخروج وبأسرع وقت ممكن من النهج الذي سلكناه خطأ ولن يصل بنا إلى مرفأ النجاة حفاظا على وحدة أجيالنا القادمة… وهنا وجب أن أقول واصرخ عاليا علينا أن نتحلى بالشجاعة اللازمة لنعترف بأخطائنا أولا وبمشاكلنا ثانيا وقبل كل شيء وبذلك يقع تشريك كل الشعب ومكوناته السياسية والاجتماعية في عملية الإنقاذ …
ختاما أقول…أليس بينكم عمر الفاروق يا قوم…أليس بينكم ابن عبد العزيز…أليس بينكم نلسون مانديلا…؟ تعالوا لننسى وجع الماضي…ومأساة الحاضر من اجل مستقبل أفضل لأجيالنا القادمة…تعالوا لنكتب تاريخا يكون شاهدا على أننا لم نخطئ الطريق وأننا لم نهدّم البناء…أليس بينكم من يرفع اصبعه ويقول…أنا عمر…وإن لست هو…فعمر بأفعاله وليس بجسده…فالجسد يفنى…والافعال تخلّد أصحابها…
تصفح أيضا
جور نار
العراق: هل يستبق الأخطار المحدقة، أم سيكتفي بتحديد الإخلالات؟
نشرت
قبل 13 ساعةفي
22 نوفمبر 2024محمد الزمزاري:
ستنطلق الحكومة العراقية في تعداد السكان خلال هذه الأيام والذي سيأخذ مدى زمنيا طويلا وربما. تعطيلات ميدانية على مستوى الخارطة. العراقية.
ويعد هذا التعداد السكاني مهمّا ومتأخرا كثيرا عن الموعد الدوري لمثل هذه الإحصائيات بالنسبة لكل بلد… فالعراق لم يقم بتحيين عدد سكانه منذ ما يزيد عن الثلاثين سنة، إذ عرف آخر تعداد له سنة 1991… ونظرا إلى عوامل عدة، فإن قرار القيام بهذا التعداد سيتجنب اي تلميح للانتماءات العرقية أو المذهبية عدا السؤال عن الديانة ان كانت إسلامية او مسيحية… وقد أكد رئيس الحكومة العراقية أن التعداد السكاني يهدف إلى تحديد أوضاع مواطني العراق قصد رصد الاخلالات و تحسين الخدمات وايضا لدعم العدالة الاجتماعية.
لعل اول مشكلة حادة تقف في وجه هذا التعداد العام، هو رفض الجانب الكردي الذي يضمر أهدافا و يسعى إلى التعتيم على أوضاع السكان في كردستان و في المنطقة المتنازع عليها بين العرب والأكراد و التركمان… خاصة أيضا ان اكثر من ثمانية أحياء عربية في أربيل المتنازع عليها، قد تم اخلاؤها من ساكنيها العرب وإحلال الأكراد مكانهم…
هذا من ناحية… لكن الأخطر من هذا والذي تعرفه الحكومة العراقية دون شك أن الإقليم الكردي منذ نشاته و”استقلاله” الذاتي يرتبط بتعاون وثيق مع الكيان الصهيوني الذي سعى دوما إلى تركيز موطئ قدم راسخ في الإقليم في إطار خططه الاستراتيجية.. وان مسؤولي الإقليم الكردي يسمحون للصهاينة باقتناء عديد الأراضي و المزارع على شاكلة المستعمرات بفلسطين المحتلة… وان قواعد الموساد المركزة بالاقليم منذ عشرات السنين ليست لاستنشاق نسيم نهر الفرات ! ..
أمام الحكومة العراقية إذن عدد من العراقيل والاولويات الوطنية والاستشرافية لحماية العراق. و قد تسلط عملية التعداد السكاني مثلما إشار إليه رئيس الحكومة العراقية الضوء على النقائص التي تتطلب الإصلاح و التعديل والحد من توسعها قبل أن يندم العراق ويلعنوا زمن الارتخاء وترك الحبل على الغارب ليرتع الصهاينة في جزء هام من بلاد الرافدين.
