جور نار
الإرهاب يُعشّش في ثكنات العقل… أكثر من ثكنات الأمن والعسكر !
في مدلولات بعض ردود الأفعال إزاء ما حصل في كنيس الغريبة بجربة
نشرت
قبل سنتينفي
من قبل
منصف الخميري Moncef Khemiriأصبح من المؤكّد أنه لم يبق جهاز واحد تابع للدولة أو مؤسسة واحدة في تونس، صمدت في وجه أمواج الاختراق العاتية التي مارسها الإسلام السياسي عندما أمسك بالسلطة بعد 2011 وكانت له اليد الطّولى في التعيين والتجميد والتمديد والتعويض والدّمج والعزل والانتداب والعفو التشريعي وتمرير قوانين وتعطيل أخرى، فزُجّ بآلاف المتطرفين والدمويّين صلب الإدارة العمومية والمؤسسات المختلفة وأُعيد الاعتبار للملطّخة أياديهم بدم الأمنيين والعسكريين والمدنيين الأبرياء ولُمّعت صورة مجرمين ومتحرّشين ومُغتصِبين وسرّاق ومتحيّلين ومرضى نفسانيين سابقين… تحت يافطة ضحايا الاستبداد والاضطهاد.
هذا التّفخيخ المدروس يجعلني شخصيا لا أستغرب مطلقا من وجود “عقول” منظِّرة للتفجير ونفوس توّاقة إلى التّلغيم، في كل الزوايا والمنعطفات بما فيها المواقع التي نحسبها بمنأى عن الأدلجة وأقرب إلى الحياد والولاء اللامشروط لتونس ذات الهويّة الخالصة والخالية من السّموم الهوويّة الطارئة مهما كانت … وإلا لما رأينا معلّمة تُفتّش في عقول الناشئة بحثا عن وليّ لا يصوم رمضان، أو أمنيا يذبح زميله ويسطو على ذخيرته، أو إداريا يُسرّب وثائق المرفق الذي يعمل ضمنه إلى جهات عميلة مكلفة بأدوار مشبوهة … (وهؤلاء جميعا لا يمثلون من حيث كثافتهم العددية نسبة عالية لكنهم يشكّلون خطرا داهما، لأنه تبيّن ميدانيا أن جبانا واحدا من ضمنهم له من القدرة على ضرب صورة بلد قضى رجال آخرون عهودا وأجيالا وقرونا لبنائها وتشييدها… ونقولها للمرة الألف إن السطو على سلاح وإطلاق النار في كل الاتجاهات ليس عملا بطوليا بالمرة، بل هو عمل دنيء وجبان أقدمت عليه بعض القِردة عندما استولت صدفة على أسلحة رشّاشة).
قراءة في بعض ردود الفعل إزاء ما حصل في جربة :
أولا : تنديد بطعم الشماتة والتشفّي
أعتقد بشكل راسخ أن كل من صفّق للنّاتو وطائراته الحربية تدكّ المدن والقرى الليبيّة، وكل من استعمل ظهر تونس لتمرير الأسلحة القطريّة والتركيّة نحو الجارة عبر جرجيس، وكل من دعا إلى سفر أكباد تونس الغضّة نحو بؤر الموت والذبح في سوريا، وكل من سارع إلى طرابلس ليُداعب صواريخ الإرهاب وكأنه طفل يلامس لعبَهُ المحبّبة يوم العيد، وكل من قال “دموع الأمهات التونسيات المشويّات على سفر أبنائهن إلى مواقع القتال في الشام أهون من ألم أمهات سوريا اللواتي هن بحاجة إلى من يساندهن ويشدّ أزرهنّ ضد نظام بشّار القاتل”، وكل من ترك عملية الغريبة الارهابية الأخيرة جانبا وراح يبحث عن “مواطن تقصير الدولة التونسية” ليندّد بالتباطؤ في التفاعل الاتصالي أكثر ألف مرة من تنديده بالغدر والخيانة اللذين مارسهما أمنيّ بائس، وكل من قال “وداعا موسم السياحة الذي راهن عليه قيس سعيّد” في خلط يبعث على الغثيان بين “الحاكم اليوم” وبين “تونس الأبدية” … كل هؤلاء حسب اعتقادي لا يحقّ لهم الخوض بالموضوع أصلا أو التظاهر بالتباكي على تداعيات ما حدث لأنهم تماسيح سياسة، سينتهون من هذه الكبوة الزائلة ليفتحوا مغارس أسنانهم انتظارا لكبوات أو أزمات أخرى هم أعرف الناس بتوظيفها في البكاء والنحيب على “بلاد داخلة في حيط” و”اقتصاد مهدّد بالانهيار” إلخ…
