لو تكتب لي هجّة العمر الأخيرة فإني لن ألتفت أبدا ورائي…
لن ألتفت إلى هذه الأرض حمّالة السوء و الأذى لأبنائها…
و سأوصي بذلك…!
ملطّخ أنا بإثم المنفى…
يئنّ قلبي تحت وطأة جرح نازف ضاق بانكسار روح عظيمة…
ستنتهي هذه الأرض من الوريد إلى الوريد …
سينتهي هذا البلد المنفلت إلى أرذل السفوح و أكثرها وجعا لما تبقى من هذا الشرخ…
بهذا الذي يجري : ستذهب ريحنا…
و سننتهي في منعطف أحد شوارع المدينة كومة من الوهن مثل ضفدعة مثقلة بأمطار الشتاء آخر الليل…
مثل صراصير “الروڨارات” المفتوحة ، سننتهي إلى شقوق جدران البناءات المتهالكة وسيأكلنا هذا الزمن الذي أردناه أن يكون لنا ..
سننام أبدية و سنصحوا على موسيقى “الجاز” تأكل أعصابنا و تعصر بقايا أرواحنا المترنحة…
نحن من أراد ذلك…
و سنرى ما سيحدث !
لا شيء يمر في حياتنا عبثا…
لا شيء لسنا ملائكه و لا انبياء …
حتى لا نراكم في دواخلنا مدخرات كثيرة من الكلام المر و أفعال الشوارع المقرفة…
داخل كل منا لص متوثب ، مفترس، متحوّل…
لص ماكر يتربص بنا عبر ممرات هذا الليل الثقيل…
لص يلتحف هذه الأرض جوارب للسير على رقاب المدهوسين حتى العظم…
لا أحد يعلم ما أصابنا أو كيف هي معركتنا مع الحياة…
كم حاربنا…
كم خذلونا و جعلونا مكبلين دواء مرا، وعليك أن تلتهمه خشية الفناء…
مشروخ هذا البلد ! مكسور و مقهور و مدحور إلى أقصى الإحتمالات !
و أنا….
ياااا أنا…
مصنوع من قصبة تحت الريح !
من قطعة فلّين تتقاذفها ذكرى وطن “ذهبت من خاطري إلا صدى…
يعتادني حينا فحينا ” ! .