دراما نار

باجة … ينبوع فن و مندرة ابداع (2)

نشرت

في

الفنان الراحل كمال الدين الغانمي

نواصل الرحلة مع فرقة الحبيب الحداد للمسرح والتي قلنا انه ترأسها الأستاذ الفاضل رفيق الحاج قاسم عند تأسيسها في بداية سبعينات القرن الماضي كما تقلد عديد المناصب السياسية الهامة الى ما قبل الثورة وسجن بعد ان اتهموه بعديد القضايا ونكلوا به و فعلوا به ما يفعله العدو بعدوه ونعتوه بابشع النعوت وارذل الصفات وهو الذي تربت على يده اجيال من بناة الدولة الوطنية الحديثة وفي النهاية بانت الحقيقة وبرأه القضاء.

<strong>رضا العوادي<strong>

المهم نعود لفرقة الحبيب الحداد فبعد سي رفيق تداول على رئاستها الاستاذ المحامي مصطفى الغربي و بعده الطيب الغربي ثم الشاعر المسرحي ابن الجمعية خميس العجرودي و الاستاذ عبد العزيز الباجي عكاز ..كل هؤلاء ساهموا بعرقهم ومالهم وجهدهم في اشعاع الفرقة محليا ووطنيا وعربيا…و المتتبع للحركة المسرحية ببلادنا يعرف جيدا مكانة الفرقة بالمسرح الهاوي ويشهد لها بابداعاتها واختياراتها الفنية لطرح نصوص مسرحية متفردة وغير مألوفة مستمدة من التراث، ومعبرة عن الواقع المعيش بجمالية تبهر العين والعقل معا…

كل أو جل اعمال ومسرحيات الحبيب الحداد كانت من رسم وتزويق واخراج واختيار المسرحي ابراهيم مستورة الذي جاء يدرس المسرح بباجة فذاب في حبها بعد ان التفت حوله عناصر شبابية تلمذية انذاك…فأنجز واخرج مسرحية “جن غلبوه” ..تلتها اعمال كثيرة كـ “باب الحمار والثور”، و “جزيرة النحاس” و “احذر الفرس في خطر” و “مقامة لم يكتبها البديع” و “عنترة لا يموت مرتين” … هي اعمال سجلت بماء الذهب في كتاب تاريخ المسرح التونسي تألقت من خلالها عناصر الفرقة من تقنيين ومؤلفين وممثلين مهووسين بالمسرح يجمعهم عشق الخشبة وان اختلفت مشاربهم…

كان لكل من هؤلاء اسلوبه الخاص في الأداء والتميز والعطاء…من أحمد الكشباطي، إلى خميس العجرودي، إلى رضا محسوس، إلى المرحوم كمال الغانمي الذي عرفه الجمهور من خلال مشاركته في عديد الاعمال الدرامية…مثل …حسابات وعقابات…قمرة سيدي محروس….ضفائر…شوفلي حل …منامة عروسية وغيرها… وكذلك الراحل احمد العربي السوري..الذي اقتسم دور البطولة الى جانب نجم الكوميديا الامين النهدي في شريط “فردة ولقات اختها”للمخرج علي منصور… والمرحوم حاتم الغانمي الذي ترأس الجامعة التونسية لمسرح الهواة سنوات طويلة….وتوفيق البكوش…وخيرالدين الطعملي و محمد علي الورهاني الذي توفى بعد آخر عمل (شهرام) وكذلك الهادي الجبري ورضا العوادي صاحب هذا المقال وهو الذي عاش كالفراشة من فرقة لأخرى …

طيلة حياتي التي تمر امامي الآن كالبرق امقت المكوث في مكان واحد ..لا تغريني الشهرة ..ولا الأموال …ولا تجذبني المآدب الباذخة…عشقت المسرح كما عشقت صاحبة الجلالة…ومازلت افرح كطفل بنص مسرحي وقصيدة شعر…وكم اسعد بمشاركتي في عمل مسرحي او درامي فأخلص له كل الأخلاص ولست كالذين لا يقرؤون بصدق ولا يضحكون بصدق..ولا ينزفون بصدق..ولا يعانقون بصدق…ولا يقبلون بصدق…انهم يتذمرون كل الوقت..بسبب امراضهم وحقدهم على كل من يعمل في صمت…

وحتى لا انسى واخرج في التسلل مثل لاعبي الكرة … أذكر صديقي المسرحي حمة البلطي، “ديك” كما يحلوا لابناء اللقالق مناداته … هذه الكنية التصقت به بعد ان قدمنا معا مسرحية (الديك) اخراج محيي الدين السياري سنة 73 وقد تقمص حمة انذاك دور الديك و لعبت انا دور الديك الرومي… ديك يعرفه المسرحيون الهواة والمحترفون من الشمال للجنوب…من خلال ما قدمه على امتداد نصف قرن اضافة الى انه الممثل الوحيد تونسيا و عربيا المتحصل على مايربو عن عشر جوائز كافضل ممثل بالمهرجانات والتظاهرات المسرحية، بدءا باسبوع المسرح والذي تحول الى ايام قرطاج المسرحية..الى مهرجان قربة…وعديد المهرجانات… و هذا و غيره كان انطلاقا من الوهج الفني لتلك المدينة ….

أليس من حقي ان اقول باجة منارة الفنون ومطمورة الابداع…

ـ يتبع ـ

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version