عبد الكريم قطاطة:
فترة التسعينات كانت حبلى بالاحداث والتغييرات في مسيرتي المهنية منها المنتظر والمبرمج له ومنها غير المنتظر بتاتا …
وانا قلت ومازلت مؤمنا بما قلته… انا راض بأقداري… بحلوها وبمرّها… ولو عادت عجلة الزمن لفعلت كلّ ما فعلته بما في ذلك حماقاتي واخطائي… لانني تعلمت في القليل الذي تعلمته، انّ الانسان من جهة هو ابن بيئته والبيئة ومهما بلغت درجة وعينا تؤثّر على سلوكياتنا… ومن جهة اخرى وحده الذي لا يعمل لا يخطئ… للتذكير… اعيد القول انّه وبعد ما فعله سحر المصدح فيّ واخذني من دنيا العمل التلفزي وهو مجال تكويني الاكاديمي، لم انس يوما انّني لابدّ ان اعود يوما ما الى اختصاصي الاصلي وهو العمل في التلفزيون سواء كمخرج او كمنتج او كلاهما معا… وحددت لذلك انقضاء عشر سنوات اولى مع المصدح ثمّ الانكباب على دنيا التلفزيون بعدها ولمدّة عشر سنوات، ثمّ اختتام ما تبقّى من عمري في ارقى احلامي وهو الاخراج السينمائي…
وعند بلوغ السنة العاشرة من حياتي كمنشط اذاعي حلّت سنة 1990 لتدفعني للولوج عمليا في عشريّة العمل التلفزي… ولانني احد ضحايا سحر المصدح لم استطع القطع مع هذا الكائن الغريب والجميل الذي سكنني بكلّ هوس… الم اقل آلاف المرات انّ للعشق جنونه الجميل ؟؟ ارتايت وقتها ان اترك حبل الوصل مع المصدح قائما ولكن بشكل مختلف تماما عما كنت عليه ..ارتايت ان يكون وجودي امام المصدح بمعدّل مرّة في الاسبوع ..بل وذهبت بنرجسيتي المعهودة الى اختيار توقيت لم اعتد عليه بتاتا ..نعم اخترت الفضاء في سهرة اسبوعية تحمل عنوان (اصدقاء الليل) من التاسعة ليلا الى منتصف الليل …هل فهمتم لماذا وصفت ذلك الاختيار بالنرجسي ؟؟ ها انا افسّر ..
قبل سنة تسعين عملت في فترتين: البداية كانت فترة الظهيرة من العاشرة صباحا حتى منتصف النهار (والتي كانت وفي الاذاعات الثلاث قبل مجيئي فترة خاصة ببرامج الاهداءات الغنائية)… عندما اقتحمت تلك الفترة كنت مدركا انيّ مقدم على حقل ترابه خصب ولكنّ محصوله بائس ومتخلّف ..لذلك اقدمت على الزرع فيه … وكان الحصاد غير متوقع تماما ..وتبعتني الاذاعة الوطنية واذاعة المنستير وقامت بتغييرات جذرية هي ايضا في برامجها في فترة الضحى .. بل واصبح التنافس عليها شديدا بين المنشطين ..كيف لا وقد اصبحت فترة الضحى فترة ذروة في الاستماع … بعد تلك الفترة عملت ايضا لمدة في فترة المساء ضمن برنامج مساء السبت … ولم يفقد انتاجي توهجه ..وعادت نفس اغنية البعض والتي قالوا فيها (طبيعي برنامجو ينجح تي حتى هو واخذ اعزّ فترة متاع بثّ) …
لذلك وعندما فكّرت في توجيه اهتمامي لدنيا التلفزيون فكرت في اختيار فترة السهرة لضرب عصفورين بحجر واحد… الاول الاهتمام بما ساحاول انتاجه تلفزيا كامل ايام الاسبوع وان اخصص يوما واحدا لسحر المصدح ..ومن جهة اخرى وبشيء مرة اخرى من النرجسية والتحدّي، اردت ان اثبت للمناوئين انّ المنشّط هو من يقدر على خلق الفترة وليست الفترة هي القادرة على خلق المنشط ..وانطلقت في تجربتي مع هذا البرنامج الاسبوعي الليلي وجاءت استفتاءات (البيان) في خاتمة 1990 لتبوئه و منشطه المكانة الاولى في برامج اذاعة صفاقس .. انا اؤكّد اني هنا اوثّق وليس افتخارا …
