بعد عودة القروي إلى السجن: هل يريد ساكن قرطاج تفجير كتلة قلب تونس؟؟
… و هل تعيش البلاد حرب استنزاف سياسية بين القصور؟؟
نشرت
قبل 4 سنوات
في
الآن و قد عاد نبيل القروي إلى السجن لفترة قد تكون وجيزة، بحجة إساءة تفعيل أحد فصول المجلة الجزائية، أو لفترة قد تطول إلى أجل غير مسمى لأسباب لا يعلمها الجميع، فما الذي سيحدث في المشهد السياسي؟؟ و هل يمكن فعلا اعتبار عودة القروي إلى السجن بمثابة الزلزال السياسي الذي قد يخلط كل الأوراق و ربما يعيدنا إلى مربّع لم نكن نريد العودة إليه؟؟ لن نبحث في حيثيات التهمة الموجّهة لنبيل القروي فالأمر من اختصاص القضاء لكن سنبحث عن تبعات هذا الإيقاف على مشهد سياسي يعيش على أرض رخوة منذ انتخابات 2019…
أين ساكن قرطاج مما وقع؟
يشتمُّ بعضهم رائحة ساكن قرطاج في ما وقع للقروي لكن هل يمكن فعلا لساكن قرطاج أن يتدخّل في إجراء قضائي كالذي حدث لغريمه؟ و ما فائدة ذلك إن تمّ فعلا؟؟ جميعنا يعلم أن ساكن قرطاج خسر معركة القصبة بعد أن افتكت منه النهضة و من معها من اختاره للجلوس على كرسي القصبة، فساكن قرطاج خرج على الجميع نافخا صدره متباهيا باختياره لرجل اعتبره إلى حدود بعض السويعات قبل الإعلان عن تشكيلة حكومته الرجل الأمين و الوفي، ثم حين عرف أن من اختاره اختار الابتعاد عن ظلّه ليستظل بظلّ الأحزاب أعلن عليه و على الأحزاب حربا قد تطول رحاها إلى آخر هذه العهدة السياسية، إن لم يقع فضّ الاشتباك بحلّ المجلس…فما الذي جعل البعض إذن يشتَمُّ رائحة قرطاج في ما جرى للقروي؟؟ أخطاء ساكن القصر و عدم قراءته لأبسط جزئيات نشاطه و تبعاتها هي من أوقعت به في دائرة الشكّ عند بعض الملاحظين و المتابعين للشأن السياسي بالبلاد، فمجرّد لقاء محمد عبو أحد أكثر الرافضين لنبيل القروي و حزبه وأحد أكبر الرافعين للواء مقاومة الفساد ساعات قبل إصدار بطاقة الإيداع للقروي يعتبر خطأ اتصاليا غير مدروس و غير محمود العواقب، في شكله و في محتواه، لكن يمكن أن يعتبره البعض أيضا دليلا على أن ساكن قرطاج لا يعلم بما سيقع للقروي، فلو كان على بينة مما سيقع للقروي لأجَلَ لقاء عبو إلى موعد لاحق تجنبا للشبهات… فما حقيقة لقاء عبو بساكن قرطاج يا ترى…هل ذهب لمدّ الرئيس ببعض ملفات فساد لضرب بعض خصومه أو بعض من كانوا سببا في خروجه المذلّ من حكومة الفخفاخ أم ذهب فقط لغاية لا نعلمها و لهدف لا يعلمه غير ساكن قرطاج؟ فالرجل لم يعد له أي دور في الحياة السياسية و أعلن انسحابه منها فهل أصبح اليوم يلعب دور الوسيط في بعض القضايا؟؟ أم أصبح مُخْبرا عالي المقام برتبة وزير “مطرود”؟؟… و ما حقيقة بعض الأخبار التي تقول إن ساكن قرطاج قد يكون التقى بعض الأطراف الأخرى التي لها علاقة مباشرة بملف نبيل القروي و إنه على علم بما سيقع له ؟؟
