ثقافيا
انطباعات مواطنة هنديّة من أحمد أباد، عن تونس الجديدة …
نشرت
قبل 3 سنواتفي
من قبل
منصف الخميري Moncef Khemiri- “يوم 25 جويلية، أحسست بالضياع لأن هناك جزءا من أصدقائي كان يملؤهم الأمل والفرح، وجزءا آخر يتحدث عن بداية النزول !”
- العائلة التي استضافتني في القصرين بحفاوة لا مثيل لها
- قلت لصديق فرنسي يسأل عن السينما التونسية: “لدينا أفلام مهمة هنا’ فقال لي مستغربا: “ماذا تقصدين، الهند أم تونس؟”
- “أحلم بثورة في الهند مثل التي حدثت بتونس في 2011، و كم أتمنى أن تتوطد العلاقات بين بلدينا”
أجرى الحوار: منصف الخميري
إلتقيت هذه المواطنة الهندية وهي بصدد التحادث مع صديقي توفيق الشعيري الذي اشتغل طويلا في إطار جمعية “آدم” المهتمة بوضع المواطنين التونسيين ذوي البشرة السمراء والذي عبّد أمامها طريق الاتصال بمجموعات في ولايتي قابس ومدنين لاستكمال بحثها الأكاديمي… فقبلت مشكورة إجراء هذا الحوار معها لفائدة “جلّنار “:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كيف تقدّمين نفسك ؟
إسمي شْرايا باريخ Shreya PARIKH باحثة في إطار الدّكتوراه حول موضوع البُنى الاجتماعية لذوي البشرة السوداء بالبلاد التونسية (أي كيف يتمثّل عموم التونسيين هذه الفئة من المواطنين؟). وأنجز رسالة الدكتوراه بإشراف مزدوج في علم الاجتماع السياسي بجامعة كارولينا الشمالية الأمريكية وقسم العلوم السياسية بجامعة فرنسية بباريس. ولدت وكبرت بالهند في مدينة أحمد أباد بشمال غربي الهند.
لماذا تمّ الاختيار على تونس تحديدا ؟
جئت إلى تونس في نهاية سنة 2011 لأنني كنت شغوفة جدا بالتعرف ميدانيا على ما حدث في تونس خلال هذه الفترة والذي تحدث عنه كل العالم باعتباره حدثا تاريخيا غير مسبوق. كان احساسا جميلا بأن ترى في عيون الناس كل ذلك الأمل العظيم خاصة في تونس العاصمة. أتذكر أنني كنت متواجدة أمام قصر البرلمان بباردو في وقفة للفنانين والمبدعين. وقفة ظلت راسخة في ذهني لأنها شديدة الرمزية بالنسبة إليّ. قلت لنفسي في ذلك اليوم “سأعمل قصارى جهدي لإنجاز ذات يوم مشروعا ما في تونس…” وها أنا بعد عشر سنوات مازلت على نفس الحُلم.
ما هي مشاريعك المستقبلية على المستوى الشخصي والأكاديمي ؟
بودّي الاستمرار في إنجاز بحوثي حول موضوع التمثّلات الاجتماعية لهذا الجزء الجميل من الشعب التونسي الذي يمثله ذوو البشرة السمراء…وهو مبحث مهم وممتع موضوعيا ولكنه مُثقل ذاتيّا بتجاربي ومسيرتي الشخصية التي عايشت فيها أشكالا ونماذج مخصوصة من العنصرية في الهند ولبنان.
عندما يطرح موضوع العنصرية، يذهب الناس بصفة تلقائية إلى تناوله في فرنسا أو في الولايات المتحدة الأمريكية، لكن في مجتمعاتنا (أقصد المجتمع الهندي والتونسي)، يصعب تناول هذه المسألة بأريحية، فمن السّهل القول “الأوروبيون عنصريون تجاه هذه الفئة أو تلك…” ولكن نتنكر في ذات الوقت لوجود نفس مظاهر العنصرية في بلداننا. أنا معنيّة بالعنصرية في كلا بلديْنا وبكل التمظهرات التي تحفّ بها وذلك على المستويين الشخصي والأكاديمي.
