أنا و”عمّ المبروك الحوانتي” … وعشرة أسئلة إلى السلطان قيس الأول !
نشرت
قبل 3 سنوات
في
سيدي ساكن القصور الثلاثة، أليس من حقّي وأنا المواطن الذي لم يفسد في الأرض، وخدم بلاده كما لم يخدمها بعض حكام هذا الزمن “الأحول” زماننا هذا…
أقول سيدي أليس من حقّي، وحقّ من هم في مثل سني وتاريخي، معرفة ما يدور برأسك وماذا ستفعل بهذه البلاد، وهل تريد حقّا خدمتها بخدمة شعبها؟ أتسمح لي جلالتك…عفوا سعادتك…عفوا فخامتك بأن ألقي عشرة أسئلة على عالي المقام مولانا صاحب الزمان والمكان…هي عشرة أسئلة ليس أكثر …رغم أني على يقين أنك لن تجد الوقت لتجيب عنها…فأوقاتك، الرسمي، والإضافي، والبديل كلها مخصّصة لضرب خصومك وقطع الطريق أمامهم حتى لا يصلوا إلى الموعد الانتخابي بكامل قواهم وعدّتهم، مجرّدين من كل عتادهم واسلحتهم الانتخابية والجماهيرية…
هل أنت على بيّنة مما يقال في البلاد وبين العباد عنك، وعن حكوماتك وعن برامجك ومخططاتك، أم أنك أنت من يسرّب ما يقال حتى تعرف اسقاطاته وتبعاته …هل تعلم ما يدور في القصبة وعن نشاط بقية وزراء القصبة، هل أنت على بيّنة من كفاءة وزراء حكومتك وهل نجحوا في إنجاز منجز واحد منذ جلوسهم على كراسيهم أم هم فقط جاؤوا لسدّ الشغور وملء المكان؟
أسألك مولاي وعالي المقام هل فكّرت يوما واحدا في تبعات ما تأتيه وما تفعله بهذه البلاد، ألست على بيّنة من أنك لم تلتفت يوما واحدا إلى أمهات القضايا التي ترهق كاهل الشعب وتؤلمه في مقتل؟
هل تذكر كيف فعل الرئيس بن علي أثابه الله وجازاه في سنوات حكمه الأولى بعد انقلابه على الزعيم الأوحد بورقيبة رحمهما الله، ألم يقم بمصالحة وبعفو تشريعي شامل، ألم يجمع الجميع حول طاولة الوطن، ألم تكن سنواته الأولى سنوات وفاق وانفتاح، لِمَ لَمْ تأت ما أتاه وتفعل ما فعله، لماذا استوليت على الحكم واستعديت الجميع أحزاب وحركات ومنظمات، لماذا جلست مكان القضاء والقضاة وبدأت تحاكم كل من حكم قبلك، وكل من ساهم في صياغة دستور حرَمَك من أن تكون الحاكم بأمره، لماذا تبحث فقط عن الانفراد بالحكم، لماذا لم نرك يوما ضاحكا في وجوه الشعب المسكين فهل استوليت على الحكم لـــ”تعذّب” الناس و”تنتقم” منهم أم استوليت عليه لتخدمهم وتخدم البلاد؟
أسألك يا صاحب الفخامة ومن يعادي أصحاب العمامة، لماذا ترى نفسك فوق الجميع وتنكر على كل من سبقك تاريخهم وتحاول طمسه بصناعة تاريخ لن يضاهي تاريخهم، وأنت الذي يعرفك كل هذا الشعب بأنه لا تاريخ لك غير سنوات تدريسك في الجامعة…ومن درستهم؟
أسألك ويسألك كل الشعب، من ينصحك؟ ومن تستشيرهم في ما تأتيه وما تقرره؟ هل هم على كفاءة عالية ودراية عميقة بشؤون الدولة؟ هل عملوا سابقا في مناصب تسمح لهم بالتمكّن جيدا من نواميس الحكم والسلطة وكيف تدار شؤون البلاد والعباد، أم هل اكتفيت بمعارفك ومن تثق بهم ومن بايعوك لغاية في نفس يعقوب وجماعته؟ فما تأتيه إن كان منك فهو دليل على أنك غير منصوح، ولا أحد نصحك بما وجب إتيانه، وإن كان من نُصح من هم حولك فهذا دليل على أنك لم تختر من هم أهلا بالاستشارة …فصلّ صلاة الاستخارة بعد أن أعلنت عن فتح المجال للاستشارة، وأعد ترتيب بيتك الاستشاري فما خاب من استشار …وما فشل من عرف من يختار…؟
