جور نار

محمد الواد: الحلول ممكنة … لكن الوعي غائب

نشرت

في

عشر سنوات مرت و الحال من سيء إلى أسوأ و هذا الاستنتاج لا يحتاج إلى أدلة و أرقام لأن الوضع بلغ درجة من البؤس يستحيل معها أي نوع من أنواع الإنكار. و حتى ما كان يعد إنجازا تاريخيا كالحرية و الديمقراطية فقد تحول هو الآخر إلى جرعة لتنويم طموح الشعب إلى حياة أفضل على كل الأصعدة.

<strong>محمد الواد<strong>

لكن ما يزيد الطين بلة أن ما يوفره المشهد السياسي الذي تتحرك داخل حدوده ما سمي بالحكم و المعارضة لا يوحي بأن الجماعة مدركون لما يمكن أن يؤدي بنا صخبهم و مغامراتهم و النزوع إلى القصووية في المواقف و الأفعال و ردود الأفعال . و بما أن الرجوع إلى الوراء لن يفيدنا كثيرا في تحسس ما هو آت في قادم الشهور و الأعوام، نرى أن الواقع الحالي فيه من الشوائب و الموانع ما يكفي لمواجهتها بالوعي الحقيقي بما يتهدد البلاد من مخاطر باتت أقرب مما يتوقع أكثر الناس تفاؤلا.

البلاد في حاجة اليوم إلى من يتسلح بالشجاعة للإقرار بأن هناك استحقاقات جوهرية لا يمكن بدونها التقدم خطوة في الاتجاه السليم . و على رأس هده الاستحقافات إرساء المحكمة الدستورية المعطلة طيلة هذه الأعوام لحسابات سياسية أنانية و ظرفية حتى تبقى الحلول تصاغ في بوتقة المقايضات و البيع و الشراء و حتى تظل دار لقمان على حالها و في معزل تام عن الدستور و أحكامه و قواعده.

أما الاستحقاق الثاني و الذي لا يقل أهمية عن الأول فيتمثل في مراجعة القانون الانتخابي لأن المعمول به حاليا أثبت أنه لا ينتج إلا الخراب و الأزمات و المشاهد المزرية و الصعلكة و تعكير صفو العمل السياسي إلى درجة الاستخفاف بالدستور نفسه و الدفع بالبلاد إلى المهالك.

و أما الا ستحقاق الثالث فيتمثل في إرساء مجلس أعلى توكل إليه مهام تشخيص واقع البلاد قطاعيا و جهويا و في مختلف المجالات و يسيره أهل الاختصاص و الخبرة و أعلى الكفاءات في الدولة لتحديد مكامن القصور و تقديم برامج و استراتيجيات متوسطة و بعيدة المدى و ذلك على غرار كل الدول المتطورة. و ما من شك فإن عمل هذا المجلس سيغنينا عن السياسات الارتجالية و الضبابية التي تكتنف عمل الحكومات المتعاقبة و التي لا تؤدي في نهاية المطاف إلا الى الخيبات و الهروب إلى الأمام و إطلاق الوعود الزائفة و القرارات المرتجلة.

أما على مستوى الواجهة السياسية القائمة الآن في شكل أحزاب و كتل نيابية فهي لا توفر لنا سوى مشهد صراع ديكة تغذيه شتى صنوف الوشاية و التشويه و المصطلحات السوقية الخالية من اللباقة و غير المكترثة بآثارها الشنيعة على مبادئ القبول بالرأي المخالف و على التعايش المجتمعي دون تكفير أو تخوين أو جنوح نحو الاستئصال و الإقصاء.

و دون لف أو دوران أرى أن مآل الصراع الحالي بين شقي الغنوشي و موسي لن يؤدي إلى عواقب محمودة و باختزال شديد أعتقد أن عقلاء النهضة و خاصة كوادرها المستقيلة أو المتأذية من سلوك الغنوشي و أتباعه مطالبون اليوم بتحديد موقفهم بكل وضوح و لم لا التشكل في إطار سياسي يؤمن بالولاء للوطن و قوانين الدولة و علوية مصالح الشعب على كافة الاعتبارات الفئوية و التنظيمية الأخرى.

كما اعتقد أن التلبس بالحكم المطلق من لدن عبير موسي ضد من تعتبرهم خصوما أزليين لن يحقق أية فائدة لا للمجتمع و لا لطريقة تسيير الدولة الديمقراطية. و بالتالي فإنها مطالبة بل و من مصلحتها أيضا أن تبرهن بشكل قاطع و لا لبس فيه أن ما تطرحه على الشعب لا يتنافى مع الالتزام بقواعد اللعبة الديمقرطية بكل شروطها و ما عدا ذلك فلا يفصل فيه إلا القضاء و القوانين المسيرة للبلاد.

أما رئيس الدولة فلا أرى أن سلوكه إلى حد الساعة يمكن أن يساعد البلاد على الخروج من أزماتها المتعاظمة بل كيف له أن يظل مرجع القوى و القرارات الكبرى إذا لم يتخلص من إرسالياته المشحونة غموضا و المربكة للجميع … عليه ألاّ ينسى أنه اليوم رئيس كل التونسيين و أنه الضامن لوحدتهم و المؤتمن على مستقبل الأجيال و هذا ما لم نره منه للأسف الشديد بل إنه ظل يعطي الانطباع بأنه طرف ثالث في التنازع السياسي و أنه حكم على نفسه بالعجز عن تقديم الحلول و طمأنة الشعب.

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version