ماذا أحببت تحديدا في تونس ؟
في باريس على سبيل المثال، يتعيّن عليك تنظيم مواعيدك حتى البسيطة منها بشكل مسبق وقبل أيام وأسابيع، أما في تونس فيكفي أن تهاتف أصدقاءك أو صديقاتك ليجتمع شملكم بعد لحظات في مكان ما يقع عادة على نفس المسافة من الجميع… أعتبر هذا الأمر (والذي لا يرتبط فقط بحجم البلدان والعواصم) خاصية مميّزة تعكس وضع التقارب بين الناس وبساطتهم التلقائية. وعندما أكون مدعوّة لدى عائلة تونسية يتمّ استقبالي والتعامل معي وكأنني أنتمي إلى أفراد تلك العائلة منذ أمد بعيد دون حرج أو تكلف زائد عن اللزوم.
هل لديك جملة بالعربية تستحضرينها هكذا بشكل تلقائي ؟
أتذكر ذات مرة كنت بصدد التجوّل بشارع الحبيب بورقيبة وفجأة اتجه نحوي شاب بادرني قائلا “إنتي هي الهندية الّي ديما تقعد في مقهى لونيفار ؟” كنت كثيرا ما أحتسي قهوتي بذلك المكان خلال فترة تواجدي الأولى بالعاصمة ولكن أن يعرفني الناس ويميزونني بكوني “المرأة الهنداوية” دون أية صفة أخرى، فيبدو لي ذلك أمرا طريفا.
هل تعرضت إلى صعوبات في الاندماج وأنت بيننا ؟
عندما أتحدث عن تونس مع عائلتي في الهند أو مع أصدقائي وصديقاتي في فرنسا أستعمل دائما عبارة “هنا لدينا نحن في تونس…” فالبارحة على سبيل المثال كنت بصدد الحديث إلى صديق فرنسي عن السينما التونسية، فقلت له “لدينا أفلام مهمّة جدا هناك”، فأسرع بطلب التوضيح “ماذا تقصدين بهناك ؟ الهند أم تونس؟” … لمست نوعا من الاستغراب في نبرات صوته لأنني أتحدث عن تونس كما لو كنتُ تونسية. لدي شعور عميق وصادق أنني في بلدي وبين أهلي في تونس … خاصة بعد أن تدرّبت جيدا على اللهجة العامية التونسية مُدعّمة باللغة الفرنسية التي يتكلمها أغلب التونسيين.
وماذا يعرف التونسيون عن بلدك الهند ؟
أفلام بوليوود خاصة ! وعندما أطلب مزيدا من الهريسة داخل المطاعم التونسية، يقولون لي “هذا طبيعي لأن مطبخكم في الهند يعتمد على مذاقات عالية”.
والأطعمة التونسية، كيف تجدينها ؟
أعشق الأطباق المميزة لجهة قابس. ويكمن السرّ حسب اعتقادي في “الهروس القابسي”. أُقبل كثيرا على الكسكسي الحار (مثل الفرفوشة أو الكسكسي بالخضر). في العاصمة، كنت أسكن بباب سويقة لمدة سنة وكنت أقوم بمطالعاتي وأعمال التحرير التي بدأتها في الحلفاوين، الشيء الذي مكّنني من اكتشاف مظاهر حياتية عديدة وباقة غنية من الخضر والغلال التي لم أرها في حياتي مُطلقا.
ما هي المدن والقرى والمواقع التي شدّت انتباهك وأحببتها أكثر من غيرها في بلادنا ؟
إن اللقاءات على طرقات السفر داخل البلاد التونسية هي التي تركت أثرا لا يمّحي في ذهني. في شهر ديسمبر الماضي، كنت أمتطي سيارة أجرة من الكاف إلى القصرين وتعرفت على سيدة من مدينة طبرقة التي تمسّكت بأن أزورها في بيتها بالقصرين، وكان ذلك بعد بضعة أيام، استقبلتني كما تستقبل الأمهات بناتهن وقدّمتني إلى أفراد عائلتها التي خصّتني بحفاوة لا مثيل لها. العلاقات والاكتشافات الانسانية أهم بكثير أحيانا من المواقع الجغرافية التي احتضنت تلك اللقاءات.
أذكري موقفا طريفا حصل معك خلال اقامتك بتونس.
