ثلاث سنوات منذ جلوس “مولانا” على كرسي قرطاج شريكا في الحكم بالتراضي…وسنة وستة وسبعون يوما منذ “انقلاب” “مولانا” على شركائه واستحواذه على كل مفاصل الحكم والدولة دون رضاهم… وسنة منذ جلوس وزيرته الأولى على كرسي القصبة، فما الذي تغيّر؟ وما الذي تمّ إنجازه خلال كل هذه المدّة وهل حقّا نحن اليوم أفضل حالا مما كنّا عليه؟
الواضح من خلال الوضع الميئوس منه اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا أننا لم نتقدّم خطوة واحدة إلى الأمام بل تدحرجنا إلى الوراء مسافة كبيرة جدا، قد يُغضب كلامي هذا بعض أتباع “مولانا” وقد يصرخون فيوجهي قائلين لو كنت مكانه ماذا أنت فاعل؟
لو كنت مكان “مولانا” لا أختار نهج الأحقاد لأحكم…ولا استمع لأصوات الحاقدين…ولا لما يقوله هذا عن ذاك أو ذاك عن هذا…ولا أتعامل بالمزاج وأترك العقل والمنطق جانبا…ولا أعادي أحدا وإن كان الجميع خصومي…لو كنت مكان “مولانا” لما اخترت حولي من يوقعني في ما أنا فيه اليوم ومن يوهمني بما لا أقدر أن آتيه، ويغرقني في وضع قد لا تخرج منه البلاد قبل عقود من الزمن…
نحن اليوم نعيش تبعات حُزمة من الأوهام غير قابلة للتنفيذ ولا للإنجاز وضعها بعضهم على طاولة “مولانا” فصدّقهم وعمل بما جاء فيها فوقع بالبلاد ما وقع…فالعاقل اليوم ومن يريد حقّا أن يخرج له الشعب مصفقا ومطالبا بالبقاء هو من يعترف أننا في وضع أسوأ مما كنّا عليه في عهد المشيشي ومجموعته الصوتية (وهو أسوأ وضع عاشته البلاد منذ انتصاب الحماية) وأنه هو من كان وراء جزء كبير من هذا الفشل والسقوط، وأنه من الصعب أن نخرج مما نحن فيه دون أوجاع ودون دموع ودون أن نحتضن بعضنا البعض…والاشجع هو من يجلس مع الجميع ممن لم يفسدوا في الأرض والعرض وهنا وجب القول أنه لا يمكن بأية حال من الأحوال حشر الجميع في خانة الفساد والإفساد كما لا يمكن ان نحاكم الماضي ونحن لم نأت أفضل منه ولم نُنْس الشعب فيه… أقول العاقل هو من يجلس مع الجميع ليبحث عن الطريق الاسلم الذي يوصلنا جميعا إلى مرفأ النجاة بوطن مغدور …مخدوع …جريح ومطعون من أبنائه…فاليوم أكاد أجزم أن المشيشي يضحك ملء شدقيه مما وصلنا إليه بعد أن أبعدناه عن القصبة هو ومن كانوا معه مهزوما مكسور الجنحان، ولا أظنّ أن أحدكم سيقول “أصبحت تدافع عن الهشّ مشْ كما كنت تسميه”…وهنا أقول، الجميع يعلم وخاصة قرّاء “جلنار” أني كتبت في المشيشي ومن معه ما لم يقله مالك في “الفودكا” البوتينية نسبة لبوتين…
أعود لأقول ما الذي نجحنا فيه منذ تولى “مولانا” إدارة شؤون البلاد بمفرده سلطانا وملكا على البلاد يحوم حوله “الآغاوات” من جماعة حركة الشعب والشعب يريد ومن لفّ لفهم من الذين سال ويسيل لعابهم يريدون قضم جزء من كعكة يفاخرون أنهم من صانعيها، في حرملك كانت تسكنه وتشرف على شؤونه من اختارها هو دون غيرها فغدرت به وتسببت له في بعض المشكلات التي لا يزال الشعب إلى يومنا هذا ينتظر نشر تفاصيل حقيقتها كظرف قيل انه أرسل لتسميمها…؟
