تابعنا على

جلـ ... منار

الأخلاق و القطيع

نشرت

في

وفاء سلطان

سيدة اقتطعت من أحد فصول هذا الكتاب عدة عبارات، اقتطعتها من سياقها الفكري، ونشرتها على صفحتها تحت عنوان “هذه هي أخلاق السلطانة”!!!

متوهمة أنها تملك ريش الطاووس، وفي محاولة يائسة لنفش زغبها على حسابي،

عملا بقول الشاعر:

إن البغاث بأرضنا يستنسرُ !

……..

وفاء سلطان
<strong>وفاء سلطان<strong>

في الحالات العادية لا أحد يدخل صفحتها أو يأخذها بعين الإعتبار، لكن العنوان جذب بعضا من غلمان الفيس بوك

، فكتب أحدهم تعليقا، يطبطب به على كتفها:(هذه نصيريّة ـ علوية ـ وموالية للمجرم بشار الأسد، تعيش في قصرها ولا تأبه لكارثة شعبها، هل سمعتِ في حياتك أنها تبرعت لجمعية خيرية)؟!

يبدو أنه حكم عليّ من خلال مقارنته لي بخادم الحرمين الشرفين،الذي ضحى بكل أمواله في سبيل أخوته السنة في سوريا،سرا وعلانية(!!!!!!)، أما أنا فلم أفعلها…

أو هو يريدني كوجهاء مسجده، الذين هم كالفرخة التي تمصّع بيضة صغيرة فتملأ الحي بقيقا، لا يناولون أحدا كسرة خبزإلا أمام الكاميرات والميكرفونات!

لن يصدق أن وفاء سلطان تتبرع حتى تسمع الهند والسند، وتذيعها الـ سي إن إن وفوكس نيوز!

وكم يعنيني أن يصدق أو لا يصدق!!!

بالعكس تماما، يسعدني جدا أنه لم يسمع في حياته أنني تبرعت لجمعية خيرية.لأنها حقيقة تعكس أخلاقي، وتفضح مفهومهم للخير، وسلوكياتهم عندما يتعلق الأمر بفعل الخير!

يعود بي هذا التعليق إلى مفهومي للذكاء الأخلاقي، والذي تعلمته هنافي أمريكا!

للذكاء الأخلاقي سبعة معايير، لست هنا بصدد شرحها، ولكن أود أن أشيرأن أحدها وأهمها هو: المنطق، إذ لا تستطيع أن تكون خلوقا مالم تملك الحد الأدنى من المنطق!

حسب منطقهم:ـ من كان علويا، هو بالتأكيد موال لبشار الأسد!ـ من يعيش في قصر هو شخص سيء للغاية، وخصوصا إذا كان علويا.ويُستثنى من هذه القاعدة أثرياؤهم، لأنهم يتبرعون بالسجاد العجمي والثريات الفاخرة لجوامعهم!ـ

من لم تسمع أو تقرأ عنه أنه تبرع لجمعيات خيرية، هو ـ بالتأكيد ـ إنسان بخيل وسافل!

هذا هو منطقهم، وبناء عليه نستطيع أن نقيس مستوى الذكاء الأخلاقي عندهم!

كان الحاج محمود، وكلما عاد من الحج، يتبرع بسجادة لجامع الحي الذي كنت أعيش فيه.

فور عودته كان الزعيق يبدأ من أربعة ميكروفونات منصوبة على مئذنةالجامع، تكبر وتهلل لهذا العمل النبيل!

الله يرحم جارتي الحلبية “أم أحمد” التي كنتُ أعيش في بيتها بعض الوقت أيام دراستي في حلب. كانت أم أحمد وببراءتها المعهودة وامتلاكها لروح النكتة، كانت تردد فور سماعها زعيق الجامع:

( وبااااا يؤوشو…. بيتبرع بحصير وبؤولو سجادة، ياموووو…شوي تاني رح يؤولو سجادة عجميّة)!!!(وبا يؤوشو: باللهجة الحلبية تعني: انشالله يحصده الوباء)

نعم، أمام الملأ كان الحاج محمود يضرط حصيرا من القش فتخرج من ميكر;فون الجامع سجادة من الصوف العجمي!

