كلّ نار

بين الفشل في البرلمان و صراعات الحركة … ماذا بقي للغنوشي؟

نشرت

في

يعيش رئيس حركة النهضة و البرلمان منذ فترة تمزقا  كبيرا بين حزبه والصراع الدائر داخله حول قيادة الحركة التي لا يريد التفريط فيها كلفه ذلك ما كلفه ولو حتى خسارة جانب هام وبارز من قياديي الحركة  وقاعدتها، و الصراع  المعلن  ضد “الحزب الدستوري الحر ” المنافس الشرس لحزبه، و العنف المتفاقم داخل البرلمان و سكوته المفضوح عنه و حلمه – صعب المنال- بالفوز باستحقاق 2024 االرئاسي …

<strong>نجاة ملايكي<strong>

فهل يكون هذا إيذانا بنهاية سياسية مخجلة لرجل تعلق بالقيادة إلى حد النخاع، وأصبح عائقا أمام التطور المنشود للحركة من قبل عديد الوجوه المعروفة داخلها و التي باتت لا تقبل بمنطق حكم الدكتاتور؟ و هل أن تراجعه المتواصل في استطلاعات الرأي ناتج عن الاعتقاد الراسخ لدى شريحة واسعة من المواطنين والناخبين أساسا، بأن وجود هذا الرجل في الحكم قد أضرّ بالبلاد و أحدث الانشقاقات عوض توسيع التحالفات ؟ و هل أن قوة الحزب الدستوري الحر و تحديدا رئيسته، أربكه و أفقده القدرة على قول كلمة الحق إزاء ما تتعرض له عبير موسي من عنف ممنهج تحت قبة البرلمان تحديدا، إذا ما تحدثنا عن عدد من مواقع التواصل الاجتماعي المجندة ضدها ؟

أفادت آخر استطلاعات الرأي حول نوايا التصويت تقدم الدستوري الحر على النهضة التي كانت تحتل المراتب الأولى في كل استطلاعات الرأي… و يأتي ذلك رغم الحملات المنتظمة لتشويه صورة رئيسة هذا الحزب و استفزازها المستمر داخل البرلمان والتهجم عليها من قبل رئيس كتلة ائتلاف الكرامة ونعتها بأبشع النعوت وإهانتها دون أن يحرك رئيس البرلمان ساكنا… مثلما تعرض النائب مصطفى بن أحمد مؤخرا إلى الضرب بقارورة بلاستيكية من قبل أحد النواب من نفس الكتلة البرلمانية التي عرفت بانتهاج العربدة كوسيلة لإسكات كل من يخالفها الرأي والموقف … وأدى سكوت رئيس البرلمان عن كل هذه الاعتداءات إلى اقتناع المتابعين بأنه يحمي هذه الكتلة المعتدية لأنها تمثل ذراعه الضاربة داخل البرلمان.

و المثير للدهشة حقيقة أن راشد الغنوشي أسرع يوم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف وفي غياب كل النواب، إلى إصدار بيان نشره على الصفحة الرسمية للبرلمان لإعلان التضامن المطلق مع النائب عبد اللطيف العلوي أحد مؤسسي ائتلاف الكرامة على خلفية تلقيه تهديدات خطيرة بحسب البيان، داعيا وزارة الداخلية إلى توفير الحماية له ولعائلته.

و بقطع النظر عن حقيقة هذه التهديدات من عدمها، فإن رئيس المجلس تصرف بمكيالين و ميزانين و بصفة أحادية و عاجلة محاولا تبييض اعتداءات الكتلة التي ينتمي إليها هذا النائب، و إبرازها كمجموعة معتدى عليها … مع التغطية على اعتداءاتها على عديد النواب و بخاصة منهم عبير موسي التي راسل الاتحاد البرلماني الدولي في شأنها رئاسة البرلمان التونسي معبرا عن استنكاره للعنف المسلّط ضدها.

وفي نفس الاتجاه الرامي إلى الحد من شعبية رئيسة الحزب الدستوري الحر، خصوصا أن للغنوشي طموحات كبرى تفوق قاعدته الانتخابية بكثير وهو الذي ينظر إلى قصر قرطاج بكل شوق ويحلم بأن يكون ساكنه في 2024 – رغم تصريحه فور عودته من المهجر إلى تونس بأنه لن يتقلد منصبا في الدولة –  فقد سعى  إلى تعيين محمد الغرياني الأمين العام السابق لحزب التجمع المنحل، مستشارا لديوانه مكلفا بملف المصالحة الوطنية في محاولة منه لاستمالة الدستوريين.

ومثلما عجز الغنوشي عن تسيير البرلمان بحياد و بتجرد من المصالح الشخصية و الحزبية، فقد قسّم حزبه إلى شقين مختلفين بتخطيطه للتمديد في قيادته للحزب لولاية ثالثة  من خلال تنقيح الفصل 31 من النظام الداخلي خلال المؤتمر الحادي عشر للحزب الذي من المفروض عقده قبل موفى السنة الجارية.

فبعد الاستقالات الكثيرة من الحزب لوجوه معروفة و وازنة ، خرجت مجموعة المائة المكونة من قيادات بارزة، لدعوة رئيس الحزب إلى احترام النظام الأساسي و خصوصا منه الفصل 31 الذي ينص على ولايتين فقط … و عنونت بيانها بـ “مخاطر التمديد و فرص التداول”، و هددت باللجوء إلى القضاء إذا لزم الأمر … فيما برز شق آخر تحت تسمية “مجموعة الوحدة والتجديد” و هي مع التمديد للغنوشي بقيادة صهر الغنوشي و معه عبد الكريم الهاروني رئيس مجلس الشورى… و دعا هذا الشق في وقت لاحق إلى  تأجيل المؤتمر و إعطاء الغنوشي صفة الزعيم داخل الحركة.

و في ظل هذه الصراعات التي خرجت للعلن يبدو أن سلطة الغنوشي داخل الحركة قد اهترأت كثيرا و أصبحت لا تتجاوز كونه يجلس على خزينة الحركة نتيجة لعلاقاته الخارجية التي دعّمها بعد الثورة من خلال الديبلوماسية الموازية.

انقر للتعليق

صن نار

Exit mobile version