ثانيا : من لا يقدر على التمييز بين الصهيوني واليهودي يُضرّ بتونس وتخسره فلسطين
يكفي أن تطّلعوا على تعليقات تونسيين وعرب إزاء الاعتداء الإرهابي في جربة، حتى تتيقّنوا أن خلطا جهنّميّا متعمّدا مصبوبا بشكل إسمنتي مسلّح في عقول أبنائنا للإيهام بأنه لا فرق بين يهودي وصهيوني إلا يموقع التواجد في ساحة العالم اعتمادا على أفكار نبتت في سياق غير السياق مثل “لتجدنّ أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشرَكُوا” أو “لا تقومُ السَاعةُ حتَّى تُقاتِلوا اليهودَ، حتَّى يقول الحجَرُ وراءَهُ اليهودِيُّ: يا مسلِمُ، هذا يَهودِيٌّ وَرائي فاقْتُلْهُ”. وحتى نتيقّن أيضا من أن حركة فكرية وثقافية ودينية طويلة المدى لا مناص منها من أجل تطويق كل هذه الفوضى “الشرعية والتشريعية المتلبّسة بالدّين والمقدّس” وتخليص الفكر السائد من كمّ كبير من العدوانيّة والخلط بين العصور والأزمان وبين السياسة والأديان. (انتبهوا في هذا السياق إلى مبادرة الدولة السعودية اليوم إلى مراجعة المدوّنة الحديثية الضخمة والاكتفاء بمائة حديث ثابت والأكثر تواترا فقط من جملة آلاف الأحاديث، بهدف إلجام رجال الدين والمؤسسات الدينية الرسمية عن تكفير كل مخالف لها.)
فكيف نفسّر مثل ردود الفعل التالية على صفحات الفايسبوك من تونسيين تُستباح بلادهم ويُقتل إخوانهم ويُضرب اقتصادهم ؟
“هذه بدعة أخرى : أول مرة نسمع بالحج في تونس”
أو “من مساوئ السياحة والاحتكاك مع الاجانب يفقد اهل البلد تقاليدهم وقيمهم”
أو “إن الدين عند الله الاسلام”
أو “لأنه ليس لهم قبلة ولا حج فاخترعوا مكانا للحج”
أو “أين المشكل، هذا هو التطبيع الحلال”
أو “الحج هو حج بيت الله في مكه ولا حجّ سواه”
أو “فقط للتذكير…انو هناك عشرات الشهداء في غزة…و برشا ناس ماتنجمش تتحكم في تصرفاتها وما تفرقش”.
أو كذلك “هذا من تدبير مخابرات تونس..حتى يقنعو العالم بأنهم يحاربون الإرهاب . بمعنى الإسلاميين”
إلخ…
أليس هذا تعاطفا صريحا وضمنيا أحيانا مع الإرهاب ؟ أليس هذا إنكارا جاهلا وقميئا لواقع تاريخي لا علاقة له بفلسطين والنضال ضد الكيان الغاصب، وهو أن التونسيين لهم إخوة لا يدينون بالإسلام تواجدوا على هذه الأرض وبنوْا معبدا عمره أكثر من 2500 سنة أي قبل مجيء الإسلام بقرون طويلة ؟ ولماذا يتعامون عن كون المتأسلمين المؤيّدين لاستراتيجيات الاحتلال أكثر عددا من اليهود التونسيين المساندين لدولة التشريد والقتل والمذابح التاريخية ؟ ألم يستقبلوا ماك كاين وأولبرايت بمشروعهما الاحتلالي والتوسعي المبين بالأحضان ؟ ألم تحتضن المستشفيات الاسرائيلية جرحى جبهة النصرة وأنصار الشام الإسلامية أثناء المواجهات مع الجيش السوري ؟ ليعلموا أن فلسطين استشهد من أجلها آلاف المناضلين الصادقين من كل أنحاء العالم وكيان الاحتلال أيّده صهاينة من زوايا الأرض الأربعة.
