جور نار

المصالحة الشاملة أو الفتنة الكبرى…؟؟

نشرت

في

تتهاطل على مسامعنا المبادرات لإخراج البلاد مما هي فيه….فبعد مبادرة الاتحاد …والبعض الآخر، جاءت اليوم مبادرة حمّة ومن معه…لكن هل ترمي فعلا كل هذه المبادرات لإخراج البلاد من الوضع الذي تعيشه، أم هي مبادرات تهدف فقط للإبقاء على أصحابها في مواقع متقدّمة من مشهد سياسي متقلّب…

<strong>محمد الأطرش<strong>

فهل يمكن تصديق مبادرة الاتحاد ونواياه والحال أنه جزء كبير من المشكل وأن مبادرته ليست أكثر من محاولة لتصدير أزمته الداخلية وكسب بعض النقاط من معركة يعتبر هو أحد أهمّ المتسبّبين فيها…وهل يمكن تصديق مبادرات بعض الأحزاب والحال أنها أيضا جزء من المشكل….وهل يمكن أيضا تصديق مبادرات بعض الأطراف السياسية من نواب أو شخصيات تعتبر نفسها وطنية ويطلق عليها البعض هذه التسمية بمقابل…والحال أن هذه الشخصيات فشلت سابقا في العديد من المواقع وستفشل دائما…أظنّ أن الجميع سقط في استسهال عملية الخروج من الأزمة، وكأننا أمام خلاف بسيط بين سكان القصور وجب حلّه قبل استفحاله…فالعقل يقول كيف لمن يحقدون على بعضهم البعض أن يجتمعوا حول طاولة واحدة للبحث عن مخرج مما نحن فيه؟؟ وكيف يقبل الجميع جلوس الجميع حول طاولة واحدة وهم لا يقبلون ببعضهم البعض؟؟ هذا يتهم الآخر بالفساد…والآخر يتهم الآخر بالفساد…ولا أحد منهم أتى بدليل واحد عن فساد الآخر…

لذلك على الجميع أن يجلسوا حول طاولة أخرى قبل طاولة الحوار المسموم الذي يبتغيه البعض… طاولة أهمّ بكثير من طاولة الحوار ” طاولة المصالحة الشاملة ” فهي الآلية الوحيدة القادرة على جمع كل الفرقاء حول طاولة الوطن…ودونها لن يلتقي الجميع حول المصلحة العليا للبلاد…ودونها لن تنزع الألغام والعراقيل من أمام كل الحكومات التي ستجلس على كرسي القصبة…لكن هل يقبل هؤلاء الفرقاء بالمصالحة الشاملة التي تعيد عقارب ساعة الوطن إلى الصفر، لنبدأ من جديد عملية الإصلاح والإنقاذ مع المحافظة على البناء والمكاسب والمكتسبات التي حققناها منذ استقلال البلاد؟ وهل يقبل بعض المشاكسين والخارجين عن القانون في مجلسنا الموقّر بالمصالحة الشاملة التي تمسح كل أحقادنا وخلافاتنا؟؟

شخصيا لا أظنّ أن بعضنا سيقبل بالمصالحة الشاملة ونسيان الماضي، كل الماضي…فالرغبة في الانتقام كبيرة عند العديد من الأطراف، وعدم الرغبة في نسيان الماضي راسخة أيضا في عقول البعض… فالسؤال الذي يطرح نفسه اليوم هل يمكن تمرير قانون مصالحة شاملة في مجلس يغلب عليه الحقد؟؟ وهل يقبل بعض نواب مجلسنا بقانون مثل هذا يُفرغ بعض الكتل من محتوى خطابها الحاقد…هذا الخطاب الذي يصنع اليوم جماهيرية بعض الأحزاب والشخصيات؟؟ هنا وجب أيضا طرح سؤال بالغ الأهمية، هل نحن فعلا أمام نواب للشعب…وهل ينوب هؤلاء فعلا الشعب؟ وهل يشعرون بحاله وبما يعانيه بسبب أحقادهم وما يُضمرون لبعضهم البعض والوطن؟؟

هؤلاء لا هدف لهم مما يريدونه غير خلط الأوراق وبعثرتها لتتواصل الفوضى…هؤلاء يدركون جيدا أنهم كشفوا القناع عن وجوههم البائسة وأنهم خسروا كل رصيدهم الشعبي بعد أن عرف الشعب أنهم يريدون السلطة والكراسي فقط….فهؤلاء لا همّ لهم غير المصلحة الضيقة وخدمة مصالح عائلاتهم وأقاربهم…هؤلاء هم روّاد السفارات الأجنبية الذين احترفوا الصراخ على مدارج المسرح البلدي ..هل نجحوا في ما كانوا يروّجون له قبل وبعد 14 جانفي…لا…هل أنجزوا شيئا مما وعدوا به من جلسوا أمامهم مستمعين لتخاريفهم…لا…فماذا يريد هؤلاء بالضبط؟؟ لا شيء…هم فقط يريدون الظهور في ثوب الملائكة الذين يلبسون لباسا ناصع البياض والذين يقفون من أجلكم في مشهد مسرحي مؤثر في وجه المفسدين في الأرض..

.فيا من انتخبوا هؤلاء…هل حقّق لكم هؤلاء جزءا ولو بسيط مما وعدوكم به…أتعلمون مكاسبهم…وما حققوه لأنفسهم؟؟ أتعرفون كم يصرفون على ملذاتهم في سهراتهم الماجنة في نزل بعضكم لا يحقّ له أن يحلم يوما بدخولها…أتعلمون أن أغلبهم اليوم يملك سيارات فاخرة ومنازل فخمة…أتعلمون أن صراخهم هو فقط ذرّا للرماد على أعينكم لتقولوا عنهم “هؤلاء هم أهل الحقّ”… هؤلاء سادتي ليسوا قادة ولا نوابا ولا يمثلونكم… ولن يكونوا… لأنهم بما يفعلونه اليوم يريدون منكم فقط إعادة انتخابهم ليواصلوا العيش على حسابكم… في برجهم العاجي الذي لا ينزلون منه إلا ليراودوكم عن أنفسكم انتخابيا لإعادة التصويت لهم…  فهل كانوا منذ انتخبتموهم على قدر من المسؤولية؟؟ وهل هؤلاء هم من الذين يؤثرون على أنفسهم ومصالحهم الشخصية ومصالح أحزابهم من اجل مصلحتكم أنتم من انتخبهم؟؟ أم أنهم ومنذ دخولهم تحت قبة باردو تناسوكم…ونسوا وعودهم…ونسوا أنهم السبب الرئيسي لما ألت إليه أحوالكم وأحوال البلاد…

خلاصة قولي سأقول لمن لا يريدون المصالحة الشاملة ويواصلون زرع الأحقاد في هذا الوطن…أنكم ستحصدون ما زرعتم…وسيكبر زرعكم المسموم لتكونوا أول ضحاياه… وأضيف أنكم دون تذوّق طعم المصالحة الشاملة…لن تتحرروا أبدا من السيئات التي تقترفونها كل يوم في حقّ وطنكم …وستظلّ قدرتكم على خدمته مقيّدة بما تزرعونه من أحقاد وضغينة…فقط لا تنسوا أن الحقد يقتل صاحبه…لا محالة…ولو بعد حين….

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version