جور نار
التحيل عبر وسائل التواصل الافتراضي : أية طرق و أية نماذج ؟ (الجزء 3)
العملية الكبرى التي كادت توقعني في الفخ!!
نشرت
قبل 4 سنواتفي
تطرقنا في الجزأين الاول و الثاني الى بعض النماذج و طرق التحيل البدائية او المحلية كما ذكرنا نموذجين من عمليات التحيل العالمية التي تديرها عصابات منظمة وشبكات في غاية من الحرفية واتقان اليات البرمجة المعلوماتية وتدليس الوثائق الرسمية و شبه الرسمية كادوات واسلحة لاسقاط الضحية بالفخ عبر تبني منهجية ذكية و علمية تتمثل في التدقيق في اختيار الضحية المستهدفة وكذلك اختيار توقيت ابتزاز الاموال و تحديد المبالغ المناسبة..
و يبدو ان ضحايا هذه العصابات العالمية متعددون لكن جلهم يلتزمون الكتمان او يعجزون فعليا عن دفع المبالغ المطلوبة.. و قد ذكرنا خلال الجزء الثاني نموذجا عالميا لعمليات التحيل تقوده عصابة من احدى بلدان جنوبي الصحراء، و كيف تراهن هذه العصابة على بيع كنز قبيلة افريقية مستظهرة بصور رئيس القبيلة وتربطك به و بصور “عالم اثار امريكي” وجواز سفره ونماذج متعددة من الكنز المذكور المتمثل في اثار وتماثيل افريقية.
اما النموذج الثاني فقد تمثل في اتصال سيدة تدعي انها فرنسية ومسنة وستخضع لعملية جرحية خطيرة بمستشفى بنيويورك … واثر تبادل عديد المراسلات تعلمك انها ترجو القيام بعمل خيري و لم تجد احدا تثق به غيرك لتهبه مليون يورو .. ثم ترسل لك هذه السيدة صورة بطاقة تعريفها و جواز سفرها و صورا بمنزلها و صور اخرى على فراش المستشفى كما تمد بالارقام السرية لحسابها باحد البنوك وتشير عليك بمحاميها الذي سيقوم بكل اجراءات تحويل اموالها الى حسابك مقابل ان تصرف نصفه على الايتام و الفقراء ..
حال الاتصال بالمحامي يمدك ايضا باسمه كاملا و عنوانه و مهنته و اختصاصه القانوني وجواز سفره و بطاقة تعريفه و يطلب منك بعض المعطيات ثم الانتظار يومين او ثلاثة ريثما يراجع البنك و يتثبت من مصالح منوبته الفرنسية .بعد يومين او ثلاثة تصل موافقته مرفوقة بوثيقة عدلية لتدوين الهبة تحمل امضاء السيدة الفرنسية و تاريخ ميلادها و عنوانها و عدد بطاقة تعريفها كذلك امضاء المحامي و طابعه و امضاء مدير البنك و طابعه ايضا ويطلب منك الامضاء و الارجاع عبر المايل..
و تفضي هذه العملية الى بعض المكالمات الهاتفية من طرفء” المحامي المزعوم ” ثم يمدك بوثيقة من البنك يطلب منك تحويل 650 يورو اداءات و خلاص مصالح العدل ومعاليم اتعاب المحامي … وهنا تتارجح النقاشات عندما اعلمته ان قانون بلادي يمنع تحويل الاموال الى الخارج يلح ثم يجاول الاستدراج عن طريق صمته يومين او ثلاثة ثم يعود للنقاش و اتمسك بردي فيمدني باسم شخص بتونس قصد ارساله المبلغ عن طريق حوالة سريعة ..اطالبه بهاتف السيد كي امده بالرقم السري للحوالة او اتصل به فيرفض ذلك رفضا قطعيا : هل تكون هذه العصابة ذات جذور ببلادنا ايضا؟ هل يكون هذا الشخص طالبا من اقارب هذا المتحيل ؟ انتهت قصة الهبة هنا.
العملية الكبرى التي كادت تسقطني في الفخ!
