وهْجُ نار

انسوْا أحقادكم …وأجّلوا الغوص فيها إلى حين…

نشرت

في

حين نرى التشتّت الذي يزداد يوما بعد يوم بين أبناء العائلة السياسية الواحدة، يزداد خوفنا على مستقبل هذه البلاد، فمن تبقّى من العائلات السياسية لا يقدر حتى على إنقاذ نفسه من غول في نفسه، فهل بأمثال هؤلاء الذين يتقاتلون اليوم على الفتات من الكراسي سنقدر على خلاص الأمة من غول التطرّف الديني والإرهاب أو من غول الفقر والفوضى…هل بهؤلاء سنقضي على الإحباط الذي بدأ يدب في نفوس من كانوا ينتظرون جنة وُعدوا بها…

<strong>محمد الأطرش<strong>

ما تعيشه البلاد اليوم من عناد ومكابرة من الأطراف الحاكمة قد يذهب بها إلى ما لا تحمد عقباه…فأغلب الذين أطلوا علينا برؤوسهم بعد 14 جانفي 2011 لم يجرّبوا الحكم سابقا بل كانوا يعارضونه بحجة أن لهم البدائل الكفيلة بتغيير وضع البلاد…كما أنهم لم يفقهوا جيدا ما يعنيه مفهوم الدولة…فاصطدموا بواقع يختلف عما كانوا يتصورونه عن شؤون الحكم…هؤلاء أنفسهم هم اليوم الجزء الأكبر من الورطة التي تعيشها البلاد…

هؤلاء كانوا يعارضون حكم الحزب الواحد، والشخص الواحد، واليوم يبحثون عن كيف ينفردون بالحكم، فهم اليوم يأتون ما كانوا ينهون عنه سابقا…وقد يذهب بنا تعنتهم وحقدهم إلى فتنة تأتي على الأخضر واليابس وتدخل البلاد في متاهات قد لا ندري أين ومتى تنتهي… كيف لا وقلوب هؤلاء ممتلئة حقدا وحبّا للانتقام لمجرّد أنهم لم يأخذوا نصيبهم من الكعكة أيام بورقيبة وبن علي رحمهما الله، فهم لم يكونوا أصلا في المعارضة ولم يعارضوا لإصلاح اعوجاج بن علي أو بورقيبة المزعوم بل كانوا يعارضون من أجل فرض اقتسام الكعكة والفوز بمكان تحت شمس الزعيم بورقيبة وبن علي، حتى وإن لم يكونوا هم في المقاعد الأمامية…

هؤلاء الذين يصفون ما مرّ من تاريخ البلاد منذ استقلالها بالخراب، هل يقدرون اليوم على إنقاذها؟ هل يقدرون اليوم على بناء حجرة واحدة في صرحها؟ لا أظنّ أنهم سيفعلون لأنهم أصلا لا يهتمون بالبناء …هم يريدون نصيبهم من الكعكة لا أكثر…أتساءل أين درس هؤلاء الذين يصفون البلاد خرابا…أين عملوا…أين عالجوا… كيف سافروا…اين تمتعوا بعطلهم…أين تزوجوا…اين درس أبناؤهم …من اين اشتروا سياراتهم…اين يتسوقون…؟؟ أليس من الحكمة اليوم للمحافظة على ما تبقى من هذا الوطن، أن يتّحد الإخوة لمواصلة البناء بعد الخراب الذي لحقه من المنافقين الافاقين…

الا تكفينا “الدروس المستقاة” من حاضرنا الأليم؟ فمن الطغاة يا ترى…؟؟ هل من شيّد وعصْرَنَ البلاد أم من خرّبها وأسقط التشييد؟؟ هل من ترك أثرا طيبا وإرثا كبيرا أم من خرّب ما بناه سابقه؟ أسأل …كم من الدماء سفكت منذ 14 جانفي ولا تزال تسفك وبدم بارد بمجرّد زر يضغط عليه بعض المتأبطين شرّا بالبلاد والعباد؟؟…هل استمتعتم بالشعارات البراقة التي صرخوا بها حال عودتهم أو بتلك الوعود التي سردوها على مسامعكم وهم يدعونكم للخروج على النظام السابق؟؟….

أنتم جميعا تعيشون استعمارا جديدا أفظع من كل ما سبق …أنتم تعيشون اليوم طغيانا يتلاعب بعقولكم بشعارات حرّية وانعتاق…وفي الأخير ستصبحون عبيدا له “مسخرين مسيرين” رغم أنوفكم…هل أنتم فعلا هُم أنتم؟…أنا لا اصدّق أنكم أنتم،  حين يصل بكم الحال إلى انتخاب حكام يعانون انخفاضا حادا في مخزون الذكاء…وارتفاعا غير طبيعي في منسوب الحمق والغباء… فأنتم لستم أنتم…أتساءل كيف تقبلون بسُذّج يحكمونكم ويقودونكم نحو الهلاك… لقد عانيتم بعد 14 جانفي كل الويلات من كل انواع الحكم الفاشي والاجتثاثي والعنصري ورأيتم بأعينكم كيف خرّبوا ما بنيتموه وبناه أجدادكم…

فهل أنتم راضون عن هذا القتل والتخريب وهتك الأعراض تحت شعار “هذا ولا طغيان بورقيبة وبن علي”…هل ستقبلون أن يُبْنى مستقبل أولادكم على أطلال مدن شيّدتموها وعلى جماجم الشهداء والقتلى الأبرياء…هل أنتم فعلا واعون بما ينتظركم لو واصلتم تعنّتكم وتشتت قواكم…؟ إليكم جميعا أقول…لو واصلتم تشتتكم ستكون نهايتكم مأسوية…فعودوا إلى بعضكم وانسوا أحقادكم وخلافاتكم وأجلوا الغوص فيها إلى ما بعد إنقاذ البلاد…ولا تتركوا لكل هؤلاء الأفاقين من اليسار إلى اليمين مكانا يزرعون فيه أفكارهم القذرة وحقدهم الدفين …وأصلحوا أخطاء الماضي وعودوا إلى البناء…فلن ينقذ الوطن غيركم…إن توحدتم…فهل أنتم على وعي بما تفعلون؟

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version