أذكر أنني عندما أكون مدعوّة لدى عائلة تونسية وأوضّح ينوع من الخجل أنني “نباتيّة”، يقولون لي ” إذن تُفضّلين السّمك أو الدجاج إن شئت…فذاك ليس من صنف اللحوم” !
وعندما بدأت بتكوين علاقات صداقة في تونس كان الأمر معقدا شيئا ما لأنه لم يكن لديّ “يافطة” معينة من قبيل “فنانة” أو ” منشطة موسيقية” أو “مثقفة”… أتفهم تلك الرغبة الطبيعية في تصنيف الناس ولكن كانت اليافطة الوحيدة التي تميزني هي “الهنداوية” لا أكثر… الشيء الذي كان مخيّبا شيئا ما بالنسبة اليّ.
كيف تقيّمين ما عاشه التونسيون منذ 2011 ؟
بصراحة، ليس باستطاعتي التقييم أو الحُكم ولكن شعرت بأشياء عديدة، خاصة خلال مظاهرات جانفي وفيفري 2021 والمسيرات الشهيرة عشية 25 جويلية 2021 كان هناك كثير من الغضب من حولي لدى المتظاهرين الذين كنت بينهم ولكن كان ثمة نوع من الأمل في نفس الوقت، نوع من النخوة في الإطاحة بنظام بن علي منذ عشر سنوات. يوم 25 جويلية، أحسست بالضياع لأن هناك جزء من أصدقائي كان يملؤهم الأمل والفرح وجزء آخر يتحدث عن بداية النزول ! أما الآن، فأنا ميّالة إلى الاعتقاد بأن خطوات سريعة واستعجالية لا بد لها أن تُقطع للاتجاه نحو الاستقرار واستكمال المسيرة.
هل تقبلين (من حيث المبدأ) الزواج من رجل تونسي ولماذا في الحالتين ؟
نعم نعم بكل سرور، خاصة إذا تحصلت على بطاقة إقامة دائمة وحفل زفاف ضخم فيه “حصان الملعب” وقصاع من الكسكسي بلحم العلوش (ضحكة صاخبة).
كلمة الختام ؟
أفكر بالهند وبتونس طوال الوقت. مقارنة ما يجري هنا بما يحدث هناك أستلهم منه الكثير شخصيا. وباعتبار أن الهند بصورة عامة تخضع إلى حكم مُطلق، أحلم دائما بثورة مثل التي حدثت في تونس سنة 2011. هناك عديد أوجه الشبه بين البلدين. كما أتمنى أن تتوطد العلاقات بين تونس والهند ويُبنى حوار مثمر ثقافيا واجتماعيا ين الناس في كلا البلدين.
تصفح أيضا
ثقافيا
قريبا وفي تجربة مسرحية جديدة: “الجولة الاخيرة”في دار الثقافة “بشير خريّف”
نشرت
قبل 15 ساعةفي
21 نوفمبر 2024من قبل
منصف كريمي Monsef Krimiمن منصف كريمي
تعرض مساء يوم 23 نوفمبر مسرحية “الجولة الأخيرة” في دار الثقافة بشير خريف بتونس العاصمة، لتكون بداية رحلة مسرحية استثنائية تنبض بالحياة… حيث يعدّ هذا العرض من أبرز الأعمال الفنية لهذا الموسم لأنه عمل فني يأخذنا إلى عالم من الأحاسيس العميقة والعواطف المتناقضة، في تجربة لا مثيل لها على خشبة المسرح… اذ أنها تجربة تُبهر الحواس وتغني للروح.