ثالثا : ناتنياهو والفرنسيس والأمريكان والألمان، تعاطفكم الكاذب وتعازيكم الماكرة نحن في غِنًى عنها !
قال ناتنياهو إبّان العملية “حزنت لسماع نبأ مقتل اثنين من أبناء شعبنا في هجوم على مدخل كنيس في جربة بتونس … بالنيابة عني وعن حكومة إسرائيل أتقدم بأحر التعازي لعائلات القتلى”
وأكد المتحدث باسم الخارجية الأمريكية “نستنكر الهجوم الذي وقع في جربة ونُعرب عن تعازينا للشعب التونسي ونُثني على التحرك السريع لقوات الأمن”.
أما الموقف الألماني، فاعتبر “غدرة” جربة الأخيرة “عملية تملؤنا بالفزع والحزن العميق وملتزمون بحماية الحياة اليهودية في تونس ومكافحة معاداة السامية وأي شكل من أشكال التمييز في جميع أنحاء العالم…”
لهؤلاء نقول تِباعًا إن المواطنين اليهود التونسيين ليسوا مواطنيكم يا من تشكّل “شعبكم” من شتات هجين قدِم من كل أصقاع العالم ووطّنتموه بقوة الدبابات والجرّافات فوق أرض ليست أرضكم، وأن الثّناء على التحرك السريع لقوات أمننا لا يمكن أن يُنسينا تحرّك قوات أمنكم وجيشكم في كل العهود لقهر الشعوب وإسقاط الأنظمة الوطنية وتدعيم العملاء والخونة، وأن حماية الحياة اليهودية في تونس هي من أنظار الدولة الوطنية التونسية دون سواها… كما نقول لهم في النهاية إن الهولوكوست ليست كلمة عربية وأن العرب ليسوا من أسّس مراكز شلمنو وأوشفيتز ولوبلن للتنكيل بملايين اليهود عبر التاريخ.
تصفح أيضا
عبد الكريم قطاطة:
فترة التسعينات كانت حبلى بالاحداث والتغييرات في مسيرتي المهنية منها المنتظر والمبرمج له ومنها غير المنتظر بتاتا …
وانا قلت ومازلت مؤمنا بما قلته… انا راض بأقداري… بحلوها وبمرّها… ولو عادت عجلة الزمن لفعلت كلّ ما فعلته بما في ذلك حماقاتي واخطائي… لانني تعلمت في القليل الذي تعلمته، انّ الانسان من جهة هو ابن بيئته والبيئة ومهما بلغت درجة وعينا تؤثّر على سلوكياتنا… ومن جهة اخرى وحده الذي لا يعمل لا يخطئ… للتذكير… اعيد القول انّه وبعد ما فعله سحر المصدح فيّ واخذني من دنيا العمل التلفزي وهو مجال تكويني الاكاديمي، لم انس يوما انّني لابدّ ان اعود يوما ما الى اختصاصي الاصلي وهو العمل في التلفزيون سواء كمخرج او كمنتج او كلاهما معا… وحددت لذلك انقضاء عشر سنوات اولى مع المصدح ثمّ الانكباب على دنيا التلفزيون بعدها ولمدّة عشر سنوات، ثمّ اختتام ما تبقّى من عمري في ارقى احلامي وهو الاخراج السينمائي…
وعند بلوغ السنة العاشرة من حياتي كمنشط اذاعي حلّت سنة 1990 لتدفعني للولوج عمليا في عشريّة العمل التلفزي… ولانني احد ضحايا سحر المصدح لم استطع القطع مع هذا الكائن الغريب والجميل الذي سكنني بكلّ هوس… الم اقل آلاف المرات انّ للعشق جنونه الجميل ؟؟ ارتايت وقتها ان اترك حبل الوصل مع المصدح قائما ولكن بشكل مختلف تماما عما كنت عليه ..ارتايت ان يكون وجودي امام المصدح بمعدّل مرّة في الاسبوع ..بل وذهبت بنرجسيتي المعهودة الى اختيار توقيت لم اعتد عليه بتاتا ..نعم اخترت الفضاء في سهرة اسبوعية تحمل عنوان (اصدقاء الليل) من التاسعة ليلا الى منتصف الليل …هل فهمتم لماذا وصفت ذلك الاختيار بالنرجسي ؟؟ ها انا افسّر ..