وفي نفس السياق تقريبا وعندما احدثت مؤسسة الاذاعة برنامج (فجر حتى مطلع الفجر) وهو الذي ينطلق يوميا من منتصف الليل حتى الخامسة صباحا، و يتداول عليه منشطون من الاذاعات الثلاث… طبعا بقسمة غير عادلة بينها يوم لاذاعة صفاقس ويوم لاذاعة المنستير وبقية الايام لمنشطي الاذاعة الوطنية (اي نعم العدل يمشي على كرعيه) لا علينا … سررت باختياري كمنشط ليوم صفاقس ..اولا لانّي ساقارع العديد من الزملاء دون خوف بل بكلّ ثقة ونرجسية وغرور… وثانيا للتاكيد مرة اخرى انّ المنشط هو من يصنع الفترة ..والحمد لله ربحت الرهان وبشهادة اقلام بعض الزملاء في الصحافة المكتوبة (لطفي العماري في جريدة الاعلان كان واحدا منهم لكنّ الشهادة الاهمّ هي التي جاءتني من الزميل الكبير سي الحبيب اللمسي رحمه الله الزميل الذي يعمل في غرفة الهاتف بمؤسسة الاذاعة والتلفزة) …
سي الحبيب كان يكلمني هاتفيا بعد كل حصة انشطها ليقول لي ما معناه (انا نعرفك مركّب افلام باهي وقت كنت تخدم في التلفزة اما ما عرفتك منشط باهي كان في فجر حتى مطلع الفجر .. اما راك اتعبتني بالتليفونات متاع المستمعين متاعك، اما مايسالش تعرفني نحبك توة زدت حبيتك ربي يعينك يا ولد) … في بداية التسعينات ايضا وبعد انهاء اشرافي على “اذاعة الشباب” باذاعة صفاقس وكما كان متفقا عليه، فكرت ايضا في اختيار بعض العناصر الشابة من اذاعة الشباب لاوليها مزيدا من العناية والتاطير حتى تاخذ المشعل يوما ما… اطلقت عليها اسم مجموعة شمس، واوليت عناصرها عناية خاصة والحمد لله انّ جلّهم نجحوا فيما بعد في هذا الاختصاص واصبحوا منشطين متميّزين… بل تالّق البعض منهم وطنيا ليتقلّد عديد المناصب الاعلامية الهامة… احد هؤلاء زميلي واخي الاصغر عماد قطاطة (رغم انه لا قرابة عائلية بيننا)…
عماد يوم بعث لي رسالة كمستمع لبرامجي تنسمت فيه من خلال صياغة الرسالة انه يمكن ان يكون منشطا …دعوته الى مكتبي فوجدته شعلة من النشاط والحيوية والروح المرحة ..كان انذاك في سنة الباكالوريا فعرضت عليه ان يقوم بتجربة بعض الريبورتاجات في برامجي .. قبل بفرح طفولي كبير لكن اشترطت عليه انو يولي الاولوية القصوى لدراسته … وعدني بذلك وسالته سؤالا يومها قائلا ماذا تريد ان تدرس بعد الباكالوريا، قال دون تفكير اريد ان ادرس بكلية الاداب مادة العربية وحلمي ان اصبح يوما استاذ عربية ..ضحكت ضحكة خبيثة وقلت له (تي هات انجح وبعد يعمل الله)… وواصلت تاطيره وتكوينه في العمل الاذاعي ونجح في الباكالوريا ويوم ان اختار دراسته العليا جاءني ليقول وبكلّ سعادة …لقد اخترت معهد الصحافة وعلوم الاخبار… اعدت نفس الضحكة الخبيثة وقلت له (حتّى تقللي يخخي؟) واجاب بحضور بديهته: (تقول انت شميتني جايها جايها ؟؟)… هنأته وقلت له انا على ذمتك متى دعتك الحاجة لي ..
