جور نار
الصبّ تفضحه عيونه… أو فرنسا من المارينز إلى “مارين”
نشرت
قبل 5 أشهرفي
تنويعة أخرى من (ها قد عدنا يا صلاح الدين) !
عبد القادر المقري:
أنصار التجمع الوطني (الاسم الجديد لحزب لوبان اليميني المتطرف) يفضحون حقيقة حزبهم، وفوز هؤلاء المحتمل في تشريعيات الغد قد يفضح انحراف الفرنسيين نحو مزيد من العنصرية والعدوانية وكره الأجانب… كل هذا رغم طبقات الماكياج التي ما فتئت مارين لوبان تضعها على واجهة حزبها اليميني المتطرف … بداية من اسم الحزب، إلى مغازلة ذوي الديانة اليهودية، إلى الانحياز الأعمى للكيان الغاصب في حربه على غزة، إلى تركيز الكراهية “فقط” على الأفارقة وخاصة خاصة على العرب…
غدا يخوض اليمين الفرنسي الفاشي انتخابات برلمانية ترشحه استطلاعات الرأي لكسبها بعد أن سحق الجميع في الانتخابات الأوروبية… مجرة من أحزاب ومجموعات دعاة الكراهية أصغرها الوقح “إيريك زمّور” و حليفته السابقة “ماريون ماريشال” (حفيدة جان ماري لوبان) وأكبرها وأظهرها التجمع الوطني وزعيمته “ابنة أبيها” مارين لوبان، رفقة الإيطالي الأصل “جوردان بارديلا” … مشروع هذا الطيف السياسي معروف منذ نصف قرن على الأقل ويمتاز بكرهه للأجانب والأقليات وتركيزه على الملف الأمني والمواطنين من أصول مغاربية… كان يضع اليهود في قائمة مستهدفيه لكنه استثناهم تكتيكيا منذ خلفت مارين والدها على رأس الحزب وغيّرت في ما غيرت اسم الحزب من الجبهة الوطنية إلى التجمع الوطني…
من النقاط الجديدة التي أضافها الحزب المتطرف إلى برنامجه، منع عدد من الوظائف “الحساسة” (أمن، استخبارات، يمكن حتى أسرار نووية أو صناعية إلخ) أمام الفرنسيين مزدوجي الجنسية… بارديلا تحدث ع 50 وظيفة حساسة … والمقصود بذوي الجنسية المزدوجة المغاربيون بالأساس رغم أن المرشح المتطرف ذكر روسيا والمنحدرين منها … للتعمية طبعا، فهذه نكتة في حد ذاتها… الفرنسيون من أصل روسي ظاهرة قديمة ونادرة جدا قِدم هجرة وندرة الروس في انتقالهم إلى باريس وضواحيها … إذ تعود تلك الموجات إلى فترة وجيزة من القرن 19 وإلى بعض الفارين من ثورة 1917 وهم أساسا من الطبقة الأرستقراطية وعائلة التزار الثرية المثقفة… لا عمّالا ولا مشردين ولا حارقين ولا باحثين بأي ثمن عن رغيف عيش …
إلى هذا، يبدو أن حزب مارين وبارديلا لم يبتعد كثيرا عن الأسس التي وضعها العراب جان ماري… في المسألة اليهودية مثلا… الاستثناء الذي ذكرناه آنفا مضاف إلى الموقف من حرب غزة، جعل رموزا عديدين من الحركة اليهودية (وحتى الصهيونية) يعيدون النظر في تقييمه بل ويتعاطفون معه صراحة… ومن هؤلاء، سيرج كلارسفيلد (المعروف بتكوينه ميليشيا لملاحقة واختطاف قدماء النازيين) الذي قال إن مارين لوبان لم تعد متطرفة، بل وسطية مقبولة وتستحق الدعم… ولكن أصواتا فرنسية متعددة (وآخرها ليونيل جوسبان) حذرت هؤلاء من تصديق ابنة لوبان وحزبها … وقال لهم انظروا جيدا إلى ما وراء الخطاب الرسمي للحزب، فهناك خطاب ثان ولغة مزدوجة…
وفعلا… فرسميا، خطاب مارين لوبان وبارديلا وبعض أفراد القيادة العليا للحزب، يحتوي على بعض التنميقات سواء في الموضوع اليهودي أو غيره… خاصة مع اتساع قاعدة الحزب انتخابيا، واتساع طموحاته التي ابتعدت عن الهامش واقتربت من الحكم أكثر من أي وقت مضى… ولكن ينكشف الفكر الحقيقي للتجمع الوطني من خلال قياداته الوسطى، أو ممثليه في الجهات، وخاصة لدى قواعده التي تربّت على رفض كل من هو مختلف عن “العنصر” الفرنسي الصافي… أبيض، أوروبي، مسيحي كاثوليكي، وفرنسي الأبوين والأجداد لبضعة أجيال وجذور قد تعود لثلاثة أو أربعة قرون على الأقل… أي “واسب” (WASP) على الطريقة الفرنسية !