قبل سنة تسعين عملت في فترتين: البداية كانت فترة الظهيرة من العاشرة صباحا حتى منتصف النهار (والتي كانت وفي الاذاعات الثلاث قبل مجيئي فترة خاصة ببرامج الاهداءات الغنائية)… عندما اقتحمت تلك الفترة كنت مدركا انيّ مقدم على حقل ترابه خصب ولكنّ محصوله بائس ومتخلّف ..لذلك اقدمت على الزرع فيه … وكان الحصاد غير متوقع تماما ..وتبعتني الاذاعة الوطنية واذاعة المنستير وقامت بتغييرات جذرية هي ايضا في برامجها في فترة الضحى .. بل واصبح التنافس عليها شديدا بين المنشطين ..كيف لا وقد اصبحت فترة الضحى فترة ذروة في الاستماع … بعد تلك الفترة عملت ايضا لمدة في فترة المساء ضمن برنامج مساء السبت … ولم يفقد انتاجي توهجه ..وعادت نفس اغنية البعض والتي قالوا فيها (طبيعي برنامجو ينجح تي حتى هو واخذ اعزّ فترة متاع بثّ) …
لذلك وعندما فكّرت في توجيه اهتمامي لدنيا التلفزيون فكرت في اختيار فترة السهرة لضرب عصفورين بحجر واحد… الاول الاهتمام بما ساحاول انتاجه تلفزيا كامل ايام الاسبوع وان اخصص يوما واحدا لسحر المصدح ..ومن جهة اخرى وبشيء مرة اخرى من النرجسية والتحدّي، اردت ان اثبت للمناوئين انّ المنشّط هو من يقدر على خلق الفترة وليست الفترة هي القادرة على خلق المنشط ..وانطلقت في تجربتي مع هذا البرنامج الاسبوعي الليلي وجاءت استفتاءات (البيان) في خاتمة 1990 لتبوئه و منشطه المكانة الاولى في برامج اذاعة صفاقس .. انا اؤكّد اني هنا اوثّق وليس افتخارا …
وفي نفس السياق تقريبا وعندما احدثت مؤسسة الاذاعة برنامج (فجر حتى مطلع الفجر) وهو الذي ينطلق يوميا من منتصف الليل حتى الخامسة صباحا، و يتداول عليه منشطون من الاذاعات الثلاث… طبعا بقسمة غير عادلة بينها يوم لاذاعة صفاقس ويوم لاذاعة المنستير وبقية الايام لمنشطي الاذاعة الوطنية (اي نعم العدل يمشي على كرعيه) لا علينا … سررت باختياري كمنشط ليوم صفاقس ..اولا لانّي ساقارع العديد من الزملاء دون خوف بل بكلّ ثقة ونرجسية وغرور… وثانيا للتاكيد مرة اخرى انّ المنشط هو من يصنع الفترة ..والحمد لله ربحت الرهان وبشهادة اقلام بعض الزملاء في الصحافة المكتوبة (لطفي العماري في جريدة الاعلان كان واحدا منهم لكنّ الشهادة الاهمّ هي التي جاءتني من الزميل الكبير سي الحبيب اللمسي رحمه الله الزميل الذي يعمل في غرفة الهاتف بمؤسسة الاذاعة والتلفزة) …
سي الحبيب كان يكلمني هاتفيا بعد كل حصة انشطها ليقول لي ما معناه (انا نعرفك مركّب افلام باهي وقت كنت تخدم في التلفزة اما ما عرفتك منشط باهي كان في فجر حتى مطلع الفجر .. اما راك اتعبتني بالتليفونات متاع المستمعين متاعك، اما مايسالش تعرفني نحبك توة زدت حبيتك ربي يعينك يا ولد) … في بداية التسعينات ايضا وبعد انهاء اشرافي على “اذاعة الشباب” باذاعة صفاقس وكما كان متفقا عليه، فكرت ايضا في اختيار بعض العناصر الشابة من اذاعة الشباب لاوليها مزيدا من العناية والتاطير حتى تاخذ المشعل يوما ما… اطلقت عليها اسم مجموعة شمس، واوليت عناصرها عناية خاصة والحمد لله انّ جلّهم نجحوا فيما بعد في هذا الاختصاص واصبحوا منشطين متميّزين… بل تالّق البعض منهم وطنيا ليتقلّد عديد المناصب الاعلامية الهامة… احد هؤلاء زميلي واخي الاصغر عماد قطاطة (رغم انه لا قرابة عائلية بيننا)…