وانطلق عماد في دراسته واعنته مع زملائي في الاذاعة الوطنية ليصبح منشطا فيها (طبعا ايمانا منّي بجدراته وكفاءته)… ثم استنجد هو بكلّ ما يملك من طاقات مهنية ليصبح واحدا من ابرز مقدمي شريط الانباء… ثم ليصل على مرتبة رئيس تحرير شريط الانباء بتونس 7 ..ويوما ما عندما فكّر البعض في اذاعة خاصة عُرضت على عماد رئاسة تحريرها وهو من اختار اسمها ..ولانّه لم ينس ماعاشه في مجموعة شمس التي اطرتها واشرفت عليها، لم ينس ان يسمّي هذه الاذاعة شمس اف ام … اي نعم .عماد قطاطة هو من كان وراء اسم شمس اف ام …
ثمة ناس وثمة ناس ..ثمة ناس ذهب وثمة ناس ماجاوش حتى نحاس ..ولانّي عبدالكريم ابن الكريم ..انا عاهدت نفسي ان اغفر للذهب والنحاس وحتى القصدير ..وارجو ايضا ان يغفر لي كل من اسأت اليه ..ولكن وربّ الوجود لم اقصد يوما الاساءة ..انه سوء تقدير فقط …
ـ يتبع ـ
عبد الكريم قطاطة:
المهمة الصحفية الثانية التي كلفتني بها جريدة الاعلان في نهاية الثمانينات تمثّلت في تغطية مشاركة النادي الصفاقسي في البطولة الافريقية للكرة الطائرة بالقاهرة …
وهنا لابدّ من الاشارة انها كانت المرّة الوحيدة التي حضرت فيها تظاهرة رياضية كان فيها السي اس اس طرفا خارج تونس .. نعم وُجّهت اليّ دعوات من الهيئات المديرة للسفر مع النادي وعلى حساب النادي ..لكن موقفي كان دائما الشكر والاعتذار ..واعتذاري لمثل تلك الدعوات سببه مبدئي جدا ..هاجسي انذاك تمثّل في خوفي من (اطعم الفم تستحي العين)… خفت على قلمي ومواقفي ان تدخل تحت خانة الصنصرة الذاتية… اذ عندما تكون ضيفا على احد قد تخجل من الكتابة حول اخطائه وعثراته… لهذا السبب وطيلة حياتي الاعلامية لم اكن ضيفا على ايّة هيئة في تنقلات النادي خارج تونس ..
في رحلتي للقاهرة لتغطية فعاليات مشاركة السي اس اس في تلك المسابقة الافريقية، لم يكن النادي في افضل حالاته… لكن ارتأت ادارة الاعلان ان تكلّفني بمهمّة التغطية حتى اكتب بعدها عن ملاحظاتي وانطباعاتي حول القاهرة في شكل مقالات صحفية… وكان ذلك… وهذه عينات مما شاهدته وسمعته وعشته في القاهرة. وهو ما ساوجزه في هذه الورقة…
اوّل ما استرعى انتباهي في القاهرة انّها مدينة لا تنام… وهي مدينة الضجيج الدائم… وما شدّ انتباهي ودهشتي منذ الساعة الاولى التي نزلت فيها لشوارعها ضجيج منبهات السيارات… نعم هواية سائقي السيارات وحتى الدراجات النارية والهوائية كانت بامتياز استخدام المنبهات… ثاني الملاحظات كانت نسبة التلوّث الكثيف… كنت والزملاء نخرج صباحا بملابس انيقة وتنتهي صلوحية اناقتها ونظافتها في اخر النهار…
اهتماماتي في القاهرة في تلك السفرة لم تكن موجّهة بالاساس لمشاركة السي اس اس في البطولة الافريقية للكرة الطائرة… كنا جميعا ندرك انّ مشاركته في تلك الدورة ستكون عادية… لذلك وجهت اشرعة اهتمامي للجانب الاجتماعي والجانب الفنّي دون نسيان زيارة معالم مصر الكبيرة… اذ كيف لي ان ازور القاهرة دون زيارة خان الخليلي والسيدة زينب وسيدنا الحسين والاهرام… اثناء وجودي بالقاهرة اغتنمت الفرصة لاحاور بعض الفنانين بقديمهم وجديدهم… وكان اوّل اتصال لي بالكبير موسيقار الاجيال محمد عبد الوهاب رحمه الله… هاتفته ورجوت منه امكانية تسجيل حوار معه فاجابني بصوته الخشن والناعم في ذات الوقت معتذرا بسبب حالته الصحية التي ليست على ما يرام…
