وهْجُ نار

“الرئيس يريد إسقاط النظام” ! …

نشرت

في

لماذا خاب ظنّ هذا الشعب في حكامه؟ ألم يخترهم هو يوم الحشر الانتخابي؟؟ ألم يصرخ طويلا باسمهم؟؟ هل خُدع هذا الشعب ممن يحكمونه اليوم؟ أم هو سلوك مزاجي لشعب يعيش المأساة والوجع منذ عشر سنوات؟؟ و هل ستتواصل خيبات هذا الشعب في حاكم يُخرجه مما هو فيه؟؟ أم أن هذه الأرض ستلد قائدا يُنسي الشعب أوجاعه؟؟ فلا الأحزاب أوفت بما وعدت، و لا ساكن قرطاج تأبط خيرا بالبلاد…و لا من أختاره لكرسي القصبة نجح في إعادة الأمل لشعب تأبط الألم…

<strong>محمد الأطرش<strong>

لسائل أن يسأل لماذا أصبح الشعار الأقرب لجميع فئات هذا الشعب “الشعب يريد اسقاط النظام”…؟؟ لماذا أصبح الشعب يعاني من حساسية مفرطة ضدّ كل نظام سياسي وُلد من رحم “الربيع العربي” ؟؟ ألم يكن حكامنا اليوم هم من كانوا يمثلون الشعب في معاناته و في مآسيه، حسب ما يزعمونه… أو ما يصرون على قوله دائما؟؟ و السؤال الأهمّ هو لماذا يريد أغلبنا إسقاط النظام و هم من اختاروه و من خرجوا متظاهرين من أجله؟؟ أظنّ أن هذا الشعب لم يكن يؤمن كثيرا بأنه سينجح في تغيير النظام السابق و أنه فوجئ بانهيار نظام بن علي بتلك السرعة، و الأهمّ هو أنه لم يكن مستعدا ليحكم دولة خرج رافضا لمن كان يحكمها…و أظنّ أن الخيبة الكبرى آتية لا ريب فيها…

فما يأتيه ساكن قرطاج اليوم لا يوحي بأنه الرجل الذي سيُخرج البلاد مما هي فيه…و لا يوحي بأنه الرجل الذي ينتظره هذا الشعب …أكان ساكن قرطاج القائد الذي يجد عنده الجميع ضالته؟…و القائد الذي يأمل فيه الجميع خيرا؟…و القائد الذي لا يُقصي و لا يستثني أي مواطن من برامجه المستقبلية؟…و القائد الذي لا يكتفي بمجرّد الوعود التي تعوّد بها التونسي منذ عشر سنوات و التي لا تتعدى بعض الأسطر في برنامج يفوق طوله شوارع بعض مدننا؟… ألم يكن يروّج بأنه مرشح كل العاطلين عن العمل؟…ألم يكن يزعم بأنه مرشح كل المظلومين و المتعطشين لرفع المظلمة التي يعيشونها؟…ألم يرفع صوته زاعما بأنه سيكون مرشح كل الذين هجروا الأحزاب لأنهم خُدعوا و لم يجدوا ضالتهم فيها؟…ألم يصرخ طويلا بأنه سيكون مرشح كل من يرى في مستقبل البلاد معه خيرا؟…ألم يقل أنه سيكون مرشح الفقير؟…

ساكن قرطاج نسي كل ما رفعه من شعارات و خرج علينا شاهرا سيفه في وجه خونة لم نعرف من هم….و في وجه مؤامرات الغرف المظلمة التي لم نعرف إلى اليوم مكانها و من يكون أصحابها …ساكن قرطاج يخرج علينا مع كل خطاب بحزمة من التهديد و الوعيد لأطراف مجهولة الهوية …ساكن قرطاج يطارد اشباحا لا نراها و لا نعلم من تكون و قد تكون الأشباح التي كان المرزوقي يتابعها بنظره إلى أعلى ǃ …

