ماذا لو أفقنا اليوم على خبر وفاة راشد الغنّوشي؟؟ فالموت حقّ على الجميع ولن يهرب منها أيّ إنسان…المؤمن والملحد… الكبير والصغير.. الغنيّ والفقير.. تاجر السلاح أو تاجر الدلاّع أو تاجر الدين أو تاجر السياسة.
ومع أنني لا أتمنّى الموت لأحد سواء من السياسيين أو غيرهم، فأنا لا أهتمّ بهم وليس لي أيّة ذرّة إعتبار أو إحترام لهم على بِكرة أبيهم من أوّل نائب في لجنة عياض بن عاشور إلى آخر نائب في مجلس نوّاب الهانة ومن أوّل وزير في حكومة حمّادي الجبالي إلى آخر وزير في حكومة هشام المشيشي. ولكن لنفترض أننا أفقنا اليوم على خبر وفاة راشد الغنّوشي، فمن سنراه يا تُرى يبكي وينتحبُ؟ إذا كانت إجابتكم يمينة الزغلامي أو جميلة الكسيكسي أو نورالدين البحيري أو العجمي الوريمي فإجاباتكم خاطئة…
أوّل من ستُقطّع شعرها بسبب موت راشد الغنوشي هي عبير موسي… نعم لقد قرأتم الاسم الصحيح… فهو يمثّل الأصل التجاري الذي تتمعّش منه منذ سنة ونصف وتستمدّ من شتمه أساس وجودها… لاحظوا أنه لا يمرّ يوم واحد من دون أن تُكيل له ولحزبه الشتائم وأقذعِ النعوت… فكلّ برنامجها هو الغنّوشي والإخوان وكأننا في تونس لانشكو الفقر أو التهميش أو المرض أو البطالة أو إهتراء البنية التحتية ( وحتى الفوقيّة ) أو تدنّي التعليم أو إفتقاد الأمن..
أنا على قناعة أنّ راشد الغنّوشي هو فعلا أحد أهمّ أسباب البليّة في المشهد السياسي الحالي بما يقوم به من “تكتيكات” تصبّ كلها لصالح عائلته أوّلا وحزبه ثانيا وأنصاره ثالثا … ثمّ لصالح تونس (إن وجد لها مكان)، وما إنتفاضة قيادات حركة النهضة ضدّه – وأهمّها عريضة المائة – إلاّ علامة سخط داخلي ضدّه وضدّ سياسته، ويبدو أنّه محاط بمستشارين من “اللّحاسة” على غرار محمد الغرياني، يصوّرون له الأجواء ورديّة ويقدّمون له نصائح مسمومة ملفوفة بالورود… وأبرز النصائح المسمومة هي تلك التي نصحته برئاسة البرلمان.
وأنا على يقين أيضا أنّه لو إنسحب راشد الغنوشي من الحياة السياسيّة بالموت ( ولا أرجوها له ولا لغيره ) أو بالاستقالة من رئاسة البرلمان والنهضة (وهذا أمر مستبعد ) فستكون عبير موسي أولى من “تترزا فيه” فلن تجد خصما تسبّه يوميا وتجلب به أنصارا لحزبها ولن تجد من يساندها في أعمالها الوطنيّة الكبيرة : الإعتصام “بالبطّانيّة” داخل المجلس والصياح بواسطة بوق ولبس خوذة في قاعة الجلسات وصدريّة مضادة للرصاص (والمفروض أن يحاسب من سلّمها لها إذا كان فعلا من عناصر الأمن)..
وعندها فقط سنكتشف إن كان لعبير موسي برنامج إقتصادي وإجتماعي تطرحه على التونسيين أم كلّ برنامجها “الغنّوشي بيه.. الغنّوشي عليه”.