أسألك ويسألك حتى “عمّ المبروك” جارنا الحوانتي، أعرف أنك لا تعرفه لكن عذرا مولاي، “عمّ المبروك” هو بمثابة صندوق النقد الدولي لعائلتي فإن احتجت شيئا ولا مال لي فهو من يمكنني من حاجياتي، وإن غبت عن منزلي فهو من يضمن للعائلة التزود بما يسدّ رمقهم، وليكن في علمك إن كنت لا تعلم أنّ كل عائلة تونسية من الشمال إلى الجنوب لها صندوق نقدها الدولي الذي يتكفل بإقراضها وجدولة ديونها، وهو أيضا من يمكنني من جدولة خاصة لديوني، طبعا لا يمكن أن يكون “عمّ المبروك” كنادي باريس فهو “حنيّن” وصاحب واجب، أعرفت الآن لماذا يسألك أيضا “عمّ المبروك” فهو شريكي الاجتماعي الوحيد، طبعا هو ليس كشريكك الاجتماعي “الاتحاد” فشريكي يعطيني ليأخذ، وشريكك وشريك المغفور لها دولتنا، يأخذ ولا يعطي أبدا فإن لم تدفع نقدا تدفع دمًا وحراكا واضرابات واعتصامات وغلقا لمواقع الانتاج أو تترك الكرسي…ألم يكن من الأجدر أن تبدأ عهدتك بمحاولة الإصلاح بين كل مكونات هذه البلاد سياسيا واجتماعيا وتخليصها من موروثها الأيديولوجي الذي أفسد بين الولد ووالده وبين الأخ وابن عمّه…ألم يخطر ببالك أن أفضل ما كان يجب فعله هو البحث عن مصالحة شاملة تبدأ بها البلاد والشعب مرحلة جديدة من “التوافق العام” حول أمهات القضايا أقول “أمهات القضايا” وأعي ما أقول، قد نختلف في قضايا فرعية لا تمس الأمن القومي لكن أمهات القضايا هي أقدس ما يجب الاتفاق حوله في بلاد كتونس اليوم تعاني من تدحرج رهيب نحو الإفلاس إن لم تكن أفلست…ألم يكن من الأجدر البحث عن ضمان التعايش السلمي بين كل مكونات المجتمع حتى تضمن وفاقا تاما على برنامج سياسي واقتصادي يخرج البلاد مما هي فيه عوض التنافر والتناحر ومحاولة إلغاء الآخر، وقطع الطريق أمامه خوفا من المحطّات الانتخابية القادمة؟
سيدي ومولاي وتاج رأس اتباعه، طبعا أعذرني إن لم أقل تاج رأسي فأنا لست من أتباعك رغم أنني كنت من الذين أوقعتهم في حبالك الانتخابية في الدور الثاني فاخترتك رئيسا للبلاد وندمت، أقسم اني ندمت “ونعضّ في صوابعي” … أقول مولاي ألم تكن تقول وتصرخ دائما، علما بأنك لم تخطب يوما دون أن تصرخ في وجوهنا، ودون أن نضطرّ إلى التخفيض في صوت المذياع أو جهاز التلفاز حتى لا يفزع من ينام من صغار العائلة ونضطرّ لإسكاتهم بطريقة أجدادنا وما تعلمناه منهم…أقول مولاي ألم تكن تقول دائما إنه لا سبيل للتغوّل وتوزيع المناصب والمسؤوليات على الأقارب والمعارف، أتذْكُر ذلك أم تريد أن أذكّرك فأنت وفي أغلب خطبك كنت تخاطبنا بلسان عمر بن الخطاب ولم نستفق من غفوتنا إلا بعد فوات الأوان حينها عرفنا أنك أقرب إلى الحجاج منك إلى عمر…ألم تختر لأكثر المناصب الشاغرة من خدموك واشعلوا لك سيجارة “مارس ليجار ” وتقاسموا معك “كسكروت تن وهريسة” في حملتك الانتخابية ونسيت كل ما قلته في خطبك الناسفة…عفوا الصارخة…ألا يمكن اعتبار ما فعلت تغوّلا واستحواذا على كل مفاصل الدولة محليا وجهويا ووثنيا …عفوا ووطنيا…أعذرني فأنا هذه الأيام ومن شدّة الارتباك أصبحت كثير الأخطاء فجهاز الكمبيوتر قديم ولا قدرة لي على جهاز جديد وأنت تعلم أن “عمّ المبروك” لا يبيع غير المواد الغذائية…أعود لأقول أليس تغوّلا ما فعلت مولاي، والله لو كان من اخترتهم من الكفاءة ما يذكر ويشكر، لأغلقنا أفواهنا والتزمنا الصمت اعترافا بما أتيت لكن وأنت تعلم أن من اخترتهم لا كفاءة لهم غير “هزّ الوسط” فكيف تريد منا الصمت عن أمر كهذا يا مولاي؟
