… أفُقٌ رصاصيُّ تناثر في الأُفق
طُرُقٌ من الصدف المجوَّف… لا طُرُقْ
ومن المحيط إلى الجحيم
من الجحيم إلى الخليج
ومن اليمين إلى اليمين إلى الوسطْ
شاهدتُ مشنقةً بحبلٍ
واحدٍ
من أجل مليونيْ عُنُقْ !
بيروتُ ! من أين الطريقُ إلى نوافذ قُرْطُبهْ
أنا لا أُهاجرُ مَرتَّين
ولا أُحبُّك مرتين
لكنِّي أُحوِّمُ حول أحلامي
وأدعو الأرض جمجمةً لروحي المتعبهْ
وأُريد أن أمشي
لأمشي
ثم أسقط في الطريق
إلى نوافذ قرطبهْ
بيروتُ شاهدةٌ على قلبي
وأرحلُ عن شوارعها وعنِّي
عالقاً بقصيدةٍ لا تنتهي
وأقولُ: ناري لا تموتُ…
على البنايات الحمامُ
على بقاياها السلام…
أطوى المدينةَ مثلما أطوي الكتابْ
وأحملُ الأرضَ الصغيرةَ مثل كيسٍ من سحابْ
أصحو وأبحثُ في ملابس جُثّتي عنّي
فنضحك : نحن ما زلنا على قيد الحياةِ
وسائرِ الحُكَّام
شكراً للجريدة لم تقل إني سقطتُ هناك سهواً…
أفتَحُ الطُرُقَ الصغيرة للهواء وخطوتي والأصدقاءِ العابرين
وتاجر الخبز الخبيث , وصورةِ البحر الجديدة
شكراً لبيروت الخراب…
شكراً لبيروت الخراب…
تكسَّرتْ روحي , سأرمي جُثّتي لتصيبني الغزواتُ ثانيةً
ويُسْلِمَني الغزاةُ إلى القصيدة…
ـ محمود درويش ـ