لكن في مقابل ذلك التقيت بالكبير محمد الموجي بمنزله وقمت بتسجيل حوار معه ..كان الموجي رحمه الله غاية في التواضع والبساطة… لكن ما طُبع في ذهني نظرته العميقة وهو يستمع اليك مدخّنا سيجارته بنهم كبير… نظرة اكاد اصفها بالرهيبة… رهبة الرجل مسكونا بالفنّ كما جاء في اغنية رسالة من تحت الماء التي لحنها للعندليب… نظرة المفتون بالفن من راسه حتى قدميه…
في تلك الفترة من اواخر الثمانينات كانت هنالك مجموعة من الاصوات الشابة التي بدات تشق طريقها في عالم الغناء ..ولم اترك الفرصة تمرّ دون ان انزل ضيفا عليهم واسجّل لهم حوارات… هنا اذكر بانّ كلّ التسجيلات وقع بثها في برامجي باذاعة صفاقس… من ضمن تلك الاصوات الشابة كان لي لقاءات مع محمد فؤاد، حميد الشاعري وعلاء عبدالخالق… المفاجأة السارة كانت مع لطيفة العرفاوي… في البداية وقبل سفرة القاهرة لابدّ من التذكير بانّ لطيفة كانت احدى مستمعاتي… وعند ظهورها قمت بواجبي لتشجيعها وهي تؤدّي انذاك وباناقة اغنية صليحة (يا لايمي عالزين)…
عندما سمعت لطيفة بوجودي في القاهرة تنقلت لحيّ العجوزة حيث اقطن ودعتني مع بعض الزملاء للغداء ببيتها… وكان ذلك… ولم تكتف بذلك بل سالت عن احوالنا المادية ورجتنا ان نتصل بها متى احتجنا لدعم مادي… شكرا يا بنت بلادي على هذه الحركة…
اختم بالقول قل ما شئت عن القاهرة.. لكنها تبقى من اعظم واجمل عواصم الدنيا… القاهرة تختزل عبق تاريخ كلّ الشعوب التي مرّت على اديمها… نعم انها قاهرة المعزّ…
ـ يتبع ـ
اختتام الدورة الثامنة لمنتدى المؤسسات Enicarthage
تونس: مؤتمر وطني حول ريادة الأعمال النسائية
بعد 61 عاما… هل يكشف ترامب عن معطيات جديدة حول مقتل “جون كينيدي”؟
النفيضة: وقفة احتجاجية لأهالي “دار بالواعر”… على خلفية سقوط تلميذ من حافلة
حرب أوكرانيا… رسالة روسية في شكل صاروخ قادر على الدمار الشامل
استطلاع
صن نار
- اقتصادياقبل ساعتين
اختتام الدورة الثامنة لمنتدى المؤسسات Enicarthage
- اقتصادياقبل 5 ساعات
تونس: مؤتمر وطني حول ريادة الأعمال النسائية
- صن نارقبل 6 ساعات
بعد 61 عاما… هل يكشف ترامب عن معطيات جديدة حول مقتل “جون كينيدي”؟
- داخلياقبل 6 ساعات
النفيضة: وقفة احتجاجية لأهالي “دار بالواعر”… على خلفية سقوط تلميذ من حافلة
- صن نارقبل 6 ساعات
حرب أوكرانيا… رسالة روسية في شكل صاروخ قادر على الدمار الشامل
- صن نارقبل 6 ساعات
لندن.. “طرد مشبوه” يتم تفجيره قرب السفارة الأمريكية
- صن نارقبل 6 ساعات
بعد وقف الإجراءات الإدارية ضدهم… الاحتلال يطلق أيدي المستوطنين في الضفة الغربية
- صن نارقبل 7 ساعات
الجنائية الدولية تأمر بإيقاف نتنياهو، والكيان يتهمها بمعاداة السامية!