ما الذي نجحنا فيه…؟ لا شيء…أتعتبرون استشارة مارس نجاحا يُسكّنُ وجع البطون إذا جاعت…أتعتبرون استفتاء جويلية كسبا ثمينا…يزيل وجع سنوات من البطالة والانتظار؟ أتعتبرون الدستور جاء ليجمعنا حول الوطن ومشكلات الوطن؟ لا…لا شيء من كل هذا واقعي وصحيح ولا شيء منطقي حتّى، إنهم يكذبون على الرئيس واقصد “مولانا”…إنهم يخدعونه ولا أعرف ما الغاية من وراء ذلك…إنهم يسيئون له ولتاريخه الذي يريد كتابته مع من حكموا البلاد قبله، فهل تفطّن لما يدور حوله؟ وهل هو على بيّنة من أنه سلك طريقا مسدودة وأنهم أوهموه بما لا يمكن إتيانه؟ هذا السؤال الأهمّ والأخطر الذي وجب طرحه اليوم ونحن في وضع لا نحسد عليه …
خلاصة الأمر، لقد نجح الوضع المأسوي الذي تعيشه البلاد اليوم في فضح وهْم 25 جويلية وضحالة محتواه وما وصل إليه رغم حشد الأتباع والمسؤولين المحليين والجهويين واستئجار العديد من الحالات الفقيرة والمهمّشة ونزول كبار السن يفرحون دون وعي منهم لحدث لم يعرفوا ما هو ولم يغيّر حالهم وأحوالهم…قيد أنملة…
ماذا غيّر “مولانا” في حال البلاد وشبابها يهاجر هربا مما هو فيه…ماذا غيّر مولانا في حال البلاد وآلاف الأمهات يبكين فلذات أكبادهن منهم من مات غرقا وأكلناه حوتا اصطدناه…ومنهم من اختار غربة لا أحد يعلم كم ستطول دون أن يسعد بحضن أمه التي قد تموت دون رؤية من عاشت تتمنى احتضانه واحتضان أبنائه…ماذا غيّر “مولاكم” و”مولانا” من حال هذا البلد…لنعترف…فالتاريخ سيكشف حقيقة يحاول بعضنا اليوم إخفاءها وتجاهلها وتحويل وجهتنا عنها…نحن اليوم نعاني الفشل الأكبر…الفشل الذي لا يمكن الخروج منه خطوة واحدة دون أوجاع وآلام فهل نحن في حاجة إلى المزيد من الأوجاع؟
خلاصة قولي…إنهم عليك يكذبون “مولانا” وسيواصلون…وسيخدعون…وسيغدرون…ويوم يسقطونك سيفاخرون بأنهم هم من أخرجوك من الحكم…كما اليوم يفاخرون، أنهم هم من صنعوك ومن أوصلوك لقرطاج، وهو قولهم وما يروّجون…وستعرف ذلك يوم مجلسك النيابي باتباعهم يملؤون…ولسحب البساط من تحت أقدامك يعدّون…
قريبا ويوم يدركون ان البلاد غرقت في وحل اجتماعي واقتصادي يصعب الخروج منه دون جراح وأوجاع سينفضّون من حولك وبرحيلك سيطالبون…وسيهربون …هذه حقيقة قد لا يغامر بعضهم بقولها وأنت الحاكم بأمره سلطان البلاد وملك العباد…قلتها اليوم وأنا لست من الأتباع…ولست ممن بايعوك…قلتها لأني لست ممن بخداعك يفاخرون…قلتها لأني لست ممن يغدرون أو يخونون …قلتها لأني لا أعبد ما يعبدون ولا أصفّق لمن يصفّقون…ولست ممن لقطعة من كعكة السلطة ينتظرون … فهلاّ عرفت اليوم ما يضمرون…فبالله عليك “مولاي” يوم يفعلونها لا تقل كنت أحسب قولك قول مجنون؟؟؟ فما أنا بمجنون…