ويذكّرنا هذا بما فعلته أو حاولت أن تفعله بعض التيارات المتأسلمة في بلادنا خاصة في العشرية الأخيرة… إذ نذكر كيف صار الغنوشي يتبرأ علانية من ارتباط حزبه العضوي بشبكة الإخوان المسلمين… ويكرر بكل الأشكال انتماء جماعته لتونس أولا وأخيرا … ويضع النجمة والهلال التونسيين في كل محضر وبمناسبة أو من دونها… ويضيف إلى الواجهة الوطنية واجهة ديمقراطية براقة جدا هي الأخرى… مع بعض التفويحات التي لامست المبالغة المضحكة… كأن تزور تلميذته (الراحلة محرزية العبيدي) مصنعا للخمور … وفي نفس الهبّة، يصوّت نوّابه على تخفيض لأسعار المواد المسكرة… ويدفعون بعبد الفتاح مورو كي يراقص الحسناوات… ويعلنون رفضهم وإدانتهم للسلفية الجهادية ويدينونها بالإرهاب… و يشهرون قبولهم بجميع مبادئ الجمهورية، والأحوال الشخصية، ورموز الدولة التي لم تعد كافرة ولا علمانية إلخ…
ولكن وراء الأكمة، تأتي تسريبات فاقعة تنسف كل هذا… سواء في لقاءاتهم بأنصارهم وحلفائهم، أو في أحاديثهم مع من يقابلونه من زعماء التنظيم الإخواني، أو في أدبياتهم الداخلية، أو في حواراتهم مع وسائل الإعلام الخليجية والتركية … كما يُلمس موقفهم الأكثر دواما وعنادا و”صدقا”، في ما يُتداوَل لدى جمهورهم لا الذي يدلي به قادتهم على منابرنا والمنابر الغربية بين حين وآخر… أي الصحيح هو ما يروج في قاعدة الهرم لا في قمته …
وفي الأخير وعودة إلى الشأن الفرنسي ومحاذير نتائج انتخابات يوم غد … نتساءل… ولماذا نبقي أنفسنا وأبناءنا تحت رحمة صعود هذا الحزب العنصري أو ذاك؟ وإذا كان هناك حديث عن مصلحة ما، فلماذا نتحدث عن مصلحتنا التي في قبضتهم ولا نذكر مصالحهم عندنا؟… لماذا نعدد أوجه حاجتنا إلى الفرنسيين وكلفة استغنائنا عنهم (لو حصل ذلك) ولا نتطرق إلى حاجتهم هم إلينا وماذا سيخسرون بخسارتنا وخروجنا من صفّهم؟… وإلى متى سنبقى نصدّر أزماتنا ومواطنينا إلى أراضي الغير حتى يحلّ مشكلاتهم بدلا عنّا؟ … مرة ليبيا، ومرة ايطاليا، ومرة الجزائر، ومرّات مرات مرات فرنسا التي وضعنا جميع بيضاتنا في سلّتها ونسينا خط الرجعة… فلماذا الحديث عن استقلال وشهداء وأعياد وطنية إذن؟
نقول هذا … عسى أن يخضّ ساستنا أنفسهم وإرثهم الرديء و”علاقاتنا التاريخية” المحكومة بالذلّ والتبعية لدولة لم تفدنا بشيء… وما فتئت بدورها تتقهقر في ترتيب الدول العظمى… ولولا وضع يدها المزمن على قارة إفريقيا (كما قالت ميلوني ذات معركة مع إيمانويل ماكرون) لكان وضعها أقل وأنكى…
