تعوّدنا منذ عقود في كلّ الدول العربية والاسلامية(وعدد من الدول الغربية كالولايات المتحدة الامريكية) على أن مواكب أداء القسم الدستورية تتمّ أمام طاولة عليها الكتاب المقدّس (القرآن عندنا والتوراة عند أبناءالعم سام) حيث يضع المسؤول يده اليمنى فوق الكتاب و يقسم بالله أن يخلص للوطن و ألاّيخونه و أن يسعى لما هو خير له ..و…و.. و غير ذلك من جميل القول.
و بالقيام ببحث صغير عن أصل هذه الطقوس، يتبيّن أنه من حيث المبدأ الشرعي الفقهي فإنّ مسألة القسم على القرآن لا معنى لها بل هي مجرّد وسيلة من باب التغليظ والتأكيد على الحالف حتّى يتحرّى الصدق. فالأصل أنّه ليس هناك حاجة إلى الحلف على القرآن، و إحضار المصحف الشرف هنا لا أصل تاريخي له، و لا حاجة إليه، فالواجب على الحالف أن يصدق حيثما كان سواء وضع يده على المصحف أو غيره من الكتب المنزّلة أو لم يضع… و لا يحتاج كتاب القرآن و لا أن يدخل للجامع و يقسم في محرابه و لا يجوز له الكذب لا مع القرآن و لا مع غير القرآن…
الأصل أن لا يكون القسم و الحلف إلاّ بالله – تعالى – دون طقوس أخرى…. فاليمين الدستورية حسب الفقهاء تنعقد بالتّلفظ بها فقط و لا يُعدّ وضع اليد على المصحف شرطا في انعقاد اليمين، و الواضح أنها عادة بروتوكوليّة يتّبعها كبار مسؤولي الدول لإضفاء المشروعية على تسميتهم و ليظهروا أمام الناس في مظهر الورعين الذين يخافون الله في أملاك الشعب و الحريصين على خدمته.إضافة إلى أنّ أداء القسم بالنسبة للنساء اللاّئي يتم تعيينهنّ في المناصب السامية يتزامن مع وضع غطاء على رؤوسهنّ لإخفاء الشعر و كأنّهنّ في مسجد و لسن في قصر الرئاسة أو البرلمان.. فيما نجد أنّ المسؤولة التي ستقسم اليمين لا تضع على رأسها عادة أي غطاء.. فهل أن تغطية الشعر ستمنع المسؤولة من الفساد؟..
فكم من مسؤول أقسم أمام رئيس الدولة ثم خان الامانة و تلاعب بالأموال التي اؤتمن عليها؟ و كم من رئيس دولة – أقسم هو أيضا – على المحافظة على مصالح الشعب و كان أوّل من باع الشعب بأرخص الأثمان… شخصيا لا أرى أيّ مبرّر لمواكب أداء القسم بهذا الشكل الاستعراضي الممجوج،و الأفضل تعويضه بموكب قسم أمام رئيس المحكمة حتى يعرف المسؤول المقدم على القسم أنّ باب السجن أقرب إليه من باب القصر !