لم تستطع حصيره يوما أن تملأ بطنا خاوية أو أن تثري عقلا ضحلا!

ولم يستطع أحد أن يعترض على ذلك،فالحاج محمود يملك نصف الحي، ويضع جميع روّاد الجامع في جيب دشداشته!!!!

هذا هو منطقهم ومستوى ذكائهم الأخلاقي،ولا تستطيع أن تغيّر منطق شخص نحو الأفضل، طالما يقتات منه، أو يحاول من خلاله أن يبيّض سواد ضميره على حساب سمعة غيره)!!

……..

سأبيع هذا الغلام علويتي بقشرة بصلة، لو قبِل أن ينضج إنسانيا وأخلاقيا، وينظر إليّ كإنسانة أقرب إليه من بياض عينه إلى سوادها.ليس هذا وحسب، بل سأشاطره خبزي شرط أن لا تعرف يده اليسرى ما أخذت اليمنى!

لكن طالما تتغلغل التقاليد عميقا في الوعي واللاوعي عنده، من المستحيل أن يطهّر نفسه من خبثها وحقدها وغلوّها!تباً لإله وهمي قبل أن يخلقنا يحدد أدياننا وطوائفنا ويحفر خنادقا بيننا

……..

يقول الفيلسوف الفرنسي غوستاف لوبون:

(الجموع لا تشعر بالعطش لمعرفة الحقيقة، لا يريدون أن يروا البراهين التي لا تتماشى مع أذواقهم،هم يفضلون أخطاء الآلهة، مادامت هذه الأخطاء تخدرهم)!

بقدر ما هي محبطة تلك الحقيقة، قادني إحباطي إلى حقيقة أخرى، ألا وهي: ليس شرطا أن تعي تلك الجموع أبعاد وتفاصيل الحقيقة.كل مايحتاجه هذا العالم هو نخب قيادية شجاعة، تعرف كيف تلجم القطيع المغيّب عن الوعي وتضبط سلوكياته،بطريقة تمنعه من أن يتناطح ويؤذي بعضه البعض.وعليها أيضا أن تضمن له مراعيه وتشغله بكتبه الدينية المقدسة، فاللقمة هي غايته، وكتابه الديني هو حدود حريته وقمة رفاهيته!

هذه الحقيقة أعيشها بحذافيرها هنا في أمريكا،بينما في بلادنا مازال القطيع، بمختلف أديانه وطوائفه يتخبط بلا قيادة.قاذوراته تملأ اسطبله، وتقوده من وضع قذر إلى وضع أقذر!!

أذكر بهذا الخصوص، قرأت أنه في الخمسينيات من القرن المنصرم، كان رجل أمريكي نسيت اسمه ـ مرشحا للرئاسة الأمريكية.بدأ يخطب في الجموع عن برنامجه الانتخابي، فوقفت امرأة وصاحت:يالك من مرشح عظيم، يجب على كل أمريكي يملك ذرة عقل أن ينتخبك!

رد على الفور: هذا لا يفيدني، أحتاج إلى الأكثرية لأفوز!

طبعا خاصية القطيع المغيّب عن الوعي موجودة لدى كل شعوب الأرض، والأقلية في كل شعب هي التي تملك عقلا، وهي وحدها المرشحة للقيادة.إذ أن القضية هي ـ عموماـ قضية نخب وقيادات، وليست قضية جموع وقطيع!

هل مطلوب منا أن نبني جامعة سوربون كي تقنع زغلول النجار أن تأجير فرج زوجته لغيره في حال غيابه رذيلة وانتهاك لحرمة المرأة؟!!

طبعا لا…عندما يسقط رجل في مستنقع كهذا، ستكون محاولة انتشاله استنزافا بالمطلق!!