صعود محتمل لمارين لوبان وحزبها الفاشستي إلى سدة الحكم في فرنسا، يقابله احتمال آخر مماثل عبر الأطلنطي في البلاد الأمريكية مع رجوع وارد جدّا لدونالد ترامب، مع تمكن نفس اليمين القصووي من الحكم في دول أخرى حاصلة كإيطاليا، أو منتظرة في أغلب أوروبا باستثناء إسبانيا، مؤقتا… وما زال العدّاد في دورانه… فهل بقي على الشعوب الأخرى فقط التظلّم والعويل وانتظار الفرج بعد الشدة؟؟
تصفح أيضا
جور نار
العراق: هل يستبق الأخطار المحدقة، أم سيكتفي بتحديد الإخلالات؟
نشرت
قبل يوم واحدفي
22 نوفمبر 2024محمد الزمزاري:
ستنطلق الحكومة العراقية في تعداد السكان خلال هذه الأيام والذي سيأخذ مدى زمنيا طويلا وربما. تعطيلات ميدانية على مستوى الخارطة. العراقية.
ويعد هذا التعداد السكاني مهمّا ومتأخرا كثيرا عن الموعد الدوري لمثل هذه الإحصائيات بالنسبة لكل بلد… فالعراق لم يقم بتحيين عدد سكانه منذ ما يزيد عن ربع قرن، إذ عرف آخر تعداد له سنة 1997… ونظرا إلى عوامل عدة، فإن قرار القيام بهذا التعداد سيتجنب اي تلميح للانتماءات العرقية أو المذهبية عدا السؤال عن الديانة ان كانت إسلامية او مسيحية… وقد أكد رئيس الحكومة العراقية أن التعداد السكاني يهدف إلى تحديد أوضاع مواطني العراق قصد رصد الاخلالات و تحسين الخدمات وايضا لدعم العدالة الاجتماعية.
لعل اول مشكلة حادة تقف في وجه هذا التعداد العام، هو رفض الجانب الكردي الذي يضمر أهدافا و يسعى إلى التعتيم على أوضاع السكان في كردستان و في المنطقة المتنازع عليها بين العرب والأكراد و التركمان… خاصة أيضا ان اكثر من ثمانية أحياء عربية في أربيل المتنازع عليها، قد تم اخلاؤها من ساكنيها العرب وإحلال الأكراد مكانهم…
هذا من ناحية… لكن الأخطر من هذا والذي تعرفه الحكومة العراقية دون شك أن الإقليم الكردي منذ نشاته و”استقلاله” الذاتي يرتبط بتعاون وثيق مع الكيان الصهيوني الذي سعى دوما إلى تركيز موطئ قدم راسخ في الإقليم في إطار خططه الاستراتيجية.. وان مسؤولي الإقليم الكردي يسمحون للصهاينة باقتناء عديد الأراضي و المزارع على شاكلة المستعمرات بفلسطين المحتلة… وان قواعد الموساد المركزة بالاقليم منذ عشرات السنين ليست لاستنشاق نسيم نهر الفرات ! ..
أمام الحكومة العراقية إذن عدد من العراقيل والاولويات الوطنية والاستشرافية لحماية العراق. و قد تسلط عملية التعداد السكاني مثلما إشار إليه رئيس الحكومة العراقية الضوء على النقائص التي تتطلب الإصلاح و التعديل والحد من توسعها قبل أن يندم العراق ويلعنوا زمن الارتخاء وترك الحبل على الغارب ليرتع الصهاينة في جزء هام من بلاد الرافدين.