لقد ذكرت اني اخترقت هذه العصابات عنوة بهدف تنبيه القراء الاعزاء الى نماذج من عمليات التحيل العالمية و التي تكتسي خطورة جمة نظرا إلى أسباب عديدة لعل اهمها : انها تجمع هياكل كاملة لمنظومات تحيل عالمية تقودها عصابات قد تكون نافذة او ذات صبغة مافيوزية فهي تمسك كل الوثائق المطلوبة في خطتها من شهائد الوفاة الى مراسلات البنوك بشعارها الرسمي و أختامها و امضاءاتها وكذلك مراسلات ووثائق المستشارين القانونيين و المحامين وبعض مصالح الجمارك الاوروبية او غيرها ووثائق بعض وزارات العدل و ايضا بعض المؤسسات العالمية ك “صندوق النقد الدولي” وصور لجوازات السفر و بطاقات التعريف و ايصالات شركات النقل العالمية و المؤسسات المالية الامريكية وكلها وثائق كاملة الشروط و الطوابع و الامضاءات و معرف المؤسسات ( ,les entêtes)
…وهي مستندات يمكنها اقناع مؤسسات دولية لا اشخاصا تغريهم الرغبة في المال و الوصول الى علية القوم ونسيان “روج” حساباتهم البنكية و صعوبات عيشهم في هذا الزمن الرديء !! تطلب “امريكية ” صداقتي عبر الفايس بوك ثم تطلب مني الابحار في الواتساب قصد مزيد النقاش و تبادل الحديث … تمر بضعة ايام ثم تعيد الاتصال لتعلمني انها اطار تدقيق في احد اكبر بنوك نيويورك وانها تمسك بمعطيات هامة جدا لاموال تتعدى المليارات التونسية …وبادرت بسؤالي ان كنت اتقن الانجليزية فاجبتها بالنفي رغم اني اتقنها نسبيا فاشارت لي بان كل الوثائق ستكون باللغة الانجليزية لكن ستترجمها لي إلى الفرنسية.
وبدات خطتها تسير سيرا عاديا و كنت اتابع كل ترجمة للمراسلات الصادرة او الواردة والوثائق الى ان وصل”الملف” الى ضرورة ارسال اصلي وثيقتين تستوجب الاحضار من طرف مستشار وزارة العدل و ال ،بF. M. I ,,,,انطلقت اول عمليات الابتزاز حين طلب المستشار العدلي المزعوم دفع مبلغ مائة الف دولار مسبقا لاستخراج الوثيقتين … اشرت للسيدة بان تحويل الاموال ممنوع ببلادنا ..انقطع الاتصال ثلاثة ايام ثم عادت لتطلب تحويل المبلغ فطلبت منها دفعه مكاني على أن أسدده لها في ما بعد مضاعفا و ذلك حالما يتم تحويل المبلغ الاجمالي الي، زيادة عن تنفيذ اتفاقنا بتقاسم الاموال…
و بعد حوالي ثلاثة ايام ارسلت لي وصلا صادرا عن المستشار ينص على قبض المائة الف دولار من هذه السيدة كما ارسلت لي صورة عن وثيقة رهنية لمنزلها لدي مؤسسة قروض لمدة خمس سنوات و بشرتني انها انهت الموضوع تبعا للاتفاق احضر المستشار الوثيقتين بسرعة وتم ارسالها للبنك الذي اعلمني باستيفاء كل الشروط وانه سيحول الاموال ضمن طرد مضمون الوصول طبقا للقانون الامريكي و لامر صندوق النقد الدولي الذي يمنع تحويل الامول المتعلقة بهذه الحالة الى اي حساب جار وانما يلتزم البنك بايصال الطرد الى المستفيد حتى منزله ( At home)… كما ارفق مراسلته بوصل شركة نقل عالمية مكلفة بايصال الطرد والاموال للمستفيد…
عند هذه المرحلة بالذات ضعفت و اعتقدت لفترة قصيرة انني قد اكون بالغت في التوقي والخوف من عمليات احتيال عالمية وان المعجزات ممكنة في هذه الايام الرديئة التي تعج بالغرائب المتنوعة وبصعود اعداد وافرة من المليارديرات ببلادنا خلال هذه السنوات التي تلت الانتفاضة صرت احلم بطبع كل كتبي النائمة في رفوف الخزانة تحت تافف زوجتي وحلمت ايضا ببعث قناة تحتضن مشاغل الشعب الحقيقية مع “زمرة زملائي الصحفيين” و اشتري لي ضيعة كم حلمت بها منذ صغري.. والغريب ان احدى وثائق البنك وشهادة مؤسسة النقد الدولية بنيويورك تؤكد تبريرا قانونيا لملكية الاموال من طرفي ( ،justification …..فماذا بقي اذن غير انتظار وصول الطرد والاموال؟ ..
