اشرب قهوتك على ذوقك … واسمح لغيرك أن يشرب الشاي على ذوقه !
نشرت
قبل 3 سنوات
في
لي صديقة عزيزة علي..
نلتقي صباح كل يوم أحد على فنجان قهوة في مقهانا المفضل. أول ما تعرفت عليها لفت نظري كمية السكر التي تضعها في فنجان قهوتها،
وكانت تثير لدي شعورا بالغثيان، لأن ذرة من السكر ـ لو سقطت سهوا في فنجان قهوتي ـ ستفسده!
كنت مرّة مدعوة إلى الغداء في بيتها، ثم قدمت لنا الشاي مع بعض الحلوى…هممت بوضع ملعقة من السكر في فنجان الشاي، فصاحت: يا الهي، استغرب كيف تقدر الناس على شرب الشاي المُحلَّى!
فقلت لها: وأنا أستغرب كيف يقدر الناس على شرب القهوة مع كمية كبيرة من السكر!
لله في خلقه شؤون، أليس كذلك؟
…….
هكذا نحن البشر، ولهذا يجب أن نقبل بعضنا البعض على علاتنا!
هي تحب القهوة المحلاة، ليست قضية!
وأنا أحب الشاي المحلى، ليست قضية!
لا أعتقد أن أكبر خلافاتنا، (إلاّ ـ اللهم ـ إذا كان الأمر خلافا على قضية حياة أو موت) أكبر من قضية الشاي المحلى والقهوة المُرة!
لذلك، علينا أن نقبل الناس على علاتهم، بشايهم المحلى أو بقهوتهم المرّة، طالما لا يتعارض الأمر مع أن نكون ذواتنا ونلعب الدور الذي يميزنا!
عندما تقبل الآخر كما هو، تساهم في إجباره على أن يقبلك كما أنت
…….
الحرية الحقيقة نمارسها عندما نكون أنفسنا، وليس خليطا من أشخاص غير متجانسين فرضوا علينا عبر رحلة الحياة أن نتقمّص شخصياتهم!
انظر إلى نفسك بالمرآة، وقل لي من ترى؟ هل ترى ذاتك التي تحب وترضى عنها؟ أم ترى شخصا غريبا يصعب عليك أن تتبين ملامحه، وبالتالي أن تتآلف معه! تذكر دائما بأن من حقك أن تكون مختلفا عن غيرك، ولا تسمح لأحد أن يقولبك حسب قياسه!إذ لا يوجد قالب واحد لكل القياسات!
…….
من أصدقائي الذين أعتزّ بهم السيد “آري ليبسكي”، قائد اوركسترا في أمريكا…
آري درس هندسة فضاء وتخرج بتقدير جيد…يوم استلم شهادته توجه إلى السيدة والدته وناولها الشهادة قائلا: لقد حققت لك حلمك اليوم، وحان الوقت لأحقق حلمي،ثم أدار ظهره وعاد ليمارس شغفه!
ولد ليكون موسيقيا وعاش ليكون موسيقيا …وها هو يعيش شغفه، فتبدع أنامله…لم يحلّق بنا عبر “علومه في هندسة الفضاء” لكنه حلق بنا من خلال موسيقاه
…….
كذلك، هو أنت….كن نفسك، لأنك لا تستطيع أن تبدع مالم تمارس شغفك الذي هو جوهرك…ولكي تكون نفسك اسمح لغيرك أن يشرب الشاي حسب ذوقه كما تشرب أنت قهوتك حسب ذوقك!