…تحضرني قصة طالما تذكرتها وأنا أبحر في الكتب التي تتناول سمات القائد الناجح، قصة سمعتها مئات المرات خلال حياتي في سوريا، “وكانت تتناول ستالين و”عظمته”!!!!
أذكر مدرس التربية الوطنية وهو يروي لنا هذه القصة، ربّما للمرة الألف:
عندما أصدر ستالين قانونا يمنع الناس من التدخين في الباصات، كيف استطاع أن يضمن سلامة هذا القانون؟؟ ثم يتابع ليجيب على سؤاله: علق مشانق داخل الباصات وصار يشنق كل من يخالف.
ثم يعقب على قصته بقول: هذا هو القائد الناجح، وهكذا يجب أن يتعامل مع الناس، كي يحترموا القوانين.هكذا يجب أن يتعامل القائد مع الشعب؟؟؟؟؟
لذلك، لم تنتهِ أمة ستالين أفضل حالا بكثير من أمم أخرى أوغل في التخلف!
………
.حتى جدتي أم علي ـ رحمها الله ـ كانت فيلسوفة على الطريقة الستالينيّة!
مرة قصت لي حكاية المختار الذي أبلغوه أن واحدا من مزارعي القرية وعندما تصل مياه الساقية لأرضه يحبسها ويمنعها من الاستمرار لتروي أرض غيره، فجلبه المختار وقطع رأسه ثم قال لمعاونيه، القوا هذا الرأس في مجرى الساقية كي يخبر كل من تسول له نفسه أن يحبس الماء، ما الذي سأفعله به!
وكنا ننتشي فرحا أمام هكذا ثقافة وقصص!!
………
في أوائل التسعينات وكنت حديثة العهد في أمريكا، صدر قانون يمنع التدخين داخل المطاعم. انتظرت بفارغ الصبر لأرى كم رأسا ستكون مقطوعة غدا صباحا، ومازلت أنتظر!
خلال ثلاثة عقود من الانتظار لم أر شخصا واحدا، شخصا واحدا يدخن داخل مطعم، حتى عندما أتوقف في صحراء نيفادا وفي طريقي إلى لاس فيغاس لألتقط لقمة على الطريق، وهي عادة مطاعم لا يراقبها إلا الضمير وثقافة احترام القانون، فهي معزولة عن كل جهة قانونية، ولكن ليست معزولة عن مفهوم الإنسان للقانون وضرورة احترامه.
الأمريكي يلتزم بالقانون ليس خوفا من أن يُقطع رأسه بل لأن إحساسا بالثقة ، الثقة بحكومته وبالقائمين على حماية المجتمع، وبالتالي احترامه للقوانين التي تصدر عنهم، متجذر في المادة الوراثية عنده.احترام القوانين ثقافة وأخلاق ولا ينبع من خوف!
………
يقول المختص في علم التحليل النفسي الأمريكي “ريتشارد كارلون”::
There are times when being aggressive will assist you in getting your way,But this type of aggressive attitude always comes back to haunt you(
(في بعض الأوقات تستطيع أن تستخدم العنف لتنفذ خطتك، ولكن دائما هذا النوع من السلوك سيعود بعواقب وخيمة)
فكيف إذا كنت قائدا، وكنت تملك مصير وطن بكامله، وطحنت أبناء هذا الوطن بالحذاء العسكري على مدى خمسة عقود؟؟؟
يجيبك على هذا السؤال الفيلسوف البريطاني الذي عاش في القرن السابع عشر Joseph Addison بقوله:
No oppression is heavy and lasting as that which is inflicted by perversion and exorbitance of legal authority
(لا يوجد إطلاقا قمع أسوأ وأشد تأثيرا من القمع الذي تمارسه سلطة نظامية، من خلال فسادها وتجاوزها لكل ماهو معقول)
أما عن الفساد وتجاوز القانون في بلداننا من قبل السلطات الحاكمة، فحدث بلا حرج!!
………
أول خطوة يجب أن يخطوها القائد لكي يكون ناجحا، وحتى قبل أن يستلم دفة القيادة هي أن يكسب قلوب الناس قبل أن يكسب عقولهم. إذ لا تستطيع أن تقنع انسانا بان يتبعك قبل أن تكسب عواطفه، والناس بطبيعتها البشرية قبل ان تعرف جاهزيتك لتقود، يهمها أن تعرف مدى اهتمامك بهم وحرصك على تحسين وضعهم واحترام مشاعرهم
………
عام 1994 اشترى عمال شركة SouthWest الأمريكية للطيران صفحة اعلان في جريدةUSA Today ليكتبوا بها تهنئة لرئيس الشركة بمناسبة عيد “الرئيس”جاء في بعضها:
شكرا هيرب، (اسمه: Herb Kelleher) شكرا لأنك تعرف اسم كل واحد من موظفيك….
شكرا لأنك تساعدنا في ملئ الحقائب الخاصة بعيد الشكر…
شكرا لأنك تعطي كل واحد منا، نعم كل واحد منا، قبلة ….
شكرا لأنك تصغي الينا…
شكرا لأنك تغني معنا في الأعياد….
شكرا لأنك تسمح لنا بأن نرتدي أحيانا شورتات وصنادل أثناء العمل….
شكرا لكونك صديقا، ولست مجرد رئيس…
لك تهنئة قلبية بمناسبة عيد الرئيس من كل واحد من موظفيك الـ !16000
هكذا يستقطب القائد الناجح ، سواء كان رئيسا لشركة أم لوطن ـ هكذا يستقطب قلوب أتباعه!!…