كان كل تفكيري الاستقصائي بدا يتخبط بين ضفتين او ثلاثة :
1)انتظار حبكة الاحتيال القادمة حتما بعد تاجيلها لابتلاع الضحية.
2) او ان العملية تستجيب لكل مقومات القواعد الصحيحة انتظرت ثلاثة ايام قبل ان اتصل بوثيقة مؤشرة من مصالح الجمارك الايطالية ومرفوقة بمكتوب من الشركة العالمية للنقل تفيد ان مصالح الديوانة بايطاليا تطالب بدفع 1600 يورو اداء على الطرد (وهو ما يقابل 5000دينار تونسي ..) لتسريحة و ايصاله للمستفيد….. هنا طمانت نفسي بان هذا الصراع القوي مع اعتى العصابات العالمية قد ينتهي قريبا لسببين اساسيين :
—اذا كانت موظفة البنك ليست حلقة في عملية التحيل ودفعت فعلا 100الف دولار امريكي عن طريق قرض لخمس سنوات ورهنية منزلها لتحصل على نصف الثروة زائد ما دفعته مضاعفا من اداء فانها ستفعل المستحيل و تدفع الـ 1600 يورو للديوانة الايطالية بهدف تسريح الطرد.
-الان يستوجب علي مراسلة مصالح الديوانة الايطالية حتى اتاكد من الامر و من وجود الطرد. – وحتى (فرضيا) تم اعلامي لاحقا ان الطرد موجود و يتطلب فعلا دفع رسوم 1600 يورو زائد رسوم التخزين فانه لا احد يضمن بان الطرد يحمل الاموال التي تزعم إرسالها هذه العصابة!!!
تصفح أيضا
عبد الكريم قطاطة:
فترة التسعينات كانت حبلى بالاحداث والتغييرات في مسيرتي المهنية منها المنتظر والمبرمج له ومنها غير المنتظر بتاتا …
وانا قلت ومازلت مؤمنا بما قلته… انا راض بأقداري… بحلوها وبمرّها… ولو عادت عجلة الزمن لفعلت كلّ ما فعلته بما في ذلك حماقاتي واخطائي… لانني تعلمت في القليل الذي تعلمته، انّ الانسان من جهة هو ابن بيئته والبيئة ومهما بلغت درجة وعينا تؤثّر على سلوكياتنا… ومن جهة اخرى وحده الذي لا يعمل لا يخطئ… للتذكير… اعيد القول انّه وبعد ما فعله سحر المصدح فيّ واخذني من دنيا العمل التلفزي وهو مجال تكويني الاكاديمي، لم انس يوما انّني لابدّ ان اعود يوما ما الى اختصاصي الاصلي وهو العمل في التلفزيون سواء كمخرج او كمنتج او كلاهما معا… وحددت لذلك انقضاء عشر سنوات اولى مع المصدح ثمّ الانكباب على دنيا التلفزيون بعدها ولمدّة عشر سنوات، ثمّ اختتام ما تبقّى من عمري في ارقى احلامي وهو الاخراج السينمائي…
وعند بلوغ السنة العاشرة من حياتي كمنشط اذاعي حلّت سنة 1990 لتدفعني للولوج عمليا في عشريّة العمل التلفزي… ولانني احد ضحايا سحر المصدح لم استطع القطع مع هذا الكائن الغريب والجميل الذي سكنني بكلّ هوس… الم اقل آلاف المرات انّ للعشق جنونه الجميل ؟؟ ارتايت وقتها ان اترك حبل الوصل مع المصدح قائما ولكن بشكل مختلف تماما عما كنت عليه ..ارتايت ان يكون وجودي امام المصدح بمعدّل مرّة في الاسبوع ..بل وذهبت بنرجسيتي المعهودة الى اختيار توقيت لم اعتد عليه بتاتا ..نعم اخترت الفضاء في سهرة اسبوعية تحمل عنوان (اصدقاء الليل) من التاسعة ليلا الى منتصف الليل …هل فهمتم لماذا وصفت ذلك الاختيار بالنرجسي ؟؟ ها انا افسّر ..
