تابعنا على

ثقافيا

انطباعات مواطنة هنديّة من أحمد أباد، عن تونس الجديدة …

نشرت

في

  • “يوم 25 جويلية، أحسست بالضياع لأن هناك جزءا من أصدقائي كان يملؤهم الأمل والفرح، وجزءا آخر يتحدث عن بداية النزول !”
  • العائلة التي استضافتني في القصرين بحفاوة لا مثيل لها
  • قلت لصديق فرنسي يسأل عن السينما التونسية: “لدينا أفلام مهمة هنا’ فقال لي مستغربا: “ماذا تقصدين، الهند أم تونس؟”
  • “أحلم بثورة في الهند مثل التي حدثت بتونس في 2011، و كم أتمنى أن تتوطد العلاقات بين بلدينا”

أجرى الحوار: منصف الخميري

منصف الخميري Moncef Khemiri

إلتقيت هذه المواطنة الهندية وهي بصدد التحادث مع صديقي توفيق الشعيري الذي اشتغل طويلا في إطار جمعية “آدم” المهتمة بوضع المواطنين التونسيين ذوي البشرة السمراء والذي عبّد أمامها طريق الاتصال بمجموعات في ولايتي قابس ومدنين لاستكمال بحثها الأكاديمي… فقبلت مشكورة إجراء هذا الحوار  معها لفائدة “جلّنار “:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كيف تقدّمين نفسك ؟

إسمي شْرايا باريخ Shreya PARIKH باحثة في إطار الدّكتوراه حول موضوع البُنى الاجتماعية لذوي البشرة السوداء بالبلاد التونسية (أي كيف يتمثّل عموم التونسيين هذه الفئة من المواطنين؟). وأنجز رسالة الدكتوراه بإشراف مزدوج في علم الاجتماع السياسي بجامعة كارولينا الشمالية الأمريكية وقسم العلوم السياسية بجامعة فرنسية بباريس. ولدت وكبرت بالهند في مدينة أحمد أباد بشمال غربي الهند.

لماذا تمّ الاختيار على تونس تحديدا ؟

جئت إلى تونس في نهاية سنة 2011 لأنني كنت شغوفة جدا بالتعرف ميدانيا على ما حدث في تونس خلال هذه الفترة والذي تحدث عنه كل العالم باعتباره حدثا تاريخيا غير مسبوق. كان احساسا جميلا بأن ترى في عيون الناس كل ذلك الأمل العظيم خاصة في تونس العاصمة. أتذكر أنني كنت متواجدة أمام قصر البرلمان بباردو في وقفة للفنانين والمبدعين. وقفة ظلت راسخة في ذهني لأنها شديدة الرمزية بالنسبة إليّ. قلت لنفسي في ذلك اليوم “سأعمل قصارى جهدي لإنجاز ذات يوم مشروعا ما في تونس…” وها أنا بعد عشر سنوات مازلت على نفس الحُلم.

ما هي مشاريعك المستقبلية على المستوى الشخصي والأكاديمي ؟

بودّي الاستمرار في إنجاز بحوثي حول موضوع التمثّلات الاجتماعية لهذا الجزء الجميل من الشعب التونسي الذي يمثله ذوو البشرة السمراء…وهو مبحث مهم وممتع موضوعيا ولكنه مُثقل ذاتيّا بتجاربي ومسيرتي الشخصية التي عايشت فيها أشكالا ونماذج مخصوصة من العنصرية في الهند ولبنان.

عندما يطرح موضوع العنصرية، يذهب الناس بصفة تلقائية إلى تناوله في فرنسا أو في الولايات المتحدة الأمريكية، لكن في مجتمعاتنا (أقصد المجتمع الهندي والتونسي)، يصعب تناول هذه المسألة بأريحية، فمن السّهل القول “الأوروبيون عنصريون تجاه هذه الفئة أو تلك…” ولكن نتنكر في ذات الوقت لوجود نفس مظاهر العنصرية في بلداننا. أنا معنيّة بالعنصرية في كلا بلديْنا وبكل التمظهرات التي تحفّ بها وذلك على المستويين الشخصي والأكاديمي.

