قال رئيس ومنسق الهيئة الوطنية الاستشارية لإعداد الدستور الجديد العميد الصادق بالعيد في حوار لقناة”أورونيوز” إنّ ميزة الدستور الجديد هي التركيز على مسائل جديدة، لم يتم التطرق إليها في الدساتير السابقة وكانت مهمّشة وهي الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية وبشكل خاص الرقمنة والشباب.
وأوضح أنّ الوضع الحالي في البلاد وخاصة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية للبلاد حتمت تغيير الدستور، مضيفا “الهدف من اتخاذ مثل هذه الخطوة في هذه الفترة هو الخروج من جميع الأزمات التي نعيشها.. إن مقاربتنا براغماتية تقوم على تشخيص الأزمة و إيجاد الحلول”.
وفي سؤاله عن الفصول التي كانت تمثل إشكالا والتي عطلت العمل بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، أجاب أنّ نص الدستور القديم لم يسمح بالتعاون والتفاعل بين السلطة وكان العطل منذ الدساتير القديمة وكثرة الأحزاب إضافة إلى النص الفاسد داخل الدستور، هي التي خلقت هذه العلّة، وفق تعبيره.
نعمل على تجنب سوء الفهم والتأويل لفصول الدستور الجديدة
كما أشار العميد بالعيد إلى أنّ ما طُلب منه هو تقديم كتيّب (الدستور) وليس تقديم ضمانات قانونية ودستورية تحول دون حصول تزوير في الاستفتاء، وتابع “مهمتي هي تحضير مسودة الدستور وما سيجري في ما بعد لا يمكن أن يحكم عليه الحقوقيون. هذا الأمر سياسي”.
واستدرك “إن مسألة التزوير موجودة في كل البلدان، حتى تلك المتقدمة. هناك لجان دولية أشرفت على انتخابات سابقة في تونس، مثل “لجنة البندقية”، التي أقرت بسلامة الانتخابات السابقة وأشرفت عليها و لكن اكتشفنا أنها مزورة ووقعت فيها خروقات عدة”.
وشدّد بالعيد على أنّه يتمّ العمل على تجنب سوء الفهم والتأويل لفصول الدستور الجديدة، وذلك في إشارة إلى تصريحه السابق بخصوص أنّ الرئيس سيكون موظفا لدى الدولة وأنه لن يكون هناك كلمة سلطة تنفيذية أو سلطة تشريعية، مبيّنا أنّ “المقصود بمصطلح سلطة يحيلنا على كلمة سلطان أو دكتاتور في حين أن الرئيس مكلف بمهمة. أما بالنسبة للبرلمان فهو ليس سلطة وإنما يستمد وجوده من تكليف الشعب له، الذي يبقى هو صاحب السلطة الأصلي” وفق تعبيره.
لم أتلق تعليمات من سعيد حول حذف المرجعية الدينية من الدستور
كما تطرّق رئيس ومنسق الهيئة الوطنية الاستشارية لإعداد الدستور الجديد إلى الفصل المتعلّق بـ”الإسلام دين الدولة” وإمكانية الاستغناء عن هذه النقطة، معتبرا أنّ ذكر الدين في الفصل الأول من الدستور ليست مسألة مصيرية من حيث تنظيم السلطة في البلاد وهذا الفصل له تبريرات، وجاء لفض الجدال في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة بين التقدميين والمحافظين، مضيفا “المسألة الدينية موجودة في توطئة دستور 59 و في التحوير العميق لدستور 76 وفي دستور 2014 والذي فيه تأكيد على إسلامية الشعب التونسي والواجبات الإسلامية تهم علاقة الفرد بالاله وليست تطبيقا للفصل الأول من الدستور فلا اختلاف على أن التونسيين مسلمون”.
ونفى الصادق بالعيد تلقيه تعليمات من الرئيس قيس سعيد حول حذف المرجعية الدينية من الدستور، نافيا أن يكون الدستور الجديد مفصلا على مقاس الرئيس.
وقال “أؤكد لكم من جانبي أنني لم أتلقّ تعليمات من رئيس الجمهورية، بل تركني أنا وضميري وسأبقى على هذا الدرب حتى نهاية هذه المهمة”.
سنستعين بالفصول المتعلقة بالحقوق والحريات في دستور 2014
وكشف بالعيد أنّه سيتم الاستئناس بالعديد من المبادئ الموجودة في الدساتير السابقة وإدراجها في الدستور الجديد وسيتم اختيار أفضل المبادئ في هذه الدساتير، كما ستتم الاستعانة بالفصول المتعلقة بالحقوق والحريات في دستور 2014، والتنصيص على القسم الأكبر منها في الدستور الجديد.
وشدّد على أهمية إدراج فصل خاص بإحداث المجلس الاستشاري الاقتصادي والثقافي والاجتماعي والبيئي “لأنه يلعب دورا هاما جدا، فهو يتقبل طلبات الشعب في نفس الوقت يبتكر الحلول الملائمة ويقدمها للبرلمان، يصوغها في شكل قوانين”.
وفي سياق متّصل، وحول طبيعة نظام الحكم في الدستور الجديد، قال الصادق بالعيد إنّ المطلوب هو نظام متوازن ومستقر وقادر على تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية وليس مهما تسمية النظام ان كان برلمانيا أو رئاسيا المهم التقدم بالبلاد في ظل توازن وتنسيق بين جميع الاطراف.