كتب نص هذا المنتج الفني الكاتب الذي يعيد رسم الملامح الإنسانية، الاعلامي عبد الحفيظ حساينية… صاحب هذا النص المبدع، يعدّ حجر الزاوية في هذا العمل المسرحي الفريد بحبكة درامية محكمة، يُقدّم لنا خلالها قصة “الزيتوني” الرجل الذي يعاني اغترابًا داخليًا في وطنه ويواجه حياة مليئة بالآمال المتناثرة… وقد عمد المؤلّف الى حبك الصراع النفسي لشخصيته بأسلوب غارق في التفاصيل الإنسانية مما يجعل من هذا النص مرآة تعكس واقع كل فرد منا في لحظات العزلة…
اما مخرج العمل حاتم الحشيشة فقد حوّل المسرح من خلال هذا المنتج الفني إلى سحر مرئي، والنص إلى عرض بصري مذهل… لان المخرج معروف بقدرته على استخدام الإضاءة و الموسيقى والرقص في تكامل فني يعزز مشاعر التوتر والراحة في ذات الوقت، ذلك ان كل حركة و كل شعاع ضوء وكل نغمة موسيقية تحمل رسالة تُعمّق من التفاعل بين المسرح والمشاهد فتغمره في عالم يختلط فيه الخيال بالواقع.
ومن جهته تميّز الممثّل منير العلوي في دور “الزيتوني” بآدائه الذي يجسد قسوة الحياة وتناقضاتها… وهو أداء مسرحي يستحق التقدير اذ نجح في تجسيد تداخل مشاعر الألم والأمل والحزن والفرح، ليخلق شخصية حية تشبه كل واحد منا حيث يتنقل بين أبعاد الشخصيات وكأنها ألوان على لوحة فنية، من الحزن العميق إلى لحظات من الضوء، لتكون النتيجة عرضا يعكس معاناة الإنسان في أكثر تجلياتها صدقًا.
أنتجت هذا العمل الفنانة حنان عبيد وقد عرف عنها انها تمنح المسرح روحا جديدة ذلك اننا نجدها في قلب هذا العرض المنتجة التي تمتلك رؤية فنية واضحة اذ جعلت من هذا العمل حقيقة فنية تنبض بالحياة وحرصت على دعمها غير المحدود لهذا المشروع لتؤكّد من خلال ذلك أن الفن ليس مجرد تسلية بل وسيلة لتحقيق التأثير الاجتماعي والجمالي في وقت واحد، ولذلك كانت مساهمتها حجر الزاوية لتحقيق هذا العرض المسرحي الذي لا توقفه حدود إبداعية.
وعموما سيكون لأحبّاء الفن الرابع بمشاهدة هذا العرض موعد خاص مع مزيج من الأداء المدهش والإخراج المتقن والإبداع في النص ليعيشوا تجربة مسرحية لا تُنسى تأخذهم في رحلة عاطفية تتنقل بين ألوان الحياة المتعددة.
ثقافيا
زغوان… الأيام الثقافية الطلابية
نشرت
قبل يوم واحدفي
20 نوفمبر 2024من قبل
منصف كريمي Monsef Krimiمن منصف كريمي
افتتحت مساء اليوم 20 نوفمبر فعاليات الدورة السادسة لـ”الآيام الثقافية الطلابية” التي تنظّمها ادارة المركّب الثقافي بادارة الاستاذ بلال بوهريرة بالشراكة مع المؤسسات الجامعية بالجهة وبدعم واشراف من المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية حول تتواصل على مدار 3 آيام والى حدود يوم 23 نوفمبر.
تضمن اليوم الافتتاحي تقديم محاضرة بعنوان” Les techniques de communication de base pour une meilleure insertion professionnelle des jeunes diplômés” من قبل الأستاذ بشير شيكربان وذلك بفضاء المركّب الثقافي، ثم قدّم بفضاء المطعم الجامعي بالمقرن عرض فني لفرقة البحث الموسيقي بقيادة نبراس شمام.
يوم 21 نوفمبر تنتظم جولة في المدينة العتيقة بزغوان ثم زيارة لمعرض أبواب المدينة بالمركب الثقافي بزغوان فورشة في التصوير الفوتوغرافي بإشراف الأستاذ عزيز مرجان.
اما يوم 22 نوفمبر فتقدّم بفضاء المركّب الثقافي المدربة أميرة الجبالي محاضرة للطلبة بعنوان “اختيار التدرّب ومنهجية تقريره” (Choix du stage et méthodologie de rédaction) ثم تنتظم أمسية موسيقية يؤثثها الفنان سيف الدين غلاب تليها ورشة في اللعب الدرامية بإشراف الأستاذة سارة بوزيان.
