جور نار

أية أولويات عاجلة عدا الحرب الحقيقية على الفيروسات التي تنخر البلاد ؟

نشرت

في

تحدث رئيس الدولة عن الفساد و المضاربين بقوت الشعب وارسل إشارة قد تاتي أكلها وقد تتم مواجهتها بمزيد الاحتياطات و الالاعيب من طرف مافيا مرتبطة باطراف نافذة.

<strong>محمد الزمزاري<strong>

والحرب على الفساد كما ذكرنا سابقا تتطلب قبضة من حديد و تشريعات حازمة جدا تقلب موازين المنظومة المافيوزية من اللهفة على جمع الاموال الطائلة و الارباح الخيالية إلى الخوف و اغلاق المنافذ و كسر قوائم المتمعشين من الرشاوي و انكماش المهربين الى أقل حلقة ممكنة وهذا وارد الانجاز و التطبيق متى ما توفر القرار السياسي. ..اليوم سنتطرق الى ماهو اخطر بكثير من المضاربات و ما لا تفيد فيه الزيارات الفجئية قدر ما تجتمع بعد القواعد و الشروط و النشريعات فساد من نوع أمر و ادهى و اخطر. و اصعب من قضية حجز. كميات حديد أو مخازن بطاطس.

انها تجارة المخدرات التي تفشت بالبلاد. بصورة رهيبة و مفزعة و متطلبة حلول عاجلة. بما انها تدخل في خانة امن البلاد و خلق اجيال من “المزطولين”…عفوا عن هذه اللفظة الفجة لكنها تنطلق من حقيقة دامغة. إذ لم يعد بالبلاد مكان غير مفخخ بباعة المخدرات حيث يختار ارباب المافيا و فروعها المواقع و التوقيت و قواعد اخفاء “السلعة” وحتى ‘”كلمات العبور ” ان لزم الأمر بل لقد وصل الأمر الى اعلان نقاط البيع على بعض الحيطان امام انظار الجميع …

واذا رجعنا الى تاريخ المخدرات بتونس نرى ان سنوات الخمسينات و ما قبلها في عهد الاستعمار الفرنسي قد شهدت انتشار مادة”التكروري” المزروع في البساتين و سفوح الجبال و الذي يتعاطاه العديد من المدمنين دون رقابة أو عقاب. اعشاب التكروري كانت مشابهة لمغروسات الطماطم وتزدهر ايضا معها و أثناء فصولها. ..و إثر استقلال البلاد و خلال سنة 1957 قرر بورقيبة شن حرب شعواء على استهلاك هذا المخدر و توعد المنتجين و حتى المستهلكين باكثر من خمس سنوات سجنا كما حشد لذلك فرقا تابعة لوزارة المالية من اعوان الديوانة الى مفتشي و متفقدي الوزارة.

والطريف انه امر بتفتيش الحقول عبر كل ولايات البلاد وزجر من تثبت عليه زراعة هذا المخدر .لم تنقرض مادة التكروري تماما لكن الرعب من السجن و العقاب المال نجح في انكماش المخدر باكثر من 90 بالمائة باستثناء بعض بقايا المافيا الذين اصبحوا يزرعون التكروري بحواشي الآبار و في الجبال أو بعض السطوح كميات لا تفوق جزءا يسيرا للاستهلاك و قد عرفت بعض الاماكن هذه العمليات و تم كشف بعضها …

أثر 1987 برزت بالبلاد ولادة جديدة لمافيا قوية مرتبطة بالمافيا السيسيلية لعل من المهم التذكير بأن قائدها لم يكن عندئذ إلا “المنصف بن علي” شقيق الرئيس زين العابدين بن علي …و تم قتله وتتضارب الأخبار بخصوص وفاته إن كان الرئيس هو من تخلص منه أو ان المافيا الايطالية هي التي قضت عليه، خاصة ان بعض مساعديه قد تمت ايضا تصفيتهم جسديا في تلك الفترة.

حتى خارج البلاد انتشرت المخدرات لكن بقيت محافظة على الصورة المحتشمة في عهد الطرابلسية الذين ركزوا على الملاهي و النزل و بعض المقاهي بالاحواز الراقية مثل احياء المنازه و النصر …لكن الامر استفحل بعد انتفاضة 2011 حيث برز ت العصابات المنظمة المدعومة بمن اطراف نافذة و بآليات الارشاء والاغراء بمبالغ. هامة قد تصل الي أجر سنوي لضابط الديوانة أو الحرس الحدودي ..و تفشت الظاهرة و انتشرت و دعمت ذلك التوسع بتركيز باعة جملة و تفصيل في جل أو كل الأحياء و تضاعفت الاكشاك التي تخفي وراءها جزء من منظومة تزطيل اجيال كاملة و العبور الى محيط المعاهد و حتى المدارس الابتدائية ..

هذا طرح لوضعية المخدرات ببلادنا و لا سبيل الي الانتصار على هذا الوباء الذي تقوده مافيات منظمة تنظيما محكما وجدت مجالها في ظل منظومة اكثر فسادا و رغبة في تخدير و تمييع وتفقير اجيال من الصغار والكبار ….ويبقى في نظرنا الحل ممكنا من خلال فرض تشريعات جديدة حول آفة المخدرات. كتسليط عقاب بالسجن لاكثر من عشر سنوات ضد كل من يثبت تهريبه المادة المخدرة مع تاميم املاكه النقدية و العينية باستثناء ما كان من التراث الثابت، و الضرب كذلك باكثر قوة على ايدي باعة الجملة، وتسليط خطايا مالية هامة على باعة التفصيل مع منعهم من رخصة التجارة (الواجهة)و غلق المحل مباشرة.

هذا بالإضافة إلى.سن قانون اكثر صرامة ضد كل موظف مرتش أو متساهل أثناء أداء عمله تجاه نشـــاطات هذه المافيا …

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version