منذ 10 سنوات شاركت في ملتقى فكري حول الفيسبوك ما له و ما عليه و كانت مداخلتي في مضمونها مُلخّصا … الفيسبوك هو مثل الكاكوية المالحة نستلذ جدا طعمها و لكن لا ندرك حجم مخاطرملحها … هذه الصورة أعادتني هذا الأسبوع لكاكوية الفيسبوك بعد ذلك الكمّ الهائل من انتشار المدوّنة “الاّ رسول الله “
دعوني في البداية أجزم أنّ الرسول صلوات الله عليه هو دينيّا رسول خصّه الخالق بوصف الحبيب و هذا كاف للدلالة على مكانته عنده و بالتالي عندنا جميعا كمسلمين …ثانيا الرسول فكريا هو بالنسبة حتّى للكثيرين من المفكرين في الغرب هو عبقرية نادرة في التاريخ و ذلك بعد دراسة سبرته و علاقته بالآخر مهما كانت ديانته ….
موجع جدا أن نقرأ أو نشاهد أيّ مسّ برسولنا ….و غيرتنا عليه شرعية جدا و لا جدال فيها …لكن كيف تعامل الفيسبوكيون مع هذه الحادثة ؟؟
أولا تدوينة من نوع “إلاّ رسول الله” بما فيها من غضب على ماحدث هي في تركيبتها تدعو إلى التساؤل و تصل بي إلى رفضها شكلا …إذ بقولنا “إلاّ رسول الله” نعني لا ضمنيا بل بشكل مباشر أنه مسموح بمسّ بعض القيم الأخرى بما في ذلك الإلهية و غير مسموح بالمسّ بالرسول … و هذا خطأ بل وخطأ فادح شكلا …
الأمر الثاني أنه عندما ندخل على بعض ناشري هذه التدوينة في صفحاتهم نجد لهم تدوينات يندى لها كل البدن وليس الجبين فقط ..شتم سبّ عبارات فاحشة … و على الذي ينتصر للرسول أن يعرف أنّه كان سيّد الأخلاق … لم يكن سبّابا و لا لعّانا …إذن التفاعل كان بشكل “قطيعي” و ما أكثر التفاعلات القطيعية في مجتمعنا …و هنا تأتي خطورة الفيسبوك في صناعة الرأي العام بشكل قطيعي أي هنا نأتي إلى ملح الكاكوية و نحن نستلذ اكلها ….الظاهرة التي تحدثت عنها عادت بي إلى دراسة قرأتها حول تطبيق تعاليم الاسلام و انتشارها في العالم _ المقصود بالتعاليم للتوضيح هو المعاملات اي السلوكيات واحترام الحقوق والواجبات بين اطراف المجتمع .نتيجة هذا البحث جاءت صادمة و لكنّها كاشفة لازدواجيتنا في تعاملنا النظري والعملي مع ديننا الحنيف …
البلدان الثلاثة الاولى التي تصدّرت العالم في تطبيق تعاليم الدين الاسلامي هي 1 ايرلندا 2الدانمارك 3 السويد …الصدمة ليست هنا بل الصدمة انّ اوّل بلد عربي يطبّق تعاليم الاسلام جاء في المرتبة 48 …الكويت …الامر الثاني الذي تذكرته هو ما تحدث عنه المفكر الاسلامي العربي محمد عبدة بعد ان شارك في مؤتمر دولي بباريس سنة 1881 حيث قال ذهبت لبلاد الغرب فوجدت الاسلام ولم اجد مسلمين وعدت الى بلاد الشرق فوجدت مسلمين ولم اجدا اسلاما ….
اهمس له وهو في قبره ..نحن في سنة 2020 با سيّدي ولو دخلت على الفيسبوك لقلت ….عدت الى العرب فوجدت اسلاميين وقليلا من المسلمين …