سواء تعلق الأمر بالأحداث الإرهابية التي جدت بفرنسا مؤخرا أو غيرها من الأحداث قديمها و حديثها فان جاهزيتنا للتعاطي معها من منطلق المؤامرة المحبوكة ضدنا لم يتغير بالمرة…
لقد اصبحت عبارة المؤامرة العنوان الأكثر تداولا في تحاليلنا لأننا بكل بساطة لا نستطيع أن نستوعب أن العالم لا يفكر فينا و لا يعدّ لنا الخطط للإيقاع بنا مثلما نعتقد و مثلما نتوهم…..و أننا لن نفهم نزوعنا المتهافت إلى تحميل الاخر مسؤولية ما يحدث لنا إلا حين نزور أعماقنا من جديد لمساءلة النفس ألا يجوز أن يكون العيب فينا و ليس في غيرنا ؟ ألم نفتح عيوننا و أفئدتنا على أناس يزرعون في عقولنا الطرية الخوف من كل كل كلام مخالف لما نسمع و تحذيرنا الصارم من مغبة الخروج عن الصف…
يقولون لنا نحن قوم نملك أحسن أخلاق العالم و نعيش حياة لا يمكن لغيرنا أن يعرفها … لذلك فهذا الآخر الذي يحسدنا أيما حسد لن يتركنا هانئين و سيستعمل كل ما يتاح لديه من حيل و أدوات لكي يدمرنا ثم يعيد بناءنا على شاكلته و أن الغاية من وراء ذلك أن نصبح عبيدا له…
لقد كانت هده المبادئ النواة الاولى لتفكيرنا إلى درجة الهوس المزمن فإذا صنع الغرب هاتفا جوالا فإن غايته من ذلك أن يشغلنا عن ديننا و يفسد بناتنا و أولادنا لكي يصبحوا متفسخين منحلين مثل أولادهم …و إذا صعدوا الى القمر فانهم لايفعلون ذلك الا للتشويش على أفكارنا و معتقداتنا…و لاغرابة إذن أن تلاحظ تفشي أفكار من نوع أن الكورونا صنعوها في المخابر لكي يبيعونا الأدوية فيما بعد بالمليارات … و أن الجرائم الإرهابية مخطط لها من طرف المخابرات ولا غاية لها من وراء ذلك سوى تشويه سمعتنا و استهداف ديننا ….
فالغرب عندهم كتلة واحدة متجانسة تنام و تصحو على الأفكار الجهنمية من أجل تحطيمنا و تدميرنا و السطو على ثرواتنا…و مع ذلك و بحكم وهمنا بالفهم العميق لهذا الغرب فإننا لا نرى حرجا في التدافع من أجل الظفر بآخر صيحاته في السيارات و العطور و الملابس و نتسابق من اجل مشاهدة فيلم جديد أو سماع آخر أغنية و ما المانع في ذلك ما دمنا سنتطهر في نهاية الأمر و نستغفر و نتركهم يذهبون لوحدهم إلى جهنم…
و لعل اغرب ما في الأمر أن القرون تتتالى و الثقافات تتغير و العلم يتفكك ثم يعود التركيب ألف مرة فيما بقينا نحن ننعم برقادنا الهانيء … و حين نفتح عيوننا فلكي نتصدى لمؤامرة جديدة تحاك ضدنا فنسبّ و نضرب و نقصف هذا الغرب اللعين المتآمر علينا دوما … و هكذا تدور علينا الأيام مصيبة فمصيبة و كارثة تعقبها كارثة و الخطأ طبعا هو الآخر … فقط لأنه يغار منا و يخشى أن نستفيق و لو بعد آلاف السنين