ماذا أحببت تحديدا في تونس ؟

في باريس على سبيل المثال، يتعيّن عليك تنظيم مواعيدك حتى البسيطة منها بشكل مسبق وقبل أيام وأسابيع، أما في تونس فيكفي أن تهاتف أصدقاءك أو صديقاتك ليجتمع شملكم بعد لحظات في مكان ما يقع عادة على نفس المسافة من الجميع… أعتبر هذا الأمر (والذي لا يرتبط فقط بحجم البلدان والعواصم) خاصية مميّزة تعكس وضع التقارب بين الناس وبساطتهم التلقائية. وعندما أكون مدعوّة لدى عائلة تونسية يتمّ استقبالي والتعامل معي وكأنني أنتمي إلى أفراد تلك العائلة منذ أمد بعيد دون حرج أو تكلف زائد عن اللزوم.

هل لديك جملة بالعربية تستحضرينها هكذا بشكل تلقائي ؟

أتذكر ذات مرة كنت بصدد التجوّل بشارع الحبيب بورقيبة وفجأة اتجه نحوي شاب بادرني قائلا “إنتي هي الهندية الّي ديما تقعد في مقهى لونيفار ؟” كنت كثيرا ما أحتسي قهوتي بذلك المكان خلال فترة تواجدي الأولى بالعاصمة ولكن أن يعرفني الناس ويميزونني بكوني “المرأة الهنداوية” دون أية صفة أخرى، فيبدو  لي ذلك أمرا طريفا.

هل تعرضت إلى صعوبات في الاندماج وأنت بيننا ؟

عندما أتحدث عن تونس مع عائلتي في الهند أو مع أصدقائي وصديقاتي في فرنسا أستعمل دائما عبارة “هنا لدينا نحن في تونس…” فالبارحة على سبيل المثال كنت بصدد الحديث إلى صديق فرنسي عن السينما التونسية، فقلت له “لدينا أفلام مهمّة جدا هناك”، فأسرع بطلب التوضيح “ماذا تقصدين بهناك ؟ الهند أم تونس؟” … لمست نوعا من الاستغراب في نبرات صوته لأنني أتحدث عن تونس كما لو كنتُ تونسية. لدي شعور عميق وصادق أنني في بلدي وبين أهلي في تونس … خاصة بعد أن تدرّبت جيدا على اللهجة العامية التونسية مُدعّمة باللغة الفرنسية التي يتكلمها أغلب التونسيين.

وماذا يعرف التونسيون عن بلدك الهند ؟

أفلام بوليوود خاصة ! وعندما أطلب مزيدا من الهريسة داخل المطاعم التونسية، يقولون لي “هذا طبيعي لأن مطبخكم في الهند يعتمد على مذاقات عالية”.

والأطعمة التونسية، كيف تجدينها ؟

أعشق الأطباق المميزة لجهة قابس. ويكمن السرّ حسب اعتقادي في “الهروس القابسي”. أُقبل كثيرا على الكسكسي الحار (مثل الفرفوشة أو الكسكسي بالخضر). في العاصمة، كنت أسكن بباب سويقة لمدة سنة وكنت أقوم بمطالعاتي وأعمال التحرير التي بدأتها في الحلفاوين، الشيء الذي مكّنني من اكتشاف مظاهر حياتية عديدة وباقة غنية من الخضر والغلال التي لم أرها في حياتي مُطلقا.

ما هي المدن والقرى والمواقع التي شدّت انتباهك وأحببتها أكثر من غيرها في بلادنا ؟

إن اللقاءات على طرقات السفر داخل البلاد التونسية هي التي تركت أثرا لا يمّحي في ذهني. في شهر ديسمبر الماضي، كنت أمتطي سيارة أجرة من الكاف إلى القصرين وتعرفت على سيدة من مدينة طبرقة التي تمسّكت بأن أزورها في بيتها بالقصرين، وكان ذلك بعد بضعة أيام، استقبلتني كما تستقبل الأمهات بناتهن وقدّمتني إلى أفراد عائلتها التي خصّتني بحفاوة لا مثيل لها. العلاقات والاكتشافات الانسانية أهم بكثير أحيانا من المواقع الجغرافية التي احتضنت تلك اللقاءات.

