جمر نار

العشق و الغرام في سياسة الأوهام

نشرت

في

السياسي الناجح هو رجل براغماتي يتقن الحساب و عنده ملكة قراءة الأحداث و مآلاتها قبل وقوعها و هو لا يؤمن بالمشاعر و الأحاسيس و شؤون القلب. هو رجل يختار هدفه بعناية فائقة و يعدّ العدّة لتحقيقه و لا يترك شاردة و لا واردة من شأنها تعطيل مساره أو إعاقته. هذا ما يفهمه الغرب لذلك وضعوا من شروط النجاح في هذا الميدان هو الايمان بأن “لا وجود في السياسة لعدو دائم و لا صديق دائم هنالك فقط مصلحة دائمة” في حين بقي العرب على وفائهم لقيس بن الملوّح و ليلى العامرية، و ظل قيس هائما على وجهه في الصحراء وراء حلم رفض أن يراه على حقيقته سرابا لا طائل من ورائه وبقيت ليلى الحلم / السراب تهدر دماء العشاق و تنسف أحلام المريدين …  

<strong>رضا عزيز<strong>

نحن العرب لا نحدّد علاقتنا بالآخر إلا بنبض القلوب و تركنا أهواءنا تتراوح بين خوف و كره من جهة و بين حب و أمان من جهة ثانية … نحن هكذا نتأرجح على ايقاع قلوبنا العمياء الضالّة بحثا عن مستقرّ لها فجعلنا من الانتخابات الأمريكية محرارا لسعادتنا و أحزاننا ففوز جورج بوش الأب هو فوز لصديق يحبّنا و هو محرّر الكويت و كأنّه حرّرها لسواد عيوننا ثم جاء ابنه و هو العزيز بن العزيز و الصديق بن الصديق و هو يحبّنا حبّا جمّا ثم جاء أوباما الإفريقي الأصل و اكتشفنا أن جدّه كان مسلما و لا يمكن إلا أن يحنّ إلى جذوره و يميل إلينا فنحن أهله و عشيرته إلى أن وصل عهد آخر المغادرين للبيت الأبيض دونالد ترامب الشعبوي المتعجرف …

و يبقى السؤال هل تغيّرت سياسة أمريكا نحو العرب وهل تراجع دعمها لإسرائيل برحيل هذا و قدوم ذاك؟ الجواب هو لا حتما فحتّى ترامب هذا الذي ضرب بكل القواعد الديبلوماسية و الإيتيكيت السياسي عرض الحائط يراه البعض ناجحا ففي عهده لم تقم الولايات المتحدة بحروب و لا غزوات و لا ضربات مباشرة ومع ذلك جمعت من الأموال ما يكفيها لحلحلة وضع اقتصادي صعب. و يبقى السؤال الملح لنفهم أكثر لو كان رئيس أمريكا غير ترامب هل كان ينجح في ابتزاز السعودية مثلا بذلك الشكل المهين … الجواب هو نعم و لكن بأسلوب مختلف و سيناريو مغاير و ها أني أطلق العنان لخيالي لكي يتصوّر المشهدين و أعرضهما عليكم

المشهد الأول

داخلي / نهار

قصر الملك

ترامب: اسمع أيها العربي، البترول ليس ملككم فنحن اكتشفناه و نحن استخرجناه و نحن نكرّره و نعيده إليكم لتستعملوه في سيارات و طائرات و بواخر نحن صنعناها و نحن نحميكم و نبقيكم على كراسي العرش فادفعوا الجزية

الملك: كم المطلوب يا سيادة الرئيس؟ (يشير إلى الخازن دار بالدفع)

المشهد الثاني

داخلي / نهار

قصر الملك

رئيس أمريكا، بايدن مثلا

بايدن: يا مولاي أنتم تعلمون أن العالم يمرّ بظروف صعبة و نحن نعاني الأمرّين لأنّنا نواجه صعوبة غير مسبوقة في توفير السيولة و لا يخفى على عظمتكم أننا في دولة تحترم حقوق الإنسان و حرية التعبير و كما لا يخفى عليكم أن الخطأ الذي ارتكبه نجلكم سموّ الأمير بتأديب الخاشقجي انتشر في العالم و لتهدئة الأجواء لابد من شراء بعض الذمم و إخفات بعض الأصوات المعارضة

الملك (يرفع يده مشيرا إلى الخازن دار بالدّفع)

و يعود الرئيس المؤدب بنفس الحقائب التي عاد بها سلفه المتغطرس المخالف لكل النواميس.

ألم أقل لكم إن القضية مرتبطة ارتباطا وثيقا بالسيناريو لا غير فإما أن تكون سرقة موصوفة على طريقة رعاة البقر أو أن تكون عمليّة بنكية يقوم بها جنتلمان سارق و بربطة عنق…

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version