جلـ ... منار

القدر الجميل

نشرت

في

هل نحن موصولون فعلا؟

وهل للكون آذان تسمع توسلاتنا، فتسهل تواصلنا؟

أم إنها مجرد صدف؟

<strong>وفاء سلطان<strong>

كان لي صديق أمريكي توفي منذ عامين لروحه السلام … كان عبقريا وخصوصا عندما يتعلق الأمر بالكمبيوتر، لكنه كان كسولا جدا ومهملا لنفسه إلى حد الكآبة… لا يمر يوم إلا ويتلقى عشرات الطلبات من شركات تريده لأمر يتعلق بشبكة كومبيوتراتها، إما بغية التصليح، أو لنبش وثيقة ضاعت، لو لاكتشاف قرصنة ! لطالما شدني إليه ذكاؤه الحاد، وأبعدني عنه استهتاره بالحياة!

قص علي مرة حكاية قد تجيب على سؤالي، أو ربما تزيده غموضا:

(اتصل بي صاحب شركة كبرى، أحد وأهم فروعها يعتمد على شراء الكومبيوترات المستعملة، ثم تصليحها ومسحها من كل المعلومات المخزنة فيها بغية إعادة بيعها، وطلب مني المجيء إليه: اتفقنا على الاجرة وبدأت العمل…

أحد الأيام جرى بيني وبين صاحب الشركة حديث جانبي، عبر لي خلاله عن الضغوط التي يعاني منها جراء خلافه، ومن ثم طرده لمديرة أعماله التي كانت تدير الشركة لمدة عشر سنوات، وبأنه وضع إعلان توظيف آملا في الحصول على مدير جديد بسرعة.

لم أعط الموضوع اهتماما كبيرا، وتابعت عملي. بعد حوالي ساعة كنت أنبش بعض الوثائق من كومبيوتر مستعمل وأقوم بحذفها.مررت على إحداها، ولسبب لا أعرفه بدأت بقراءتها، وإذ بهاCV تعود لمالكة الكومبيوتر السابقة، تشرح فيها تاريخ عملها وخبراتها في مجال الإدارة وكيفية التواصل معها قصد توظيفها.

ورغم أن تاريخ الوثيقة يعود لخمس سنوات سابقة، فإن قوة كبيرة دفعتني لأن أتواصل معها. بدأنا حديثا استمر ساعة، أخبرتني خلاله أنها ومنذ خمس سنوات خسرت عملها، وكانت بحاجة ماسة للعمل.فأرسلت تلك الوثيقة إلى عدة شركات وبناء عليها حصلت على وظيفة جيدة في ولاية اخرى وهي تعمل فيها منذ ذلك الحين.

ثم تابعت بنبرة حزينة جدا: هذا الصباح تلقيت تلفونا من أمي في كاليفورنيا تخبرني بأنها تقدمت في السن، ولم تعد تستطيع الاهتمام بنفسها. بكيت كثيرا، فأنا وحيدتها، وكانت أما مثالية لي، وشعرت بأنني ممزقة بين أمي ووظيفتي،

ثم تابعت:

هذا الصباح توسلت لله من أعماق قلبي أن يساعدني لحل تلك المعضلة، وما هي الا ساعة حتى وصلني هاتفك!

على الفور قام جان بتزويد تلك السيدة باسم الشركة واسم المالك ورقم تلفونه. اكتشفت السيدة أن عنوان الشركة لا يبعد أكثر من خمسة أميال عن بيت أمها، فتواصلت مع صاحب الشركة.

يتابع صديقي جان: عادت على الفور إلى كاليفورنيا، وهي تعيش مع أمها اليوم، ومضى على وجودها كمديرة للشركة ثلاث سنوات!

هل نستطيع أن نقول إن الكون استجاب لتوسلات تلك السيدة وبطريقة غريبة للغاية، أم إنها مجرد صدفة؟!!

اليوم خطر ببالي هذا السؤال وتلك القصة، ربما بسبب المشاعر الغريبة التي تنتابني، عقب حلم رأيته الليلة الفائتة، والذي أثر سلبا على مزاجي.رغم أني لا أهتم بالأحلام ولا اومن بتفسيرها، لكن ذلك الحلم بدا واضحا إلى حد مثير للدهشة ولم يغادرني لحظة منذ الصباح.

حلمت أنني وزميلة قديمة، لم أرها منذ أربعين عاما.تخرجنا من الثانوية العامة معا ثم افترقنا إلى جامعتين مختلفتين.سمعت أنها تزوجت وأنجبت ثلاثة أولاد، ولم أتذكرها مرة واحدة منذ أن هاجرت من سوريا حتى حصل ذلك الحلم.

في الحلم بدت أنها في مأزق، وتوسلت إلي بطريقة قطعت قلبي، ووافقت على طلبها، وكان طلبا غريبا جدا!

عادة أنسى الأحلام في حينها، ولكن ذلك الحلم أكل من أعصابي وأصابني بغلالة حزن صبغت يومي.

قررت أن أبحث عنها، ولأن اسمها وكنيتها مألوفة جدا لم أستطع أن أجدها على وسائل التواصل الاجتماعي, إذ وجدت عشرات يحملن نفس الاسم!

لم ولن أيأس، فمحاولاتي مازالت مستمرة.

عندي إحساس غريب أنها في مأزق وخطرت ببالها.وسأظل أبحث حتى أجدها، وأرى إن كان إحساسي صحيحا.

إذا وجدتها وكنت قادرة على أن أتواصل معها، سأجد حتما جوابا لسؤالي،أو سأقتنع بأن الصدف وعشوائية الكون هي التي تلعب دورها!

سأخبركم لاحقا بما سيحدث!

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version