قبل سنة تسعين عملت في فترتين: البداية كانت فترة الظهيرة من العاشرة صباحا حتى منتصف النهار (والتي كانت وفي الاذاعات الثلاث قبل مجيئي فترة خاصة ببرامج الاهداءات الغنائية)… عندما اقتحمت تلك الفترة كنت مدركا انيّ مقدم على حقل ترابه خصب ولكنّ محصوله بائس ومتخلّف ..لذلك اقدمت على الزرع فيه … وكان الحصاد غير متوقع تماما ..وتبعتني الاذاعة الوطنية واذاعة المنستير وقامت بتغييرات جذرية هي ايضا في برامجها في فترة الضحى .. بل واصبح التنافس عليها شديدا بين المنشطين ..كيف لا وقد اصبحت فترة الضحى فترة ذروة في الاستماع … بعد تلك الفترة عملت ايضا لمدة في فترة المساء ضمن برنامج مساء السبت … ولم يفقد انتاجي توهجه ..وعادت نفس اغنية البعض والتي قالوا فيها (طبيعي برنامجو ينجح تي حتى هو واخذ اعزّ فترة متاع بثّ) …
لذلك وعندما فكّرت في توجيه اهتمامي لدنيا التلفزيون فكرت في اختيار فترة السهرة لضرب عصفورين بحجر واحد… الاول الاهتمام بما ساحاول انتاجه تلفزيا كامل ايام الاسبوع وان اخصص يوما واحدا لسحر المصدح ..ومن جهة اخرى وبشيء مرة اخرى من النرجسية والتحدّي، اردت ان اثبت للمناوئين انّ المنشّط هو من يقدر على خلق الفترة وليست الفترة هي القادرة على خلق المنشط ..وانطلقت في تجربتي مع هذا البرنامج الاسبوعي الليلي وجاءت استفتاءات (البيان) في خاتمة 1990 لتبوئه و منشطه المكانة الاولى في برامج اذاعة صفاقس .. انا اؤكّد اني هنا اوثّق وليس افتخارا …
وفي نفس السياق تقريبا وعندما احدثت مؤسسة الاذاعة برنامج (فجر حتى مطلع الفجر) وهو الذي ينطلق يوميا من منتصف الليل حتى الخامسة صباحا، و يتداول عليه منشطون من الاذاعات الثلاث… طبعا بقسمة غير عادلة بينها يوم لاذاعة صفاقس ويوم لاذاعة المنستير وبقية الايام لمنشطي الاذاعة الوطنية (اي نعم العدل يمشي على كرعيه) لا علينا … سررت باختياري كمنشط ليوم صفاقس ..اولا لانّي ساقارع العديد من الزملاء دون خوف بل بكلّ ثقة ونرجسية وغرور… وثانيا للتاكيد مرة اخرى انّ المنشط هو من يصنع الفترة ..والحمد لله ربحت الرهان وبشهادة اقلام بعض الزملاء في الصحافة المكتوبة (لطفي العماري في جريدة الاعلان كان واحدا منهم لكنّ الشهادة الاهمّ هي التي جاءتني من الزميل الكبير سي الحبيب اللمسي رحمه الله الزميل الذي يعمل في غرفة الهاتف بمؤسسة الاذاعة والتلفزة) …
سي الحبيب كان يكلمني هاتفيا بعد كل حصة انشطها ليقول لي ما معناه (انا نعرفك مركّب افلام باهي وقت كنت تخدم في التلفزة اما ما عرفتك منشط باهي كان في فجر حتى مطلع الفجر .. اما راك اتعبتني بالتليفونات متاع المستمعين متاعك، اما مايسالش تعرفني نحبك توة زدت حبيتك ربي يعينك يا ولد) … في بداية التسعينات ايضا وبعد انهاء اشرافي على “اذاعة الشباب” باذاعة صفاقس وكما كان متفقا عليه، فكرت ايضا في اختيار بعض العناصر الشابة من اذاعة الشباب لاوليها مزيدا من العناية والتاطير حتى تاخذ المشعل يوما ما… اطلقت عليها اسم مجموعة شمس، واوليت عناصرها عناية خاصة والحمد لله انّ جلّهم نجحوا فيما بعد في هذا الاختصاص واصبحوا منشطين متميّزين… بل تالّق البعض منهم وطنيا ليتقلّد عديد المناصب الاعلامية الهامة… احد هؤلاء زميلي واخي الاصغر عماد قطاطة (رغم انه لا قرابة عائلية بيننا)…