ساكن قرطاج لم يخرج إلى حدّ الساعة من صدمة فوزه بكرسي الرئاسة…و نسي أن عليه أن يكون رئيسا للجميع…لمن كانوا خصومه في انتخابات الوصول إلى كرسي قرطاج… للمفروز أمنيا…و العاجز…و المعوق…و اليتيم…و المريض…و المهمّش…عليــــــــــــــه أن يكون رئيسا كل شاب فقد أمله في المنظومات التي حكمت البلاد قبل وبعد 2011…عليــــــــــه أن يكون رئيسا لكل من أحبطه المشهد السياسي الأعرج….عليــــــــــه أن يكون رئيسا لكل امرأة فقدت سندها….عليــــــــــه ان يكون رئيسا لكل من يعيش إعاقة أجبرته على مدّ يده متسولا…عليـــــــــــه أن يكون رئيسا لكل من ظلموا بالأمس  و اليوم  و غدا…عليـــــــــــه أن يكون رئيسا لكل من فقدوا الأمل في إصلاح الأوضاع في هذا الوطن….عليــــــــــــه أن يكون رئيسا لكل من احترق وجعا منذ أن ابتلع البحر فلذة كبده هربا من وضع لا أمل فيه….

عليــــــــــه أن يكون رئيسا لكل مولود قادم تأمل أمه أن يعيش في بلد عادل يضمن له العيش الكريم….عليــــــــــــــه أن يكون رئيسا لجميع من أوجعتهم الأيام… و خذلهم الزمن… و ظلمهم بعض الرجال….عليــــــــــــه أن يكون رئيسا لكل من ينتظر حكما عادلا بعد أن ظلموه طويلا…عليــــــــــــه أن يكون رئيسا لكل من سرقوا حقّه منه و عانى الخصاصة و الحرمان…عليــــــــــــه أن يكون رئيسا لكل رضيع…و صبي…و طفل…و شاب…و كهل…و عجوز …من شمال البلاد إلى جنوبها…و من شرق البلاد إلى غربها….عليــــــــــــه أن يكون الضامن للحريات…و الضامن للمساواة…و الضامن للكرامة…و الضامن للعيش الكريم…و الضامن للعدالة… عليـــــــــــه أن يدرك أن الشعب التونسي ملّ الوعود…و ملّ الشعارات…و ملّ الخطب الرنانة التي لا تأتي بالحلول…

عليــــــــه أن يدرك جيدا أن الشعب التونسي يبحث عن الاستقرار…عن الأمن…عن الحياة الكريمة…عليه أن يدرك أن الشعب التونسي يريد أن يَسْعَد بأبنائه…و أن يَسعَد بأبناء أبنائه…و أن يَسعَد بالشغل…و بالمسكن…و بكل وسائل الترفيه…عليه أن يُدرك أن المواطن التونسي ينتظر منه أن يكون سببا في إسعاده في بيته…في حيّه…في مدينته…في قريته…بين عائلته….عليـــــــــــــــه أن يدرك أن الشعب التونسي ينتظر منه أن يكون القائد الذي يعيد إليه ابتسامته…و سعادته…و فرحته…و فرحة الحياة…و متعة الوجود على هذه الأرض…عليــــــــــــه أن يدرك ان الشعب التونسي ينتظر منه أن يمسح بعض دموعه …و أن يسكّن بعض أوجاعه…

عليـــــــــه أن يدرك أن الشعب التونسي يريد منه أن يعيد تونس إلى ما كانت عليه موحّدة….غير حاقدة…تنظر إلى الأمام…و تصنع المعجزات و لا تعرف المستحيل….عليه أن يكون والدا للجميع و ليس حاقدا على الجميع…عليه أن يكون سند من لا سند له…و عائل من لا عائل له…و حضن من لا حضن له….فكل غاضب عنه سيصبح صوتا ضده…و سيصبح رقما آخر مع خصومه…عليـــــــــه أن يدرك وهذا الأهمّ أن الشعب التونسي يريد الحياة…و لا شيء غير الحياة…

هل سيفعل ساكن قرطاج كل هذا….و هل يكون كل هذا…لا أظنّ….و لا أحد من هذا الشعب يظنّ…فساكن قرطاج أدرك بعد فوات الأوان أنه لن يقدر على كل ما ذكرت…و لا يريد شيئا آخر غير “اسقاط النظام”…و نسي أنه رمز النظام ǃ …

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version