لكن المطلوب أن تضع النخب القيادية قوانين تحمي فرج المرأة، في حال قررت هي أن تحميه،وتضمن تطبيق تلك القوانين بحذافيرها، وبقوة!

كلما تبلورت طبقة النخب وزادت قدرتها على القيادة بحكمة وعقلانية، كلما كان ذلك مؤشرا على تقدم ورفاهية المجتمع الإنساني، بغض النظر عن طبيعة قطيعه!إ

ذ لا يمكن أن تحرر من يرى نفسه رهين عقيدة، أيا كانت تلك العقيدة.لكنك، كقائد، ملزم أن تضمن له حياة كريمة ضمن حدود حظيرته، وتحمي غيره من حوافره.وهذا حق القطيع على القيادة!

……..

أنا أكتب لمن يرى في نفسه قائدا، وليس لمن يريد أن يبقى ُمقيّدا ومُقادا!

وكلي أمل أنه من بين دفتي هذا الكتاب، ستتمخض الحياةلتنجب تلك النخبالقيادية التي طال انتظارنا لها في هذا الشرق المعذب!

أكمل القراءة
انقر للتعليق

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جلـ ... منار

لروحك السلام يا آخر العباقرة

نشرت

في

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

غادة السمّان:

ماذا يقال في رحيلك وقد قلتَ كلّ شيء.

يخجل القلب من نعيك، ويضيق الحرف برثائك، تفيض المشاعر حزناً وصدمة إنّما لا يتّسع الفضاء الالكتروني لترجمتها.. تربّطت أصابعي عن النقر على لوحة الحروف واحترقت دموعي غزارة في المُقل.

غبت أيّها المتمرّد الأوّل يا من نفضت الغبار عن فكرنا لنستنير وبقينا جهالاً!

هذا المقال أوائل البدايات في الصحافة كتبته في 2018 وكان من أجمل ما كتبت لأجمل من عنه كتبت

تأثّرت بك وانتظرت عودتك لأعاصر شيئاً من فنّك الأسطوري.

كان مقالي حلماً جميلاً لكنّك رحلت دونما وداع كما أعزّ أحبّائي.

ثقُل كأس الموت يا تمّوز، حرقته لاذعة ترفض التروّي فمهلاً على المواجع

شخصٌ بمثابة الحلم تتمنّى إدراك حقيقته و سبر عمق أغواره، إلّا أنّك إن نلت شيئاً عنه تجد أنّك لا زلتَ على البرّ المربِك، الأكثر حيرةً.

لطالما تمنيّتُ أن أفهم من هو؟وكيف يُفكّر؟ ومن أين يأتِ لنا بكلّ تلك الحقائق الصادمة؟ السّاخرة والآخذة.

لِمَ هو بهذا التعقيد وتلك السلاسة في وقتٍ واحد؟!

كلّما صعُبَ عليك فهمه هان، و كلّما هانت كلماته استصعبت.

ذلك السّهلُ الممتنع ممتلئٌ بالشغف وكثير البرود، أستمعُ إلى حواراته القليلة جدّاً فأتمنّى أن أجد لتساؤلاتي أجوبة..

‎ زياد الرّحباني اعترافات مشاكسة عمّا يجول في خاطره، يفاجِئُكَ ببساطة مفرداته وصعوبة تقبّلها في آن، حين يقول ” أنا مائة ألف شخصيّة فايتين ببعض” ويذهلك بحقيقةٍ أمرّ.

‎مضيفاً “بعد 5 دقائق من ولادتك رح يقرّروا دينك، جنسيتك، مذهبك، طائفتك، ورح تقضّي عمرك عم تدافع بغباء عن إشيا ما اخترتا”!! حتّى أنّه علّق وانتقد تغيير التوقيت حيث قال ساخراً:

‎” كل سنة بتقدموا السّاعة وبترجعوا لورا 10 سنين”.