عماد يوم بعث لي رسالة كمستمع لبرامجي تنسمت فيه من خلال صياغة الرسالة انه يمكن ان يكون منشطا …دعوته الى مكتبي فوجدته شعلة من النشاط والحيوية والروح المرحة ..كان انذاك في سنة الباكالوريا فعرضت عليه ان يقوم بتجربة بعض الريبورتاجات في برامجي .. قبل بفرح طفولي كبير لكن اشترطت عليه انو يولي الاولوية القصوى لدراسته … وعدني بذلك وسالته سؤالا يومها قائلا ماذا تريد ان تدرس بعد الباكالوريا، قال دون تفكير اريد ان ادرس بكلية الاداب مادة العربية وحلمي ان اصبح يوما استاذ عربية ..ضحكت ضحكة خبيثة وقلت له (تي هات انجح وبعد يعمل الله)… وواصلت تاطيره وتكوينه في العمل الاذاعي ونجح في الباكالوريا ويوم ان اختار دراسته العليا جاءني ليقول وبكلّ سعادة …لقد اخترت معهد الصحافة وعلوم الاخبار… اعدت نفس الضحكة الخبيثة وقلت له (حتّى تقللي يخخي؟) واجاب بحضور بديهته: (تقول انت شميتني جايها جايها ؟؟)… هنأته وقلت له انا على ذمتك متى دعتك الحاجة لي ..
وانطلق عماد في دراسته واعنته مع زملائي في الاذاعة الوطنية ليصبح منشطا فيها (طبعا ايمانا منّي بجدراته وكفاءته)… ثم استنجد هو بكلّ ما يملك من طاقات مهنية ليصبح واحدا من ابرز مقدمي شريط الانباء… ثم ليصل على مرتبة رئيس تحرير شريط الانباء بتونس 7 ..ويوما ما عندما فكّر البعض في اذاعة خاصة عُرضت على عماد رئاسة تحريرها وهو من اختار اسمها ..ولانّه لم ينس ماعاشه في مجموعة شمس التي اطرتها واشرفت عليها، لم ينس ان يسمّي هذه الاذاعة شمس اف ام … اي نعم .عماد قطاطة هو من كان وراء اسم شمس اف ام …
ثمة ناس وثمة ناس ..ثمة ناس ذهب وثمة ناس ماجاوش حتى نحاس ..ولانّي عبدالكريم ابن الكريم ..انا عاهدت نفسي ان اغفر للذهب والنحاس وحتى القصدير ..وارجو ايضا ان يغفر لي كل من اسأت اليه ..ولكن وربّ الوجود لم اقصد يوما الاساءة ..انه سوء تقدير فقط …
ـ يتبع ـ
عبد الكريم قطاطة:
المهمة الصحفية الثانية التي كلفتني بها جريدة الاعلان في نهاية الثمانينات تمثّلت في تغطية مشاركة النادي الصفاقسي في البطولة الافريقية للكرة الطائرة بالقاهرة …
وهنا لابدّ من الاشارة انها كانت المرّة الوحيدة التي حضرت فيها تظاهرة رياضية كان فيها السي اس اس طرفا خارج تونس .. نعم وُجّهت اليّ دعوات من الهيئات المديرة للسفر مع النادي وعلى حساب النادي ..لكن موقفي كان دائما الشكر والاعتذار ..واعتذاري لمثل تلك الدعوات سببه مبدئي جدا ..هاجسي انذاك تمثّل في خوفي من (اطعم الفم تستحي العين)… خفت على قلمي ومواقفي ان تدخل تحت خانة الصنصرة الذاتية… اذ عندما تكون ضيفا على احد قد تخجل من الكتابة حول اخطائه وعثراته… لهذا السبب وطيلة حياتي الاعلامية لم اكن ضيفا على ايّة هيئة في تنقلات النادي خارج تونس ..
