ماذا لو لجأت الحكومة إلى القوة الشرعية؟ و ماذا لو سقط ضحايا نتيجة ذلك؟ من سيتحمل المسؤولية؟
نشرت
قبل 4 سنوات
في
انطلقت أزمة الكامور في أفريل ـ ماي 2017 في عهد يوسف الشاهد … وقتها حاولت الدولة أن تتصرف بمنطق القانون و القوة الشرعية وأعلن المرحوم الرئيس الباجي قائد السبسي منابع و مسار النفط منطقة عسكرية و كلف الجيش بحمايتها بالقوة، فماذا حصل وقتها؟
تدخلت قوات الحرس الوطني لفض الاعتصام و نتج عن ذلك وفاة شاب فقامت القيامة في تونس و لم تقعد و وجدت وزارة الداخلية ـ و الحكومة ـ نفسها وحيدة بلا سند إعلامي و لا سياسي و لا حزبي، بل انطلق في الخفاء تأسيس التنسيقيات “الجهوية إستعدادا لتأطير “الهبّة” الشعبية المنتظرة و استغلالها لإسقاط حكومة الشاهد المترنحة وقتها تحت ضربات حافظ قائد السبسي و حلفائه والقوى المعارضة و المتربصة بها
، نتذكر جيدا كيف تم قطع زيارة يوسف الشاهد إلى تطاوين، و مغادرته مقر الولاية و خروجه تحت هتافات “ديڨاج”، وتحت حماية الامن الرئاسي الذي تفادى سيناريو كارثيا كان مبرمجا لإهانة الوفد الحكومي( مع التحفظ عن التفاصيل) لم يُنقذ الحكومة وقتها من السقوط سوى الإيقاف المفاجئ لشفيق جراية الذي أعطى يوسف الشاهد زخما و دعما شعبيا وسياسيا و إعلاميا مكٌنه من الصمود لأشهر إضافية
في هذه الأثناء تراجعت قوات الجيش الوطني عن قرار حماية “الفانة” بالقوة العسكرية، و صرح أحد القادة الميدانيين بأن الجيش “تجح في تامين غلق الفانة بحرفية”
في هذه الظروف، و أمام السقوط المهين لخيار “هيبة” الدولة و “هيبة” القانون و تخاذل كل القوى السياسية و تنصلها من الموضوع و انتهازيتها، و أمام لا مبالاة الشعب و النخب، وقعت الحكومة تفاق الكامور الذي يقضي بفتح الفانة مقابل سلٌة من الوعود (تنمية، استثمار، بستنة، وظائف في الشركات البترولية…) و هو تقريبا نفس الاتفاق الذي أمضت حكومة المشيشي على تنفيذه أمس
طبعا، لم تنفذ حكومة الشاهد و لا حكومة الفخفاخ ، تعهدات الدولة المكتوبة و بقي أغلبها حبرا على ورق طيلة أربع سنوات و هو ما أدى الى إعتصام الكامور 2 و إعادة غلق الفانة
الآن، من يلوم حكومة المشيشي على إمضائها إتفاق الكامور و إهانتها لهيبة الدولة و تفريطها في سلطة الدولة على ثرواتها، على هؤلاء أن يجيبوا بكل أمانة و بكل هدوء عن بعض الأسئلة البسيطة:
أولا، ماهي الخيارات الأخرى المتاحة أمام حكومة المشيشي؟ فرض سلطة الدولة بالقانون و القوة العامة؟ و هي السلطة التي تواطأت جميع القوى السياسية على التفريط فيها إما بالصمت و إما بالتآمر و إما بالتخاذل و إما بعدم تنفيذ تعهدات الدولة، و ذلك طيلة أربع سنوات و ربما أكثر
ثانيا، ماذا لو التجأت حكومة المشيشي الى تطبيق القانون بالقوة الشرعية؟ و ماذا لو سقط ضحايا نتيجة استعمال القوة الشرعية؟ من سيتحمل المسؤولية يومئذ؟ من سيقف مع الحكومة من الأحزاب و القوى السياسية ؟ و من منهم سيقف مع شرعية الدولة؟ و من منهم سيصطف وراء مشروعية التحركات؟ من منهم سيبتزّها؟ من منهم سيتنصل منها؟ من منهم سيزايد عليها؟ من منهم سيحاول التخلص منها؟
ثالثا، هل ستساند النخب الحكومة في قرارها بتطبيق القانون بالقوة ؟ ما هي النخب أو القوى المدنية و الإعلامية و الحقوقية التي ستحمي قرار الحكومة و ما هي التي ستتحرك ضدها من سيدفع الثمن؟ و لا أتحدث عن الثمن السياسي و إنما عن الثمن القانوني الفادح
رابعا، من كانت له مصلحة في الدفع إلى عدم الاتفاق و تأجيج الأوضاع و السير بها نحو المواجهة؟
و أخيرا، متى سنخرج من حلول البستنة و البيئة و شراء السلم الأهلي بالشغل الهش و الحلول الترقيعية؟؟