توالت الزيارات على بلادنا و اصبحت منذ قرارات الرئيس أواخر شهر جويلية الماضي محط رحال اعداد من المسؤولين الدوليين و تحرك سفراء و اعضاء برلمانات و أصحاب تصريحات.
ورغم أن هذه التحركات الدبلوماسية تعد نسبيا شبه هادئة في مجملها و يرغب أصحابها في معرفة دقيقة لمآل نظام الحكم و وضع الديمقراطية، إلا ان البعض منها يعد تدخلا سافرا في القرار الوطني والشعبي الذي أزاح غمة كم اثقلت كاهل البلاد و افلست مواردها و دورتها الاقتصادية والاجتماعية …و لكن دعنا نقل إن كل هذه المطبات و المعطلات. قد غذتها نزعة الاستقواء بالخارج من لدن جهة أضحت خاسرة جراء هذه القرارات.
بل دعنا نقل ايضا ان بعض الجهات التي كانت ممثلة بمجلس النواب المعلق قد مسها الضر باعتبار ان مصالح احزابها وحتى مصالحها الشخصية تأتي قبل مصلحة الشعب أو إصلاح حال بلد انهكته سياسات فاشلة لاكثر من عشر سنوات …. غرد البعض خوفا على الديمقراطية في حين انهم لا يكرسون أية ديمقراطية داخل احزابهم. و كان قيس سعيد رغم هالة الغموض التي أحاطت به أول انتخابه كرئيس للجمهورية بنسبة عالية جدا، مصمما بحدة و جدية على مواجهة موجة هذه التدخلات الخارجية التي تحركها بعض الاستعداءات تجاه وطن يخطو خطواته الاولى على طريق الديمقراطية. و قد أجاب سعيّد زوّاره و اجهد نفسه في اقناع النيات العادية منها و الوقحة مبديا تمسكا بسيادة البلاد وسيادة الشعب كما أكد على دعم الحريات و ضمان الديمقراطية واصلاح خلل مسالك الحكم التي وصلت بالبلاد الى حافة الخطر …
البارحة، أعلن وليد الحجام مستشار الرئيس عن الخطوط العريضة لخارطة الطريق مثل انهاء العمل بدستور 2014الذي لايخلو من مطبات و فخاخ لعل اولها شكل النظام الذي ارادوه برلمانيا فانقلب إلى “انشقاقي” لم يسفر الا على مظاهر بلطجة و تكفير و اعتداءات و مس بما بقي لاجهزة الدولة من مقومات، و اجتمع فيه داعمو الارهاب و المهرجون و الوصوليون و المهربون وباعة الذمم … كما صرح الحجام أن النية تتجه نحو ابدال الحكم الى رئاسي(وليس رئاسويا)، وتنظيم استفتاء شعبي. مما يعني ايضا تنظيم انتخابات تشريعية سابقة لأوانها.
و موضوعيا كما يقول المثل الفرنسي On ne fait pas d’omelette sans casser des oeufs ..لقد أقر الرئيس سعيّد وجود البعض قيد الاقامة الجبرية و منع سفر من تعلقت بهم قضايا أو شبهات قوية لدى القضاء. كما شهدت الساحة بعض الاعتداءات على المتظاهرين، الشيء الذي لا يدعو للطمأنينة حسب عديد الاطراف السياسية و المجتمعية. وبالمقابل، لم يول أي اهتمام لأصوات المنادين بغلق بؤرة القرضاوي (فرع الاتحاد العالمي علماء المسلمين) ببلادنا، و لم تتم الإشارة الواضحة تجاه فتح ملفات حارقة كالجهاز السري و التسفير و الاغتيالات. وقد يعدّ هذا بالنسبة إلى القوى التقدمية و المدنية سببا للاحتراز و الخوف …
صحيح ان قرارات قيس سعيد لم تحتفل بشهرها الثاني لكن المطلوب ان يبعث مجددا برسائل طمانة بإتجاه ضمان حقوق الانسان و حقوق المرأة و دعمها ودعم الديمقراطية و حرية الرأي و الصحافة و النفاذ للمعلومة و فرض قضاء مستقل و بعث محكمة دستورية ومراجعة النظام الانتخابي على اسس ديمقراطية عادلة تترجم الارادة الحقيقية لاختيارات الشعب.
ان أي مسؤول سياسي اليوم،سيجد نفسه حتما امام شعب تعلم الدرس البراغماتي و لا يهدي الصكوك على بياض و أظن ان الرئيس قيس سعيد يدرك الأمر جيدا وستكشف الايام و الاشهر القادمة عن مآلات ذلك ..