في رحلتي للقاهرة لتغطية فعاليات مشاركة السي اس اس في تلك المسابقة الافريقية، لم يكن النادي في افضل حالاته… لكن ارتأت ادارة الاعلان ان تكلّفني بمهمّة التغطية حتى اكتب بعدها عن ملاحظاتي وانطباعاتي حول القاهرة في شكل مقالات صحفية… وكان ذلك… وهذه عينات مما شاهدته وسمعته وعشته في القاهرة. وهو ما ساوجزه في هذه الورقة…
اوّل ما استرعى انتباهي في القاهرة انّها مدينة لا تنام… وهي مدينة الضجيج الدائم… وما شدّ انتباهي ودهشتي منذ الساعة الاولى التي نزلت فيها لشوارعها ضجيج منبهات السيارات… نعم هواية سائقي السيارات وحتى الدراجات النارية والهوائية كانت بامتياز استخدام المنبهات… ثاني الملاحظات كانت نسبة التلوّث الكثيف… كنت والزملاء نخرج صباحا بملابس انيقة وتنتهي صلوحية اناقتها ونظافتها في اخر النهار…
اهتماماتي في القاهرة في تلك السفرة لم تكن موجّهة بالاساس لمشاركة السي اس اس في البطولة الافريقية للكرة الطائرة… كنا جميعا ندرك انّ مشاركته في تلك الدورة ستكون عادية… لذلك وجهت اشرعة اهتمامي للجانب الاجتماعي والجانب الفنّي دون نسيان زيارة معالم مصر الكبيرة… اذ كيف لي ان ازور القاهرة دون زيارة خان الخليلي والسيدة زينب وسيدنا الحسين والاهرام… اثناء وجودي بالقاهرة اغتنمت الفرصة لاحاور بعض الفنانين بقديمهم وجديدهم… وكان اوّل اتصال لي بالكبير موسيقار الاجيال محمد عبد الوهاب رحمه الله… هاتفته ورجوت منه امكانية تسجيل حوار معه فاجابني بصوته الخشن والناعم في ذات الوقت معتذرا بسبب حالته الصحية التي ليست على ما يرام…
لكن في مقابل ذلك التقيت بالكبير محمد الموجي بمنزله وقمت بتسجيل حوار معه ..كان الموجي رحمه الله غاية في التواضع والبساطة… لكن ما طُبع في ذهني نظرته العميقة وهو يستمع اليك مدخّنا سيجارته بنهم كبير… نظرة اكاد اصفها بالرهيبة… رهبة الرجل مسكونا بالفنّ كما جاء في اغنية رسالة من تحت الماء التي لحنها للعندليب… نظرة المفتون بالفن من راسه حتى قدميه…
في تلك الفترة من اواخر الثمانينات كانت هنالك مجموعة من الاصوات الشابة التي بدات تشق طريقها في عالم الغناء ..ولم اترك الفرصة تمرّ دون ان انزل ضيفا عليهم واسجّل لهم حوارات… هنا اذكر بانّ كلّ التسجيلات وقع بثها في برامجي باذاعة صفاقس… من ضمن تلك الاصوات الشابة كان لي لقاءات مع محمد فؤاد، حميد الشاعري وعلاء عبدالخالق… المفاجأة السارة كانت مع لطيفة العرفاوي… في البداية وقبل سفرة القاهرة لابدّ من التذكير بانّ لطيفة كانت احدى مستمعاتي… وعند ظهورها قمت بواجبي لتشجيعها وهي تؤدّي انذاك وباناقة اغنية صليحة (يا لايمي عالزين)…
عندما سمعت لطيفة بوجودي في القاهرة تنقلت لحيّ العجوزة حيث اقطن ودعتني مع بعض الزملاء للغداء ببيتها… وكان ذلك… ولم تكتف بذلك بل سالت عن احوالنا المادية ورجتنا ان نتصل بها متى احتجنا لدعم مادي… شكرا يا بنت بلادي على هذه الحركة…
اختم بالقول قل ما شئت عن القاهرة.. لكنها تبقى من اعظم واجمل عواصم الدنيا… القاهرة تختزل عبق تاريخ كلّ الشعوب التي مرّت على اديمها… نعم انها قاهرة المعزّ…
ـ يتبع ـ
محمد الزمزاري:
انطلقت الحملة الوطنية المتعلقة هذه المرة بالتقصي حول الأمراض المزمنة وكان مرض السكري وأيضا مرض ضغط الدم هما المدرجان في هذه الحملة.
