القى الجنرال اوليغي نغيما (Olighi Nguima)مساء أمس أمام حضور كبير خطابا هاما يرسم الخطوات القادمة إثر الانقلاب الذي قام به صحبة فرقة من الجيش الغابوني بخلع الرئيس السابق علي بنغو الوريث للحكم بعد والده وهي الأسرة التي تولت الحكم الأطول منذ استقلال الغابون سنة 1961.
في تلك السنة حصلت الغابون على استقلال منقوص تبعا لتجذر الحضور الاستعماري الفرنسي وحتى البرتغالي و سيطرته على خيرات البلاد الهامة جدا من النفط و الغاز والمعادن المختلفة ..وفي حين كونت الشركات الفرنسية خاصة ثروات هائلة جراء استغلال تلك الموارد، بقي الغابون من الدول الأفريقية الاقل نموا وشعبه من بين الأكثر تخلفا.. لقد طرح الجنرال اوليغي قائد الفرقة العسكرية التي تولت الحكم اليوم خطوطا عريضة واضحة خاصة على المستوى الداخلي الغابوني، فيما تبقى هذه الخطوط في حاجة إلى بعض الأجوبة في ما يخص العلاقة بفرنسا ..
لقد صرح الجنرال اوليغي بانه سينظم استفتاء شعبيا لتحرير او تغيير الدستور كما سيراجع قطاع القضاء و يعفو عن كل مساجين الرأي والسياسة و سيسمح لكل اللاجئين بالعودة الآمنة إلى وطنهم … كما وعد با،÷ سيعيد المنح الدراسية لتلاميذ التعليم الثانوي بعد حذفها من لدن ال بنغو و سيتواصل التزامات الدولة التي قطعتها مع الخارج كما سيراجع مسألة إسناد الجنسية الغابونية و سيزيد الاهتمام بالمتقاعدين و سيتواصل الدولة حضورها بالمؤسسات الأفريقية و الدولية …
ولعل اهم ما جاء في خطاب الجنرال هو إعادة الانتخابات الرئاسية في إطار الشفافية و النزاهة وتسليم الحكم للمدنيين بعد تثبيت الأوضاع في أقرب اجال ممكنة . كما تحدث عن الحريات العامة والفردية و دعم النهضة الاقتصادية المحلية (وقد تكون تلميحا خفيا لمراجعة شروط التعاون مع البلدان الأجنبية مثل فرنسا).
واضح أن خطاب أوليغي يغازل العواطف الشعبوية و لكنه يبعث برسالة طمأنة لفرنسا المستغل الأكبر للنفط و الغاز الغابونيين عبر التأكيد على مواصلة التزامات الدولة مع شركائها … لكنه في نفس الوقت يلوح بمراجعة ودعم المؤسسات الاقتصادية المحلية على المستوى السياسي … وقد طرح بقوة ضرورة مراجعة او ابدال الدستور و المجلة الجنائية و القضاء و عودة السياسيين المهجرين واللاجئين و العفو عن كل سجناء الرأي و السياسة و إعادة انتخابات نزيهة و الإسراع بوضع حكومة مدنية ….
فهل يتم تنفيذ جميع هذه الوعود، أم هي من باب المسكنات حتى يستتب الوضع للسلطة الجديدة؟ وإلى أي حد ستحصل القطيعة مع أوليغارشيا “أل بونغو” الحاكمة منذ أكثر من نصف قرن، ودحض شكوك المعارضة حول تواطؤ محتمل بين الانقلابيين والرئيس علي بونغو؟ وهل يأتي هذا الانقلاب بـ “انقلاب” على القوى الاستعمارية كما حصل في النيجر ومالي، أم هو مجرد ذر رماد على العيون؟