وتختتم هذه التظاهرة الثقافية التي تستهدف الفئة الطلابية تفعيلا للشراكة بين وزارتي الشؤون الثقافية والتعليم العالي يوم 23 نوفمبر بعرض مجموعة من الومضات التحسيسية للطلبة حول السلامة المرورية ثم تنتظم ورشة في المسرح لفائدة الطلبة من تأطير الاستاذ أحمد بالشيخ.
منصف كريمي*
على هامش الجلسة العامة المشتركة لمجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم المنعقدة يوم 17 نوفمبر الجاري لمناقشة ميزانية مهمة الثقافة لسنة 2025 وبحضور وزيرة الشؤون الثقافية الأستاذة أمينة الصرارفي وعدد من اطارات هذه الوزارة، طرح عديد النواب المتدخلين وضعية السينما التونسية والتي تحتاج اليوم الى اعادة هيكلة على المستوى الاداري بما يوفّر امكانيات جديدة لمزيد اشعاعها العالمي.
ومن هنا بات من الأكيد طرح هذا الملف في اطار تشخيص واقع هذا الفن في تونس وايجاد حلول بديلة لما يمكن، خصوصا اننا نقرّ ان بلادنا تتميّز بوجود حراك ثقافي مهمّ على مستوى الانشطة والتظاهرات الثقافية ذات الصلة بالفن السابع اذ توجد قرابة الـ100 تظاهرة تهتم بالسينما ومن خلال منتوج سينمائي متنوع في مختلف جهات البلاد لتؤثث مشهدا سينمائيا ثريّا يمثّلا محملا ابداعيا جماليا يسوّق للمخزون الاثري ببلادنا ولثرائها الطبيعي والايكولوجي ولتاريخها الحافل بالاحداث البطولية ذات الصلة بتأصل أمجاد هذه البلاد وعراقتها كما يساهم في التنمية الثقافية على مستوى الانتاج والتوزيع والتشغيل ودعم الاهداف العامة للسياسة الثقافية.
ورغم هذا الثراء في المشهد السينمائي من حيث تنوّع هذه التظاهرات والمهرجانات ذات الصلة الا ان مختلف هذه المنجزات تعاني من نقص في الهيكلة والتنظيم وتنسيق برمجتها والتناغم بينها، ممّا يسبّب تداخلا في عمل الهيئات والمؤسسات المنظمة والمشرفة على هذه التظاهرات، كما ان أغلب التظاهرات السينمائية خاصة بالجهات الداخلية تعاني من ضعف وأحيانا من انعدام الموارد المالية وفي غالب الأحيان من مشاكل على مستوى حوكمة الموارد المتاحة، وهو ما تسبب في ضعف على مستوى الأداء والظهور كفاعلية جاذبة للجمهور أو كلقاءات تدعم تكوين الشباب.
ذلك ان تنوع المتداخلين في برمجة وتنفيذ هذه التظاهرات السينمائية بين وزارة الشؤون الثقافية ومندوبياتها الجهوية ومؤسسات العمل الثقافي على مستوى وزارات الشؤون الثقافية والتربية والتعليم العالي والجامعات والمنظمات المختصة في السينما والجمعيات الثقافية وتمثيليات المنتجين والموزعين وغيرها، أدّى إلى تنامي ظاهرة عدم التنسيق وأحيانا انعدامه .