عبد الكريم قطاطة:
فترة التسعينات كانت حبلى بالاحداث والتغييرات في مسيرتي المهنية منها المنتظر والمبرمج له ومنها غير المنتظر بتاتا …
وانا قلت ومازلت مؤمنا بما قلته… انا راض بأقداري… بحلوها وبمرّها… ولو عادت عجلة الزمن لفعلت كلّ ما فعلته بما في ذلك حماقاتي واخطائي… لانني تعلمت في القليل الذي تعلمته، انّ الانسان من جهة هو ابن بيئته والبيئة ومهما بلغت درجة وعينا تؤثّر على سلوكياتنا… ومن جهة اخرى وحده الذي لا يعمل لا يخطئ… للتذكير… اعيد القول انّه وبعد ما فعله سحر المصدح فيّ واخذني من دنيا العمل التلفزي وهو مجال تكويني الاكاديمي، لم انس يوما انّني لابدّ ان اعود يوما ما الى اختصاصي الاصلي وهو العمل في التلفزيون سواء كمخرج او كمنتج او كلاهما معا… وحددت لذلك انقضاء عشر سنوات اولى مع المصدح ثمّ الانكباب على دنيا التلفزيون بعدها ولمدّة عشر سنوات، ثمّ اختتام ما تبقّى من عمري في ارقى احلامي وهو الاخراج السينمائي…
وعند بلوغ السنة العاشرة من حياتي كمنشط اذاعي حلّت سنة 1990 لتدفعني للولوج عمليا في عشريّة العمل التلفزي… ولانني احد ضحايا سحر المصدح لم استطع القطع مع هذا الكائن الغريب والجميل الذي سكنني بكلّ هوس… الم اقل آلاف المرات انّ للعشق جنونه الجميل ؟؟ ارتايت وقتها ان اترك حبل الوصل مع المصدح قائما ولكن بشكل مختلف تماما عما كنت عليه ..ارتايت ان يكون وجودي امام المصدح بمعدّل مرّة في الاسبوع ..بل وذهبت بنرجسيتي المعهودة الى اختيار توقيت لم اعتد عليه بتاتا ..نعم اخترت الفضاء في سهرة اسبوعية تحمل عنوان (اصدقاء الليل) من التاسعة ليلا الى منتصف الليل …هل فهمتم لماذا وصفت ذلك الاختيار بالنرجسي ؟؟ ها انا افسّر ..
قبل سنة تسعين عملت في فترتين: البداية كانت فترة الظهيرة من العاشرة صباحا حتى منتصف النهار (والتي كانت وفي الاذاعات الثلاث قبل مجيئي فترة خاصة ببرامج الاهداءات الغنائية)… عندما اقتحمت تلك الفترة كنت مدركا انيّ مقدم على حقل ترابه خصب ولكنّ محصوله بائس ومتخلّف ..لذلك اقدمت على الزرع فيه … وكان الحصاد غير متوقع تماما ..وتبعتني الاذاعة الوطنية واذاعة المنستير وقامت بتغييرات جذرية هي ايضا في برامجها في فترة الضحى .. بل واصبح التنافس عليها شديدا بين المنشطين ..كيف لا وقد اصبحت فترة الضحى فترة ذروة في الاستماع … بعد تلك الفترة عملت ايضا لمدة في فترة المساء ضمن برنامج مساء السبت … ولم يفقد انتاجي توهجه ..وعادت نفس اغنية البعض والتي قالوا فيها (طبيعي برنامجو ينجح تي حتى هو واخذ اعزّ فترة متاع بثّ) …
لذلك وعندما فكّرت في توجيه اهتمامي لدنيا التلفزيون فكرت في اختيار فترة السهرة لضرب عصفورين بحجر واحد… الاول الاهتمام بما ساحاول انتاجه تلفزيا كامل ايام الاسبوع وان اخصص يوما واحدا لسحر المصدح ..ومن جهة اخرى وبشيء مرة اخرى من النرجسية والتحدّي، اردت ان اثبت للمناوئين انّ المنشّط هو من يقدر على خلق الفترة وليست الفترة هي القادرة على خلق المنشط ..وانطلقت في تجربتي مع هذا البرنامج الاسبوعي الليلي وجاءت استفتاءات (البيان) في خاتمة 1990 لتبوئه و منشطه المكانة الاولى في برامج اذاعة صفاقس .. انا اؤكّد اني هنا اوثّق وليس افتخارا …
