كلّ ما يحدث في تونسنا ومنذ مدّة يوحي بأنّ العاصفة على الابواب فلا من حكم بعد جانفي 2011 ولا من حكم بعد 25 جويلية نجحوا في تحقيق الرخاء ولا الأمن بمفهومه الشامل …
لا في سنوات الجمر التي عشناها في ما سُمّي بالعشرية السوداء ولا مع بصيص الامل في تغيير حقيقي بعد 25 جويلية 2022، استطاع الحاكم ان يزرع الثقة بين المواطن ومن حكم ..وانا هنا استثني القطعان في كلّ هذه الفترة …لأنّ القطيع فطريا يتبع دون إعمال ذرّة عقل في قائده ..يكونشي اصل البلاء والدمّار والسّخط كما كان يقول الزعيم بورقيبة، فهو بالنسبة للقطيع امّا مالك وهل يُفتى في المدينة وفيها مالك او ابن الخطاب ومن هو اعدل وانظف من ابن الخطاب …
المتأمّل جيّدا في كلّ من حكمنا بعد انتفاضة جانفي 2011 يدرك جيّدا انّ الجميع حكمونا بمراسيم ..وربما ما يُحسب لقيس سعيّد انّه كان شفافا في هذه النقطة رغم ضبابيته فيما تبقّى ..قيس سعيّد اعلنها صراحة انّه سيحكم بالمراسيم ..بينما من سبقه كان هو ايضا يحكم بمراسيم لكن (تحت الطاولة) ورغم كلّ ذلك مازالوا يصرّون على انهم لم يحكموا طويلا …والاغرب انهم يخرجون في كلّ مناسبة هاتفين مولولين ب”يسقط يسقط الانقلاب” _ وسواء اتفقنا مع هذا الشعار او اختلفنا لم يفهموا ولا اظنهم سيفهمون ويعترفون بانهم هم من كانوا وراء الانقلاب …بكلّ انجازاتهم العظيمة على امتداد العشرية …
والان كيف يمكن ان نقيّم الغد ..تقييم المستقبل يخضع دوما لتشريح الحاضر .. الحاضر هزل وهُزال ..هو هزل ونحن نتابع مسلسل (دخّل خرّج ربي يفرّج) في جلّ من اوقفوهم …وهو هزال في الوضع الاجتماعي والاقتصادي ..اذن السؤال الذي يُطرح: “اشنوة يفرّح” في تونس ؟؟ ومرّة اخرى وبعيدا عن اجابات القطيع وبعيدا عن التشاؤم وبكلّ واقعية اعيد طرح السؤال، اشنوّة اللي يفرّح في غد تونس؟ …
في تقديري المتواضع لا شيء ..تونس الان في خارطتها السياسية تتقاذفها ثلاثة اطياف ..طيف انصار الرئيس ..طيف الاخوان وحلفائهم وطيف الدستوري الحرّ .. البقية بالنسبة إليّ كومبارس ..وهذا يعني انّ تونس سياسيّا وبشريّا دخلت في توصيفة بلاد الطوائف ..وهنا يكمن الخطر ..هذه الطوائف ليست في حالة جدل سياسي راق بل هي في حالة تناحر ..نعم هي الان في مرحلة احتقان حتى لا اقول اقتتال خفيّ …وزادها الاعلام الغبيّ والبغيّ احتقانا …ولانّ الاعلام احببنا او كرهنا هو من يصنع الرأي لدى السذّج فانه وبوعي او دون وعي يساهم برشّ القاز فوق النار ..
لآخذ لذلك مثلا .. المرسوم الاخير المتعلّق بالاشاعات والاخبار الزائفة والثلب هو جدير بالاهتمام والتشريح ..الا انّ التعاطي الاعلامي معه كان في جل التحاليل من زاوية واحدة ..الرفض الكلّي له نظرا إلى خطورته على حريّة الرأي والتعبير ..
اسأل في البداية هل الاشاعات الزائفة والثلب وهتك الاعراض مسموح بها في حريّة التعبير ؟؟ انا مع عقوبات اكثر صرامة لمثل اصحاب هذه السلوكات ..بل انا ضدّ السجن بمفهومه الحالي (سجين ياكل ويرقد ربما في اوتيل بالنسبة للبعض) انا مع تكليف السجناء مدة سجنهم باعمال تفيد المجموعة الوطنية …معناها واحد يسبّلك امّك وسيادتك تبوسو بوستين واذا وقّفوا الحاكم تعمل جبهية متاع حقوق انسان وكان لزم تضيّفوا في دارك وتلحلح بيه باش يسامحك ؟؟…
انا رجعيّ جدا ومتخلّف ونازي وفاشستي مع مثل هؤلاء والرحمة لا . كان على الاعلام الوطني ان يتناول المرسوم من كلّ جوانبه ومن ضمن جوانبه وحيث يكمن الخطر وهو.الاشكال الحقيقي سوء تناوله من لدن من يحكم ..وذلك باستعماله ضدّ منافسيه ليُكمّم افواههم ..و هنا نعود الى المربّع الاوّل في كلّ القضايا: القضاء العادل …
هاتوا قضاء عادلا ومرحبا بكلّ المراسيم ..ومادام القضاء مازال على شاكلة دخّل خرّج ربّي يفرّج _ وبعيدا عن فكرة التشفّي او الانتقام في نفس الوقت، ستبقى الاوضاع على حالها وذلك لن يزيد الا تصاعدا للغضب الشعبي الهادئ حاليا ولكنّه الآتي غدا وانا كلّي ايمان …