يقول أحد رجالات الاقتصاد: إن من أسباب الأزمة الاقتصادية في تونس تعاقب الحكومات و كثرتها.. ثلاث حكومات في عام.. و لكل واحدة منها برنامج.. و لكل برنامج وزير مالية.. و لكل وزير مالية رؤية و استراتيجية.. و بالتالي لم و لن يستقر الوضعان الاقتصادي و المالي طالما لم تقبل الأحزاب المتناحرة بحكومة يفرزها الصندوق أو تؤلفها التحالفات لتعمل السنوات التي يخولها لها الدستور.. فإذا نجحت نجحنا معها و إن فشلت ليحاسبها الناخبون في الاستحقاقات القادمة..
أما و أننا نعيش زمن حكومات آيلة للسقوط مع كل إشراقة شمس فإننا لن ننعم لا باستقرار و لا بتغيير: فكيف يمكن لوزير أن ينفذ برنامجه أو ينجز مشروعه و هو غير ضامن لمنصبه..!! ألم يتحدث ناجي جلول مثلا عن مشروعه الثوري في المدارس و عن إطعام و نقل التلاميذ و عن “تابلات” لكل تلميذ..!! أين المشروع..!! لقد تم قبره لأننا في عصر فسخ و عاود من جديد.. لأن أغلب أحزابنا تفكر بمنطق الانتهازية و عيون مسؤوليها على الانتخابات القادمة.. قلة قليلة تفكر في الوطن لأن الشعور بالانتماء الحزبي تغلب على الانتماء للوطن..
و قد أظهرت دراسة أجريت الأسبوع الماضي على ثمانمائة شاب من شباب الأحياء الشعبية و نفس العدد من الأحياء الراقية أن انتماء أغلب هؤلاء لتونس يجيء في المرتبة الخامسة بعد الانتماء للعائلة و للحي و للجمعية الرياضية و للحزب.. وهو مؤشر خطير يبين أن الوطنية و المواطنة لدى شبابنا مجرد شعارات.. تماما كتفكير و تعامل سياسيي اليوم مع الوطن و المواطن.. باختصار: مشكلتنا مشكلة عقلية..