بعد كل الفشل الذي صاحبه…هل يقلب الرئيس الطاولة على من أوهموه بأنه الفاروق عمر…وعمر مات؟!
نشرت
قبل سنتين
في
ما هذا الذي يقع في البلاد؟ هل يعلم الرئيس ما يدور حوله في البلاد؟ هل أعلموه بأن لا شيء تحقّق للعباد منذ انقلابه وانفراده بحكم البلاد؟ ألا يعلم الرئيس أنه يخسر يوميا أنصاره واتباعه؟ أيعلم أن من يوهمونه اليوم بأنه “معبود الجماهير” وأنه الفاروق والحاكم العادل الصادق يخدعونه، وسيورطونه في تبعات كارثية لسياساته الارتجالية وغير المدروسة التي لن تفيد البلاد ولا العباد، فلا أحد اليوم يمكنه ان يتكهّن أين ستأخذنا سياسات الرئيس وحكومة الرئيس ومن هم حول الرئيس؟
لماذا اختار الرئيس تحمّل أعباء تبعات أخطاء من اختارهم لتسيير مفاصل الدولة جهويا ووطنيا عوضا عنهم؟ لماذا كل هذا الصمت عن الأخطاء القاتلة والكارثية لبعض الولاة والمسؤولين من الذين اختارهم الرئيس شخصيا اعتمادا على ولائهم له وما قدموه أثناء حملته الانتخابية، ولماذا يتغلّب الولاء على الكفاءة؟ لماذا يحافظ الرئيس على نفس الخطاب منذ وصوله إلى كرسي قرطاج، خطاب التخوين ومحاربة كل من يعارض 25 جويلية وما أتى به الانقلاب؟ ماذا كسب الرئيس ممن يصفقون له صباحا مساء ويوم الأحد؟ لماذا أعلن الرئيس الحرب على كل من حكموا البلاد قبله منذ الاستقلال؟ لماذا اكتفى الرئيس منذ صعوده سدّة الحكم بخطاب واحد يسرده على مسامع الشعب ليلا نهارا ويوم الأحد؟ لماذا يكتفي الرئيس بالاستماع فقط إلى من يحوّلون وجهته نحو وجهة لا تخدم البلاد ولا العباد؟ لماذا يواصل الرئيس حربه على كل خصومه السياسيين دون العمل على مصالحة شاملة لكل مكوّنات المشهد السياسي درءا للانقسام، وبحثا عن الانسجام التام من أجل تنفيذ برنامج انقاذ وطني شامل لا يستثني أحدا؟
لماذا قبل الرئيس محاربة كل مكونات المشهد نيابة عمن صفّقوا له صباح يوم 25 جويلية، ألم يتفطّن بأنه يحارب بالوكالة عمّن هرولوا نحوه يبايعونه على البلاد عشية انقلاب 25 جويلية؟ لماذا اختار الرئيس نهج معاداة الجميع والعمل فقط مع من يوهمونه بأنه قادر على إخراج البلاد مما هي فيه وحده دون مساعدة بقية مكونات المشهد السياسي؟ لماذا يواصل الرئيس رفضه لكل انفتاح على خصومه وبقية المكونات، وهو الذي يعلم في قرارة نفسه انه سيبقي وحيدا في قادم الأشهر، وان لا أحد ممن صفقوا له طويلا حين استمالهم لصفّه بالانتقام لهم من خصمهم اللدود “النهضة” سيواصل التصفيق لما يأتيه بعد أن ينتهي مفعول الخمرة التي أسكرتهم يوم 25 جويلية 2021؟
أيعلم الرئيس أنه قادر بجملة واحدة يلقيها على مسامع الجميع باستمالة كل خصومه اليوم إلى صفّه وهم “الأغلبية الساحقة” من هذا الشعب المأزوم والموجوع؟ أيعلم ان إعلان مصالحة شاملة لا تستثني إلا من أجرموا حقّا وليس لمجرّد الشبهة والإشاعات المغرضة الانتقامية، والجلوس مع الجميع حول طاولة واحدة بحثا عن حلّ يشارك في صياغته الجميع يكفي لحلّ كل مشاكله؟
أيعلم انه لن يخسر شيئا بإعلان مصالحة شاملة ومدّ يده للجميع، فمن سيخرجون عن دائرته لن يتجاوزوا عدد وزراء حكومته وعدد من غنموا من “كعكة” حكمه؟ أيعلم الرئيس ان الحكمة في إدارة الأزمات هي المحافظة على الهدوء وعدم التصرّف في حالات تشنّج، وعدم الاستماع إلى من يُشعلون فتيل الفتنة، فالرجوع خطوة إلى الوراء من الحكمة ايضا، والنظر إلى الصورة بشكل أوسع وأشمل وعدم الوقوع في فخّ خطاب الأحقاد والثأر وتصفية الحسابات من الحكمة ايضا؟
خطأ الرئيس هو أنه اكتفى منذ جلوسه على كرسي قرطاج بالاستماع إلى خطاب وحيد وهو خطاب حاقد …خطاب ثأري…خطاب فتنة…خطاب أبعده عن الشعب وتسبّب في توسيع الهوّة بينه وبين كل المكوّنات السياسية بالبلاد ولم يبق معه غير بعض الوجوه السياسية التي عُرفت بحقدها على كل من حكموا ويحكمون البلاد منذ استقلالها…
منذ وصوله قرطاج لم يستمع الرئيس ولو مرّة واحدة إلى خطاب العقل والمنطق فمن التفوا حوله كان همّهم الوحيد ولا يزال، خدمة أنفسهم من خلال الانتقام والتخلّص من خصومهم التاريخيين ظنّا منهم ان ذلك سيفتح لهم الأبواب على مصراعيها لحكم البلاد مستقبلا…فهل يتفطّن الرئيس لحقيقة ما يدور حوله وإلى من أوهموه بأنه على صواب في كل ما يأتيه، وهل يدرك ولو بعد فوات الاوان أن اغلب من هم حوله لا يريدون به وبالبلاد خيرا وأنهم فقط يريدون “استخدامه” للتخلّص ممن يقف في طريق وصولهم إلى الحكم…متى يدرك الرئيس أنهم يكذبون عليه وأنهم أدخلوه متاهات لن يخرج منها بأكثر من سطر يتيم في كتب التاريخ، وأنهم سيواصلون الكذب والخداع لأنهم يعتبرون “الرئيس” سلاحهم الفتاك الذي سيقضون به على خصوم السنوات القادمة وسيفتح أمام كل أبواب السلطة والحكم على مصراعيها…فهل “يستفيق” الرئيس من غفوته ويقلب الطاولة على من أوهموه خدمة لمصالحهم انه الفاروق عمر…وعمر مات؟