إذا كانت المطرقة هي الأداة الوحيدة في يدك … سترى كل شيء مسمارا !
نشرت
قبل 3 سنوات
في
كانت رحلة ولا أجمل… كلفتني عشر ساعات سياقة ذهابا وإيابا… ورغم جمال الطريق أفقدتني لهفة الوصول الكثير من الإحساس بذلك الجمال… قضيت بضعة أيام أحتفل بعيد الحب مع بنجي وجازي، وياله من عيد!
والداهما سافرا إلى لاس فيغاس ليحتفلا به على طريقتهما، وتركاني مع ملاكين لأحتفل به على طريقتي.
……
تركت لي ابنتي قائمة بما يجوز ومالا يجوز…
بنجي ازداد وزنه فوق المعدل العام للأطفال في عمره، أرجوك يا أماه أن لا تعطيه الحليب الكامل الدسم..فقط نصف موزة مع الإفطار..عصير فواكه غير مضاف إليه السكر…لا آيس كريم…لا بيتزا…لا همبورغر…لا هوت دوغ…انتبهي في الحديقة العامة فهو يركض بدون انتباه..لا تدعيه “يعربش” على القضبان بمفرده، لا تدعيه يتزحلق بمفرده…لا تشتري لهما لعبا، لم يعد لدينا مكانا لنحتفظ بها!
لا…لا…لا…و تطول القائمة ولا تنتهي…
….ألقيت بالقائمة في سلة المهملات… وكسرنا كل القيود…شربنا حليبا كامل الدسم، وأكلنا آيس كريم وبيتزا وهمبورغر، وكل ما وقعت عليه عين بنجي…تعربش بمفرده، وتزحلق بمفرده، وركض بمفرده، وبقيت أراقب من بعيد وأضحك على قوائم الامهات…زرنا متجرا للألعاب واشتريت لهما ما اختاراه…سمحت له ولأخته أن يمارسا داعشيتهما، ويقطعا رؤوس اللعب وأطرافها من خلاف، دون أن أكترث!.
……
فعلت ذلك لسببين لا ثالث لهما:
ـ الجدة تأمر ولا تؤمر !
ـ ديكتاتورية الجدة كديكتاتورية الله، كلاهما فرض وليسا خيارا!
فالتربية بالنسبة للجدة، وبعد أن تدربت بتربية أولادها، التربية بالنسبة لها تتم بالحدس ووفقا للأحاسيس الدفينة بما هو صح وما هو خطأ، ولا تتم وفقا للقوائم!
هناك عامل مشترك بين الجريمة والإبداع…كلاهما كسر للقيود وتجاوز للأعراف…الإبداع بدافع الحب، والجريمة بدافع الكره، ولذلك شتان بين الاثنين.
……
سألتني مرّة ابنتي: ماما، يبدو أنك ربيتِنا بطريقة أسهل وأقلّ تعقيدا مما يتحتّم عليّ أن افعله مع جازي وبنجي، ما السر؟
ـ السر يا بنيتي أن تتبعي حدسك وأحاسيسك كأم، وتربي بطريقة عفوية تلقائية دون توتر واستنفار…هذا السر لا ينطبق على التربية وحسب، بل على كل شيء في الحياة..الحياة يجب أن تعاش بطريقة تلقائية عفوية دون توتر…كلما واجهناها بسلام وسكينة، عشناها بمتعة وبلا تحديات…عندما نتوتر، لسبب أو لآخر، يخلق التوتر لدينا نوعا من الطاقة السلبية التي تصطدم بكل شيء نصادفه حتى لو كان حقلا من الزهور…
يفقدنا التوتر، أيا كان نوعه، قدرتنا على أن نملك إحساسا بالهدوء والطمأنينة، فينقلنا من وضع سيء إلى وضع أسوأ…ليس هذا وحسب، فالتوتر ينتقل بالعدوى، تلك حقيقة فلسفية وعلمية في آن واحد…لقد أثبتت التجارب والدراسات أن الناس المتوترين يساهمون في توتير من حولهم!
وتأتي الحقيقة الفلسفية لتؤكد أن نوع الطاقة التي يملكها الإنسان يتوقف على الحالة العقلية التي يعيشها، ومن ثم يشع تلك الطاقة أيا كان نوعها، يشعها كي يمتصها الناس من حوله..من كان في وضع عقلي مسترخٍ وهادئ يشع طاقة ايجابية تبث في الآخرين من حوله العزم والنشاط..ومن كان عقله في حالة تأزم واستنفار يشع طاقة سلبية تستنزف عزيمته وعزيمة الآخرين من حوله…..