جور نار

البلاد على كبارها

نشرت

في

لم أستطع إلى يوم الناس هذا نسيان أول جلسة للمجلس التأسيسي ..ففي ذلك اليوم انبرى جزء من النواب في رسم ملامح الديمقراطية الوليدة و هندسة شروطها و حدودها… و مما رسخ في ذهني من مداخلات الثورجيين ساعتها تبنيهم خطابا استئصاليا صرفا… فسمعنا كلاما عن أيتام الفرنكوفونية و المنحلين و الخونة و الأصفار فاصل وووو ..وقتها ظننا أن هدا العدوان اللفظي لن يتعدى حدود تفريغ شحنات الغضب على النظام السابق، و أن الأمر سيكون مختلفا لحظة الشروع في تأسيس ديمقراطية على أسس صحيحة..

<strong>محمد الواد<strong>

لكن و للأسف الشديد فإن الوضع لم يتغير بل ازداد سوءا و تعكرا … و لعل سلوك المرزوقي قد أسهم بشكل قوي في تأجيج النعرات و تصادم القوى ا لسياسية عبر منطق تكسير العظام… و ما يهمنا في هذا الخصوص أن فترة التأسيس كانت اللبنة الأولى في المسار المعتلّ الذي انتهى بنا الى ما نعيشه اليوم من أزمات خانقة على كل المستويات…و كيف يكون الامر مختلفا بعد أن أصبح التباين بين الفرقاء السياسيين على قاعدة الهوية بدل البرامج السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية مثلما يحدث في أي ديمقراطية سوية…

و اليوم و بفعل التعنت القاتل الذي تلبّس بالفاعلين الأساسيين في المشهد، لم يعد من السهل التخلص من هذا الورم بل ما زاد الطين بلة أن انفتحت أبواب التدخل الأجنبي على مصراعيها …لقد صار بإمكان أي طامع في تأجيج صراع داخلي أن يجد وكيلا فاعلا مستعدا لتحقيق مبتغاه … و لكم في الارتباطات مع قوى خارجية مفضوحة أو في محاولات التنكيل بالدولة هنا وهناك أقوى دليل…بل ماذا علينا أن ننتظر من مجلس شعب يسرح و يمرح، نوّاب لا همّ لهم سوى إرباك الدولة و تفكيكها و لا يتورعون عن تمجيد الإرهاب و نواب انتصبوا خصيصا لتبييض فسادهم و وضع أصواتهم على ذمة كل مستعد للتواطؤ معهم …

و لا غرابة إذن أنك حين تتأمل في المشهد السياسي لن تجد يمينا و يسارا و وسطا من خلال برامج واضحة المعالم طمعا في خدمة الشعب ونيل ثقته… لن تجد غير تحالفات قائمة على مصلحة آنية و لن تسمع غير النديب و النحيب و :الانحطاط الاخلاقي ..و الحال تلك، هل يمكن للعاقل ان يطمع في عودة الوعي؟…بصراحة لا أعتقد ذلك لسبب بسيط فمن هم على رأس السلطة و من بيدهم القرار لا يعطون الانطباع بأنهم قد استوعبوا الدرس المرير … بل العكس تماما حيث يبدو رئيس الدولة و كأنه لا يستشعر خطورة الأوضاع، و يبدو رئيس البرلمان مزهوا بخيباته المتراكمة الى درجة الوهم بأنه يمكن ان يكون رئيس جمهورية ….

فهل بدأت نواقيس الغضب الشعبي المتعاظم تنذر بقرب انتهاء المسلسل الفاشل؟ …أعتقد ذلك لأن ما هو آت حاليا من كبار الدولة يؤكد أنه لا تتوفر فيهم الخصال التي تسمح لهم القيام بالمهام الجسيمة

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version