مولاي أراك بدأت في تفكيك الدولة بحلّ بعض هيئاتها وبعض مجالسها والتهديد بالويل والثبور وعظائم الأمور لمن تبقى منها على قدميه منتصبا مدافعا عن وجوده…فهل تعي يا مولاي وتاج رأس أتباعك أنك اخترت توقيتا غريبا، بعد منتصف الليل يا مولاي…بعد منتصف الليل يا مولاي… “الدنيا ظلام” وقصدت وزارة الداخلية لتخطب في إطاراتها وهم الذين لا ينامون خوفا على البلاد والعباد…أما كان يمكن أن تنتظر إلى صباح الغد…يقول البعض وهنا اسألك عن قولهم إن كان فيه من الحقيقة أو خاليا منها، أقول يقول بعضهم إنك تفطنت إلى أن يوم السادس من فيفري هو ذكرى اغتيال الشهيد شكري بلعيد وأن أنصاره سيقفون احتجاجا على القضاء وتباطؤه في كشف حقيقة اغتيال الشهيد، وأنها الفرصة التي لا تعاد لتصنع واقعا جديدا بأتباعك وأتباع الشهيد، وتحويل وجهتهم إلى الوقوف أمام المجلس الأعلى للقضاء للمطالبة بحلّه وأنت “اللي يسالهم مغرفة كبيرة”…ألا يعتبر هذا الذي فعلته تحريضا، ألم تقل أن المجلس اصبح من الماضي، ألا يعتبر ما قلت… وأعلنت… ولمّحت، رسالة إلى أتباعك وأتباع الشهيدين بلعيد والبراهمي للتوجه إلى المجلس والمطالبة بحلّه صراخا وهتافا وشتما وتنكيلا… وهي رسالة للخارج كما هي رسالة لأتباعك تقول لهم فيها لست أنا من طالب بحلّ المجلس بل الشعب هو من طالب بذلك ألم تروه في شارع محمد الخامس يرعد ويزبد ويهدّد وأنا لا يمكن أن أرفض طلبا للشعب الذي انتخبني، و”طرااااف” “تزْڨِي عليه” ويتمّ حلّه بمرسوم تُمضيه وسيخرج أتباعك يصفقون….يرقصون…يتغنون…يصفّرون…يتهامسون…ولك يعدون بأنهم لاسمك فقط غدا أو بعد غد…أو “حتى نهار آخر” سيختارون…كما فعلت وفعلوا في كل ما سبق من انجازاتك وغزواتك السياسية مولاي…ألا يمكن أن تكون هيئة الانتخابات هي الهدف الثاني بعد المجلس الأعلى للقضاء …ثم ألا يمكن أن تكون بقية الهيئات وربّما يصل الأمر إلى المنظمات أيضا ليقع حلّها…ألا يعتبر ذلك تفكيكا كاملا شاملا لمؤسسات الدولة؟ ألا يمكن أن ينصحك بعض أتباعك بتغيير “صبغة النظام” من جمهوري إلى ملكي او امبراطوري ليصبح لنا غدا أو بعد غد أو حتى بعد اسبوع سلطان الزمان والمكان “قيس الأول” ونبايعك في موكب رهيب عجيب مهيب ونقبّل يدك ويد عائلتك ويد “نوفل” والبقية حتى اصهارك أيضا مولاي وإن لزم الأمر يد الأمير رياض جراد… مولاي السلطان…عفوا سيدي الرئيس؟
هل حقّا يا مولاي أنك تبحث كلما نقُصت شعبيتك ونزلت اسهمك التجارية…عفوا الجماهيرية عن أي قرار ولو كان غريبا عجيبا، لتعلن عنه في خطاب صُرَاخي صَاروخي مرعد مزبد لتعيد شعبيتك إلى حجمها الذي تراه طبيعيا، أحقا أن أغلب قرارات “الشعبوية” التي كانت وراء شعبيتك لا يمكن تحقيق ولو جزء منها جاءت وليدة نزول أسهمك الشعبية…وهل حقّا أن بعض من هم حولك خدعوك وأوهموك أنك قادر على دعم خزينة الدولة بأموال رجال الأعمال التي اقترضوها من البنوك…وهل حقّا أنك تنتظر صيدا ثمينا من استشارتك التي لم تجلب إلى يومنا هذا ربع من صوتوا لك في الدور الأول…وهل حقّا أنك تبحث عن الوصول وحدك منفردا لخط الوصول بعد الانتخابات القادمة لتكون الحاكم بأمره تحت قبّة باردو وخارجها وفي جميع مواقع الحكم….