عماد يوم بعث لي رسالة كمستمع لبرامجي تنسمت فيه من خلال صياغة الرسالة انه يمكن ان يكون منشطا …دعوته الى مكتبي فوجدته شعلة من النشاط والحيوية والروح المرحة ..كان انذاك في سنة الباكالوريا فعرضت عليه ان يقوم بتجربة بعض الريبورتاجات في برامجي .. قبل بفرح طفولي كبير لكن اشترطت عليه انو يولي الاولوية القصوى لدراسته … وعدني بذلك وسالته سؤالا يومها قائلا ماذا تريد ان تدرس بعد الباكالوريا، قال دون تفكير اريد ان ادرس بكلية الاداب مادة العربية وحلمي ان اصبح يوما استاذ عربية ..ضحكت ضحكة خبيثة وقلت له (تي هات انجح وبعد يعمل الله)… وواصلت تاطيره وتكوينه في العمل الاذاعي ونجح في الباكالوريا ويوم ان اختار دراسته العليا جاءني ليقول وبكلّ سعادة …لقد اخترت معهد الصحافة وعلوم الاخبار… اعدت نفس الضحكة الخبيثة وقلت له (حتّى تقللي يخخي؟) واجاب بحضور بديهته: (تقول انت شميتني جايها جايها ؟؟)… هنأته وقلت له انا على ذمتك متى دعتك الحاجة لي ..
وانطلق عماد في دراسته واعنته مع زملائي في الاذاعة الوطنية ليصبح منشطا فيها (طبعا ايمانا منّي بجدراته وكفاءته)… ثم استنجد هو بكلّ ما يملك من طاقات مهنية ليصبح واحدا من ابرز مقدمي شريط الانباء… ثم ليصل على مرتبة رئيس تحرير شريط الانباء بتونس 7 ..ويوما ما عندما فكّر البعض في اذاعة خاصة عُرضت على عماد رئاسة تحريرها وهو من اختار اسمها ..ولانّه لم ينس ماعاشه في مجموعة شمس التي اطرتها واشرفت عليها، لم ينس ان يسمّي هذه الاذاعة شمس اف ام … اي نعم .عماد قطاطة هو من كان وراء اسم شمس اف ام …
ثمة ناس وثمة ناس ..ثمة ناس ذهب وثمة ناس ماجاوش حتى نحاس ..ولانّي عبدالكريم ابن الكريم ..انا عاهدت نفسي ان اغفر للذهب والنحاس وحتى القصدير ..وارجو ايضا ان يغفر لي كل من اسأت اليه ..ولكن وربّ الوجود لم اقصد يوما الاساءة ..انه سوء تقدير فقط …
ـ يتبع ـ
عبد الكريم قطاطة:
المهمة الصحفية الثانية التي كلفتني بها جريدة الاعلان في نهاية الثمانينات تمثّلت في تغطية مشاركة النادي الصفاقسي في البطولة الافريقية للكرة الطائرة بالقاهرة …
وهنا لابدّ من الاشارة انها كانت المرّة الوحيدة التي حضرت فيها تظاهرة رياضية كان فيها السي اس اس طرفا خارج تونس .. نعم وُجّهت اليّ دعوات من الهيئات المديرة للسفر مع النادي وعلى حساب النادي ..لكن موقفي كان دائما الشكر والاعتذار ..واعتذاري لمثل تلك الدعوات سببه مبدئي جدا ..هاجسي انذاك تمثّل في خوفي من (اطعم الفم تستحي العين)… خفت على قلمي ومواقفي ان تدخل تحت خانة الصنصرة الذاتية… اذ عندما تكون ضيفا على احد قد تخجل من الكتابة حول اخطائه وعثراته… لهذا السبب وطيلة حياتي الاعلامية لم اكن ضيفا على ايّة هيئة في تنقلات النادي خارج تونس ..