وفي نفس السياق تقريبا وعندما احدثت مؤسسة الاذاعة برنامج (فجر حتى مطلع الفجر) وهو الذي ينطلق يوميا من منتصف الليل حتى الخامسة صباحا، و يتداول عليه منشطون من الاذاعات الثلاث… طبعا بقسمة غير عادلة بينها يوم لاذاعة صفاقس ويوم لاذاعة المنستير وبقية الايام لمنشطي الاذاعة الوطنية (اي نعم العدل يمشي على كرعيه) لا علينا … سررت باختياري كمنشط ليوم صفاقس ..اولا لانّي ساقارع العديد من الزملاء دون خوف بل بكلّ ثقة ونرجسية وغرور… وثانيا للتاكيد مرة اخرى انّ المنشط هو من يصنع الفترة ..والحمد لله ربحت الرهان وبشهادة اقلام بعض الزملاء في الصحافة المكتوبة (لطفي العماري في جريدة الاعلان كان واحدا منهم لكنّ الشهادة الاهمّ هي التي جاءتني من الزميل الكبير سي الحبيب اللمسي رحمه الله الزميل الذي يعمل في غرفة الهاتف بمؤسسة الاذاعة والتلفزة) …
سي الحبيب كان يكلمني هاتفيا بعد كل حصة انشطها ليقول لي ما معناه (انا نعرفك مركّب افلام باهي وقت كنت تخدم في التلفزة اما ما عرفتك منشط باهي كان في فجر حتى مطلع الفجر .. اما راك اتعبتني بالتليفونات متاع المستمعين متاعك، اما مايسالش تعرفني نحبك توة زدت حبيتك ربي يعينك يا ولد) … في بداية التسعينات ايضا وبعد انهاء اشرافي على “اذاعة الشباب” باذاعة صفاقس وكما كان متفقا عليه، فكرت ايضا في اختيار بعض العناصر الشابة من اذاعة الشباب لاوليها مزيدا من العناية والتاطير حتى تاخذ المشعل يوما ما… اطلقت عليها اسم مجموعة شمس، واوليت عناصرها عناية خاصة والحمد لله انّ جلّهم نجحوا فيما بعد في هذا الاختصاص واصبحوا منشطين متميّزين… بل تالّق البعض منهم وطنيا ليتقلّد عديد المناصب الاعلامية الهامة… احد هؤلاء زميلي واخي الاصغر عماد قطاطة (رغم انه لا قرابة عائلية بيننا)…
عماد يوم بعث لي رسالة كمستمع لبرامجي تنسمت فيه من خلال صياغة الرسالة انه يمكن ان يكون منشطا …دعوته الى مكتبي فوجدته شعلة من النشاط والحيوية والروح المرحة ..كان انذاك في سنة الباكالوريا فعرضت عليه ان يقوم بتجربة بعض الريبورتاجات في برامجي .. قبل بفرح طفولي كبير لكن اشترطت عليه انو يولي الاولوية القصوى لدراسته … وعدني بذلك وسالته سؤالا يومها قائلا ماذا تريد ان تدرس بعد الباكالوريا، قال دون تفكير اريد ان ادرس بكلية الاداب مادة العربية وحلمي ان اصبح يوما استاذ عربية ..ضحكت ضحكة خبيثة وقلت له (تي هات انجح وبعد يعمل الله)… وواصلت تاطيره وتكوينه في العمل الاذاعي ونجح في الباكالوريا ويوم ان اختار دراسته العليا جاءني ليقول وبكلّ سعادة …لقد اخترت معهد الصحافة وعلوم الاخبار… اعدت نفس الضحكة الخبيثة وقلت له (حتّى تقللي يخخي؟) واجاب بحضور بديهته: (تقول انت شميتني جايها جايها ؟؟)… هنأته وقلت له انا على ذمتك متى دعتك الحاجة لي ..