هل هو بهذه العبقريّة التي يبدو عليها أم نحن بتنا جهالاً، لكثرة ما خذلتنا المعرفة في هذا الوطن الكئيب.

لماذا لا نرى ما يراه و نفقه ما يقوله، ونفكّر ولو قليلاً بنهجٍ يماثله؟!!

ليس زياد الرّحباني ذلك الموهوب، المؤلّف المسرحيّ أو الكاتب والملّحن الموسيقيّ فقط.

بعيداً وباستحقاقٍ جدير بالاعتراف يرتقي إلى مكانة المفكّر العبقريّ، والناقد الأشدّ لذعاً بمختلف ميادين الحياة.

هو مَن لا تفوته فائتة في السياسة والأدب والفن والموسيقى والمجتمع ودائماً ما يُفصّلُ اعتراضات واتّهامات للجميع دون استثناء..

إنّه المشاكس الحذر، الصامت طويلاً ولكن إن حكى، أبكى التخلّف وأحبط مفاعيل الجهل، وصبَّ لينَ الزّيت على أفواه النار.

من هنا فإنّ المسرح اللّبناني في غياب زياد ناقصٌ وعند مستوى خطِّ الفقر!!

إلّا أنّه يغيب فجأةً وينقطع عن محبّيه عمراً. ليمنَّ علينا مؤخراً بعودةٍ خجولة أطلق فيها الوعد بالبقاء.

وها نحن هنا بعد سنوات من القطيعة المجحفة تلك، لا نُريدُ رحبانيّات متفرّقة، بل تتملّكنا رغبةٌ جامحة بلوحةٍ عنوانها فيروز وزياد الرحبّاني يغنيّان معاً، ويكسران كبرياء أفقٍ مثقّلٍ بانحطاط موسيقيّ!

ها هو المجنون العبقريُّ يحطّم صومعته ويُلقي علينا بسحر التراتيل.. بذكاءٍ فطري يضبطُ التوقيت الذي يراه مناسباً. مهما انتظرنا يبدو العناء مستحقّاً أمام جنون العظمة.

حين تدرك أنّ وحدَها النّسور من تغرّد خارج السّرب، وحين تقرّر تعود إلى أحضان فيروزها لتصبح الأغنية صلاة..

أكمل القراءة

جلـ ... منار

دفاعا عن ماجدة الرومي

ردّاً على مقال: حين يعلو الجهل ويخفت الإدراك الموسيقي

نشرت

في

جمال فياض

في زمن تتكاثر فيه الأقلام المتطفّلة على النقد الفني، وتختبئ وراء قناع “المحبة الصامتة” لتبثّ سمًّا باردًا في جسد الإبداع، يطلّ علينا مقالٌ “غير ودّي” عن حفل السيّدة ماجدة الرومي في “أعياد بيروت”، لا يحمل من الحسّ النقدي سوى مفردات طبية سطحية ومصطلحات صوتية غير واضحة أو مبررة ومبتورة السياق.

إن الحديث عن انتقال الصوت من طبقة الـ”Soprano Lyric” إلى “Mezzo-Soprano” أو حتى إلى “Alto” هو كلام صحيح علميًا من حيث التدرج الطبيعي لأي صوت بشري، لكنه يصبح مضللاً عندما يُطرح كأداة للطعن، لا كظاهرة بيولوجية طبيعية يعرفها كل دارس حقيقي لفسيولوجيا الصوت. فحتى مغنّيات الأوبرا العالميات ينتقلن تدريجيًا في طبقاتهن مع التقدم بالعمر، دون أن يُعتبر ذلك سقوطًا فنّيًا، بل نضجًا صوتيًا وإعادة تموضع ذكي للريپرتوار.

