تؤكد مصالح المراقبة أنها ضبطت عشرات الأطنان من المواد الغذائية منتهية الصلوحية في الأسبوع الأول فقط من شهر رمضان..
و طبعاً إذا ضبطت هذه المصالح عشرة أطنان مثلا فهذا يعني بالضرورة أن خمسين طنا أخرى وقع ترويجها و استهلكها المواطن.. و بما أن الخبز و المقرونة و الكسكسي و الشربة مواد مدعمة و هامش ربحها ضئيل: نتصور أن الجزء الأكبر من تلك المواد هي من اللحوم و الأسماك و البيض و علب التن و الطماطم المصبرة.. وهي مواد يستعملها المواطن بصفة يومية.. لنخلص الى أن أغلبنا أو جميعنا كنا ضحايا لهذا الغش و لو بدرجة صغيرة..
و هنا تتوجه أصابع الاتهام لباعة القرى و الأحياء الشعبية خاصة أين تقل المراقبة.. لكن الجانب المخفي من الخبر أن هؤلاء الباعة هم جيراننا و أصحابنا و ربما أقاربنا.. و جرت العادة أن يعطف الزوالي على جاره و مثيله في الحي و العيشة و في الفقر أيضا.. لكن يبدو أن الربح السهل و اللهث وراء المادة عصف بكل القيم.. فيا حسرتاه على تاجر كان يعاملنا بلطف و يوفي الكيل و الميزان و ينصحنا باقتناء هذا و تجنب هذا..
تاجر كان ناصحا بقطع النظر عن ميولاته و علاقته بخالقه.. تاجر يرى بالعشرة و يحسن لجاره و حريفه و لو كان سكيرا قمّارا.. لكن يبدو أن فساد السياسيين انتقل للمواطن فأصبح يرى الغش شيئا عاديا و سلوكا لا حرج منه..