وانطلق عماد في دراسته واعنته مع زملائي في الاذاعة الوطنية ليصبح منشطا فيها (طبعا ايمانا منّي بجدراته وكفاءته)… ثم استنجد هو بكلّ ما يملك من طاقات مهنية ليصبح واحدا من ابرز مقدمي شريط الانباء… ثم ليصل على مرتبة رئيس تحرير شريط الانباء بتونس 7 ..ويوما ما عندما فكّر البعض في اذاعة خاصة عُرضت على عماد رئاسة تحريرها وهو من اختار اسمها ..ولانّه لم ينس ماعاشه في مجموعة شمس التي اطرتها واشرفت عليها، لم ينس ان يسمّي هذه الاذاعة شمس اف ام … اي نعم .عماد قطاطة هو من كان وراء اسم شمس اف ام …
ثمة ناس وثمة ناس ..ثمة ناس ذهب وثمة ناس ماجاوش حتى نحاس ..ولانّي عبدالكريم ابن الكريم ..انا عاهدت نفسي ان اغفر للذهب والنحاس وحتى القصدير ..وارجو ايضا ان يغفر لي كل من اسأت اليه ..ولكن وربّ الوجود لم اقصد يوما الاساءة ..انه سوء تقدير فقط …
ـ يتبع ـ
عبد الكريم قطاطة:
المهمة الصحفية الثانية التي كلفتني بها جريدة الاعلان في نهاية الثمانينات تمثّلت في تغطية مشاركة النادي الصفاقسي في البطولة الافريقية للكرة الطائرة بالقاهرة …
وهنا لابدّ من الاشارة انها كانت المرّة الوحيدة التي حضرت فيها تظاهرة رياضية كان فيها السي اس اس طرفا خارج تونس .. نعم وُجّهت اليّ دعوات من الهيئات المديرة للسفر مع النادي وعلى حساب النادي ..لكن موقفي كان دائما الشكر والاعتذار ..واعتذاري لمثل تلك الدعوات سببه مبدئي جدا ..هاجسي انذاك تمثّل في خوفي من (اطعم الفم تستحي العين)… خفت على قلمي ومواقفي ان تدخل تحت خانة الصنصرة الذاتية… اذ عندما تكون ضيفا على احد قد تخجل من الكتابة حول اخطائه وعثراته… لهذا السبب وطيلة حياتي الاعلامية لم اكن ضيفا على ايّة هيئة في تنقلات النادي خارج تونس ..
في رحلتي للقاهرة لتغطية فعاليات مشاركة السي اس اس في تلك المسابقة الافريقية، لم يكن النادي في افضل حالاته… لكن ارتأت ادارة الاعلان ان تكلّفني بمهمّة التغطية حتى اكتب بعدها عن ملاحظاتي وانطباعاتي حول القاهرة في شكل مقالات صحفية… وكان ذلك… وهذه عينات مما شاهدته وسمعته وعشته في القاهرة. وهو ما ساوجزه في هذه الورقة…
اوّل ما استرعى انتباهي في القاهرة انّها مدينة لا تنام… وهي مدينة الضجيج الدائم… وما شدّ انتباهي ودهشتي منذ الساعة الاولى التي نزلت فيها لشوارعها ضجيج منبهات السيارات… نعم هواية سائقي السيارات وحتى الدراجات النارية والهوائية كانت بامتياز استخدام المنبهات… ثاني الملاحظات كانت نسبة التلوّث الكثيف… كنت والزملاء نخرج صباحا بملابس انيقة وتنتهي صلوحية اناقتها ونظافتها في اخر النهار…