و يشتَمُّ البعض الآخر رائحة ساكن قرطاج في ما وقع لرئيس قلب تونس بسبب موقفه من مبادرة الاتحاد أيضا، و قد سبق أن عبر سعيد عن رفضه الجلوس حول طاولة الحوار مع من أسماهم بــ”الفاسدين” و جميعنا يعلم أنه يقصد قلب تونس و رئيسه بما قاله، فهل وصل الأمر بساكن قرطاج إلى البحث عن طريقة يُبعد بها حجر العثرة أمام تبنيه لمبادرة الاتحاد؟؟ هذا ما عبّر عنه بعض الفاعلين في المشهد السياسي مباشرة بعد إيقاف نبيل القروي، خاصة أن الجميع على علم بأن التيار الديمقراطي و حركة الشعب يؤيدان مبادرة الاتحاد على أن يكون ساكن قرطاج راعيا لها و حاضنها الأول. و قد يكون عرض الاتحاد لمبادرته على ساكن باردو و استجداؤه العلني لرئيس المجلس لتبنيها و إعلان المجلس حاضنا لها سببا في غضب ساكن قرطاج و إرباكه. فإشراف مجلس النواب على الحوار الوطني، سيخرج ساكن قرطاج نهائيا من المشهد، و سيفقده زمام المبادرة نهائيا، وفرصة العودة إلى صدارة القرار السياسي في البلاد… هذا ما دار في خلد بعض الفاعلين الكبار في مشهد سياسي متأزم و قابل في كل لحظة للانفجار، فهم يعلمون بأن ساكن قرطاج لن يهدأ قبل استعادة ما افتكّ منه، فوضع يده على القصبة سيكون هدفه الأكبر خلال قادم الأشهر، و قد يعمل أيضا على عدم استئثار ساكن باردو بأية مبادرة للخروج من الأزمة دون أن يكون هو راعيها و حاضنها الأول و الأكبر لكن بشروطه …خلاصة ما قد يضمره ساكن قرطاج ” لن تخرجوا من الأزمة دون رعايتي و دون اشرافي على ما تفعلون و بشروطي”…إذن لا أمل في مبادرة لا يكون ساكن قرطاج حاضنا و مشرفا عليها بشروطه، و قد يعمل على وأد كل المبادرات التي قد تضمن لهذه الحكومة و التحالف الداعم لها البقاء طويلا على كراسيهم. و قد يكون ما وقع للقروي إحدى آليات إرباك جسد خصوم ساكن قرطاج السياسي و قد يكون ما وقع للقروي صاروخا أطلقته منصات ساكن قرطاج بهدف خلط الأوراق من جديد و إعادة الإبن الضال إلى حضن والده…و إلغاء كل احتمال لتبني رئيس مجلس باردو مبادرة الحوار الوطني التي حوّل وجهتها الطبوبي من قصر قرطاج إلى باردو بعد أن شعر بلامبالاة ساكن القصر الأكبر…
هل يقع خلط الأوراق من جديد في قادم الأيام؟؟
لسائل أن يسأل هل أن مجرّد إيقاف نبيل القروي سيلغي حجم حزبه السياسي في المشهد؟؟ و هل سيتسبب في انفجار الحزام السياسي لرئيس الحكومة ؟؟ و هل يكون هذا هو الهدف الأكبر وراء إيقاف نبيل القروي؟؟ كما أن البعض يتساءل هل أن المشيشي على علم بما وقع قبل وقوعه، خاصة أن تبعات ما وقع قد تذهب بحكومة المشيشي و تعيد خلط الأوراق من جديد، فالكتلة النيابية خرجت لتُطَمئن المشيشي على أنها ستواصل دعمها و وقوفها خلف حكومته دون أن نستمع لموقف واحد من هذا الأخير حول ما وقع…و دون أن تنتظر موقفا داعما لرئيسها من ساكن القصبة و كأني بالمشيشي لا يبالي بسقوط حزامه السياسي أو تفجيره.
يؤكّد تمسك كتلة قلب تونس بمواصلة دعم حكومة المشيشي إدراك نوابها لخطورة ما جرى عليها، و على تماسكها و على حزب قلب تونس عموما … فهم يعلمون أن جرحى حكومة الفخفاخ تأبطوا شرا بحكومة المشيشي و حزامها السياسي، و يعلمون جيدا أن الحرب ستكون على أشدّها بين من كانوا يمثلون نواة حكومة الفخفاخ (التيار الديمقراطي و حركة الشعب) و حكومة المشيشي بحزامها السياسي و البرلماني الحالي، فهؤلاء يعلمون جيدا أن قلب تونس هو من كان سببا وراء كل ما جرى لحكومة الفخفاخ، لذلك خيّروا التريّث في التعامل مع ما وقع و انتظار تطورات القضية في الأيام القادمة.