وتبعا لما سبق وبهدف تغيير الصورة النمطية للتظاهرات على انها مجرد احتفالية تعرض أفلاما وتناقشها وعملا بمبدإ دعم الحوكمة في التصرف في الموارد المتاحة وطنيا وجهويا، وسعيا نحو إدماج وابراز مختلف هذه التظاهرات والمهرجانات في السياسات الثقافية الوطنية، من المهم المبادرة باحداث شبّاك موحّد لمختلف خدمات الانتاج السينمائي واحداث نظام رقمي موحّد يتضمن قاعدة بيانات خاصة بقاعات السينما في تونس والانتاجات السينمائية الوطنية، وبعث خارطة وطنية للتظاهرات السينمائية في تونس تكون بمثابة المسلك السينمائي السياحي الثقافي بما يمكّن السائح والزائر الى تونس من متابعة مشهد ثقافي سينمائي متناسق في تواريخه ونوعية العرض او البرمجة وبتواتر زمني وخارطة واضحة لازمنة وامكنة هذه التظاهرات، عبر اعداد دليل وطني سنوي لها يكون على ذمّة محبي ومواكبي انشطة الفن السابع بكامل جهات بلادنا، مع التحيين الدوري المسبق لدليل هذه الخارطة عند كل مستجدّ طارئ وبما يهدف للتعريف بالسينما التونسية وإسناد حضورها، وتجاوز الصورة النمطية لدور هياكل الدولة كمجرد ممول لهذه التظاهرات إلى شريك فاعل في البرامج ذات الصلة مما يدعم توزيعا جغرافيا ونوعيا واضحا لهذه التظاهرات وحسن مرافقتها وتثمينها وتطويرها وهيكلتها وتحديد زمن تنظيم هذه التظاهرات وامكنتها والفئات المستهدفة وتطوير رؤيتها وتجاوز العقبات اللوجستية ومزيد حوكمة التصرف في موارد الفعاليات المستهدفة وتجاوز تشتت المجهودات وعدم انتظام البرمجة وانعدام التنسيق بين مختلف المتدخلين في القطاع.
ولتحقيق هذه الاهداف من الضروري وضع خطة عمل للخارطة الوطنية للتظاهرات السينمائية وذلك من خلال العمل على تحديد خارطة الفعاليات والتظاهرات بجردها وضبطها وتحديدها بالتنسيق مع المندوبيات الجهوية للشؤون الثقافية والجامعات والجمعيات والهيئات المنظمة لها، ثم إنجاز لقاءات جهوية مع منظمي التظاهرات وتحديد الاحتياجات وتقديم البرامج من خلال حلقات نقاش حول أهداف الاحتفاليات السينمائية ومستقبلها وتعزيز التقارب بين الفعاليات ذات النقاط المشتركة، تختتم بلقاء وطني يفضي إلى إنجاز خارطة وطنية زمنية وجغرافية للفعاليات والتظاهرات السينمائية تراعي عدم التداخل أو التضارب فيما بينها، وتضمن حسن تنسيق الجهود مع تكوين تنسيقية للفعاليات والتظاهرات السينمائية على المستوى المركزي وجهويا ايضا على مستوى نقاط اتصال وتنسيق بالمندوبيات الجهوية للشؤون الثقافية بالجهات.
وان نجاح هذه الخارطة من شأنه ان يعزز حوكمة التصرف في المنح المالية والموارد المتاحة لفائدة منظمي هذه التظاهرات السينمائية ومتابعتها كما يبرز ويثمّن دور الدولة في رعاية الفعاليات السينمائية وتعددها وتنوعها وانتشارها ومساعدة منظمي المهرجانات على التنسيق في ما بينهم وحوكمة التصرف في الموارد المتاحة الى جانب تفعيل دور العمل السينمائي كرافد للتنمية والتشغيل خاصة بالجهات الداخلية، الى جانب الاهتمام بالنواحي التربوية والإعلامية والاجتماعية والثقافية المصاحبة لكل تظاهرة والعمل على تنميتها والمحافظة عليها من خلال فعاليات وأنشطة وبرامج منظمة و مشاريع بيئية، الى جانب تعزيز مشاركة المرأة والشباب في الوسط الريفي مع منظمات المجتمع المدني.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاهية مدير المؤسسات والتظاهرات الثقافية بالمندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بجندوبة
صن نار
- ثقافياقبل 15 ساعة
قريبا وفي تجربة مسرحية جديدة: “الجولة الاخيرة”في دار الثقافة “بشير خريّف”
- جور نارقبل 15 ساعة
ورقات يتيم … الورقة 89
- ثقافياقبل يوم واحد
زغوان… الأيام الثقافية الطلابية
- جلـ ... منارقبل يومين
الصوت المضيء
- جور نارقبل 3 أيام
ورقات يتيم ..الورقة 88
- ثقافياقبل 3 أيام
نحو آفاق جديدة للسينما التونسية
- صن نارقبل 4 أيام
الولايات المتحدة… إطلاق نار في “نيو أوليانز” وقتلى وإصابات
- صن نارقبل 4 أيام
في المفاوضات الأخيرة… هل يتخلى “حزب الله” عن جنوب لبنان؟