اهتماماتي في القاهرة في تلك السفرة لم تكن موجّهة بالاساس لمشاركة السي اس اس في البطولة الافريقية للكرة الطائرة… كنا جميعا ندرك انّ مشاركته في تلك الدورة ستكون عادية… لذلك وجهت اشرعة اهتمامي للجانب الاجتماعي والجانب الفنّي دون نسيان زيارة معالم مصر الكبيرة… اذ كيف لي ان ازور القاهرة دون زيارة خان الخليلي والسيدة زينب وسيدنا الحسين والاهرام… اثناء وجودي بالقاهرة اغتنمت الفرصة لاحاور بعض الفنانين بقديمهم وجديدهم… وكان اوّل اتصال لي بالكبير موسيقار الاجيال محمد عبد الوهاب رحمه الله… هاتفته ورجوت منه امكانية تسجيل حوار معه فاجابني بصوته الخشن والناعم في ذات الوقت معتذرا بسبب حالته الصحية التي ليست على ما يرام…
لكن في مقابل ذلك التقيت بالكبير محمد الموجي بمنزله وقمت بتسجيل حوار معه ..كان الموجي رحمه الله غاية في التواضع والبساطة… لكن ما طُبع في ذهني نظرته العميقة وهو يستمع اليك مدخّنا سيجارته بنهم كبير… نظرة اكاد اصفها بالرهيبة… رهبة الرجل مسكونا بالفنّ كما جاء في اغنية رسالة من تحت الماء التي لحنها للعندليب… نظرة المفتون بالفن من راسه حتى قدميه…
في تلك الفترة من اواخر الثمانينات كانت هنالك مجموعة من الاصوات الشابة التي بدات تشق طريقها في عالم الغناء ..ولم اترك الفرصة تمرّ دون ان انزل ضيفا عليهم واسجّل لهم حوارات… هنا اذكر بانّ كلّ التسجيلات وقع بثها في برامجي باذاعة صفاقس… من ضمن تلك الاصوات الشابة كان لي لقاءات مع محمد فؤاد، حميد الشاعري وعلاء عبدالخالق… المفاجأة السارة كانت مع لطيفة العرفاوي… في البداية وقبل سفرة القاهرة لابدّ من التذكير بانّ لطيفة كانت احدى مستمعاتي… وعند ظهورها قمت بواجبي لتشجيعها وهي تؤدّي انذاك وباناقة اغنية صليحة (يا لايمي عالزين)…
عندما سمعت لطيفة بوجودي في القاهرة تنقلت لحيّ العجوزة حيث اقطن ودعتني مع بعض الزملاء للغداء ببيتها… وكان ذلك… ولم تكتف بذلك بل سالت عن احوالنا المادية ورجتنا ان نتصل بها متى احتجنا لدعم مادي… شكرا يا بنت بلادي على هذه الحركة…
اختم بالقول قل ما شئت عن القاهرة.. لكنها تبقى من اعظم واجمل عواصم الدنيا… القاهرة تختزل عبق تاريخ كلّ الشعوب التي مرّت على اديمها… نعم انها قاهرة المعزّ…
ـ يتبع ـ
حدث في رزق البيليك… المرجان الأحمر ينزف دما
سليانة: غدا… أدب الطفل في ملتقى عبد القادر الهاني
اختتام الدورة الثامنة لمنتدى المؤسسات Enicarthage
تونس: مؤتمر وطني حول ريادة الأعمال النسائية
بعد 61 عاما… هل يكشف ترامب عن معطيات جديدة حول مقتل “جون كينيدي”؟
استطلاع
صن نار
- منبـ ... نارقبل 13 ساعة
حدث في رزق البيليك… المرجان الأحمر ينزف دما
- ثقافياقبل 17 ساعة
سليانة: غدا… أدب الطفل في ملتقى عبد القادر الهاني
- اقتصادياقبل 21 ساعة
اختتام الدورة الثامنة لمنتدى المؤسسات Enicarthage
- اقتصادياقبل يوم واحد
تونس: مؤتمر وطني حول ريادة الأعمال النسائية
- صن نارقبل يوم واحد
بعد 61 عاما… هل يكشف ترامب عن معطيات جديدة حول مقتل “جون كينيدي”؟
- داخلياقبل يوم واحد
النفيضة: وقفة احتجاجية لأهالي “دار بالواعر”… على خلفية سقوط تلميذ من حافلة
- صن نارقبل يوم واحد
حرب أوكرانيا… رسالة روسية في شكل صاروخ قادر على الدمار الشامل
- صن نارقبل يوم واحد
لندن.. “طرد مشبوه” يتم تفجيره قرب السفارة الأمريكية