فنواب كتلة قلب تونس يعلمون أن الكتلة الديمقراطية لن تنضمّ أبدا للحزام السياسي لحكومة المشيشي و لن تنجح في ذلك قبل إبعاد قلب تونس من الحزام، و كتلة الدستوري الحر لن تغامر بذلك أيضا حتى و إن خرجت النهضة من الحزام، و أن حكومة المشيشي قد تسقط في أول امتحان لها دون دعم نواب كتلة قلب تونس، و قد يكون هذا ما يبحث عنه خصومها من “جرحى” حكومة الفخفاخ و ساكن قرطاج في صورة عدم تمكنهم من إعادة المشيشي إلى حضن ساكن قرطاج، كما يدركون خطورة التخلي عن دعم هذه الحكومة على مستقبل الحزب و مستقبل نواب الكتلة في قادم الأشهر…خلاصة موقف كتلة قلب تونس سحب للبساط من تحت أقدام الراغبين في تفجيرها لغاية خلط الأوراق من جديد لصالح بعض الأطراف الأخرى، و قد يكون ساكن قرطاج أحد أهمّ أطرافها، و قد يكون محمّد عبّو أحد أهم مهندسي هذا الخلط المرتقب في صورة النجاح في إبعاد كتلة قلب تونس عن التواجد ضمن الحزام السياسي لحكومة المشيشي.
نواب كتلة قلب تونس و أطماع البعض؟؟
أسعدت بطاقة إيداع نبيل القروي بعض الساكنين تحت قبّة مجلس باردو و خارجه و أغضبت البعض الآخر، فبعض الأطراف خارج المجلس و بعض النواب المستقلين أو من الذين استقلوا عن أحزابهم بعد فوزهم بمقاعد تحت قبة باردو يبحثون عن بعث ثقل سياسي تحت قبّة باردو من خلال مضاعفة حجم كتلهم، و يأملون دعمها خلال قادم الأيام ببعض نواب كتلة قلب تونس لذلك هم يعملون جدّيا على تفجير هذه الأخيرة ليستأثروا بنصيب الأسد من نوابها، و ليكونوا جزءا من الحزام الداعم لحكومة المشيشي عوضا عنها و جزءا من سلطة القرار في البلاد، فالجميع يبحث عن تواجد هام بهذا الحزام لضمان العديد من المكاسب على مستوى التعيينات في مفاصل الدولة و ضمان وصول آمن للموعد الانتخابي القادم.
النهضة و الخوف على موقعها في الحكم و مصير رئيسها…
لسائل أن يسأل ما دخل النهضة في ما يجري، و هل لغياب كتلة قلب تونس لو اختلطت الأوراق و انفجرت الكتلة، التأثير الكبير على حركة النهضة و حجمها بالبرلمان؟؟ نعم سيكون التأثير كبيرا و سيكون خطيرا على كرسي رئاسة المجلس…فالنهضة لن تستفيد أبدا من انفجار كتلة قلب تونس، و لن تتمكن من الحفاظ على كرسي رئاسة المجلس دون دعم الحزام الحالي لحكومة المشيشي، فانقلاب المشهد البرلماني و خسارة الأغلبية الداعمة للمشيشي و لرئيس المجلس سيقلب المشهد رأسا على عقب و قد يعود الحديث عن حلّ المجلس إلى صدارة عناوين الصحف و أخبار القنوات و نقاشات منابر الحوارات… لذلك لن تغامر كتلة النهضة أبدا بالخروج عن دائرة الحكم و لن تنسحب من الحزام البرلماني و السياسي لرئيس الحكومة فهذا الحزام هو أيضا حزام الأمان لموقع رئيسها في رئاسة المجلس؟ و قد يسعى المشيشي في قادم الأيام إلى ضمان دعمها من خلال تحقيق بعض مطالبها و تعيين مرشحيها على رأس بعض مفاصل الدولة جهويا و محليا، و ربما ضمن تشكيلته الحكومية المنتظر تحويرها في قادم الأسابيع بغاية الحفاظ على كرسي القصبة و قطع الطريق نهائيا أمام أطماع ساكن قرطاج في إعادته إلى حضنه. خلاصة القول لن تقبل النهضة بانفجار كتلة قلب تونس دون ضمانات بالإبقاء على شيخها جالسا على كرسي رئاسة المجلس كلفها ذلك ما كلّفها، لأن في ذلك خسارتها لمكانتها و موقعها في الحكم، و خسارتها لرمزية شيخها في رئاسة المجلس و إسقاطات ذلك على قادم المحطّات الانتخابية… فالواضح أن ما وقع و يقع لا يخرج عن نطاق الحرب الدائرة بين القصرين، و جرحى حكومة الفخفاخ يبحثون عن أمر يُرغم المشيشي و يدفعه إلى العودة إلى حضن ساكن قرطاج من خلال تفجير كتلة قلب تونس، و إرغام النهضة و بقية الحزام الداعم للمشيشي دون قلب تونس و دون ائتلاف الكرامة على التعامل من جديد مع التيار و حركة الشعب و محاولة إيجاد أرضية توافق جديدة بدعم و مساندة من ساكن ساحة محمد علي و ذلك من خلال تبني مبادرته للحوار الوطني…و تعيينه في موقع متقدّم مع المشرفين عليها…
خلاصة ما يجري…
من الواضح اليوم أن ساكن قرطاج بدأ في تحريك منصات صواريخه نحو خصومه…و من الواضح أن كتلة قلب تونس تفطنت لما يخطّط له هذا الأخير صحبة جرحى حكومة الفخفاخ فخيّرت التعامل بلامبالاة مع ما وقع لرئيس حزبها في انتظار ما قد تشهده الساحة السياسية في قادم الأسابيع. و الأكيد أن ساكن قرطاج لم يقرأ حسابا للعداء الكبير الذي أصبح عنوان العلاقة بين من خيروا البقاء في حضنه (التيار و حركة الشعب) و بقية الأحزاب الممثلة تحت قبة باردو فمحمد عبو و من معه أعلنوا الحرب على كل من صوتوا لحكومة المشيشي و أغرقوا المشهد الإعلامي بالأخبار المفبركة و الإشاعات التي لا أساس لها من الصحة و لم يتركوا بابا واحدا مفتوحا للمصالحة، كما لم يقرأ حسابا لتجربة الغنوشي خلال العهدة السياسية الماضية فالشيخ تعلّم عن ساكن قرطاج السابق كيف يناور و كيف يعبر حقل الألغام التي زرعت في طريقه، و الغنوشي يدرك أن ضربه و ضرب حركة النهضة و إرغامه على الرضوخ لما يريده ساكن قرطاج، يمرّ عبر ضرب قلب تونس و كتلته، فإضعاف الحزام السياسي الداعم لحكومة المشيشي هو الحلّ الوحيد أمام ساكن قرطاج لتحويل وجهة المشيشي من جديد و إرغامه على العودة إلى حضنه “ذليلا”…و هذا ما يفسّر موقف كتلة قلب تونس و خيارها التريّث و عدم التسرّع في أخذ موقف متهوّر و معاد لحكومة المشيشي من خلال إعلانها البقاء ضمن مكونات الحزام السياسي لهذه الحكومة و مواصلة دعمها …و قد يكون للقاء بعض نواب كتلة قلب تونس ببعض قيادات حركة النهضة بعد إعلان إصدار بطاقة الإيداع في حقّ نبيل القروي الدور الكبير في كبح جماح غضب كتلة القروي… فهل فشلت صواريخ ساكن قرطاج في الوصول إلى أهدافها المعلنة و غير المعلنة، أم أن بطاريات الصواريخ المضادة التي سلمتها النهضة لكتلة قلب تونس كانت أكثر دقّة من صواريخه…و السؤال اليوم هل يطلق ساكن قرطاج دفعة جديدة من صواريخه العابرة للقصور على أهداف أخرى في قادم الأيام، أم يترك الأمر في يد وحداته الخاصة بقيادة محمد عبو و من معه، فهؤلاء يتقنون جيدا القصف العشوائي…؟؟؟