يشار إلى أن نسب مرضى السكري و ضغط الدم قد عرفت ارتفاعا ملفتا لدى المواطنين و بالتحديد لدى شريحة كبار السن مما يكسي اهمية لهذه الحملات التي تنظمها وزارة الصحة العمومية بالتعاون المباشر مع هيئة الهلال الأحمر التونسي.. وقد سنحت لنا الفرصة لحضور جزء مهم من الحملة في بهو محطة القطارات الرئيسية بساحة برشلونة، لنقف على تفاعل عديد المواطنين المصطفّين قصد الخضوع لعملية التقصي بكل انضباط وكان جل الوافدين طبعا من كبار السن، كما لوحظ تواجد عدد كبير من ممثلي الهلال الأحمر ومن الأطباء بمكتبين ويساعدهم بعض الممرضين.
الغريب انه لدى تغطيتى العارضة لهذه الحملة المتميزة التي تهدف اساسا إلى توعية المواطنين وحثهم على تقصي الأمراض بكل انواعها بصور مبكرة، بالاعتماد على كافة قنوات الاتصال وأهمها الإعلام الذي لن يكون الا داعما لهذا الهدف الإنساني لكن احد اعوان الهلال الأحمر فتح معي بحثا ان كنت من التلفزة الوطنية ملاحظا ان القناة المذكورة هي الوحيدة المسموح لها بالقيام بالتغطية ولم يكتف بهذا بل أكد ان الأطباء لا يحبون التصوير.
طبيعي اني لم اتفاعل مع هذا الجهل وضحالة المعرفة باهداف الحملة بالإضافة إلى عمليات التقصي الفعلي ..ولما تجاوز في الإلحاح طلبت منه الاستظهار بصفته هل هو منسق الحملة حتى يمكنني أن امر إلى المسؤول عنها بصفتي صحفيا ..وواصلت عملى أمام انكماش هذا العون التابع للهلال الأحمر حسبما يدل عليه زيه.
وبعيدا عن هذا، لا يفوت التنويه بالجهود الكبيرة التي يتحلى بها طاقم الاطباء و الممرضين و متطوعي الهلال الاحمر، الذين يجهدون انفسهم لانجاح هذه الحملة سواء داخل بهو محطة السكك الحديدية او عبر بعض الفرق التي تعمل على التعريف بجدوى التقصي حتى خارج البهو الكبير.
صن نار
- ثقافياقبل 10 ساعات
قريبا وفي تجربة مسرحية جديدة: “الجولة الاخيرة”في دار الثقافة “بشير خريّف”
- جور نارقبل 10 ساعات
ورقات يتيم … الورقة 89
- ثقافياقبل 21 ساعة
زغوان… الأيام الثقافية الطلابية
- جلـ ... منارقبل يوم واحد
الصوت المضيء
- جور نارقبل يومين
ورقات يتيم ..الورقة 88
- ثقافياقبل 3 أيام
نحو آفاق جديدة للسينما التونسية
- صن نارقبل 3 أيام
الولايات المتحدة… إطلاق نار في “نيو أوليانز” وقتلى وإصابات
- صن نارقبل 3 أيام
في المفاوضات الأخيرة… هل يتخلى “حزب الله” عن جنوب لبنان؟