جمر نار

رضا عزيّز: الخطوط (الحمراء) الجوية التونسية

نشرت

في

المطلع على واقع قطاع النقل و خاصّة النقل الجوي يعلم أهميّة النقابات و تأثيرها الكبير في واقع النقل نجاحه و فشله … و لكن أن تتحوّل النقابة إلى قوّة لليّ ذراع الإدارة و فرض بعض الاختيارات الهدّامة و استعمال طرق و أساليب هي أقرب إلى البلطجة منها إلى العمل النقابي البنّاء، فهذا لا يمكن أن يقبله أي مواطن يحمل فكرا وطنيا نزيها …

<strong>رضا عزيز<strong>

و ما رأيناه أخيرا في الخطوط التونسية هو دليل على انفلات خطير لن تكون عواقبه إلا وبالا على المؤسّسة الوطنية التي تمرّ بأصعب فترة في تاريخها … و المدهش حقّا أن بعض وسائل الإعلام و المحلّلين حوّلوا الأمر إلى فشل اتصالي قامت به الرئيسة المديرة العامة للمؤسسة، و هي سيّدة تتّقد حيويّة و رغبة في الإصلاح، متناسين الأصل في ما حدث و هو تجمّع بعض الغرباء عن المؤسسة أمام مكتب الرئيسة في الطابق الخامس يلعبون الورق و يدخّنون السجائر عابثين بهيبة المؤسسة و رئيسة المؤسسة… قالوا إن الشهادات العليا من أكبر الجامعات الأمريكية غير كافية للنجاح في تسيير شركة وطنية في حجم الخطوط الجوية … هذه حقيقة، و لكن لماذا ينجح زملاؤها في كامل أنحاء العالم و لا تفشل إلا هي و هي المتفوّقة عليهم في الدراسة؟

الأمر بسيط جدا لأن زملاءها في كامل أنحاء العالم لم يواجهوا اتحادات عمال بلدانهم، إن وجدوا … و حتى الذين وجدوا التقوا مع المبادرين على طاولة حب النجاح و معاداة الفشل و إرادة الخير لأوطانهم فلم يختلفوا و في بعض الأحيان اتفقوا رغم حجم الخلافات. إلا نحن نبحث عن نقطة الخلاف بالميكروسكوب لنتشبّث بها و نبدأ عملية الهدم منها باعتبارها مصيرا لابدّ منه و لا يمكن تجاوزه. موقف السيدة الرئيسة المديرة العامة قرأ على أنه تعال و بحث عن بطولة وهميّة خارج الإطار الزماني لأن عهد البطولات الحقيقية و الوهميّة قد مرّ و انتهى … و هنالك من ذكر في استغراب و تعجّب كيف لطائرات متوقّفة عن الطيران لأشهر عديدة أن تصلح في أربعة أيّام و السؤال بهذا الشكل طُرح تهكّما على المسؤولة و ليس من باب البحث عن الحقيقة …

لو كان السؤال مثلا ما الذي أوقف طائرة عدة أشهر و قد تبيّن أنّه كان من الممكن إصلاحها خلال بضعة أيام؟  و لو عرف السائل أن طائرة توقّفت لأشهر عديدة بسبب حاجتها لقطعة غيار لا يتجاوز ثمنها المائة يورو، ما كان ليطرح سؤاله التهكمي و لاقتنع بحجم الفساد الذي ينخر شركتنا الوطنية … و هنا أضيف عيّنة أخرى لأعود بكم إلى بداية انهيار الخطوط التونسية، يوم قرّر من قرّر تقسيم الشركة الى عدة شركات تحت غطاء مجمّع واحد فما كان حجم العملية و من تحمّل الخسائر؟  ثم يوم تقرّر إصلاح الخطأ و عودة الشركة إلى حالها الأول فما كان حجم الاستثمار و من دفع الثمن؟  

حالنا في حاجة لطرح السؤال المناسب في المكان المناسب والزمان المناسب للشخص المناسب بحثا عن الحقيقة و لا شيء غيرها. أما إذا أكثرنا من الخطوط الحمراء كما نفعل الآن و جعلنا من كل قطاع خطا أحمر فلا غرابة في أن نجد قطاعات و أشخاصا أعلى من القانون و محرّم مجرّد الاقتراب منهم و سؤالهم، إنهم untouchable .

 

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version