الأقليات الفلسطينية … ديانات متنوّعة، قضية واحدة

على ارض وطننا، تمتزج الثقافات، لتكون الثقافة العربية الفلسطينية التي لا تعتمد على العرق و الدم النقي بل تلاقح و امتزاج الشعوب لتنصهر ببوتقة الحضارة العربية و تصب في نهرها الكبير .

فلسطين هي وطن الفلسطينيين،و هي أيضا بلدالانبياء و المعجزات … فيها دفن أبو الأنبياء ابراهيم عليه السلام و أبناؤه و أحفاده اسحق و يعقوب و يوسف و زوجاتهم تحتضن رفاتهم مدينة الخليل و اسمها بالكنعانية “كريات أربع” (أي الأربع مدن) … أقيمت قبل قدوم ابراهيم اليها بالضفة الغربية لنهر الأردن، و بها حدثت قصة أيوب و فقدان بصره ثم شفائه و تطهره بعين في حلحول قرب الخليل.وبها قصة سيدنا زكريا و السيدة مريم قريبته و بها ولد النبي الفلسطيني عيسى عليه السلام

ولذلك تعد فلسطيني مهد الديانة المسيحية و جذرها … و بها أعطى الخليفة سيدنا عمر بن الخطاب عهدا للمسيحيين يحفظ لهم حقهم في الرعاية و في دور عبادتهم .و ممتلكاتهم و عدم إجبارهم على اعتناق الإسلام… العهدة العمرية مازالت سارية لدرجة أن المرحوم الشهيد ياسر عرفات، أصدر قرار ا بان يكون رؤساء بلديات المدن ذات الطابع المسيحي ممثلين في أعلى هيئات الثورة و الدولة رغم أنهم أقلية… كما منحهم بالقانون عطلة يوم الاحد .

إلى جانب مواطنينا المسلمين و المسيحيين هناك السامريون … و هم طائفة عرقية دينية تختلف عن اليهود و هم يتبعون الديانة السامرية،المناقضة لليهودية،رغم اعتمادهم على التوراة … لكنهم يعتبرون توراتهم هي الأصح و غير المحرّفة، و أن ديانتهم هي ديانة بني يعقوب (اسرائيل)الحقيقية طبعا حسب اعتقادهم،… و يقدر عدد أفراد الطائفة السامرية ب (820)شخصا موزعين ما بين قرية لوزة في نابلس (شخيم كنعانية) و المنطقة المسماة ( حولون) قرب يافا.

الطقوس السامرية تتم إقامتها فوق جبل جرزيم أحد تلال نابلس التي يحتضنها مع جبل عيبال … و ترتكز ديانتهم على وحدانية الله حسب وصايا سيدنا موسى عليه السلام … و يعتبرون جبل جرزيم مقدسهم يتجهون و يقيمون صلواتهم و شعائرهم و طقوسهم عليه .

المجتمع النابلسي:

و هنالك تعايش غاية في الاندماج المجتمعي في نابلس التي تحتضن مسلمين و أتباع الديانة المسيحية فلا تستطيع التمييز بينهم بلهجتهم النابلسية المميز ة للمدينة التي يعتبرها أهل فلسطين دمشق الصغيرة بلهجتها الشامية و عاداتها . شهرة نابلس التي انتشرت في الوطن العربي بصناعة الصابون النابلسي من زيت الزيتون، و أيضا بالحلويات المعروفة بالكنافة النابلسي…

و يتم دائما تبادل التهاني بين المكون الثلاثي لنابلس بالأعياد و المناسبات الدينية .و قد فرض الراحل عرفات ممثلا للسامريين بالبرلمان الفلسطيني، كما يشار إلى أن أحد نواب المجلس الوطني البرلمان العام للشعب الفلسطيني من أحبتنا المسيحيين . و من عادات هؤلاء الغذائية أنهم لا يأكلون اي طعام مطبوخ خارج بيوتهم بتاتا .و يحرمون على أنفسهم اللحوم المذبوحة على غير طريقة شريعتهم … علما بأن الإسلام يسمح بتناول اللحوم منهم لدقة ذبحهم و ذكر اسم الله عند الذبح .و من الميزات الغذائية الأخرى للسامريين أنهم لا يجمعون ما بين اللحم و اللبن على مائدة واحدة .

الزواج عند السامريين بواحدة فقط و يحق لهم الزواج من أخت الزوج حال وفاتها، تماما كالزواج من زوجة الأخ عند وفاته … و لديهم هامش الطلاق عند المرض أو عدم الإنجاب، و هو حق للمرأة أيضا … و هم عمليا يعانون من مشاكل حصر الزواج بطائفتهم و ما ينتج عنه أمراض وراثية و غيرها.

للسامريين أيضا اعياد موسمية دينية .و ليس لهم أعياد قومية … فلهم عيد الفصح و هو ذكرى خروج موسى من مصر ،وتحررهم من عبودية فرعون … و كذلك عيد الفطير، اعتقادا بأن سيدنا موسى و من معه خرجوا من مصر دون أن يختمر عجينهم … و عيد الحصاد ذكرى نزول التوراة،… و عيد الغفران رأس السنة العبرية يمتنعون فيه عن تناول الطعام و الشراب و يهتفون الصلوات 25 ساعة متواصلة

رموز و أبطال:

و مما يجدر ذكره أن التعددية الثقافية في فلسطين تسير بوفاق و وحدة وطنية ضمت لصفوف شعبنا شخصيات و قامات لا يمكن المرور عنها مرور الكرام … نذكر من هؤلاء الشهيد حنا نصر عضو تنفيذية المنظمة المبعد إلى لبنان أوائل السبعينات وهو أحد مؤسسي جامعة بير زيت و قد اغتالته اسرائيل لاحقا…. و القائد القومي العربي و الوطني جورج حبش مؤسس حركة القوميين العرب و الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين … والكاتب المبدع الروائي غسان كنفاني ابن حيفا و هو مؤلف رواية “عائد إلى حيفا”، اغتيل بقنبلة وضعت بسيارته في لبنان … و الزعيم نايف حواتمه مؤسس الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين … و المناضل البطريرك السوري الفلسطيني حارس القدس هيلاريون كبوشي، الذي اعتقل و عذب لأنه قام بتهريب السلاح بلباس الرهبنة و بسيارته الخاصة بطلب من الشهيد أبو جهاد خليل الوزير … و “أيضا المبدع إيميل حبيبي القائد بالحزب الشيوعي و مؤلف “سداسية الأيام الستة” و “المتشائل …

لغز الدروز:

و هنالك مكون اخر ركزت عليه اسرائيل وهو مكون ابناء الطائفة المعروفية الدروز وهم نفس الطائفة في سوريا برمتها الأمير سلطان باشا الاطرش قائد الثورة السورية ضد الفرنسيين، والشهيد اللبناني كمال جنبلاط احد اهم الحركة الوطنية اللبنانية التقدمية، و أيضا المناضل سمير قنطار … و لكن في في فلسطين فرضت سلطة الاحتلال الخدمة العسكرية عليهم بشكل أعمى بعضا منهم فانحازوا للعقيدة العسكرية الصهيونية فيما يرفض آخرون الخدمة الإلزامية في جيش العدون

و سنعود لاحقا بالتفصيل و التحقيق عن الشخصيات و الطوائف الوطنية الفلسطينية و دورها المهم في حركة التحرير و الدفاع المستميت عن قضية شعبنا العادلة