أما مصطلح “Tremolo” الذي استخدمته الكاتبة، (وليتها شرحت لنا نحن البسطاء اللي فهماتنا على قدنا معنى المصطلح الذي زودها به أحد المطرودين من حياة الماجدة) وهي استخدمته على عماها فأساءت فهمه على ما يبدو. فالـTremolo ليس عيبًا صوتيًا بالضرورة، بل أسلوب تعبير ديناميكي مقصود في الأداء، يُستخدم في الموسيقى الكلاسيكية والشرقية، ويُضفي بعدًا دراميًا على الجملة الغنائية، لا سيما في الأعمال العاطفية أو الإنسانية. لكنه يتحوّل إلى “اهتزاز غير إرادي” فقط في حالات مرضية مُثبتة طبيًا، وهو أمر لا ينطبق على الماجدة ولم تثبته أي جهة موثوقة في حالة السيدة ماجدة، بل استنتجته الكاتبة بإذن نقدية هاوية غير مؤهلة سريريًا أو أكاديميًا.وربما بأذن مستعارة ، من شخص ما !!

إن وصف الكورال بـ”العكّاز الصوتي” يعبّر عن جهل صارخ بوظيفة الكورال في الموسيقى الكلاسيكية والحديثة وكل الأغاني على حد سواء. الكورال ليس ترميمًا لعيوب، بل جزء أساسي من البنية الهارمونية، يعمل كدعامة جمالية وتعبيرية، سواء في موسيقى “باخ” أو أغاني فيروز أو إنتاجات اليوم الحديثة. حتى أم كلثوم ختمت حياتها الفنية بأغنية فيها كورال ومسجلة في الستوديو، وهي أغنية “حكم علينا الهوى”، فهل غرام بليغ حمدي بإضافة الكورال على أغلب ألحانه كان “عكازاً” لوردة وعبد الحليم وكل من لحّن لهم؟ استخدام الكورال لا يعني ضعفًا بل انسجامًا مع شكل موسيقي راقٍ يسمّى “الهارموني الكورالي”.

أما التلميح إلى أن السيدة ماجدة الرومي “تصارع للبقاء”، فذاك تعبير درامي هابط يتنافى مع اللياقات كما مع حقيقة ما رأيناه وسمعناه: فنانة قديرة تتحكّم بمسرحها، تدير الفرقة بوعي موسيقي عالٍ، تؤدّي بجملةٍ صوتية مدروسة تحترم مساحة صوتها الحالية، وتوظّف إمكانياتها التقنية بإحساس رفيع دون أن تفرّط بكرامتها الفنّية. ذلك يسمّى في لغة الموسيقى “interpretative maturity” أي النضج التعبيري، وليس انهيارًا كما يحاول البعض التسويق له بلغة “فيسبوكية” مستهلكة.

وأخيرًا، المقارنة بين ماجدة وصباح وفيروز مضلّلة وغير دقيقة. فكل صوت حالة مستقلّة، وكل مدرسة غنائية تُقاس بمعايير مختلفة. وإن كانت فيروز قد اختارت الابتعاد، في مرحلة ما بعد السبعين ،فذاك قرار شخصي لا يُفرض كنموذج على الأخريات. لأن أم كلثوم ظلّت تغني حتى العقد الثامن من عمرها، وهي راعت كما هو معروف طبقاتها الصوتية منذ بلغت الستين من عمرها. وهذا ما ما فات كاتبة المقال ذكره.

نحن لا نصفّق من دون وعي، بل نُصغي بفهم. وما سمعناه من ماجدة في “أعياد بيروت” كان صوتًا لا يزال يُغنّي بروح تُحسن استخدام تقنيات الـVibrato Controlled، وتعرف متى تُمسك بالجملة ومتى تُسلمها للمرافقة الموسيقية، دون أن تفقد شخصيتها الأدائية.

السكوت الذي دعا إليه كاتب المقال باسم “المحبّة”، هو صمت الجاهلين. أما المحبّة الحقيقية، فهي أن نعرف الفرق بين الهبوط الصوتي، وبين إعادة توزيع القدرات وتكييف الأداء بما يليق بمقام الفنّ النبيل…

بكل مودة الزمالة…

شكراً ، لمن كتب بالسرّ، ومن نشر في العلن

أكمل القراءة

جلـ ... منار

النصر والهزيمة في حرب الـ (12) يوما!

