في بداية الأسبوع طالعت مثلكم جميعا ما راج من أنباء عن اكتشاف قناديل بحرية سامة في شواطئنا الشمالية و اطلعت على بلاغ الحرس البحري الذي يحذر فيه من هذا النوع من ” الحُرّيقة ” التي تبث سمّا قاتلا يسبب الشلل الفوري ثم الموت ، و قد تسربت إلى سواحلنا التونسية من المحيط الأطلسي.
و لكنني استغربت حالة الخوف و الهلع التي أصابت الكثيرين و تساءلت هل ستكون هذه الحُرّيقة أكثر قدرة على الشلل ممن شلّوا تطور جيل كامل و أضاعوا من عمره و عمر البلاد عشر سنوات دون مشاريع او إنجازات و عطّلوا حتى أمله في مستقبل أفضل و غد أجمل؟! و تساءلت هل ستكون سموم هذه الحُرّيقة أخطر علينا من السموم السياسية و الاقتصادية و حتى الثقافية التي ما انفك بعضهم ينشرها في بلادنا ؟! أ لم تفِدْ علينا بعض هذه السموم من بلدان أخرى.. أ لم يتآمر علينا بعضها لآخر مع بلدان أخرى..؟!
من دنّس أرضنا و نهب خيرنا و سمم واقعنا غيرهم؟! جاؤوا فجاءت معهم الإضرابات و الاعتصامات و الاحتجاجات و التنسيقيات و التعويضات و التهديدات و الاعتداءات و الاغتيالات و التفجيرات جاؤوا فلم بعد الساحل ساحلا و لا الجنوب جنوبا و لا الشمال شمالا.. قوّضوا أمن البلاد و أمانها و لوّثوا بحقدهم جمالها فأيهم _ بربّكم _ أفتك سمّا ، هم أم الحُرّيقة البحرية الوافدة؟
أيهما أشد فتكا بنا و ببلادنا و بأبنائنا و بأجيالنا القادمة هذه الحُرّيقة البحرية أم حُرّيقة الدسائس و الخيانات و المؤامرات؟ أيهما أشد فتكا بنا و بأبنائنا و بأجيالنا القادمة هذه الحُرّيقة البحرية أم حُرّيقة التكفير و التحريم و التجريم و التجهيل و نشر ثقافة العرابنية و البوز و الفضائح و الاهتمام بصراعات الفنانين و الفنانات و عراكهم و تنابزهم ؟
أيهم أشد فتكا بنا و ببلادنا و بأبنائنا و بأجيالنا القادمةهذه الحُرّيقة البحرية أم من حطموا اقتصادنا و دمروا مصانعنا و فرطوا في ثرواتنا و زعزعوا أركان مؤسساتنا الوطنية و أنهكوا فلاحتنا و عبثوا بأمننا الغذائي و فضّلوا المنتوجات الأجنبية على منتوجاتنا و استوردوا لنا النفايات بدل ان يدرؤوا عنا سموم الكورونا و المرض و يجلِبوا العلاجات و اللّقاحات؟ لم تخشَوْن الحُرّيقة و تلومون عليها تجرّؤها على بلادنا و سواحلنا و هي التي أتت لتأخذ نصيبها مثلما أخذوا ؟؟
إن كانت هذه الحُرّيقة قد أذنبت في شيء فإن ذنبها الوحيد هو أنها دخلت مياهنا خلسة و لم تنتدب من يفتح أمامها الأبواب على مصراعيها مهللا مكبرا ” أقبل البدر علينا”… و إن كانت قد أخطأت فإنّ خطأها يكمن في أنها لم تبحث عن مُكبّر صوت تخاطب من خلاله أهل البلاد، و لم تجُب البلاد طولا و عرضا موزعة كراذين مقرونة منتهية الصلاحية و لم تهجم على أحد الموانئ أو المطارات مستعرضة عضلاتها و فائق “رُجلتها” على غيرها …
و أنصحها _ إن قبلت مني النّصيحة _ أن تنضم إلى صويحباتها و تتبع أشباهها و تكوّن حزبا قويا يدافع عنها و عن مصالحها و يكون شعارها ” الحُرّيقة تُريد…”