بمناسبة الذكرى الثامنة و الخمسين لعيد الجلاء كشفت وزارة الدفاع الوطني عن تصنيع عربة عسكرية ناقلة للجند مضادة للألغام أطلق عليها اسم ” بارب” نسبة إلى حصان أمازيغي من أجود الخيول و أكثرها قدرة على التحمل بشمال إفريقيا
و قد صنعت هذه العربة كفاءات تونسية بإعادة استخدام المواد مما مكن من الضغط على النفقات إذ لم تتجاوز كلفتها 20٪ من ثمنها الحقيقي في حال تم اقتناؤها من الخارج…
هذا خبر من الأخبار التي تثلج صدورنا و تجعلنا نشعر بالفخر فليس ٱفضل من الاعتماد على الذات و إعطاء الثقة للقدرات التونسية و هو الأمر الذي عملت دولة الاستقلال على تكريسه منذ منتصف القرن الماضي عبر مسيرة طويلة خاضها الشعب التونسي من أجل تحقيق استقلاليته و سيادته و ما معركة الجلاء إلا جزء من مسيرة التحرر الوطني و استعادة البلاد…
فحينما قرر بورڨيبة خوض معركة بنزرت في صائفة 1961 بعد مماطلة فرنسا في التعهد بالتزامها و إنهاء وجودها بتونس بعد أربع سنوات من الاستقلال و تعمّدها التصعيد و محاولة توسعة قاعدة ” سيدي أحمد” في بنزرت، كان الزعيم يدرك ضعف البلاد و عدم جاهزية الجيش و لكنه عوّل على إرادة شعبنا و وطنية عناصر الجيش بمختلف رتبهم…
و لئن انهزمت تونس عسكريا على الميدان و تكبدت خسائر فادحة خاصة في الأرواح فإنها قطفت ثمار هذه المعركة بعد سنتين بفضل الحنكة السياسية لبورڨيبة و حسن استغلال ما وقع لتصوير فرنسا في المجتمع الدولي ككيان معتد غاصب متنصل من اتفاقياته متعطش للدماء، فأصدر مجلس الأمن الدولي قرارا بوقف فوري لإطلاق النار ثم مجموعة من القرارات المتتالية التي أجبرت فرنسا على إعادة جدولة تاريخ انسحابها ليكون يوم 15 أكتوبر 1963 يوما راسخا في ذاكرة التونسيين باعتباره تاريخ جلاء آخر جندي فرنسي عن تراب الوطن …
و من جمر تلك الأيام، خرجت أغنية “بني وطني” التي كتبها الشاعر عبد المجيد بن جدو بحبر قلبه و مداد نبضه و لحنها الشاذلي أنور موقِّعا أسمى آيات الوطنية و غنتها الخالدة عليّة بشموخ و إباء و إحساس منقطع النظير، لتصبح أحلى أهزوجة وطنية و أكثرها جمالا و وقعا في القلب و لتصير نشيدا وطنيا ثانيا نترنم به كلما استشعرنا الفخر بهذا البلد العظيم، و لنردد سويا: