لعل الصدمة العالمية التي اثارتها الحرب بين روسيا و اوكرانيا قد اكدت ان الامر اخطر من “مجرد” حرب فاجات العالم بل هو زلزال معيشي أوشك ان ينشر المجاعات، كما كان درسا بليغا لكل من له عقل.
فرغم ان عدد سكان روسيا يصل الى 146 مليون مما يمثل 1 , 6 (واحد فاصل 6) بالمائة من اجمالي سكان العالم ورغم ذلك فانه يحقق الاكتفاء الذاتي للشعب الروسي و يوفر المداخيل و العملة الصعبة … اما اوكرانيا التي لا يتجاوز تعداد سكانها 43 مليون نسمة (أي صفر فاصل 6 من اجمالي سكان العالم) و رقعتها الترابية تعد اقل ثلاثين مرة من مساحة روسيا فهي كذلك توفر غذاء سكانها و توفر ايضا العملة الصعبة لخزينة بلدها رغم اهوال الحرب الدائرة.
و قد مثل ذلك عبرة للعالم او على الاقل الجزء الاكبر منه لا سيما اذا تحدثنا عن الاقطار العربية و الافريقية التي لم تع لحد اليوم جدوى الاكتفاء الذاتي الغذائي !! فرغم شساعة اراضيها و جيوش البطالة التي تنخر الطاقات النشيطة بها، لم ترغب او لم توفق هذه الدول في وصع الفلاحة و غذاء شعوبها ضمن اولوياتها … و.هاهي ذي اليوم رهينة قمح بلدين في حالة حرب لكنهما يسيطران غذائيا على شعوب أخرى انزل عليهم الله لعنة مجسمة في حكام عاجزين عن ضمان قوت مواطنيهم !
ان الحرب بين روسيا و اوكرانيا تستوجب من الوطنيين منا وضع خطط ترتكز على العمل الجاد من اجل ضمان الاكتفاء الذاتي الغذائي بكل تفاصيله … لن يكون هذا اعجازا او شربا لماء المحيط الهادي مادامت تربة تونس الطيبة و مناخها المعتدل لا ينقصهما الا القرار السياسي الوطني، و التشمير عن السواعد و العناية الجادة بقطاع فلاحي كم تم تدميره من قبل مافيات الاسمدة و البذور ، ومحاولات القضاء على المشاتل التونسية الممتازة لصالح الواردات من تركيا أو اوكرانيا او غيرهما …