نشرت

في

عبد الله السنّاوي

كان مثيرا ولافتا أن طرفي الحرب الإيرانية الإسرائيلية التي امتدت لـ(12) يوما، يعتبر نفسه منتصرا.

فور وقف إطلاق النار خرج الإيرانيون إلى شوارع وميادين طهران يحتفلون بالنصر، يرددون الهتافات، ويتعهدون بمواصلة القتال في جولات أخرى.

عبد الله السنّاوي

بذات التوقيت، سادت التغطيات الإعلامية والسياسية الإسرائيلية نزعة انتصارية إجماعية.

ألقى رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” كلمة أطلق عليها “خطاب النصر”.

من الذي انتصر حقا؟!

أسوأ إجابة ممكنة إصدار الأحكام بالأهواء، وتنحية الحقائق جانبا.

إنها جولة في صراع طويل وممتد، تليها جولات أخرى بعد وقت أو آخر.

القضية الفلسطينية جوهر ذلك الصراع.

لم تكن من أعمال المصادفات عودة الزخم مرة أخرى إلى ميادين القتال في غزة فور وقف إطلاق النار على الجبهة الإيرانية.

“حان وقت التركيز على غزة لإنهاء حكم حماس واستعادة الرهائن”.

كان ذلك تصريحا كاشفا للحقائق، أطلقه رئيس الأركان الإسرائيلي “إيال زامير” في ذروة دعايات النصر.

إنهما حرب واحدة.

هكذا بكل وضوح.

أكدت المقاومة الفلسطينية المعنى نفسه في عملية مركبة بخان يونس، أوقعت أعدادا كبيرة من القتلى والمصابين، وأثارت الفزع في صفوف الجيش الإسرائيلي.

لا يمكن إنكار مدى الضرر الفادح، الذي لحق بالمشروع النووي الإيراني، جراء استهدافه بغارات إسرائيلية وأمريكية مكثفة ومتتالية.

هذه حقيقة.. لكنه يستحيل تماما أي زعم إنها قوضته، أو أن أمره انقضى.

لم يتمالك الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، الذي انخرط بصورة مباشرة وغير مباشرة في الحرب على إيران، أعصابه فأخذ يكيل الشتائم المقزعة لمحطة “سي. إن. إن”، على خلفية تشكيكها في روايته.

“إنها حثالة”!

لم يكن لديه دليل قطعي أن العملية الأمريكية، التي استهدفت ثلاث منشآت نووية، “أصفهان” و”ناطنز” و”فوردو” الحصينة في أعماق الجبال، حققت أهدافها.

حسب تسريبات عديدة فإن السلطات الإيرانية نجحت في نقل اليورانيوم المخصب وأجهزة الطرد المركزية من تلك المنشآت قبل قصفها بقاذفات (B2) إلى أماكن أخرى آمنة.

التسريبات شبه مؤكدة بالنظر إلى عدم حدوث تسرب إشعاعي، أو تلوث بيئي إثر تلك الضربات، التي استخدمت فيها قنابل عملاقة لأول مرة.

يصعب التسليم بـ”الإنجازات” الإسرائيلية في ضرب المشروع النووي الإيراني دون فحص وتأكيد.

بقدر آخر فإنها لم تحقق نجاحا يذكر في تقويض المشروع الصاروخي الباليستي، الذي أثبت قوته التدميرية ودرجة تقدمه، التي ألزمت الإسرائيليين البقاء في الملاجئ لفترات طويلة.

قبل وقف إطلاق النار مباشرة بدت الضربة الصاروخية في بئر السبع، تأكيدا أخيرا على درجة عالية من الفشل الإسرائيلي في إضعاف القدرات الإيرانية.

