دأبنا منذ سنوات على الخوض في عديد المشاكل والشواغل سواء منها المحلّية او الاقليميّة … ويبدو الامر منطقيّا جدّا ..و هذا الواقع ليس مقتصرا على تونس والتونسيين بل هو في جلّ البلدان العربيّة … وجسّدنا هكذا المثل الشعبي (كلّ فول لاهي في نوّارو)، و حتّى هذا المثل قابل للنقاش ..
فنبتة الفول بقدر اهتمامها بنوّارها لا يمكن حصرها في كينونتها فقط .. نبتة الفول تخضع هي ايضا لكلّ النباتات التي تقاسمها العيش في محيطها .. فعمليّة الريّ مثلا تختلف ان جاورها نباتات اخرى وكذلك عمليّة تغذيتها بالسماد هي تأخذ فقط نصيبها من هذه الفيتامينات .. وربّما هذا ما يفسّر حتميّة التعايش في علاقاتنا اقليميا ..نعم هي حتميّة لانّ رياح الشهيلي التي تهبّ على الجزائر الشقيقة حتما سنتاثّر بها ومنها .. وبلفتة صغيرة لما حدث في ما اسموه بالربيع العربي رغم انّه كان عبريّا بالاساس ندرك جيّدا اقليميا كيف تهاوت عديد الانظمة كحجر الديمينو الواحدة تلو الاخرى .وكان نجاحا باهرا لعرّابي ذلك الربيع … لكنّ الله توعّد الشيطان بهزمه مهما كانت شيطنته وخرج لهم ذات يوما السيسي وافسد كلّ مخطاطاتهم .وللاعني السيسي واصلوا لعناتكم ولكن ذلك ما وقع…
ما استرعى انتباهي في بلدي مواصلة الخوض في عديد المشاكل الداخلية ..25 جويلية وما قبله وما بعده …المنظومة التعليمية ما لها وما عليها .. المنظومة الرياضية وتعفنّها منذ ان اعتلى الجريء وجماعته سدّتها .. الوضع المعيشي المتردّي … هجرة افارقة جنوب الصحراء وما لها وما عليها .. لقائل ان يقول طبيعيّ جدا ان نهتم بمشاغلنا وان يدلي كل واحد منّا بدلوه .. رغم انّ جلّ الدّلاء تهبط فارغة تطلع فارغة .. لكأنّ قدرنا ان نمضغ الهواء .. لكن اين نحن بما يقع في العالم ؟؟
في فلاش باك لما درسناه في التاريخ تحضرني صورة الحرب العالمية الثانية … المشهد انذاك زعيم الماني عزم على احتلال العالم وكوّن محورا لذلك ونجح ايما نجاح في بداية الحرب لكنّه اخطأ في حساباته .. وكانت بداية نهايته مع الدبّ الروسي وتحالف الحلفاء لاسقاطه مع شريكيه الرئيسين ايطاليا واليابان …الحرب كان وراءها مجانين ككلّ الحروب ولم تقف عند قارة معيّنة بل “طشّها” لحق عديد الدول ومن ضمنها تونس كما تعلمون ..وكان لابدّ من مجنون آخر ليضع حدّا لاوزارها وكان انذاك المجنون الامريكي ترومان والسلاح النووي وهيروشيما وناغازاكي …
ومرّة اخرى وهذه لكارهي بورقيبة، كان الموقف التونسي من خلال زعيمه موقفا ينمّ عن رؤية استشرافية جيّدة في التحالف مع معسكر الحلفاء ..وفي كلّ الحروب سواء تحالفنا او لم نتحالف مع ايّ طرف سنجد انفسنا ورغما عنّا معنيين بتلك الحرب باعتبار موقعنا الجيوسياسي الهام جدّا لايّ طامع فينا .وفي افريقيا الغنية بخبايا ارضها وبشمسها وطاقتها عموما ..
اعود الى الواقع عالميّا الان وخاصة بدءا من الحرب الاوكرانية الروسية السنا على بعد امتار من حرب قد تأتي على الاخضر واليابس ..اذ من غير المعقول ان تواصل آلاف المصانع الحربية انتاج السلاح دون استعماله ..ثمّ روسيا وهي تقدم على اكتساح الاراضي الاوكرانية هي دون جدال مدعومة من التنّين الصيني الرهيب والذي قال عنه المفكّر والديبلوماسي الفرنسي آلان بيرفيت في كتاب نشره في بداية السبعينات (عندما تستيقظ الصين سيرتعش العالم) دون الحديث عن مجنون كوريا الذي لا نستغرب منه ان نجده يوما يسبح في ايّة مياه من مياه الكرة الارضية …
السؤال هنا ..ورغم كلّ مشاكلنا التي لا تحصى ولا تعدّ هل هنالك كيانات تنكبّ في تونسنا على ماهو قادم ؟؟ اعيد القول واختم ..مهما حاولنا الحياد والانعزال عن ايّ محور سنجد انفسنا في اتون كلّ ما سيقع …انذاك لن ينفعنا لا (يسقط الانقلاب ) ولا (يحيا قيس سعيّد) …فقط ما ينفعنا اناس بحكمة سقراط وببراغماتيّة خالد بن الوليد …