أذكري موقفا طريفا حصل معك خلال اقامتك بتونس.

أذكر أنني عندما أكون مدعوّة لدى عائلة تونسية وأوضّح ينوع من الخجل أنني “نباتيّة”، يقولون لي ” إذن تُفضّلين السّمك أو الدجاج إن شئت…فذاك ليس من صنف اللحوم” !

وعندما بدأت بتكوين علاقات صداقة في تونس كان الأمر معقدا شيئا ما لأنه لم يكن لديّ “يافطة” معينة من قبيل “فنانة” أو ” منشطة موسيقية” أو “مثقفة”… أتفهم تلك الرغبة الطبيعية في تصنيف الناس ولكن كانت اليافطة الوحيدة التي تميزني هي “الهنداوية” لا أكثر… الشيء الذي كان مخيّبا شيئا ما بالنسبة اليّ.

كيف تقيّمين ما عاشه التونسيون منذ 2011 ؟

بصراحة، ليس باستطاعتي التقييم أو الحُكم ولكن شعرت بأشياء عديدة، خاصة خلال مظاهرات جانفي وفيفري 2021 والمسيرات الشهيرة عشية 25 جويلية 2021 كان هناك كثير من الغضب من حولي لدى المتظاهرين الذين كنت بينهم ولكن كان ثمة نوع من الأمل في نفس الوقت، نوع من النخوة في الإطاحة بنظام بن علي منذ عشر سنوات. يوم 25 جويلية، أحسست بالضياع لأن هناك جزء من أصدقائي كان يملؤهم الأمل والفرح وجزء آخر يتحدث عن بداية النزول ! أما الآن، فأنا ميّالة إلى الاعتقاد بأن خطوات سريعة واستعجالية لا بد لها أن تُقطع للاتجاه نحو الاستقرار واستكمال المسيرة.

هل تقبلين (من حيث المبدأ) الزواج من رجل تونسي ولماذا في الحالتين ؟

نعم نعم بكل سرور، خاصة إذا تحصلت على بطاقة إقامة دائمة وحفل زفاف ضخم فيه “حصان الملعب” وقصاع من الكسكسي بلحم العلوش (ضحكة صاخبة).

كلمة الختام ؟

أفكر بالهند وبتونس طوال الوقت. مقارنة ما يجري هنا بما يحدث هناك أستلهم منه الكثير شخصيا. وباعتبار أن الهند بصورة عامة تخضع إلى حكم مُطلق، أحلم دائما بثورة مثل التي حدثت في تونس سنة 2011. هناك عديد أوجه الشبه بين البلدين. كما أتمنى أن تتوطد العلاقات بين تونس والهند ويُبنى حوار مثمر ثقافيا واجتماعيا ين الناس في كلا البلدين.

أكمل القراءة
انقر للتعليق

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثقافيا

بداية من الأحد القادم… تظاهرة يوم قابس للسياحة

نشرت

في

متابعة وتصوير: جورج ماهر

انتظمت صباح اليوم السبت 4 اكتوبر 2025 ندوة صحفية لاعلان تفاصيل تظاهرة الاحتفال بيوم قابس للسياحة – Gabès Tourism Day الذي تدور فعاليّاته في الفترة من 12 الى 16 اكتوبر الجاري وتنظمه الوكالة السياحية MN Travel – بلجيكا تحت إشراف والي قابس وبالتعاون مع: المندوبية الجهوية للسياحة والمندوبية الجهوية للثقافة.

هذا الحدث الدولي يهدف الترويج للمخزون السياحي والثقافي بولاية قابس، والتعريف بالعادات والتقاليد والصناعات التقليدية، والعمل على جعل قابس وجهة إقامة سياحية بامتياز بما تجمعه من جبال وصحراء وواحات وبحر. وتحتوي التظاهرة على برمجة ثرية تشمل زيارات لأبرز المواقع السياحية بقابس (مطماطة، دخيلة توجان، الزراوة، شنني، قرماسة، الديار الأمازيغية، واحة قابس، واحات شنني، الحمامات الاستشفائية بالحامة والقبايات، سوق جارة، شاطئ الليماوة والزارات…) بالإضافة إلى العديد من الأنشطة والمفاجآت التي سبتم الكشف عنها تباعاََ خلال الأيام القليلة القادمة .