ثم تبدى الفشل فادحا في طلب إثارة الفوضى بأنحاء البلاد، تفضي تداعياتها إلى الإطاحة بنظام الحكم.

بحقائق الجغرافيا والتاريخ والحضارة، إيران ليست دولة صغيرة أو عابرة.

إنها مع مصر وتركيا الركائز الكبرى في حسابات الإقليم، مهما جرى لها، أو طرأ عليها من متغيرات سياسية.

بقوة إرثها التاريخي تحركت الوطنية الإيرانية لرفض الاستسلام بلا شروط لـ”السلام عبر القوة” حسب تعبير “ترامب”.

تحت الخطر الوجودي توحدت إرادتها العامة، بغض النظر عن أية تحفظات على نظام الحكم.

كان المواطن الإيراني البطل الأول في التصدي لتغول القوة الأمريكية والإسرائيلية.

أبدى الإيرانيون قدرة لافتة على الإحلال في مراكز القيادة والسيطرة تحت أسوأ الظروف، بعدما نال العدوان من قيادات عسكرية وعلمية ذات وزن ثقيل في الضربة الافتتاحية.

في حرب الـ(12) يوما تبدى شيء من التعادل الاستراتيجي، الطرفان المتحاربان تبادلا الضربات الموجعة.

فرضت السلطات الإسرائيلية تكتما مشددا على حجم الأضرار التي لحقت ببنيتها التحتية والعسكرية؛ جراء الضربات الإيرانية، حتى لا يفضي النشر إلى زعزعة ثقة مواطنيها في قدرة جيشهم على المواجهة.

فاقت الخسائر الباهظة أية طاقة على الإفصاح، لا عرفنا عدد القتلى والمصابين، ولا ما هي بالضبط المواقع الاستراتيجية، التي استهدفت، ومدى الضرر الذي لحقها.

المعلومات المدققة من متطلبات إصدار الأحكام.

بصورة عامة تقارب الحقيقة فإننا أمام حالة “لا نصر ولا هزيمة”، غير أن إسرائيل يمكن أن توظف مجريات الحرب لإثارة اليأس من كسب أي معركة ولو بالنقاط.

بدا المشهد الختامي ملغما بالتساؤلات الحرجة.

وجه الإيرانيون ضربة رمزية لقاعدة “العديد” الأمريكية، لتأكيد حقهم في الرد على العمل العسكري الأمريكي داخل أراضيهم ضد ثلاث منشآت نووية.

أُبلِغت مسبقا السلطات القطرية باستهداف القاعدة القريبة من العاصمة الدوحة خشية ردات فعل سلبية.

نُقِلت إلى الأمريكيين فحوى الرسالة الإيرانية.

كان ذلك عملا احترازيا، حتى لا تفلت الحسابات، في وقت توشك فيه الحرب على الانتهاء.

وصفت الضربة الإيرانية بـ”التمثيلية”.

الأقرب للحقيقة، إنه سوء تقدير فادح، لم يكن له لزوم، أو ضرورة، أربك البيئة العربية العامة المتعاطفة مع إيران، كما لم يحدث من قبل.

أثارت الضربة الرمزية شكوكا وظلالا لا داعي لها.

بقوة الحقائق كانت الحرب على وشك أن تنتهي.

الخارجية الإيرانية تشترط وقف الهجوم الإسرائيلي قبل العودة إلى المفاوضات مرة أخرى.

والحكومة الإسرائيلية تطلب وقفا فوريا لإطلاق النار، تحت ضغط الترويع، الذي ضرب مواطنيها، إذا ما وافقت طهران.

الجانبان المتحاربان يطلبان لأسباب مختلفة وقف إطلاق نار.

هكذا توافرت أمام “ترامب” فرصة للتخلص من عبء الحرب على شعبيته.

لم تكن إسرائيل مستعدة لأي اعتراف، بأنها لم تحقق أهدافها من الحرب، لكن الحقائق وحدها تتكلم.

أكمل القراءة

صن نار