في رحلتي للقاهرة لتغطية فعاليات مشاركة السي اس اس في تلك المسابقة الافريقية، لم يكن النادي في افضل حالاته… لكن ارتأت ادارة الاعلان ان تكلّفني بمهمّة التغطية حتى اكتب بعدها عن ملاحظاتي وانطباعاتي حول القاهرة في شكل مقالات صحفية… وكان ذلك… وهذه عينات مما شاهدته وسمعته وعشته في القاهرة. وهو ما ساوجزه في هذه الورقة…
اوّل ما استرعى انتباهي في القاهرة انّها مدينة لا تنام… وهي مدينة الضجيج الدائم… وما شدّ انتباهي ودهشتي منذ الساعة الاولى التي نزلت فيها لشوارعها ضجيج منبهات السيارات… نعم هواية سائقي السيارات وحتى الدراجات النارية والهوائية كانت بامتياز استخدام المنبهات… ثاني الملاحظات كانت نسبة التلوّث الكثيف… كنت والزملاء نخرج صباحا بملابس انيقة وتنتهي صلوحية اناقتها ونظافتها في اخر النهار…
اهتماماتي في القاهرة في تلك السفرة لم تكن موجّهة بالاساس لمشاركة السي اس اس في البطولة الافريقية للكرة الطائرة… كنا جميعا ندرك انّ مشاركته في تلك الدورة ستكون عادية… لذلك وجهت اشرعة اهتمامي للجانب الاجتماعي والجانب الفنّي دون نسيان زيارة معالم مصر الكبيرة… اذ كيف لي ان ازور القاهرة دون زيارة خان الخليلي والسيدة زينب وسيدنا الحسين والاهرام… اثناء وجودي بالقاهرة اغتنمت الفرصة لاحاور بعض الفنانين بقديمهم وجديدهم… وكان اوّل اتصال لي بالكبير موسيقار الاجيال محمد عبد الوهاب رحمه الله… هاتفته ورجوت منه امكانية تسجيل حوار معه فاجابني بصوته الخشن والناعم في ذات الوقت معتذرا بسبب حالته الصحية التي ليست على ما يرام…
لكن في مقابل ذلك التقيت بالكبير محمد الموجي بمنزله وقمت بتسجيل حوار معه ..كان الموجي رحمه الله غاية في التواضع والبساطة… لكن ما طُبع في ذهني نظرته العميقة وهو يستمع اليك مدخّنا سيجارته بنهم كبير… نظرة اكاد اصفها بالرهيبة… رهبة الرجل مسكونا بالفنّ كما جاء في اغنية رسالة من تحت الماء التي لحنها للعندليب… نظرة المفتون بالفن من راسه حتى قدميه…
في تلك الفترة من اواخر الثمانينات كانت هنالك مجموعة من الاصوات الشابة التي بدات تشق طريقها في عالم الغناء ..ولم اترك الفرصة تمرّ دون ان انزل ضيفا عليهم واسجّل لهم حوارات… هنا اذكر بانّ كلّ التسجيلات وقع بثها في برامجي باذاعة صفاقس… من ضمن تلك الاصوات الشابة كان لي لقاءات مع محمد فؤاد، حميد الشاعري وعلاء عبدالخالق… المفاجأة السارة كانت مع لطيفة العرفاوي… في البداية وقبل سفرة القاهرة لابدّ من التذكير بانّ لطيفة كانت احدى مستمعاتي… وعند ظهورها قمت بواجبي لتشجيعها وهي تؤدّي انذاك وباناقة اغنية صليحة (يا لايمي عالزين)…
عندما سمعت لطيفة بوجودي في القاهرة تنقلت لحيّ العجوزة حيث اقطن ودعتني مع بعض الزملاء للغداء ببيتها… وكان ذلك… ولم تكتف بذلك بل سالت عن احوالنا المادية ورجتنا ان نتصل بها متى احتجنا لدعم مادي… شكرا يا بنت بلادي على هذه الحركة…
اختم بالقول قل ما شئت عن القاهرة.. لكنها تبقى من اعظم واجمل عواصم الدنيا… القاهرة تختزل عبق تاريخ كلّ الشعوب التي مرّت على اديمها… نعم انها قاهرة المعزّ…
ـ يتبع ـ
محمد الزمزاري:
انطلقت الحملة الوطنية المتعلقة هذه المرة بالتقصي حول الأمراض المزمنة وكان مرض السكري وأيضا مرض ضغط الدم هما المدرجان في هذه الحملة.