وهل حقّا أنك ستعلن بعد الانتخابات القادمة التي تنتظر أن تكون الأغلبية لمن هم معك سرّا وليسوا معك علنا ترشحك لولاية ثانية…فماذا تركت يا مولاي لغيرك من الأحزاب والمكونات السياسية ألا يمكن من الآن تنصيب نفسك خليفة على تونس أو سلطانا عليها بأمر عليٍّ لتَخرُج علينا صحف العالم غدا…السلطان قيس الأول يجلس على العرش…ويصفّق القارئ…ومن يجلس إلى جانب القارئ …وزوجة القارئ…ومن هم أقارب القارئ…وكل العالم…و”عمّ المبروك”…
مولاي وتاج رأسهم ورأس من يتبعهم ورأس من هرول وراء أصواتهم أسألك لماذا استعديت كل الناس…وأنت الذي تقول إنك حبيب كل الناس…لماذا اصبح الجميع عندك وفي نظرك من الفاسدين وأنت الذي كنت تجالسهم…لماذا لم تكشف يوما عن دليل واحد لفساد أحدهم…أتدري يا مولاي أنك خاصمت الوزير والنائب والمعتمد والوالي والمدير والفلاح والسفير والمحامي والقاضي والحوانتي والكاتب العام والوكيل العام والنائب العام والغفير من بنزرت إلى راس اجدير…أتدري يا مولاي أنك لم تترك أحدا لم تنعته بالفساد وبعض النعوت المشينة الأخرى…لماذا لم تترك صديقا واحدا يقول عنك خيرا يوم تغادر القصر إلى بيتك …أخدَعَك بعضهم بقولهم إن الشعب يحبّك…ولن يفرّط فيك…ولن يتركك تترك القصر…ولن ينتخب غيرك…وإنك الحاكم العادل…وإنك الفاروق عمر…الذي أعاد للشعب بسمته…وأنقذ البلاد من أزمتها…أتعلم يا مولاي أنهم يكذبون…فلا أحد منهم يحبّك…هم فقط يحبون ما تجود به عليهم من مناصب….ومهمات….و”برستيج” وبعض المكافآت…أتدري يا مولاي أنهم يتحدثون عنك بسوء وهم خارج القصر…أتدري يا مولاي أنهم يتندرون بما تأتيه وهم بعيدا عن القصر…هكذا هم سيدي ومولاي…ألم تقرأ الدرس ممن سبقوك…ألم يقولوا عن بورقيبة “الزعيم الأوحد”…ولما انقلب عليه بن علي رحمهما الله رفعوا عقيرتهم بالصراخ “الله واحد الله واحد وبن علي ما كيفو حدّ”…ألم يخرجوا ليراودوا الغنوشي عن أنفسهم عفوا ليبايعوا الغنوشي عن أنفسهم بعد أن خرج بن علي لأداء مناسك الحج والعمرة والموت هناك في أرض الصحابة…ألم يقولوا لقايد السبسي “أنت أو لا أحد يا عمّ احمد”…ثم خدعوه ودفنوه ونسوه وبخير لم يذكروه…ورفعوا عقيرتهم بالصراخ والهتاف وصرخوا “ووووواقيساه…وووامعتصماه” يوم خرجت عليهم بسيجارة “مارس ليجار” ولمجة محشوة بالتن (ولا أعرف نوع التن صراحة) مع خليط من قهقهات لينين المسكين ومن معه من مخادعين…أسألك فقط مولاي من تركت معك ليوم الغد…يوم لن تجد إلى جانبك لا لينين…ولا “عمّ احمد”…؟؟
هذه مولاي أسئلتي العشرة التي ولدت من رحم ما دردشناه خلال جلسة شاي في حضرة “عمّ المبروك” الحوانتي وصندوق نقدي الدولي، هي أسئلة فلا تغضب إن سألتك بطريقتي…ولتعلم مولاي أن من هم حولك لن يسألوك أسئلتي…لأنهم لا يريدون بك خيرا كما أريد…ولا يريدون بالوطن خيرا كما أريد وتريد…فلتكن إجاباتك فعلا وإنجازا…وخيرا لوطن نريد…وإن سهوت عنها ولم ترد…كما أريد…غدا أعود لأسألك من جديد…أتعلم يا مولاي وأنا على يقين أنك تعلم …أتعلم أن الله أرسل إلى فرعون حين قال “أنا ربّكم الأعلى” نبيّا يقول له “قولا ليّنا”…فهلاّ قلت قولا ليّنا حتى يسمعك كل الناس…والسلام عليك من الناس كل الناس “حتى عمّ عمر العسّاس” إلى يوم الناس…كل الناس…