بغداد- مصادر
تستضيف بغداد منذ السبت القمة الرابعة والثلاثين لجامعة الدول العربية في ظلّ تواصل الغارات الإسرائيلية على غزة حيث تتفاقم الأزمة الإنسانية، وبعد جولة خليجية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي أكّد رغبته في “امتلاك” القطاع.
وزينت أعلام الدول العربية الـ22 شوارع العاصمة العراقية التي تشهد، على غرار مدن أخرى في البلاد، استقرارا نسبيا بعد أربعة عقود من النزاعات والحروب.
وتتزامن هذه القمّة مع تغييرات إقليمية تشمل عمل السلطات السورية الانتقالية برئاسة أحمد الجولاني/الشرع على فتح صفحة جديدة مع العرب والغرب، وإضعاف حرب غزة إيران وحلفاءها فيما تواصل واشنطن وطهران مفاوضاتهما النووية.
وإلى جانب المسؤولين العرب، سيحضر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ورئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز الذي اعترفت بلاده العام الماضي بالدولة الفلسطينية والذي يُعد من أكثر الزعماء الأوروبيين انتقادا لإسرائيل.
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس من أوّل القادة العرب الذين وصلوا إلى بغداد بعد ظهر الجمعة. وقال مصدر دبلوماسي في بغداد لوكالة فرانس بريس إن معظم دول الخليج ستكون ممثلة على المستوى الوزاري.
وكتب رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في صحيفة الشرق الأوسط الأسبوع الماضي “نحن اليوم لا نعيد بناء العراق فحسب، بل نشارك في إعادة رسم ملامح الشرق الأوسط عبر سياسة خارجية متوازنة وقيادة واعية ومبادرات تنموية وشراكات استراتيجية”.
وقال أستاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد إحسان الشمّري لفرانس بريس إن القمة ستبحث “مبادرة شاملة باتجاه (وقف) الحرب في غزة وإعادة الإعمار وتوفير المساعدات الإنسانية”، بالإضافة إلى “دعم المرحلة الانتقالية في سوريا (…) ودعم الحكومة الجديدة في لبنان”.
واستضافت بغداد هذا الاجتماع آخر مرة في 2012 في أوج توترات أمنية في العراق، وحرب أهلية دامية في سوريا في عهد بشار الأسد الذي أطيح به في هجوم لفصائل معارضة بقيادة الجولاني/الشرع.
وتأتي هذه القمة بعد اجتماع طارئ عُقد في القاهرة في آذار/مارس تبنّى خلاله القادة العرب خطة لإعادة إعمار غزة تلحظ عودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع وتمثل طرحا بديلا لمقترح قدّمه ترامب يقضي بتهجير السكان ووضع القطاع تحت سيطرة واشنطن.
وقال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين في مؤتمر صحفي الأربعاء إن قمة بغداد “ستدعم” قرارات قمة القاهرة، في وقت تتصدّر القضية الفلسطينية فيه أولويات الاجتماع.
ويشير الشمّري إلى أن “خصوصية هذه القمة هي أنها تأتي في وقت تتحدث فيه إسرائيل (…) عن شرق أوسط جديد يشمل بالتأكيد جزءا كبيرا من الدول العربية”.
وفي الخامس من أيار/ماي، أعلنت الدولة العبرية خطة “لاحتلال” غزة تتضمن تهجير سكان القطاع داخليا.
وخلال جولة خليجية أجراها ترامب هذا الأسبوع، قال من الدوحة الخميس: “سأكون فخورا لو امتلكت الولايات المتحدة” غزة “وأخذتها وجعلتها منطقة حرة”.
وتحلّ القمة كذلك في ظلّ تحديات تواجهها السلطات السورية الجديدة في سعيها لتثبيت حكمها ورسم أطر العلاقة مع مختلف المكونات الوطنية، وكذلك مع الخارج.
والتقى ترامب الأربعاء في الرياض أحمد الجولاني الذي كان قائدا لـ”هيئة تحرير الشام” أو جبهة النصرة، وذلك بعدما أعلن رفع العقوبات التي فُرضت على سوريا خلال حكم الأسد.
وأكد البيت الأبيض أن ترامب قدّم للجولاني خلال لقائهما سلسلة مطالب أبرزها الانضمام إلى اتفاقات التطبيع مع إسرائيل.
ومنذ الإطاحة بحكم الأسد الذي كان حليفا وثيقا لها، تتعامل بغداد بحذر مع نظام دمشق التي تأمل بدورها في نسج علاقة وثيقة مع جارتها.
ولن يكون الجولاني الذي سُجن في العراق لسنوات بسبب مشاركته في القتال ضمن تنظيم القاعدة، حاضرا في الاجتماع، بعدما قوبلت دعوته إلى القمة بانتقادات شديدة من سياسيين عراقيين بارزين موالين لإيران على مدى أسابيع. وسيرأس وزير خارجيته أسعد الشيباني وفد النظام السوري الجديد.
ويستضيف العراق هذا الاجتماع كذلك في وقت تسعى فيه حليفته إيران إلى تخفيف وطأة العقوبات الأمريكية المفروضة عليها منذ سنوات طويلة والتي تخنق اقتصادها.
وتحدث ترامب هذا الأسبوع عن الاقتراب من إبرام اتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي.
وبوساطة عُمانية، أجرت إدارة ترامب أربع جولات من المفاوضات مع طهران سعيا لابرام اتفاق جديد بشأن برنامجها النووي، بعدما حضّ الرئيس الأمريكي إيران على التفاوض، ملوّحا بقصفها إذا لم يتم التوصل إلى تسوية في هذا المجال.
ويعتبر الشمّري أن القادة العرب “سيناقشون في جلساتهم المغلقة ما يمكن أن تفرزه هذه المفاوضات وتأثيرها سواء على مستوى التسوية أو حتى على مستوى الصِدام”.