أكمل القراءة

ثقافيا

الترجمة… بين الذكاء الاصطناعي والخبرة البشرية

نشرت

في

متابعة وتصوير: جورج ماهر

بمناسبة اليوم العالمي للترجمة، عقدت “شبكة تونس للمترجمين الفوريين والتحريريين”، بالشراكة مع ممثلية المنظمة الدولية للفرنكوفونية في شمال إفريقيا، مساء أمس الثلاثاء 30 سبتمبر 2025، حلقة نقاش حول موضوع: “الترجمة في عالم مترابط: قضايا وتحديات” بين الذكاء الاصطناعي والخبرة البشرية،

جاءت فعاليات هذه الحلقة النقاشية بحضور لفيف من المتخصصين في مجالي التكنولوجيا واللغات مما اثرى هذا النقاش واتاح لهم فرصة لتبادل الاراء والتفاعل مع الحضور

أكمل القراءة

ثقافيا

قريبا بتونس: الدورة الأولى لمهرجان للأغنية العربية

نشرت

في

متابعة: جورج ماهر

عقدت اللجنة الدائمة للإذاعة باتحاد إذاعات الدول العربية، الأربعاء بمقر الاتحاد، اجتماعا خصّص لمناقشة مقترح مقدّم من الادارة العامة للاتحاد يتعلّق بتطوير المسابقة العربية للموسيقى والغناء التي ينظّمها الاتحاد مرة كل عامين وتحويلها الى مهرجان للأغنية العربية .

في هذا السياق تحدث المديرالعام للاتحاد المهندس عبد الرحيم سليمان حيث قال “أن الهدف من المبادرة المقدّمة إعطاء انطلاقة جديدة للمسابقة العربية للموسيقى والغناء بتحويلها الى مهرجان كبير يساهم في دعم الإبداع الفني العربي ومزيد إشعاع اتحاد إذاعات الدول العربية، وأن الإدارة العامة للاتحاد مستعدّة لتوفير الإمكانيات اللاّزمة لذلك”.

ودار نقاش ثري أثمر الاتفاق على النقاط التالية :

– تحويل المسابقة التي كانت تنتظم كل عامين الى مهرجان سنوي هو “مهرجان الأغنية العربية”

– تنظيم الدورة الأولى التأسيسية في تونس دولة مقر الاتحاد، ثم تتناوب الدول العربية الراغبة في استضافة المهرجان

– مدّة المهرجان ثلاثة أيام تتضمّن الى جانب الحفلات الفنية ندوتين حواريتين واحدة فنية والثانية مهنية بالتزامن مع اجتماع اللجنة الدائمة للإذاعة

– سهرات المهرجان تكون في حفل فني مباشر بحضور الجمهور في المسارح المؤهّلة لذلك مع فرقة موسيقية 2 / 2

– تشارك كل هيئة إذاعية عربية بأغنية واحدة في المسابقة

– الفئة العمريّة للفنانين المشاركين مفتوحة مع إعطاء الأفضليّة للشباب

– كل دورة تختار موضوع للأغاني المتنافسة وسيكون موضوع الدورة الأولى التأسيسية الأغنية التراثية

– الأغاني المتنافسة يجب أن تكون من إنتاج سنة تنظيم الدورة أو السنة التي تسبقها، وأن لا تتجاوز مدتها 6 دقائق

– التحكيم يتمّ بصفة مباشرة أثناء الحفل وليس بصفة مسبقة

– تخصيص جوائز مالية مجزية للأعمال الفائزة دعما وتحفيزا للمبدعين العرب

– تستضيف كل دورة فنانا ضيف شرف من البلد المستضيف

أكمل القراءة

صن نار