يشار إلى أن نسب مرضى السكري و ضغط الدم قد عرفت ارتفاعا ملفتا لدى المواطنين و بالتحديد لدى شريحة كبار السن مما يكسي اهمية لهذه الحملات التي تنظمها وزارة الصحة العمومية بالتعاون المباشر مع هيئة الهلال الأحمر التونسي.. وقد سنحت لنا الفرصة لحضور جزء مهم من الحملة في بهو محطة القطارات الرئيسية بساحة برشلونة، لنقف على تفاعل عديد المواطنين المصطفّين قصد الخضوع لعملية التقصي بكل انضباط وكان جل الوافدين طبعا من كبار السن، كما لوحظ تواجد عدد كبير من ممثلي الهلال الأحمر ومن الأطباء بمكتبين ويساعدهم بعض الممرضين.
الغريب انه لدى تغطيتى العارضة لهذه الحملة المتميزة التي تهدف اساسا إلى توعية المواطنين وحثهم على تقصي الأمراض بكل انواعها بصور مبكرة، بالاعتماد على كافة قنوات الاتصال وأهمها الإعلام الذي لن يكون الا داعما لهذا الهدف الإنساني لكن احد اعوان الهلال الأحمر فتح معي بحثا ان كنت من التلفزة الوطنية ملاحظا ان القناة المذكورة هي الوحيدة المسموح لها بالقيام بالتغطية ولم يكتف بهذا بل أكد ان الأطباء لا يحبون التصوير.
طبيعي اني لم اتفاعل مع هذا الجهل وضحالة المعرفة باهداف الحملة بالإضافة إلى عمليات التقصي الفعلي ..ولما تجاوز في الإلحاح طلبت منه الاستظهار بصفته هل هو منسق الحملة حتى يمكنني أن امر إلى المسؤول عنها بصفتي صحفيا ..وواصلت عملى أمام انكماش هذا العون التابع للهلال الأحمر حسبما يدل عليه زيه.
وبعيدا عن هذا، لا يفوت التنويه بالجهود الكبيرة التي يتحلى بها طاقم الاطباء و الممرضين و متطوعي الهلال الاحمر، الذين يجهدون انفسهم لانجاح هذه الحملة سواء داخل بهو محطة السكك الحديدية او عبر بعض الفرق التي تعمل على التعريف بجدوى التقصي حتى خارج البهو الكبير.
صن نار
- ثقافياقبل 21 ساعة
قريبا وفي تجربة مسرحية جديدة: “الجولة الاخيرة”في دار الثقافة “بشير خريّف”
- جور نارقبل 21 ساعة
ورقات يتيم … الورقة 89
- ثقافياقبل يوم واحد
زغوان… الأيام الثقافية الطلابية
- جلـ ... منارقبل يومين
الصوت المضيء
- جور نارقبل 3 أيام
ورقات يتيم ..الورقة 88
- ثقافياقبل 4 أيام
نحو آفاق جديدة للسينما التونسية
- صن نارقبل 4 أيام
الولايات المتحدة… إطلاق نار في “نيو أوليانز” وقتلى وإصابات
- صن نارقبل 4 أيام
في المفاوضات الأخيرة… هل يتخلى “حزب الله” عن جنوب لبنان؟